ترامب يواجه خصماً لم يحسب حسابه.. هل تؤدي الانتخابات في عام الوباء إلى فوضى مدمرة؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/06/11 الساعة 10:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/11 الساعة 10:58 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - رويترز

لم يكن أحد يتوقع أن يشهد عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية كل هذه الأحداث السيئة للدولة الأقوى عالمياً، لكن تلك البداية السيئة للعام ربما تكون مؤشراً على ما هو أسوأ بكثير في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل عندما يتوجه الناخبون لاختيار الرئيس المقبل بين دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن، فما علاقة وباء كورونا بعملية التصويت نفسها؟

طوابير الانتخابات في وقت الوباء

أمس الأربعاء 10 يونيو/حزيران، شهدت ولاية جورجيا الانتخابات التمهيدية وتصدّر مشهد الطوابير الطويلة من الناخبين أمام اللجان الانتخابية وسائل الإعلام التي اعتبرت ذلك مؤشراً خطيراً على ما قد تكون عليه الصورة في عموم البلاد يوم التصويت في الانتخابات العامة 3 نوفمبر/تشرين الثاني.

وتحت عنوان "2020 بدأت بصورة بشعة للانتخابات الأمريكية"، نشرت شبكة CNN تقريراً رصد الفشل المتتالي في الانتخابات التمهيدية في الولايات منذ مطلع العام الجاري وحتى اليوم، في وقت يواصل فيه وباء كورونا تفشيه بين الأمريكيين، ولا يبدو أنه سيتراجع قريباً.

تساؤلات حول مدى الجاهزية لإجراء الانتخابات في زمن الوباء / رويترز

البداية كانت في فبراير/شباط الماضي عندما تم إلغاء الانتخابات التمهيدية في أيوا بسبب ما قيل إنه خطأ تكنولوجي، وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة أشهر، لا تزال قضية التصويت في زمن الوباء تثير القلق لما يشوبها من فوضى وعدم تنظيم وتبادل الاتهامات.

وأول أمس الثلاثاء نشرت صحيفة نيويورك تايمز لقطات فيديو من كاميرا تحملها طائرة مسيرة للجان الانتخابية في أتلانتا، أظهرت طوابير ممتدة لكيلومترات وانتظار الناخبين لساعات طويلة حتى يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم، وهو ما أثار انتقادات عنيفة على حساب الصحيفة على تويتر بسبب المشاهد التي يجب ألا تكون موجودة في أمريكا في زمن الوباء، وتساءل كثيرون: أين التكنولوجيا؟ وكيف سيكون الحال في الانتخابات العامة؟

هل يطيح الوباء بفرص ترامب؟

تعامُل إدارة ترامب مع وباء كورونا لم يكن مُرضياً لغالبية الأمريكيين، ولكن يبدو أن الرئيس لم يتعلم درس التقليل من شأن الفيروس القاتل في البداية، فها هو ترامب يصرح مرة أخرى أمس بأن الوباء قد تلاشى ولم تتبقَّ منه سوى بقايا هشة وغير ضارة، رغم وجود مؤشرات مقلقة على أن الوباء يزداد شراسة والأرقام تؤكد ذلك.

تصريحات ترامب جاءت في إطار نفاد صبر الرئيس من وجود بعض إجراءات الإغلاق في بعض الولايات، مطالباً بالفتح الكامل لجميع الأنشطة وعودة الحياة إلى طبيعتها تماماً، وموقف الرئيس معروف ومعلن فهو لا يزال يراهن على استعادة الاقتصاد الأمريكي بعضاً من عافيته في أقرب وقت كي يضمن الفوز بفترة رئاسية ثانية.

لكن الأرقام والحقائق ليست في صالح ترامب، فقد أودى الوباء بحياة نحو 1300 أمريكي يوم الثلاثاء 9 يونيو/حزيران، ونحو ألف أمس الأربعاء، وبلغ عدد الوفيات أكثر من 115 ألفاً، وسط تحذيرات خبراء الأوبئة في البلاد أن أكثر من 100 ألف أمريكي آخرين قد يموتون بحلول شهر سبتمبر/أيلول المقبل، أي خلال ثلاثة أشهر.

