أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "حقبةً جديدة" في العلاقات مع الولايات المتحدة بعد مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 8 يونيو/حزيران 2020. تقوم هذه العلاقة على العلاقة الشخصية بين أردوغان وترامب، وعلى رأس جدول أعمالها ليبيا، كما يقول موقع Al-Monitor الأمريكي.
كتب الباحث والكاتب التركي جنكيز تشاندار قائلاً: "إن سعي أردوغان لاتخاذ الرئيس الأمريكي كصديق روحي ليس أمراً عاطفياً فقط، فالنجاح العسكري في ليبيا الذي وضع تركيا على الخريطة باعتبارها الداعم الرئيسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً ومقرها طرابلس يبشر بمواجهة محتملة مع روسيا في ليبيا وسوريا".
ويتابع تشاندار قائلاً: "ربما الأهم من ذلك أن دور تركيا في ليبيا سيضع تركيا في مواجهة متصاعدة بشكل خطير مع اليونان وقبرص وفرنسا وبعض دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، حيث تتداخل الاتفاقية البحرية التي توصلت إليها تركيا مع حكومة الوفاق الوطني في عام 2019 مع المنطقة الاقتصادية الخالصة لليونان، وبالتالي تعتبرها أثينا انتهاكاً لسيادتها. ويستمر الصراع في التصاعد حيث وقعت اليونان مؤخراً على اتفاقية بحرية مع إيطاليا رداً على خطوة تركيا".
أوراق أردوغان الدبلوماسية أمام روسيا وأمريكا
يقول موقع المونيتور الأمريكي، إن الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق الوطني في الأسابيع الأخيرة قد قلب الموازين ضد جيش خليفة حفتر الوطني الليبي، الذي تدعمه مصر والإمارات وروسيا.
وكتب الصحفي والمصور المقيم في إسطنبول دييغو كوبولو أنه على الرغم من أن تركيا رفضت في البداية وقف إطلاق النار الذي روج له الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، هناك دلائل على أن الدبلوماسية لا تزال لديها فرصة، حيث يلعب أردوغان بأوراقه الدبلوماسية مع ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
جدير بالذكر أن ترامب تحدث مع السيسي في 11 يونيو/حزيران 2020، بعد ثلاثة أيام من اتصاله مع أردوغان، وأعرب عن دعمه لمبادرة السيسي لوقف إطلاق النار. وفي اليوم نفسه، دعا وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الولايات المتحدة إلى "الاضطلاع بدورٍ أنشط في ليبيا، سواء من أجل تحقيق وقف لإطلاق النار أو في العملية السياسية".
مع نجاح التدخل العسكري التركي في هزيمة قوات حفتر، يمكن لروسيا تحويل دعمها السياسي إلى عقلية صالح، رئيس مجلس النواب بطبرق، والذي قد يكون محاوراً سياسياً أكثر ملاءمة لتركيا.
ويشرح المحلل التركي فهيم تستكين الوضع قائلاً: "يبدو أن نقطة التقارب قد ظهرت مع روسيا لجمع قوات طرابلس وقوات طبرق معاً على طاولة المفاوضات، في سيناريو يجري فيه استبعاد حفتر، وبالتالي استبعاد الإمارات ومصر وفرنسا من اللعبة".
استبعاد حفتر وداعميه من اللعبة
تقول الصحيفة والكاتبة التركية أمبيرين زمان أن البعض في إدارة ترامب قد يعتبرون تركيا "ثقل موازن" للتأثير الروسي والإيراني في سوريا، بعد معارك إدلب بين القوات التركية والسورية (المدعومة من روسيا وإيران) والتي بدأت في يناير/كانون الثاني 2020. وتضيف أن أردوغان من جانبه لا يرى الأمر على هذا النحو، ولكن "يبدو سعيداً لتشجيع الاعتقاد بأن تركيا يمكن أن تتعاون مع واشنطن ضد موسكو، ومن خلال ذلك، تساعد على تسوية المجال مع موسكو عند البحث عن تسوية معها في سوريا والآن في ليبيا.
ويقول تشاندار: "من سوريا إلى ليبيا، من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط، يرى أردوغان الآن أن تركيا بحاجة إلى أمريكا سياسياً واستراتيجياً أكثر مما كانت تفعل قبل بضعة أشهر. لقد تعلم أردوغان بالتجربة أن التقارب مع الولايات المتحدة الذي يجري من خلال اتخاذ ترامب كصديق شخصي أسهل من أي طريقة أخرى".
التوازن الجديد بين حلفاء الناتو
وفي الوقت نفسه، تعثرت العلاقات الأمريكية التركية في قضايا مألوفة، رغم أن تلك الخلافات تكاد لا ترى في إطار العلاقة الكلية بين ترامب وأردوغان.
على الجانب الآخر، هناك قضية ذات عواقب محتملة أكبر: حكمت محكمة تركية على الموظف التركي متين توبوز، وهو موظف محلي في القنصلية الأمريكية في إسطنبول، بالسجن لمدة تسع سنوات تقريباً لصلته برجل الدين المحظور من قبل تركيا والمقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن، الذي تعتبره تركيا إرهابياً وتتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016.
وكتبت الصحفية والمحللة "زمان" قائلة إن السفارة الأمريكية في أنقرة عبرت عن خيبة أملها في سلسلة من التغريدات حول الحكم، لكن رد الفعل كان أخف بشكل ملحوظ من عقوبات التأشيرات التي فرضتها الولايات المتحدة على تركيا عندما جرى اعتقال توبوز لأول مرة وتحدثت المحللة عن التوازن الجديد الذي ظهر بين حلفاء الناتو".