ترامب أقنع الأردن ومصر والمغرب بالذهاب لمؤتمر البحرين.. فماذا وراء الحضور العربي؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/13 الساعة 17:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/14 الساعة 05:45 بتوقيت غرينتش
كوشنر زار عمّان الشهر الماضي في إطار ترويجه لخطة السلام الأميركية (رويترز)

مثَّل إعلان البيت الأبيض، الثلاثاء 11 يونيو/حزيران 2019، أنَّ دول مصر والأردن والمغرب ستحضر ورشة العمل الاقتصادية التي يعقدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البحرين، الشهر الجاري، خسارةً ومكسباً في وقتٍ واحد: خسارة للفلسطينيين، الذين فشلوا في إقناع الدول العربية بعدم الحضور، وفوز لترامب، الذي نجح في إقناع 3 دولٍ أخرى بالحضور، لكن دون معرفة البرنامج ومستوى التمثيل.

الحضور العربي تلبية لضغوط واشنطن

يقول زفي باريل كبير المحللين في شؤون الشرق الأوسط بصحيفة Haaretz الإسرائيلية، إنه "ينبغي هنا النظر إلى الحضور المتوقع من جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وأحدث المدعوين إلى هذه الورشة التي تحمل اسم (السلام من أجل الازدهار)، في سياق العلاقات بين هذه البلدان وواشنطن وإسرائيل، وليس باعتباره اختباراً لحماسة هذه الدول لاغتنام فرصة المشاركة في حل المشكلة الفلسطينية".

الأردن

  • أجَّل الأردن ردَّه عدة أسابيع، ثم لمح في البداية إلى أنه لا يعتزم الحضور. لكنَّه يعتمد بشكل كبير على المساعدات الأمريكية.
  • والأهم أنه لا يستطيع تحمُّل تفويت أي تجمُّع يمكن أن تُتخذ فيه قراراتٌ تسفر عن تداعياتٍ على دوره في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
  • فضلاً عن أنَّه يخشى من أنَّ الرياض يُمكن أن تسيطر على الأماكن المقدسة في الأراضي المحتلة وتستبعد عَمَّان من العمليات السياسية بالمنطقة.
  • والأكثر إثارةً للقلق هو أنَّ التكلفة التي قد يتحملها الأردن نظير الحصول على مساعداتٍ متوقعة بمليارات الدولارات من هذه الخطة الاقتصادية ربما تتضمَّن الموافقة على استيعاب عشرات الآلاف -إن لم يكن مئات الآلاف- من الفلسطينيين، في محاولةٍ للقضاء على قضية حق العودة .

السعودية

  • ثمة تصادم مُقبل بين السعودية والكونغرس، الذي يناقش حالياً أربعة قوانين مقترحة تهدف إلى منع مبيعات الأسلحة إلى المملكة، بسبب حربها التي لا تنتهي في اليمن، والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنَّها كارثة إنسانية كبرى.
  • فضلاً عن أنَّ وضع الأمير محمد بن سلمان في واشنطن ليس جيداً، لا سيما بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، ومطالبة مجلس النواب الأمريكي بمواصلة التحقيق في مسؤولية الأمير السعودي عن جريمة القتل.
  • ومع ذلك، ترى المملكة العربية السعودية أنَّ الولايات المتحدة ركيزةٌ أساسية في محاربة النفوذ الإيراني بالشرق الأوسط، لذا فالاستجابة لأيِّ مبادرةٍ يُطلقها ترامب تعد ضرورة استراتيجية، سواءٌ أكانت تلك المبادرة ستسفر عن حلٍّ دبلوماسي أم لن تسفر.
  • وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فالمشكلة الفلسطينية ثانوية، إن لم تكن هامشية، لمصالحها الإقليمية الخاصة، لذا فأهمية مشاركتها في مؤتمر البحرين تُشبه ظهور المشاهير في مهرجان دولي.

مصر

  • يُمثِّل حضور مصر للمؤتمر جزءاً من العلاقة الوثيقة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وترامب. صحيحٌ أنَّ مصر ليست خصماً علنياً لإيران وأنَّ مشاركتها في الحرب الجارية باليمن ضد الحوثيين رمزية، لكنَّ اعتمادها الاقتصادي على الرياض وواشنطن لا يسمح لها بتجاهل المبادرة الأمريكية.
  • فبالإضافة إلى مليارات الدولارات التي تحصل عليها مصر من المملكة العربية السعودية منذ تولي السيسي السلطة في عام 2013، والمساعدات السنوية التي تحصل عليها من الولايات المتحدة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، هناك الدعم والضمانات التي قدمتها الولايات المتحدة للقروض التي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، وخططٌ استثمارية ضخمة يعتمد معظمها على تمويل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
  • في الوقت نفسه، تتعاون مصر والسعودية والإمارات تعاوناً عسكرياً مع الجيش الخاص الذي يتزعمه الجنرال الليبي خليفة حفتر.
  • في حين أنَّها مشتركةٌ في تحالفٍ عسكري غير رسمي مع إسرائيل في "الحرب ضد الإرهاب"، بالقرب من الحدود المصرية الإسرائيلية.
  • لكنَّ مصر، مثلها مثل الأردن وحتى البحرين، أوضحت أنَّها تؤيد حل الدولتين، الذي لا تقبله إسرائيل وتتجاهله واشنطن على ما يبدو.

