أعلنت إيران، الأربعاء 8 مايو/أيار 2019، الانسحاب الجزئي من الاتفاق النووي في تصعيد خطير للموقف مع الولايات المتحدة، واضعةً بريطانيا وألمانيا وفرنسا والصين وروسيا في مفترق طرق، فهل يعني ذلك اقتراب المواجهة العسكرية؟ أم أن إعلان طهران مناورة ربما تؤدي لنتائج أخرى؟
الإعلان جاء على لسان الرئيس حسن روحاني في خطاب تلفزيوني قال خلاله إن طهران ستقلل من التزاماتها في الاتفاق النووي، دون أن تنسحب منه تماماً، معطياً مهلة مدتها 60 يوماً لأطراف الاتفاق لتقديم حلول لتخفيف العقوبات الأمريكية على البنوك الإيرانية وقطاع النفط، مهدداً باتخاذ إجراءات صادمة.
وعما ستتخذه إيران من إجراءات بداية من هذا الأسبوع، قال روحاني إن طهران ستحتفظ باليورانيوم المخصّب والماء الثقيل بدلاً من بيعه لدول أخرى طبقاً لبنود الاتفاق النووي الذي يهدف لتقليص مخزون إيران من اليورانيوم المخصب والماء الثقيل.
أما عن الإجراءات التي هدد روحاني باتخاذها بعد مهلة الـ60 يوماً، فتتلخص في رفع سقف مستويات تخصيب اليورانيوم واستئناف العمل في مفاعل أراك النووي الذي توقف العمل فيه منذ توقيع الاتفاق، بحسب السي إن إن.
رد فعل إسرائيلي أمريكي متوقع
رد الفعل الإسرائيلي جاء متوقعاً، حيث قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن تل أبيب لن تسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية، مضيفاً: "سمعت صباح اليوم وأنا في طريقي إلى هنا، أن إيران تعتزم استئناف برنامجها النووي.. لن نسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية، وسنواصل قتال من يسعون إلى قتلنا".
من جانبها أعلنت واشنطن على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو أن الانسحاب الإيراني جاء غامضاً بشكل متعمد، مضيفاً أن تهديدات طهران باتخاذ مزيد من الإجراءات تهدف إلى وضع العالم في حالة تأهب، وأن الولايات المتحدة "ستنتظر وترى الأفعال الإيرانية على الأرض".
تحذيرات فرنسية وتفهّم روسي
من جانبها قالت وزيرة الدفاع الفرنسية إن بلادها تريد الإبقاء على الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، وحذَّرتها من عدم احترام التزاماتها، قائلة إن ذلك قد يجعل مسألة إعادة تفعيل آلية العقوبات مطروحة.
وقالت الوزيرة فلورانس بارلي لتلفزيون "بي إف إم"، إنه ما من شيء أسوأ من انسحاب إيران، مضيفة أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تبذل قصارى جهدها للإبقاء على الاتفاق.
الصين أيضاً لم تلتزم الصمت، إذ قالت عبر وزارة خارجيتها إن الاتفاق النووي الإيراني يجب تنفيذه بالكامل، وكل الأطراف مسؤولة عن ضمان تحقيق ذلك.
أما الموقف الروسي فقد كان أكثر تفهماً للدوافع الإيرانية قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن هذه التطورات جاءت نتيجة للخطوات المتهورة لواشنطن.
وقال بيسكوف إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كان قد نبه باستمرار إلى الخطوات المتهورة للولايات المتحدة تجاه إيران.
وأضاف بيسكوف في تصريح صحفي نقله موقع روسيا اليوم: "نرى أن هذه التبعات بدأت تحدث"، مشيراً إلى أن "الوضع خطر، وبدون شك، هذا بسبب قرارات واشنطن السابقة".
وأوضح المتحدث الرئاسي أن روسيا ستعمل مع الشركاء الأوروبيين للحفاظ على استمرارية الصفقة النووية الإيرانية.
وأعلن بيسكوف: "على حد علمي، فإن هناك رسالة من الرئيس روحاني ستسلم اليوم (للقيادة الروسية). وعموماً أنتم تعلمون أن الرئيس بوتين تحدث أكثر من مرة عن الالتزام بخطة العمل الشاملة، وأهميتها وعدم وجود بديل لها في الوقت الراهن".
ما بنود الاتفاق النووي؟
الاتفاق النووي المسمى خطة العمل المشتركة الشاملة يهدف بالأساس إلى قصر القدرات النووية الإيرانية على الاستخدام السلمي وبالتالي منعها من تطوير سلاح نووي في أي مرحلة، مقابل رفع العقوبات التي كانت تصيب الاقتصاد الإيراني بالشلل.
الدول الموقعة على الاتفاق هي إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين، وتم توقيعه أثناء إدارة الرئيس باراك أوباما، وانسحبت إدارة دونالد ترامب من الاتفاق منذ عام، عكس رغبات باقي الدول الموقعة التي أعلنت التزامها ببنود الاتفاق.
وبموجب الاتفاق وافقت طهران على ثلاثة بنود رئيسية هي تقليل عدد أجهزة الطرد المركزي بمعدل الثلثين وهي عبارة عن ماكينات أسطوانية الشكل تستخدم في تخصيب اليورانيوم وهو المادة الأساسية في تصنيع القنبلة النووية، وتقليل مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 98% ووقف مستوى تخصيب اليورانيوم عند 3.67% وهو المعدل الكافي لتشغيل محطات توليد الطاقة ولكنه لا يكفي لبناء قنابل نووية.
إضافة لذلك وافقت إيران على الحد من أبحاث وتطوير تخصيب اليورانيوم وأن تسمح لمفتشي وكالة الطاقة الذرية الدولية بالتفتيش في أي وقت على منشآتها النووية للأغراض السلمية.