أصبح من المرجح أن يختار جو بايدن سيدة لتكون مرشحة لتكون نائبته في حال فوزه بالرئاسة، والآن بدأ تتبلور قائمة المرشحات الديمقراطيات لمنصب نائب الرئيس.
عندما اختار باراك أوباما إثر ترشحه للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، جو بايدن، ليكون رفيقه في الانتخابات عبر بطاقة نائب الرئيس في حملته، كان الاختيار آنذاك ينبع في جزءٍ منه من سنوات خبرة بايدن في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ومن ثَمَّ سدّ فجوة متعلقة بالشؤون الخارجية في السيرة الذاتية لباراك أوباما، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
كان بايدن في منصب نائب الرئيس الأمريكي يمثل من نواحٍ عدة تتويجاً لعقود من النفوذ المتنامي للمنصب، الذي كان صورياً إلى حدٍّ كبير في السابق، بمجال السياسة الخارجية، وهو الأمر الذي يُبرز أهمية وجود نائب رئيس في الشكل الحديث للسلطة التنفيذية بإمكانه المساعدة على تشكيل علاقات أمريكا مع العالم.
ويتضمَّن نواب الرؤساء الآخرون الذين اضطلعوا بدور كبير في السياسة الخارجية، كلاً من ريتشارد نيكسون (في ظل إدارة الرئيس دوايت آيزنهاور)، وجورج بوش الأب (في ظل إدارة الرئيس رونالد ريغان)، وديك تشيني (في ظل إدارة الرئيس جورج بوش الابن).
لكن فيما يتوجه بايدن نحو الانتخابات، لا توجد الحاجة نفسها لأن يكون صاحب المنصب رقم 2 قوياً في السياسة الخارجية.
فهذه المرة، قد يكون وضع بايدن كرجل أبيض كبير السن ينتمي إلى المؤسسة الحاكمة في واشنطن هو أكبر نقاط ضعفه، ومن ثمَّ كان تعهُّده باختيار امرأة ترافقه في الانتخابات بمنصب نائب الرئيس يهدف إلى معالجة هذا القصور.
لكن بما أنَّ الرجال كانوا يسيطرون إلى حدٍّ كبير على السياسة الخارجية الأمريكية، من المستبعد أن تملك أي مرشحة لمنصب نائب الرئيس سيرة ذاتية شبيهة، بأي شكل من الأشكال، بسيرة جو بايدن في مجال السياسة الخارجية حين اختير هو للمنصب.
ومع وضع هذا في الاعتبار، إليكم أبرز المرشحات الديمقراطيات لمنصب نائب الرئيس ومواقف كل مرشحة محتملة في السياسة الخارجية.
أبرز المرشحات الديمقراطيات لمنصب نائب الرئيس
سوزان رايس: بني غازي تطاردها
من بين كل اختيارات بايدن المحتملة، يمكن أن تدَّعي رايس بكل ارتياح، أنَّها الأكثر خبرة في السياسة الخارجية بعد مسيرة مهنية تضمَّنت مهام مثل السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ومستشارة الأمن القومي في إدارة أوباما. لكن عكس المرشحات الأخريات، لم تتولَّ رايس أي منصب انتخابي قط.
ولسجلها آثار إيجابية وسلبية على فرص اختيارها لمنصب نائب الرئيس. إذ قرَّبها عملها في إدارة أوباما من بايدن، الذي يبدو أنَّها تتمتع بعلاقة دافئة معه، ويُرجَّح أن يكون الثنائي متوافقَين في السياسة الخارجية.
لكنَّها واجهت الكثير من الانتقادات في وقتٍ سابق من مسيرتها المهنية، بسبب تعاملها مع الإبادة الجماعية في رواندا خلال حقبة الرئيس بيل كلينتون، وكان هناك الكثير من التذمُّر بشأن إدارتها لمجلس الأمن القومي في إدارة أوباما.
وإحدى نقاط الضعف الأخرى المحتملة التي تلوح في الأفق حول رايس هي بنغازي. وقد هدَّد الجمهوريون بالفعل بإحياء انتقاداتهم بشأن دور رايس باعتبارها أول وجوه إدارة أوباما التي تتفاعل مع الهجمات المميتة في عام 2012 في ليبيا، والتي أسفرت عن مقتل السفير الأمريكي وثلاثة أشخاص آخرين.
كامالا هاريس: روسيا عدوتها
ما تزال هاريس في فترتها الأولى بمجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا، وتركز على القضايا الداخلية.
