حتى أقرب حلفاء إيران تبرأوا من الهجوم الصاروخي الذي استهدف محيط السفارة الأمريكية في بغداد، في الوقت الذي توعدت الولايات الأمريكية بالرد على أي هجوم إيراني.
وأجرت مقاتلات أمريكية الإثنين 20 مايو/آيار 2019 "طلعات ردع فوق الخليج العربي" موجهة ضد إيران في ظل تصاعد التوتر بين البلدين إثر تعزيز العقوبات الأمريكية على طهران وإنهاء الإعفاءات التي كانت ممنوحة لبعض الدول لاستيراد النفط الإيراني وما أعقب ذلك من سلسلة من الأحداث الأمنية آخرها هجوم صاروخي على محيط السفارة الأمريكية في بغداد.
تفاصيل الهجوم الصاروخي الذي استهدف محيط السفارة الأمريكية في بغداد
وقال الجيش العراقي أمس الأحد 19 مايو/أيار 2019، إن صاروخاً أطلق على المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد التي تضم أبنية حكومية وسفارات أجنبية لكنه لم يؤد إلى سقوط ضحايا.
وذكر الجيش في بيان أن صاروخ كاتيوشا سقط في قلب المنطقة الخضراء دون أن يسبب أي خسائر وأوضح أنه سقط قرب نصب التذكاري للجندي المجهول.
ويقع نصب الجندي المجهول على بعد نحو نصف كيلومتر شمالي مجمع السفارة الأمريكية المترامي الأطراف.
وذكر شهود وسكان لرويترز أنهم سمعوا دوي انفجار في وسط بغداد ليل الأحد.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى اللحظة، أو مدى الأضرار التي ألحقها الصاروخ.
الأمريكيون يهددون إيران بالرد
وأكد مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية سقوط صاروخ "ضعيف النوعية" في المنطقة الخضراء قرب السفارة ولكنه قال إنه لم يؤد إلى سقوط ضحايا أو وقوع أضرار كبيرة.
وأشار مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية إنه لم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم وإنه لم يؤثر على أي منشأة تشغلها الولايات المتحدة.
وقال "لكننا نأخذ هذا الحادث بشكل جدي جداً".
وأضاف "نحمل إيران المسؤولية إذا شنت قوات الميليشيات التي تعمل وكيلاً لها أو عناصر من هذه القوات أياً من مثل هذه الهجمات وسنرد على إيران طبقاً لذلك".
ويفكرون في إرسال مزيد من القوات لحماية سفارتهم
وقال مسؤول أمريكي لرويترز تحدث شريطة عدم نشر اسمه إن الولايات المتحدة تفكر في إرسال عدد صغير من الأفراد الإضافيين لحماية السفارة.
وقال المسؤول إن محادثات بشأن ذلك كانت تجري قبل حادث الصاروخ وشدد على أن عدد الأفراد الإضافيين سيكون قليلاً.
وقال مصدر بالشرطة لرويترز إن القوات الخاصة التابعة للشرطة عثرت على منصة لإطلاق الصواريخ في حي الصناعة بشرق بغداد وطوقت المنطقة. وأضاف أن فريقاً من خبراء المفرقعات من قيادة عمليات بغداد في طريقه إلى الموقع لفحص المنصة.
وتابع المصدر أن الشرطة تبحث عن مشتبه بهم وأن فريقاً من خبراء المفرقعات من قيادة عمليات بغداد في طريقه لفحص منصة إطلاق الصواريخ.
وقال الكابتن بيل أوربان المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية إن القيادة علمت بوقوع انفجار في المنطقة الخضراء خارج مجمع السفارة الأمريكية وأنه لا يوجد ضحايا من الأمريكيين أو قوات التحالف.
وقبل هذه الحادثة، قالت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنها أرسلت قوات إضافية للمنطقة لمواجهة ما وصفتها بتهديدات واضحة من إيران وفصائل تدعمها بالعراق ضد المصالح الأمريكية.
ووصفت طهران التحركات الأمريكية بأنها "حرب نفسية" و"لعبة سياسية".
وترامب يتوعد بالقضاء على إيران
وجاء أقوى رد فعل أمريكي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه.
فبعد ساعات من الانفجار الذي وقع ببغداد قال ترامب علي تويتر "إذا كانت إيران تريد القتال فستكون تلك النهاية الرسمية لإيران. لا تهددوا مطلقاً الولايات المتحدة مرة أخرى".
وكانت المنطقة الخضراء ببغداد هدفاً متكرراً لقذائف المورتر أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق الذي انتهى عام 2011.
ومنذ ذلك الحين تتعرض المنطقة الخضراء للقصف من وقت لآخر. ووقع أحدث هجوم من نوعه في سبتمبر/أيلول عندما سقطت ثلاث قذائف مورتر داخل المنطقة الخضراء لكنها لم تتسبب في سقوط ضحايا.
وتقول الولايات المتحدة وإيران إنهما لا تريدان الدخول في حرب.
سلسلة من الرسائل الإيرانية
يأتي ذلك في تصاعد التوتر بين إيران وأمريكا، وتبادل البلدين الرسائل ذات الطابع العسكري والأمني.
وأعلنت جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران المسؤولية عن هجوم بطائرات مسيرة استهدف محطتين لضخ النفط بالسعودية الأسبوع الماضي. واتهمت المملكة طهران بإصدار أمر تنفيذ الهجوم.
وقبل ذلك بيومين، تعرضت أربع سفن، بينها ناقلتا نفط سعوديتان، لعمليات تخريب قبالة ساحل الإمارات.
