مبادرة الحزام والطريق أو "طريق الحرير" مشروع صيني عملاق أطلقه الرئيس زي جينغ بينغ عام 2013، ويهدف إلى ربط ثلثي دول العالم بشبكة من الطرق والأنفاق، لكن ربما كانت نوايا بكين أكثر عمقاً من مجرد الشق الاقتصادي، فإلى أين وصل المشروع؟ ومَن المستفيد؟ وهل هناك متضرِّر؟
طريق الحرير هو في الأصل طريق تاريخي كان يمتد من مدينة تشان غان عاصمة الصين في القرن الثاني قبل الميلاد إلى أوروبا عبر آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وظل حتى القرن السادس عشر مستخدماً في التجارة ونقل البضائع الصينية وأشهرها الحرير (ومن هنا جاءت التسمية) إلى باقي مناطق العالم. وقد تم وضع قسم من هذا الطريق يمتد لـ 5000 كلم عبر الصين وكازاخستان وأوزبكستان على لائحة التراث العالمي عام 2014.
مَن يبنيه؟ وأين؟ ولماذا؟
طريق الحرير تبنيه شركات صينية بتمويل صيني في صورة قروض، لكنها ليست قروضاً سائلة أو أموالاً تتسلمها الحكومات، بل اتفاقيات توقع عليها حكومة الدولة المقترضة مع بكين للحصول على قرض لتمويل شق طريق أو بناء سكة حديد أو ميناء أو محطة لتوليد الطاقة، بشرط أن يتم التنفيذ من خلال إحدى الشركات الصينية.
أي أن المشروع أو الحزام والطريق هو عبارة عن موجة من التمويل الصيني لمشاريع البنية التحتية حول العالم، وتتولى شركات البناء الصينية التنفيذ، وتم بالفعل تمهيد طرق وبناء سكك حديدية لم تكن لتظهر للوجود لولا الخطة الصينية.
ففي أوغندا مثلاً تم بناء طريق بطول 50 كلم في منطقة هامة قرب المطار الدولي، وفي تنزانيا ربما تتحول بلدة ساحلية صغيرة إلى أكبر موانئ قارة إفريقيا.
وفي أوروبا نجحت الشركات الصينية في الاستحواذ على 51% من ميناء بيريوس قرب أثينا عام 2016، وذلك بعد سنوات من الأزمة الاقتصادية الطاحنة في اليونان.
عمليات تشييد السكك الحديدية والطرق تشارك فيها معدات ثقيلة مثل ماكينة شق الجسور العملاقة التي تعرف بوحش الحديد، وهي قادرة على حمل ورفع وتركيب أجزاء من السكة الحديد تربط الأعمدة في المناطق المرتفعة، وهذه الماكينة تزن 580 طناً وطولها 92 متراً وارتفاعها 9 أمتار.
أما لماذا؟ فلأن الصين أكبر مصدر للبضائع في العالم وتريد أن يتم توصيل منتجاتها بأسرع طريقة وأقل تكلفة وأن تصل لأي بقعة على الكرة الأرضية.
الطريق إذن ليس فقط سككاً حديدية أو طرقاً ممهدة، ولكنه أيضا موانئ وطرق بحرية، لذلك يسميه بينغ "مشروع القرن"، وطبقاً لتقديرات مورغان ستانلي ستبلغ تكلفة الطريق 1.3 تريليون دولار وينتظر الانتهاء منه عام 2027، وقد وقَّعت على الاشتراك في المشروع على الأقل 157 دولة ومنظمة حكومية حتى الآن، منها أكثر 60 دولة انضمت إليه عام 2018، وتتراوح الاتفاقيات بين شق الطرق والكباري وبناء محطات توليد الطاقة وبناء سكك حديد للقطارات السريعة وفائقة السرعة.
هل هناك انتقادات للمشروع؟
نعم، وتنصب تلك الانتقادات في محيط استخدام بكين مشروع طريق الحرير لتوسيع نفوذها السياسي والاستراتيجي حول العالم، فالقروض الكثيرة تثقل كاهل الدول وفي نفس الوقت الشركات الصينية التي تتولى التنفيذ أي أن الصين مستفيدة من جميع الجهات.
وبدأت بعض الدول تشعر بالقلق بالفعل من تراكم الديون، خصوصاً بعد أن أجبرت سريلانكا على التنازل مؤخراً لشركة صينية عن ميناء تم تطويره حديثاً مقابل إسقاط ديون بلغت 8 مليارات دولار.