تُلقي القيود المفروضة على وصول شركة هواوي إلى نظام تشغيل أندرويد بظلالٍ ثقيلة على إطلاق أحدث هواتف الشركة الصينية اليوم الثلاثاء 21 مايو/أيار 2019.
دعت الشركة الصحافة من أنحاء العالم إلى لندن لتغطية الإعلان عن سلسلة هواتفها الذكية Honor 20. وبحسب موقع BBC فإن الأجهزة ستظل تقدم تجربة أندرويد الكاملة، بما في ذلك استخدام متجر التطبيقات الخاص بجوجل.
لكن ما لم ينتهِ الصدام مع الحكومة الأمريكية، فإن عمليات الإطلاق المستقبلية ستقدم تجربة محدودة للغاية، على افتراض أن هواوي ستقرر إزالة نظام أندرويد بالكامل.
لكن حتى الآن من غير الواضح ما إذا كانت القيود التي فرضتها جوجل على هواوي ستكون طويلة الأمد.
الأرجح أن جوجل لا تريد قطع العلاقات مع الشركة صاحبة ثاني أعلى مبيعات لهواتف الأندرويد في العالم بعد شركة سامسونغ. كانت الشركة الصينية قد أعلنت مؤخراً أن أكثر من نصف مليار مستهلك يستخدمون أجهزتها.
من الناحية النظرية يمكن لمكتب الصناعة والأمن في الولايات المتحدة إصدار ترخيص يسمح لجوجل بمواصلة العلاقة مع هواوي أو على الأقل أجزاء منها، أو حتى التراجع عن القيود وإسقاطها تماماً.
لكن على افتراض أن المسألة لن تحل قريباً، فلنحاول أن نستكشف طريقنا عبر العواقب المتوقعة.
ما الذي تفعله جوجل بالضبط؟
تعلق شركة التكنولوجيا الأمريكية كل أنشطتها المتعلقة بعمليات النقل "غير العامة" للأجهزة والبرامج والخدمات الفنية مع شركة هواوي.
هذا لا يعني أن شركة هواوي ستفقد إمكانية الوصول إلى نظام أندرويد، لأن نظام التشغيل الأساسي هو مشروع مفتوح المصدر؛ يمكن لأي مصنع تعديله وتثبيته على أجهزته دون الحاجة إلى الحصول على إذن.
لكن في الممارسة العملية يعتمد جميع الباعة الرئيسيين على دعم كبير من جوجل.بالإضافة إلى ذلك تتحكم جوجل في الوصول إلى العديد من الجزئيات الإضافية، بما في ذلك:
- متجر التطبيقات
- تطبيقاتها الخاصة
- مساعد جوجل الافتراضي
- خدمة إيميل Gmail
- الأدوات التي تسمح لطرف خارجي بالوصول إلى وظائف معينة
كيف يؤثر هذا على أجهزة هواوي الحالية؟
لن يجد مالكو هواتف Huawei أو Honor أنهم لا يستطيعون فجأة تثبيت تطبيقات جديدة أو الحصول على تحديثات لخدمات جوجل.
والسبب هو أن أجهزتهم قد اعتُمِدَت بالفعل في إطار العمليات المعروفة باسم مجموعة اختبار التوافق (CTS) ومجموعة اختبار البائعين (VTS).
نتيجة لذلك يمكن لجوجل تزويدهم بإصدارات جديدة من منتجاتها وتصرح لهم بالتنزيل من متجر التطبيقات، دون الاضطرار إلى التعامل مباشرة مع هواوي نفسها.
لكن الأمور ستصبح أكثر تعقيداً عندما يتعلق الأمر بالتحديثات الأمنية. الطريقة التي تعمل بها هذه التحديثات عادةً هي أن جوجل تمنح مشغلي الأجهزة التي تعمل بنظام أندرويد الكود الخاص بإصلاحات البرامج الخاصة بها قبل شهر تقريباً من الكشف عن تفاصيل الثغرات الأمنية المعنية للجمهور.
يتيح ذلك وقتاً للمصنعين كي يتحققوا من أن التصحيحات لا تسبب مشاكل لبرامجهم الخاصة، ثم لتجميع إصدار مخصص من الإصلاحات لتنزيله.
سوف تتعرف هواوي الآن على التصحيحات فقط في نفس اليوم الذي تصدر فيه مشروع أندرويد مفتوح المصدر (AOSP)، مما يعني أنه سيكون هناك تأخير قبل تمكنها من توزيعها.
يمكن أن يؤدي ذلك نظرياً إلى موقف يكشف عن خلل خطير، وتظل أجهزة هواوي معرضة للخطر أياماً أو أسابيع.
ماذا عن الهواتف الجديدة؟
لن تعتمد جوجل الهواتف الجديدة، وبالتالي لن تتمكن من تثبيت خدمات جوجل للمحمول (GMS) مسبقاً.
يتضمن ذلك مجموعة من تطبيقات جوجل الخاصة بما في ذلك:
- متجر التطبيقات والموسيقى والوسائط الأخرى
- صور جوجل
- يوتيوب
- خرائط جوجل
- التخزين السحابي على محرك جوجل
- مكالمات فيديو جوجل ديو
سيظل الوصول إلى بعض هذه الخدمات متاحاً عبر الإنترنت، لكن الكثير منها سيكون غير مناسب.