فوتشي وصف كورونا بأنه "كابوسه الأسوأ" /رويترز

حالات الإصابة بعدوى الوباء أيضاً بدأت تشهد ارتفاعاً مقلقاً في عدد من الولايات، لكن اللافت هو أن العدد اليومي لإجمالي الإصابة في الولايات المتحدة لم يشهد تراجعاً كبيراً، فالمتوسط اليومي خلال يونيو/حزيران الجاري أكثر من 20 ألف حالة، وقد تخطت حالات الإصابة في البلاد 2 مليون وأكثر من 66 ألفاً حتى اليوم الخميس 11 يونيو/حزيران.

مدير معهد هارفارد الدولي للصحة الدكتور أشيش جا قال لشبكة CNN اليوم الخميس: "أعتقد أن غالبية الأمريكيين غير مستعدين الآن لرفع الإغلاق وأتفهم ذلك بشكل تام، ولكنني أتفهم أيضاً أن البعض راغبون في التعايش مع وجود فيروس كورونا، والنقطة هنا أن هذا يعني أنه ما بين 800 وألف أمريكي سيموتون في اليوم الواحد، وبحلول سبتمبر/أيلول سيكون لدينا 100 ألف حالة وفاة أخرى".

تشكيك متوقع في نتائج الانتخابات

لكن الوباء الذي لم يحسب له ترامب حساباً والذي قد يكلفه الفوز بفترة رئاسية ثانية ربما يمتد تأثيره إلى ما هو أبعد من الفوز أو الخسارة في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والحديث هنا عن عملية التصويت نفسها واحتمال التشكيك في نتائجها، في ظل استمرار الشكاوى من الجانبين – الجمهوريين والديمقراطيين – بشأن كيفية إجراء الانتخابات في ظل الوباء.

الجمهوريون من جانبهم يتمسكون بحتمية إدلاء المواطنين بأصواتهم بالحضور شخصياً وإبراز إثبات الشخصية والمتطلبات الأخرى التي يصفها الديمقراطيون بأنها "قمع للناخبين"، بينما يسعى الديمقراطيون لاعتماد التصويت بالبريد تفادياً للزحام ومخاطر نشر عدوى الوباء، وهو ما يراه ترامب ومعسكره بأنه يفتح الباب "للتزوير".

وفي ظل هذا المشهد، ليس مستبعداً أن يرفض ترامب الاعتراف بالهزيمة حال تعرضه لها في الانتخابات بل يرى المراقبون أن هذا أمر متوقع تماشياً مع شخصية ساكن البيت الأبيض وتصريحاته ومواقفه، وهذه النقطة بالتحديد ليست جديدة، فقد أثارتها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي العام الماضي في معرض تفنيدها لرفض بدء إجراءات عزل ترامب، قبل أن تعود وتعدِل عن رأيها وتنتهي محاكمة ترامب البرلمانية في مجلس الشيوخ ذي الأغلبية الجمهورية.

بيلوسي كانت قد قالت إن الطريقة الوحيدة لهزيمة ترامب في الانتخابات هي أن يفوز منافسه الديمقراطي بصورة حاسمة وقاطعة وبفارق كبير "حتى نقطع طريق التشكيك ورفض الهزيمة على الرئيس"، وكان ذلك في أعقاب تسليم المحقق روبرت ميلر لتقريره بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الماضية وتواطؤ ترامب في تلك القضية، ولنا أن نتصور الآن ماذا قد يكون رد فعل ترامب حال جاءت النتيجة لصالح منافسه بايدن بنسبة ضئيلة، في ظل كل ما تشهده الساحة السياسية الأمريكية من تداعيات وباء كورونا والاحتجاجات الرافضة للعنصرية وعنف الشرطة في أعقاب مقتل جورج فلويد.

تحميل المزيد