المغرب

  • بالنسبة للمغرب، فلديه مصلحةٌ في الحفاظ على مكانته باعتباره شريكاً في التطورات الدبلوماسية بالمنطقة، وساعد بالماضي في التوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنَّه أيضاً يحتاج الأموال، وعلاقاته القوية مع الولايات المتحدة تمنحه الأمن المالي الذي يحتاجه لتسيير شؤونه.
  • ومن الواضح لجميع الدول ورجال الأعمال المشاركين في المؤتمر أنَّ عبء تمويل الخطة الذي يُتوقع أن يصل إلى نحو 70 مليار دولار، يقع على عاتق دول الخليج، وليس على المغرب مثلاً أو غيرها من الدول العربية الأخرى، فالولايات المتحدة لم تعلن حتى حجم الإسهام المالي الذي ستوافق على تقديمه لتحقيق خطتها.

ما موقف السلطة الفلسطينية؟

  • أمَّا بالنسبة للفلسطينيين، فقرار الدول العربية حضور المؤتمر على الرغم من الجهود الهائلة التي بذلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإقناعها بعدم الحضور دليلٌ إضافي على أنَّ "المشكلة الفلسطينية" تساعد هذه الدول على تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة و إسرائيل، ورسم خريطةٍ للهيمنة العربية في الشرق الأوسط، مع أنَّ الفلسطينيين ربما يكونون متيقنين من ذلك دون الحاجة إلى دليل.
  • ويعتقد عباس أنَّ هذه الدول تُفضِّل الإبقاء على الوضع الراهن الذي يعِدهم بالحصول على دعمٍ أمريكي دون الاضطرار إلى دفع ثمن سياسي متمثل في الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقاتٍ معها، وهو ما ستكون هذه الدول مُطالَبةً به إذا آلت عملية السلام إلى اتفاق.
  • وحتى لو قبِل عباس دعوة ترامب، من أجل الحصول على الأقل على المساعدات السخية التي من المتوقع أن تقدمها الخطة، فقد علَّمته التجربة المريرة أنه لا يوجد أحدٌ يمكنه الاعتماد عليه للحصول على المساعدة.
  • فعلى سبيل المثال، تعهدت الدول العربية في قمة جامعة الدول العربية التي عُقِدت العام الجاري (2019) بتقديم مبلغ 100 مليون دولار شهرياً للسلطة الفلسطينية لتعويض العائدات الضريبية التي تحتجزها إسرائيل، لكن لم يُدفَع دولارٌ واحد. ووافقت قطر على منح السلطة الفلسطينية 480 مليون دولار، ولكن على دُفعات.

أخيراً، كيف ينظر الأوروبيون إلى الصفقة؟

  • من جانبه، أوضح الاتحاد الأوروبي أنَّ أي خطة لا تقدم حلاً دبلوماسياً واقعياً وتتناقض مع مبدأ الدولتين غير جديرةٍ بالمناقشة. وتجدر الإشارة إلى أنَّ غاريد كوشنر، صِهر ترامب ومساعده، لم يزُر الاتحاد الأوروبي إلَّا في يوم 4 يونيو/حزيران 2019، أي قبل يومٍ واحد من اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لمناقشة المشكلة الفلسطينية.
  • وقد أدركت دول الاتحاد الأوروبي من المؤتمرات السابقة، كالذي عُقِد بوارسو في فبراير/شباط 2019، والمؤتمر الذي عقده البيت الأبيض في مارس/آذار 2018، أنَّ ترامب يريدها أن تكون بمثابة ماكينة صراف آلي لأفكاره، دون أي إسهامٍ منه.
  • ويعتقد عديد من قادة الاتحاد الأوروبي أنَّه سيكون من الخطأ الذهاب إلى مؤتمر البحرين، الذي يرون أنَّه محاولةٌ لتجاوز المفاوضات التي يجب أن تسبق أي نقاشٍ حول التمويل والاستثمار.

أخيراً، يقول زفي باريل إنه تجدر الإشارة إلى أنَّ مؤتمر البحرين لا يمكنه أن يحل محل المفاوضات أو يطرح حلاً يتجاوزها، وليس هذا هو الهدف منه. ولكن ثمة شكوكٌ حول أنَّه سيسفر حتى عن اتفاقاتٍ ملموسة بشأن حجم المعونة الاقتصادية وإطارها الزمني. ويبدو أنَّ ترامب سيتمكَّن من إضافة هذا المؤتمر إلى سيرته الذاتية من الجهود "التافهة" التي بذلها في عملية السلام، وسحقها تماماً حين اعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ونَقَل السفارة الأمريكية إلى هناك، واعترف بضم إسرائيل لهضبة الجولان.

تحميل المزيد