ومؤخراً، تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، بعدما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية إرسال حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" وطائرات قاذفة إلى الشرق الأوسط، بزعم وجود معلومات استخباراتية بشأن استعدادات محتملة من قبل طهران لتنفيذ هجمات ضد القوات أو المصالح الأمريكية.
ترامب يكشف نوع الغزوة التي يريدها لإيران
وقال وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هنت، الأحد،: "أقول للإيرانيين: لاتستهينوا بعزم الجانب الأميركي".
وتابع: "إنهم لا يريدون حربا مع إيران. لكن إذا تعرضت المصالح الأميركية لهجوم فسيردون. وهذا أمر يحتاج الإيرانيون إلى التفكير فيه بتمعن شديد".
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه لا يريد الحرب، وأن الغزوات الوحيدة التي يسعى إليها، اقتصادية.
وعلّق ترامب على سؤال عن مغزى تصريح السيناتور البارز، ليندسي غريم، الذي قال فيه إنه والرئيس الأمريكي يريدان "غزوات مختلفة"، علق بالقول: "إذا كان هناك غزو، فهو اقتصادي".
والإيرانيون يردون: لا تكن مثل جنكيز خان
وحذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من تهديد الإيرانيين، وقال إن ترامب يريد أن يحقق ما فشل في إنجازه الإسكندر المقدوني وجنكيز خان وهو تدمير إيران.
وكتب ظريف -على حسابه على تويتر- أنه يجب على الإدارة الأميركية احترام مواطنيه مؤكدا أن الإيرانيين "بقوا واقفين لآلاف السنين بينما رحل كل المعتدين. الإرهاب الاقتصادي والتبجحات عن الإبادة لن تقضي على إيران".
وتُظهر ردود الفعل العراقية خوف العراقيين، ومنهم حلفاء إيران من تحول بلادهم التي خرجت لتوها من سلسلة من الحروب المدمرة، من أن تتحول إلى ساحة للصراع الإيراني العراقي.
الصدر يرفض الزج بالعراق في الصراع الإيراني الأمريكي.. نحتاج جلسة مع كبار القوم
من جانبه، حذر الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، اليوم الإثنين، من نهاية العراق حال نشوب الحرب بين إيران وأمريكا، رافضاً زج بلاده في هذه الحرب وجعله ساحة للصراع.
وقال الصدر في تغريدة له نشرت على حسابه الرسمي في "تويتر"، إن "الحرب بين إيران وأمريكا ستكون نهاية للعراق، وأي طرف يزج العراق بالحرب ويجعله ساحة للمعركة سيكون عدواً للشعب العراقي".
وأضاف: "لست مع الحرب بين إيران وأمريكا، ولست مع زج العراق في هذه الحرب وجعله ساحة للصراع الإيراني الأمريكي".
وتابع الصدر، "نحن بحاجة الى وقفة جادة مع كبار القوم لإبعاد العراق عن تلك الحرب الضروس التي ستأكل الأخضر واليابس فتجعله ركاماً".
وحلفاء إيران يدينون الهجوم
وسارع حلفاء عراقيون لإيران لإدانة الهجوم وشددوا على أن نشوب حرب بين طهران وواشنطن ستضر بغداد والمنطقة كلها.
وحثَّ السياسي وقائد أحد الفصائل هادي العامري، الذي تسيطر كتلته الانتخابية على ثاني أكبر عدد من المقاعد بالبرلمان، العراقيين في بيانٍ، الليلة الماضية، على "ألا يكونوا ناراً لهذه الحرب" التي "ستحرق الجميع".
وردَّد قيس الخزعلي، وهو قائد فصيل آخر، الموقف نفسه وكتب على تويتر أن الحرب لن تكون من مصلحة واشنطن أو طهران.
وأمريكا تتعهد بعدم استخدام العراق لمهاجمة دول الجوار
وأكدت السفارة الأمريكية في بغداد، الأحد 19 مايو/أيار 2019، التزام بلادها عدم استخدام الأراضي العراقية لمهاجمة دول الجوار.
جاء ذلك خلال لقاء القائم بأعمال السفارة، جوي هود، مع قائد قوات الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، في العاصمة بغداد.
وذكرت السفارة في بيان صحفي اطلعت عليه وكالة الأناضول، أن هود أكد "التزام الولايات المتحدة تجاه العراق باعتباره واحداً من أهم الشركاء الاستراتيجيين في المنطقة، وأهمية وجود حكومة عراقية قوية ومستقرة وذات سيادة".
وأضاف أن "الولايات المتحدة كانت واثقة تماماً بتصميم قوات الأمن العراقية على الحفاظ على سلامة الناس".
ولفت هود إلى أن واشنطن "ستستمر في شراكتها مع القوات العراقية من خلال تقديم المشورة والتدريب وتجهيزها في جهودها للقضاء على داعش باعتباره تهديداً للعراق".
وأشار القائم بأعمال السفارة إلى "التزام الولايات المتحدة اتفاقية الإطار الاستراتيجي، وضمن ذلك حظر استخدام الأراضي العراقية لمهاجمة أي بلد آخر".
واتفاقية "الإطار الاستراتيجي" هي تلك التي وقعت عليها بغداد وواشنطن عام 2008 في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، ومهّدت لخروج القوات الأمريكية من العراق أواخر 2011 بعد ثماني سنوات من الاحتلال.
وينظم الاتفاق علاقات العراق والولايات المتحدة في مختلف المجالات، خاصة العسكرية والاقتصادية.