ليس الجمهوريون وحدهم غاضبين من كتاب بولتون الذي يفضح ترامب.. بل الديمقراطيون أيضاً، فلماذا؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/06/19 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/19 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجون بولتون، أرشيفية/رويترز

قد يكون الديمقراطيون والجمهوريون منقسمين بعمقٍ حول إصلاح إنفاذ القانون، وما الذي يتوجَّب القيام به حيال جائحة كورونا، وحتى ما إذا كان يتعيَّن التخلُّص من بقايا الكونفدرالية من الكونغرس. لكنهم، الخميس 18 يونيو/حزيران، توصَّلوا إلى إجماعٍ حول أمرٍ واحد. يبدو أن الجميع حانقون من جون بولتون، كما تقول صحيفة New York Times الأمريكية.

لماذا يغضب الديمقراطيون خصوم ترامب؟

غضِبَ الديمقراطيون من أن المستشار السابق للأمن القومي انتظر حتى الآن -لإصدار كتابٍ ورد أنه تلقى مليونيّ دولار مقابله- للكشف عن أن أخطاء الرئيس ترامب قد تجاوزت تلك التي اتُّهِمَ بها، وهي معلوماتٌ كانت لتصبح أكثر فائدةً حين كانوا يبنون دفوعهم ضد ترامب لارتكابه جرائم وجنحاً. 

أما الجمهوريون، فقد غضبوا من أن بولتون، الذي وَصَفَ كتابه "The Room Where It Happened" رئاسة ترامب بأنها سلسلةٌ من الإجراءات التي ترقى لكونها "عرقلةً للعدالة"، تحلَّى بمثل هذه الجرأة لإهانة الرئيس. 

وفي الكونغرس، بدا أن إصدار الكتاب جاء فقط ليقوِّي وجهات النظر حول الرئيس وتصرُّفاته. وعكست وجهات النظر تلك نوعاً من العداء المؤسَّسي لأن يُخبَر هؤلاء كيف يؤدون عملهم. 

طَرَحَ بولتون في كتابه أن الكونغرس كان ينبغي أن يحقِّق مع ترامب لاستخدامه المفاوضات التجارية والتحقيقات الجنائية من أجل تعزيز مصالحه السياسية، أبعد من الواقعة التي طلب فيها من رئيس أوكرانيا أن يحقِّق مع منافسيه السياسيين. 

قالت نانسي بيلوسي، المتحدِّثة باسم مجلس النواب: "لا أريد دفع مالٍ مقابل كتابٍ كان بديلاً عن الشهادة أمام الكونغرس من أجل صالح الشعب الأمريكي". وفي ما يتعلَّق بمحاكمة الإقالة، قالت: "أنا لست نادمةً. كلا، أنا فخورةٌ بما فعلنا". 

الجمهوريون يصبون جام غضبهم على بولتون

بالنسبة للجمهوريين، كان تحوُّل بولتون ضد الرئيس يعني أن الوقت قد حان للتحوُّل ضد بولتون. كان النائب كيفين ماكارثي، الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا، وزعيم الأقلية: "يدفع المال الكثير من الناس لقولِ الكثير من الأمور". وأضاف: "رأينا من قبل أناساً يكذبون بشأن الرئيس". 

وأضاف بعد ذلك على منصة تويتر أن كتاب بولتون "يمكن أن يُعرِّض الأمن القومي للخطر. هذا مُروِّع". 

وفي الكتاب، الذي حصلت صحيفة New York Times الأمريكية على نسخةٍ منه، وصف بولتون كيف قطع ترامب المحادثات مع الصين بشأن التعريفات الجمركية من أجل مصلحته السياسية الخاصة، إذ طلب من الرئيس تشي جين بينغ أن يشتري المُنتَجات الزراعية الأمريكية من أجل مساعدته في الفوز بالولايات الزراعية في انتخابات العام الجاري. 

وقال السيناتور تشاك شومر، الديمقراطي عن ولاية نيويورك، في الكونغرس: لقد باع المصلحة الوطنية من أجل مصلحته السياسية الشخصية". وأضاف: "ألا يبدو ذلك مألوفاً أيها الزملاء الجمهوريون؟ ألا يبدو مألوفاً؟". 

ووَصَفَ شومر هذه الوقائع من تصرُّفات ترامب، كما هي مذكورة في الكتاب، بأنها "مجنونة" و"طائشة". غير أنه قال: "كنت أُفضِّل أن يروي بولتون هذه القصص تحت القَسَم في محاكمة الإقالة". 

ومع ذلك، على الأقل قال بعض المُشرِّعين الذين ساورتهم الحيرة بشأن السماح باستدعاء بولتون وآخرين كجزءٍ من محاكمة الإقالة -وقرَّروا عدم اتِّخاذ هذه الخطوة في النهاية- إنهم لم يشعروا بالأسف حيال ذلك. 

