هل انتهت ثورة السودان بمشهد إلقاء جثث الثوار في النيل؟ التدخل الإماراتي السعودي قد يحولها إلى ليبيا جديدة

عربي بوست
تم النشر: 2019/06/07 الساعة 12:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/07 الساعة 12:43 بتوقيت غرينتش
الجترال حميدتي وسط عدد من ضباط الجيش/ رويترز


تمثل أجساد المتظاهرين التي جرى انتشالها من نهر النيل، حيث ألقاها الجيش السوداني، نهايةً محتملة للثورة السودانية التي نُوضِلَ من أجلها كثيراً. إذ تعامل الجيش بعنف مع المتظاهرين في نهاية شهر رمضان، يوم الإثنين 3 يونيو/حزيران 2019، في أعقاب أسابيع من التجاذب حاول فيها متظاهرو السودان الحصول على تمثيل مدني أكبر في مجلس سيادي ومنع الهيمنة العسكرية.

وقد وصل عدد القتلى إلى أكثر من 100 قتيل يوم الخميس 6 يونيو/حزيران، وسوف يتزايد العدد بلا شك إذا لم تنتهِ الأزمة.

موقع Lobelog الأمريكي أشار، في تقرير له، إلى أن هذا التصعيد قد بدا وشيكاً خلال الأسابيع الأخيرة، إذ شعر الجانبان بالإحباط على نحو متزايد لعدم تفوق أي طرف على الآخر. ويبدو، مع العنف الأخير، أنَّ الجيش ظنَّ أنَّ بإمكانه تفريق المتظاهرين والحفاظ على سلطته.

وخلف الظلال تكمن السعودية والإمارات

وخلف الظلال تكمن السعودية والإمارات اللتان حاولتا تشكيل المجلس العسكري الانتقالي السوداني ليصبح شريكاً مستقبلياً مثالياً لهما. وقال خبير في الجيش السوداني إنَّ السعودية وحلفاءها الإقليميين أعطوا الضوء الأخضر للجيش لقمع المتظاهرين، وذلك بالإضافة إلى مبلغ الـ3 مليارات دولار التي أعطاها السعوديون للمجلس العسكري. ويمكن القول إنَّ هذا الدعم الخارجي أمدَّ الجيش بثقة جديدة لمواجهة الضغط المدني المتزايد، لا سيما مع اكتساب مظاهرة الاعتصام في الخرطوم نفوذاً أكبر.

ومع أنَّ عبدالفتاح البرهان، قائد المجلس العسكري الانتقالي، قدم نفسه بوصفه راغباً في التفاوض من أجل السلام، قائلاً: "نمدُّ أيدينا للمفاوضات مع جميع الأحزاب… لمصلحة الأمة"، فإنَّ كلماته فارغة، إذ قاد آخرون ضمن حاشيته حملة القمع ضد المدنيين.

بفضل المعدات العسكرية القادمة من السعودية والإمارات ازدادت قوة حميدتي

معدات عسكرية سعودية لحميدتي.. محمد حمدان دقلو (حميدتي) هو نائب قائد المجلس العسكري الانتقالي ورئيس قوات الدعم السريع، شبَّه العسكرية سيئة السمعة التي قيل إنها هي مَن نفذت أعمال العنف الأخيرة. ومع زيادة قوة حميدتي بفضل المعدات العسكرية القادمة من السعودية ودعم الإمارات، فمن الواضح أنه يضع نفسه في مكانة أكثر هيمنة.

وقد أظهر المحتجون الكثير من عدم الثقة في المجلس العسكري. ففي يوم الأربعاء رفضوا مقترحاته بخصوص الانتخابات أواخر العام الجاري. ويسعى الجيش لتأخير الانتخابات لمنحه الوقت لتعزيز سلطته. وكان الجيش قد ألغى بالفعل المفاوضات مع قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض.

وكان مدني عباس مدني، أحد قادة قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض، إلى حملة عصيان مدني لإجبار المجلس على ترك السلطة، كما رفض المتظاهرون التبرعات السعودية والإماراتية.

وفي أعقاب حملة القمع العسكرية، حثَّ التحالف الديمقراطي للمحامين الدول على عدم التدخل في عملية الانتقال في السودان. وقال التحالف، الذي يعد جزءاً من تجمع المهنيين السودانيين: "ونطلب من بعض الدول العربية كذلك أن تكف يدها عن السودان وعن مناصرة ودعم المجلس العسكري وتوطيد دعائم حكمه بغرض حفظه وحمايته لمصالحها الخاصة الضارة بالدولة السودانية ومواطنيها".

المجلس العسكري قد يواجه المتظاهرين بمزيد من العنف

على أبواب المصير الليبي.. وقد اجتذب هذا العنف الكثير من الاهتمام العالمي، وهو ما ينبغي ترجمته إلى جهود للحفاظ على الانتقال الديمقراطي في السودان، بل حتى الكثير من الجمهور السوداني محتشد ضد الجيش، في الوقت الذي يرفض فيه التدخل الخارجي. ومع ذلك، فمن دون دعم خارجي موحَّد، قد يعاني المتظاهرون من المزيد من العنف، ويمكن للجيش من خلال الدعم الوفير من الدول الغنية مثل السعودية والإمارات أن يعزز نفسه، ويمكن للعنف المستمر أيضاً أن يدفع أجزاء من المعارضة إلى تبنِّي موقف أعنف، إذا شعروا بعدم وجود حل آخر، كما حدث في ثورات إقليمية أخرى مثل سوريا وليبيا.

وعلى الرغم من أنَّ الإمارات زعمت أنها تُبدي "قلقاً كبيراً" بسبب العنف، ودعت إلى محادثات سلام جديدة، فإنَّ دعمها للمجلس العسكري، بما في ذلك حميدتي، يشير إلى أنها ليست ملتزمة حقاً بمثل هذه الخطوات.

ودعا وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، عبر تويتر، إلى إنهاء العنف في السودان، بينما أدان العدوان الأخير للجيش. ومع ذلك، فلم يتطرق هنت لدور السعودية والإمارات، الحليفتين المقربتين لبريطانيا، في تسهيل الثورة المضادة.

وحضَّت إثيوبيا الاتحاد الإفريقي "الضعيف" على "الاستيقاظ" بعد أحداث العنف الأخيرة. ويمكن أن يكون للاتحاد الإفريقي بعض النفوذ في تشجيع المزيد من الحوار والضغط على الجيش لإنهاء العنف. ومع ذلك، فثمة حاجة للمزيد من الضغط داخل الاتحاد الإفريقي من الدول الأعضاء الأخرى.

الخلاصة.. وإذا لم يسلم الجيش السلطة للمدنيين، فلن ينجح أي حل ديمقراطي. ومع ذلك فإنَّ الإمارات والسعودية تتطلعان إلى دعم القادة الموالين لهما، وربما تدعمان أيضاً شخصية عسكرية سابقة يقدم نفسه بوصفه ممثلاً للشعب. ومن شأن الضغط من قادة العالم أن يمنع السعودية والإمارات من دعم حل عسكري يمكن أن يدفع السودان إلى نزاع أهلي أعمق بكثير.

تحميل المزيد