ومثل كثير من الديمقراطيين في الكونغرس، تنظر هاريس إلى روسيا باعتبارها واحدة من كبرى قضايا السياسة الخارجية.
تُعتَبَر هاريس أحد الخيارات الأكثر ترجيحاً في السباق المحتدم. ولا تتباين مع بايدن في أيٍّ من أولويات السياسة الخارجية الكبرى للديمقراطيين. فهي ترغب في عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وصريحة في دعمها لإسرائيل، وداعمة بصورة عامة لتحالفات الولايات المتحدة، وضمن ذلك حلف شمال الأطلسي (الناتو).
إليزابيث وارن: تركز على إشكاليات البنتاغون وترفض ضم الضفة
تُعَد وارن في فترة ولايتها الثانية في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية ماساتشوستس، وقد ركَّزت في الغالب على القضايا المحلية.
تجاهر وارن بنفورها من العلاقة الحميمة بين متعهِّدي الدفاع الأمريكيين ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، وقد يتعارض موقفها هذا مع بايدن. وتدعو وارن لإجراء تدقيقٍ بشأن البنتاغون، واصِفةً ميزانية الوزارة بأنَّها "ضخمة للغاية منذ فترة طويلة للغاية".
وكانت أيضاً مباشرة أكثر في انتقاداتها للصين، ودعت لاتخاذ الولايات المتحدة موقف قيادي بشأن هونغ كونغ في أكتوبر/تشرين الأول 2019، قبل التصعيد الأخير إثر هيمنة بكين على المدينة.
أحد الاختلافات الأخرى الواضحة بينها وبين بايدن هو المساعدات المُقدَّمة لإسرائيل. إذ قالت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أمام أحد المؤتمرات: "إذا استمرت حكومة إسرائيل في خطواتها لضم الضفة الغربية رسمياً، على الولايات المتحدة أن تُوضِح أنَّه لا يجب استخدام أي من مساعداتنا لدعم عملية الضم".
وخطب بايدن أمام نفس المؤتمر، ولم يطرح قط مسألة ربط المساعدات العسكرية السنوية البالغة 3.8 مليار دولار لإسرائيل بشروط.
وقد يُنظَر إلى اختيار وارن لمنصب نائب الرئيس باعتباره غصن زيتون، إن لم يكن مُوجَّهاً للقاعدة الجماهيرية الشابة، فإنَّه على الأقل مُوجَّه للجناح التقدُّمي بالحزب الديمقراطي.
تامي داكوورث: محاربة قديمة
يمكن لداكوورث، وهي من قدامى المحاربين الأمريكيين الذين قاتلوا سابقاً في حرب العراق، أن تدَّعي أنَّها صاحبة أكبر خبرة مباشرة من بين أيٍّ من المسؤولين المُنتَخَبين الذين تدرس إدارة بايدن اختيارهم لمنصب النائب.
وتملك تامي أيضاً خبرة شخصية خارج الولايات المتحدة أكثر من أي اختيار محتمل آخر، فقد وُلِدَت في العاصمة التايلاندية بانكوك وأمضت سبع سنوات من طفولتها في إندونيسيا.
تُعَد داكوورث سيناتوراً بمجلس الشيوخ الأمريكي، وهي عضوة بلجنة القوات المسلحة بالمجلس. وعلى عكس وارن، صوَّتت مؤخراً ضد تعديل من شأنه تقليص ميزانية البنتاغون بـ10%.
أصبحت داكوورث في الآونة الأخيرة أحد المنتقدين الرائدين لتعامل إدارة ترامب الباهت مع التقارير بشأن وضع الروس مكافآت على رؤوس الجنود الأمريكيين في أفغانستان.
فال ديمينغز: قائدة شرطة كثيرة التغيب
انتُخِبَت ديمينغز لمجلس النواب عام 2017، ولم تقُم بالكثير لتسليط الضوء على أي مواقف في السياسة الخارجية قد تختلف عن المواقف التقليدية للحزب الديمقراطي. وهي عضوة بلجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب.
غابت ديمينغز عن أكثر جلسات استماع لجنة الأمن الداخلي ارتباطاً بالسياسة الخارجية، بخصوص التوترات الأمريكية مع إيران عقب قتل الجنرال قاسم سليماني.
وأكثر ما تشتهر به هو قيادتها لإدارة شرطة أورلاندو بين عامي 2007 و2011.