التقرير السرّي الذي قالت وكالة فرانس برس إنها اطلعت عليه يظهر قيام الخبراء الأمميين بالتحقيق في صواريخ أُطلقت في أبريل/نيسان من طائرات مسيّرة صينية الصنع يمتلك مثلها الجيش الإماراتي، وبحسب التقرير فإنّ الصواريخ التي قصفتها الطائرات المسيّرة في الضاحية الجنوبية لطرابلس يومَي 19 و20 أبريل/نيسان هي صواريخ جو-أرض من طراز "بلو آرو" وذلك استناداً إلى شظايا درسها الخبراء.
ولا تمتلك هذا النوع من الصواريخ إلّا ثلاث دول هي الصين وكازاخستان والإمارات العربية المتّحدة، ذلك أنّ هذه الصواريخ تطلقها حصراً طائرات بدون طيار تنتجها شركة وينغ لونغ الصينية، بحسب تقرير موقع فرانس 24.
الدور الإماراتي غير مستتر
الإمارات وجدت ضالتها في حفتر قبل حتى أن يتم الكشف عن الدعم المقدم له، وعن ذلك يقول كريستوفر دافيدسون، مؤلف كتاب "ما بعد الشيوخ: الانهيار الوشيك لممالك الخليج"، وأستاذ سياسات الشرق الأوسط في جامعة درهام " (حفتر) شخص مثير للخلاف والشقاق، ومن المستبعد أن تقبل به أي من الجماعات الليبية المشاركة في المفاوضات حول سبل توحيد البلاد. ولذلك يعتبر من وجهة نظر دولة الإمارات العربية المتحدة الشخص المثالي الذي يستحق الدعم والتأييد".
والدعم الإماراتي لحفتر ليس وليد اللحظة ولا متزامن مع الهجوم الأخير على العاصمة، فقد كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة في يونيو 2017 عن الدعم العسكري الكبير الذي تقدمه أبوظبي لقوات حفتر من طائرات وعربات عسكرية ومدرعات إضافة إلى بناء قاعدة جوية في الخادم مما سمح لما يعرف بالجيش الوطني الحر الذي أسسه حفتر من السيطرة على الأجواء الليبية وذلك منذ عام 2016.
وقد أدان ذلك التقرير أبوظبي لمخالفة القرارات الأممية التي تحظر تقديم الأسلحة لأي جهة داخل ليبيا باستثناء حكومة الوفاق المعترف بها.
أسباب دعم حفتر
الإمارات قالت الخميس الماضي إن "الأولوية" في ليبيا هي "مواجهة الإرهاب"، مشيرة إلى أن "الميليشيات المتطرفة" تواصل سيطرتها على العاصمة طرابلس، وهذا الطرح يكشف أحد أسباب دعم أبوظبي لحفتر، رغم أن حكومة الوفاق التي تسيطر على طرابلس هي الحكومة المعترف بها دولياً.
وبحسب تقرير لرويترز نقلاً عن مصدر خليجي لم تسمّه، فإن أحد أسباب الدعم الإماراتي للجنرال المنشق هو تقديم خدمة للنظام المصري من خلال حفظ الأمن على الحدود الغربية مع ليبيا، مضيفاً أن حفتر الآن أصبحت لديه أهداف أكبر مما كانت في البدايات.
أما المساعدات الإماراتية لحفتر فقد اتخذت جميع الأشكال عسكرية ومالية، إضافة إلى مساعدته في تصدير النفط الليبي خارج القنوات التي اعتمدتها الأمم المتحدة، وذلك بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال في يوليو/تموز الماضي.
حيث دخلت أبوظبي في مفاوضات سرية مع الجنرال المنشق الصيف الماضي بغرض تصدير النفط الليبي خارج إطار مؤسسة النفط الوطنية ومقرها طرابلس، وهي القناة الوحيدة المصرح لها بتصدير النفط من جانب الأمم المتحدة.
وبعد أن سيطرت قوات حفتر على الموانئ الليبية في هلال النفط في يونيو/حزيران 2018، تم وقف تصدير 850 ألف برميل يومياً، وهي الحصة التي أقرتها الأمم المتحدة لحكومة الوفاق المعترف بها في طرابلس، وأعاد حفتر تصدير النفط الليبي من خلال شركة إماراتية لم تصرح لها الأمم المتحدة.
ما قام به حفتر والإمارات أثار عاصفة من الضغوط الدولية وقتها، مما أجبر حفتر على إعادة السيطرة على موانئ تصدير النفط إلى مؤسسة النفط الوطنية الليبية.
الواضح إذن أن حفتر يعمل على ضمان المصالح الاقتصادية والسياسية للإمارات في ليبيا، وفي المقابل تقدم له أبوظبي الدعم والمساندة في كل المجالات، مالية وعسكرية، إضافة للدعم السياسي.