لن يكون للخسارة تأثير كبير على المستخدمين المقيمين في الصين، المحظور عليهم بالفعل الوصول إلى معظم إمكانيات جوجل. لكن في أماكن أخرى يمكن أن يكون ذلك بمثابة عائق في الاستخدام للعديد من المستهلكين.
سيظل بإمكانهم تثبيت تطبيقات الأطراف الخارجية عبر متاجر بديلة أو بعملية تعرف باسم التحميل الجانبي. لكن جوجل تمنع تثبيت تطبيقاتها الخاصة على أجهزة غير معتمدة منها.
علاوةً على ذلك، يعني فقدان الوصول إلى خدمات جوجل للمحمول (GMS) أيضاً أن مطوري الطرف الخارجي لن يتمكنوا من الاستفادة من واجهات برمجة تطبيقات جوجل (APIs) على الأجهزة الجديدة. وقد تفقد تطبيقاتهم بعض الوظائف.
يشرح التقني مشعل رحمن رئيس تحرير موقع XDA-developers.com الإخباري، لـBBC قائلاً: "لنفترض أن التطبيق يريد إرسال إشعار إلى جهازك، هناك بالفعل فرصة كبيرة لأن يكون التطبيق يستخدم خدمات متجر جوجل لخدمة إرسال إشعاراته. لذا فإن أي تطبيق -حتى تويتر- قد يتوقف عن استخدام إرسال الإشعارات".
وأضاف أن هناك مثالاً آخر، وهو فقدان Casting، وهو تسهيل يسمح للهواتف ببث الصوت والفيديو لاسلكياً إلى جهاز تلفزيون أو أي جهاز آخر عبر النقر على أيقونة.
ماذا عن الإصدارات المستقبلية من أندرويد؟
كانت هناك الكثير من التكهنات بأن أجهزة هواوي قد تبقى عالقة مع إصدار أندرويد الحالي.
لكن رحمن يستبعد أن يحدث ذلك، لأن الإصدار التالي -أندرويد Q- سيكون مفتوح المصدر أيضاً، وقد شاركت جوجل بالفعل معظم الكود الأساسي مع هواوي وشركاء آخرين.
لكنه أضاف أن الأمور قد تكون أكثر صعوبة في الإصدار اللاحق -أندرويد R- عام 2020.
وتابع: "ما يحدث هو أن أهم شركاء جوجل -شركات مثل هواوي وسامسونغ- يتاح لهم وصول مسبق إلى رمز المعاينة قبل عدة أشهر من إصداره التجريبي العام". و "هذا يمنحهم سبقاً كبيراً لتكييف إصدارات أنظمتهم الخاصة، سيكون التأثير على هواوي أنها ستخسر عدة أشهر من وقت التطوير".
ويضيف رحمن أنه حتى إذا كانت الشركة الصينية مستعدة لقبول أنها ستقدم نظام التشغيل في وقت متأخر عن منافسيها، فإنها ستواجه أيضاً كابوساً تسويقياً.
وأوضح: "أندرويد هو في الواقع علامة تجارية، ومن أجل استخدامها يجب أن يكون نظامك مُعتمَداً، لذا فحتى إذا استمرت هواوي في بيع الأجهزة باستخدام الكود مفتوح المصدر، فإنه لا يمكنها قانونياً تسميته أندرويد".
ما البديل إذاً؟
أخبرت هواوي BBC أنها تفضل العمل بأندرويد، لكنها أنشأت نظام تشغيل جديد كخطة احتياطية.
وقال جيريمي تومبسون، نائب الرئيس التنفيذي لشركة هواوي في المملكة المتحدة: "لقد وضعنا خططاً لهذه النتيجة المحتملة، لكن ذلك لم يحدث بعد"، يردف: "لدينا برنامج موازٍ لتطوير بديل.. نعتقد أنه سيسعد عملاءنا، على المدى القصير، لا يمثل ذلك أخباراً جيدة لشركة هواوي، لكنني أعتقد أننا نستطيع تجاوز ذلك".
في الصين قد لا تكون هذه خطوة مقلقة للغاية، وذلك بفضل حقيقة أن مالكي الأجهزة يقضون معظم وقتهم على WeChat، وهي منصة تتيح تشغيل تطبيقات الأطراف الخارجية داخلها.
علاوةً على ذلك فمن المرجح أن يتعرض مطورو البرامج الآخرون للضغط لطرح إصدارات من تطبيقاتهم المستقلة لنظام التشغيل الجديد بسرعة.
لكن في أماكن أخرى، قد تكون هذه الخطوة إشكالية للغاية. "أياً كان ما يخططون له فهو ميت قبل أن يُولد"، كما يدعي رحمن. ويضيف: "الجزء الحاسم من النجاح في نظام تشغيل الهاتف المحمول هو عدد التطبيقات المتاحة في متجر التطبيقات. وأندرويد يملك أكبر منصة مطوري تطبيقات، بجانب نظام تشغيل أبل".