ماذا لو جرّمت الجامعة العربية التطبيع مع إسرائيل، فهل تنصاع الإمارات؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/09/09 الساعة 12:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/09 الساعة 14:33 بتوقيت غرينتش
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط/رويترز

تواجه الجامعة العربية مأزقاً كبيراً في ظل إقدام الإمارات واحدة من أكثر أعضائها نفوذاً على خرق قراراتها وإبرام اتفاق تطبيع مع إسرائيل يخلُّ بثوابت القضية الفلسطينية، ولكن ماذا لو منعت الجامعة العربية التطبيع مع إسرائيل فهل ستنصاع الإمارات؟

مما لا شك فيه أن هناك غضباً من العديد من الدول العربية من التوجه الإماراتي، بينما هناك آخرون يفكّرون في الإقدام على الخطوة الإماراتية، بينما مجموعة ثالثة تخشى أن يضغط عليها من قبل الولايات المتحدة أن تقوم بهذه الخطوة، التي لا تريدها.

وفي كل الأحوال فرغم أن هناك احتمالاً نادراً أن تدين الجامعة العربية في اجتماع مجلسها الوزاري اليوم الخطوة الإماراتية، ولكن هل إذا فعلت فهل هناك وسيلة لإجبار الإمارات على تطبيقه.

هل تستطيع الجامعة العربية معاقبة الإمارات على التطبيع؟ إليك ما يقوله التاريخ

عادة لا توجد آلية في الجامعة العربية لإلزام أعضائها بتطبيق قراراتها، ولكن في حالات كثيرة، استطاعت الجامعة العربية الضغط على أعضائها، ولكن هذا تحقق من خلال موقف جماعي عربي، وأشهر هذه المواقف كانت طرد مصر من الجامعة العربية ونقل مقرّها لتونس وفرض مقاطعة عربية عليها بعد إبرامها معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979.

المفارقة أن هذه المعاهدة أبرمتها مصر لاسترداد أرضها، أما الإمارات فلا أرض لها محتلة من قبل إسرائيل.

ولكن في ذلك الوقت كان يقود العمل العربي المشترك دول قوية ذات توجه عروبي صريح مثل العراق وسوريا والجزائر، ولكن هذه الدول إما مغيبة أو مدمرة أو منكفئة على ذاتها.

نظرياً تستطيع الدول العربية فرض عقوبات ومحاصرة الإمارات مثلما فعلت مع مصر السادات وفعلت مع القذافي وسوريا، ولكن واقعياً فإن الثلاثي الذي وأد الربيع السعودية الإمارات مصر، هو الذي يحاصر الآخرين مثلما يفعل مع قطر، وقد يعمد إلى محاصرة الفلسطينيين ومنع الدعم المالي العربي عنهم إذا جأرت أصواتهم بالشكوى من الخطوة الإماراتية بشكل أكثر مما ينبغي.

هل تناقش الجامعة العربية قضية التطبيع الإماراتي/رويترز

فالعمل العربي المشترك أصبح خاضعاً بشكل كبيراً لهيمنة تحالف دول الخليج وهو التحالف الذي نشأ لمحاربة الربيع العربي، وفي سبيل هذه المعركة يمكن أن يفعل أي شيء.

والجامعة العربية التي كانت الحاضنة الأولى لحماية القضية الفلسطينية، والتي قاطعت مصر -الدول المؤسسة لها- لإبرامها اتفاق سلام مع إسرائيل يعيد أرضها، لم تعقد اجتماعاً مخصصاً لبحث التطبيع الإماراتي، ولم تصدر بياناً صريحاً حوله.

فالجامعة العربية انعكاس لرؤى أقوى أعضائها، وأقوى أعضائها حالياً المطبعون، لذا فإنه ليس غريباً أن أصحاب القضية هم الذين قد يعاقبون، وقد تنضم الضفة إلى غزة في الخضوع للعزلة وسط حديث عن توقف الدعم المالي العربي للسلطة الفلسطينية، يأتي (معظمه من دول الخليج والجزائر).

ماذا لو منعت الجامعة العربية التطبيع مع إسرائيل فهل ستنصاع الإمارات؟

أما افتراض أن تنصاع الإمارات طوعاً لإرادة الجامعة العربية إذا طلب منها وقف التطبيع.

فالحقيقة أنه بالإضافة إلى افتقاد الجامعة للأدوات لفعل ذلك، فإن الإمارات لم تنصع لمواقف أقوى وأكبر حلفائها السعودية في اليمن، بل إنها تتمرّد وتتدخل في شؤون دول غربية، وتخرق حظر السلاح المفروض على ليبيا بثقة ولم يفعل معها أحد شيئاً بل إنها إحدى الدول القليلة الحليفة للغرب التي كانت تحتفظ بعلاقة وثيقة مع كوريا الشمالية ولم تلقَ سوى لوم بسيط.

تتمتع الإمارات عبر خلطتها الأمنية الحداثية المعادية للتيار الإسلامي، والديمقراطية في المنطقة مع أذرع مالية وإعلامية ضخمة، بمناعة استثنائية، فهي تقدم لنفسها للغرب بأنها أحرص على مصالحه في المنطقة منه، إنها ملكية أكثر من الملك غربية أكثر من الغرب، يمينية أكثر من اليمين الغربي المُعادي للإسلام، وفي ظل الفراغ في العالم العربي، وتحالف القوى الرئيسية العربية معها أو ضعفها، فإن احتمال أن تمثل الجامعة العربية أي ضغط على الإمارات أقرب لكونه ضرباً من الخيال.

تحميل المزيد