الدرس القاسي الذي تعلمته الصين من صدام حسين جعلها قادرة على الدفاع عن نفسها أمام أمريكا

عربي بوست
تم النشر: 2020/08/03 الساعة 14:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/07 الساعة 13:07 بتوقيت غرينتش
الجيش الصيني شهد تطوراً كبيراً في السنوات الماضية/رويترز

بينما بدأ يُطلق القادة الأمريكيون للتوّ حربهم الباردة مع بكين، فإن الصين تستعد لحرب مع أمريكا منذ نحو 30 عاماً بعدما تعلمت درساً قاسياً من دولة عربية سحقتها واشنطن من قبل.

وفي مواجهة التحركات الأمريكية ضد الصين، زادت الأخيرة من عملياتها العسكرية في بحر الصين الجنوبي، وكان ردها على إغلاق قنصليتها في هيوستن سريعاً وإن يمكن التنبؤ به.

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين إن خطوة إغلاق قنصليتها "انتهاك خطير للقانون الدولي… ومحاولة متعمدة لتقويض علاقات الصين والولايات المتحدة"، لم تكن صدمة عندما أغلقت الصين قنصلية أمريكية انتقاماً.

في جميع الاحتمالات، ستستمر كل من واشنطن وبكين في دوامة الإجراءات / الإجراءات المضادة.

هذا النوع من الانخراط المتدهور لا يفيد أياً من البلدين ويزيد من فرصة الصراع العسكري، سواء عن طريق الصدفة أو سوء التقدير.

لسوء الحظّ، لا يبدو أن هناك شهية في واشنطن لتبريد التصعيد مع الصين، واللافت هو التجاهل الأمريكي لتبعات هذا التصعيد، في حين أن الصين تبدو أنها كانت مستعدة لهذه اللحظة.

فهناك عدد كبير من قادة الرأي وصانعي السياسات في الولايات المتحدة لديهم اعتقاد راسخ بأنه لن تكون هناك عواقب غير مقصودة على أفعال أمريكا، لأنهم يرون أن بلادهم قوية جداً، كما يعتقد الكثيرون، أنه يمكن اتخاذ الإجراءات التي يفكرون بها ولن تكون لها نتائج سلبية.

هذه الفكرة، التي كانت رائجة منذ انتهاء عاصفة الصحراء عام 1991 وانهيار الاتحاد السوفييتي عام 1992، لا تعكس واقع اليوم، حسب مقال نشرته مجلة The National Interest الأمريكية كتبه دانييل ديفيس الزميل الأول في أولويات الدفاع.

الصين تستعد لحرب مع أمريكا منذ نحو 30 عاماً بعد الدرس الذي تعلمته من العراق

درست الصين بشكل مكثف الطريقة الأمريكية للحرب في خلال عاصفة الصحراء التي هزم فيها الجيش الأمريكي نظيره العراقي في أوائل التسعينيات.

ومنذ ذلك الوقت قامت الصين بتطوير قدراتها العسكرية بعد أن رأت الهزيمة الكبيرة التي تلقاها الجيش العراقي الذي كان متخماً بالأسلحة السوفييتية التي كانت تمثل دوماً النموذج الذي يقلده الصينيون.

الدبابة تايب 99 التي تعد أحدث أجيال الدبابات الصينية/ wikipedia

فالتدمير الواسع النطاق لأسطول الدبابات العراقي (الذي كان أغلبه سوفييتي الصنع وبعضه صيني بروح سوفييتية)، كان بمثابة درس مهم للجيش الصيني.

فعندما لاحظ جيش التحرير الشعبى الصينى أن دباباتهم عام 1991 التى قاموا بتصديرها للعراق وإيران كانت أقل شأناً من الدبابات الغربية، أعطيت الأولوية لتطوير دبابات الجيل الثالث، وكذلك تحسين تصميم الجيل الثاني الحالي. ونتيجة لذلك، أنتجت الدبابات من نوع Type 85، التي كانت  تطوراً مباشراً   لـ(Type 80)، ثم ظهرت أنواع أكثر تقدماً آخرها Type 99، وينطبق هذا المسار على العديد من الأسلحة الصينية.

لم تعُد الصين القوة التقليدية التي يعتمد جيشها فقط على أعداد كبيرة من المشاة

وتعرضت الصين بعد هذه الحرب لموقف محرج خلال عام 1996 عندما أمر الرئيس الأمريكي بيل كلينتون حاملة طائرات بالإبحار مباشرة عبر مضيق تايوان لإجبار بكين على التراجع عن تهديداتها لتايوان.

بدأ في ذلك الوقت التحول المستمر للجيش الصيني الذي استمر لعقود طويلة وتضمن تغييراً لكيفية تنظيم القتال، والعقيدة العسكرية، وتحديثاً دراماتيكياً لأسلحة الحرب، وكلها مصممة صراحة لهزيمة هجوم أمريكي على الصين.

أول حاملة طائرات صينية تبحر في المحيط الهادي/رويترز

لم تعد الصين اليوم القوة التي تتمركز حول عمل المشاة والتي فقدت مئات الآلاف من الجنود مقابل أمريكا في الحرب الكورية، ولم يعد لديها الجيش القديم الذي تراجع أمام أمريكا في عام 1996.

قام القادة الشيوعيون للصين بإصلاح قواتهم المسلحة وتحويلها إلى جيش حديث وقاتل وقوي يمكنه الدفاع عن حدوده ضد الولايات المتحدة. سيكون من الخطأ الفادح التقليل من قدرة الصين على محاربة الولايات المتحدة على أرضها.

وها هي تتقارب مع روسيا وإيران.. فهل تكشف أمريكا خطأها؟

تسببت الإجراءات الأمريكية الأخيرة في أن تضع بكين وموسكو العداء التاريخي جانباً، وأن تزيد شراكتهما في القضايا الاقتصادية والتدريبات العسكرية المشتركة المتكررة بشكل متزايد.

كما أكملت الصين وإيران مؤخراً أساسيات اتفاقية الطاقة والتعاون العسكري.

علاوة على ذلك، أصبح الرئيس الصيني شي جين بينغ فعالاً بشكل متزايد في تعميق العلاقات مع الدول الأوروبية والإفريقية ودول أمريكا اللاتينية.

يقول الكاتب: "اليوم، واشنطن مشبَّعة بصقور الصين. لسوء الحظ، فإن الأصوات التي ترى أن بقاء أمريكا قوية يأتي من خلال تجنب الصراع مع الصين، يتم وصمها بأن دعواتها هذه مجرد استرضاء للصين".

ويختتم الكاتب قائلاً: "أخشى أن أمريكا ستكتشف يوماً ما خطأها بأن العلاقة الدبلوماسية الرصينة، التي كان من الممكن أن تمدد أمنها وازدهارها في المستقبل، تم رفضها لصالح تكتيك عسكري غير ضروري لإرضاخ الصين".

علامات:
تحميل المزيد