وقالت السيناتورة ليزا ماركوفسكي، الجمهورية من ولاية ألاسكا: "لقد اتَّخَذت ذلك القرار في وقتٍ مُحدَّد، وكما تعلمون، ما مِن عودةٍ إلى الوراء. ولا أندم على ذلك القرار". 

الكتاب أصبح الأكثر مبيعاً على أمازون

لقد أصبح كتاب بولتون هو الأكثر مبيعاً على موقع أمازون، مُعزِّزاً فرصه بشكلٍ جزئي بالغضب المستشيط لدى الرئيس على تويتر إزاء الادِّعاءات الواردة فيه. وتسعى وزارة العدل إلى إيقاف نشره. 

وقال السيناتور مايك براون، الجمهوري من ولاية إنديانا، للصحفيين، عن بولتون: "إنه رجلٌ من الواضح أنه فرَّ من أن يكون في هذا المنصب". وأضاف: "لا أعتقد أن الأمر يستحق التعليق في سياق ما نحاول القيام به من إصلاح للشرطة وغيرها من القضايا". 

وقال السيناتور جون كورنين، الجمهوري من ولاية تكساس: "ليس لديّ أيُّ تعليقٍ في الواقع، لأنني لم أقرأ الكتاب. أعلم أنه يحاول بيع الكتاب". 

ويتضمَّن كتاب بولتون بعض المعلومات الشائنة عن افتقار ترامب للمعرفة بأبسط الحقائق حول الجغرافيا والشؤون العالمية. وكتب بولتون أن الرئيس لا يبدو أنه كان يعرف أن بريطانيا لديها أسلحة نووية، أو أن فنلندا ليست جزءاً من روسيا. 

لماذا رفض بولتون المشاركة في محاكمة إقالة ترامب؟

وبينما حفَّزَت هذه السرديات بعض السخرية، بدا الديمقراطيون مُحبَطين في الغلب من رفض بولتون المشاركة في محاكمة الإقالة. 

وخلال جلسة مجلس النواب، رفض بولتون الظهور، وانضمَّ إلى دعوى قضائية تسعى للحصول على قرارٍ من قاضٍ فيدرالي عمَّا إذا كان يجب عليه الاستجابة إلى طلب الكونغرس لشهادته أو أمر البيت الأبيض بعدم المشاركة. وبدلاً من الانخراط في معركةٍ طويلة في المحكمة، أنهى قادة مجلس النواب التحقيق في ديسمبر/كانون الأول بدونه، وانتقلوا إلى التصويت لإقالة ترامب على أساس تهمتين: إساءة استخدام السلطة وعرقلة الكونغرس. 

لكن في يناير/كانون الثاني، غيَّر بولتون مساره فجأةً وقال إنه سيكون مستعداً للإدلاء بشهادته إذا استُدعِيَ في محاكمة الإقالة بمجلس الشيوخ. وبحلول ذلك الوقت، كان الأمر في يد السيناتور ميتش ماكونيل، الجمهوري من ولاية كنتاكي وزعيم الأغلبية، الذي مَنَعَ استدعاء أي شاهدين، وهو قرارٌ أيَّده الجمهوريون بإجماعٍ حزبي، مُمَهِّدين الطريق أمام تبرئةٍ سريعةٍ للرئيس. 

وقال النائب آدم شيف، من كاليفورنيا، ورئيس اللجنة المُختارة الدائمة للاستخبارات، لبرنامج "CBS This Morning": "لم يكن مستعداً للإدلاء بشهادته في مجلس الشيوخ، وكان مستعداً لإبقائنا في المحكمة لوقتٍ طويل، ولكنه على استعدادٍ لسرد القصة كلها في كتاب، من أجل كسب مالٍ مقابل الكتاب. يخبرنا كلُّ هذا كثيراً عن شخصية بولتون". وأضاف: "هل كانت شهادته ستُحدِث فارقاً كبيراً في المحاكمة؟ ربما كان ذلك ليؤدي إلى دليلٍ إضافي وشهادةٍ إضافية، لكننا لن نعلم ذلك أبداً. وهذا هو الثمن الذي على الأمن أن تدفعه نتيجة أولوية بولتون للمال على البلد". 

وقال السيناتور مارك وانر، من ولاية فيرجينيا، أكبر ديمقراطي في لجنة الاستخبارات، إنه تمنَّى لو أن بولتون قد كشف قصته أمام اللجنة. وقال: "هناك الكثير من الادِّعاءات، وأعتقد أن الجمهور الأمريكي بحاجةٍ إلى أن يعرف ما إذا كانت صحيحة". 

تحميل المزيد