كان الاقتصاد التركي على الأغلب يتمتع بزخمٍ كاف عند بداية السنة ساعده على تسجيل واحدٍ من أسرع معدلات النمو بين أقرانه في الربع الأول، وهي الفترة التي انقضى معظمها قبل أن يبدأ فرض إجراءات الإغلاق بسبب فيروس كورونا.
وبعد عام فقط من خروجها من فترة ركود قصيرة وضخ مُحفِّزات نقدية، من المرجح أنَّ تركيا تفوقت على بلدان مثل إندونيسيا وبولندا؛ لأنَّ الائتمان الرخيص في الداخل خفَّف من وطأة الصدمة الاقتصادية، بحسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
مُحصَّنة حتى الآن
ومع أنَّ الضرر الناجم عن القيود قد يتضح أكثر قريباً، فإنَّ بيانات التصحيح الموسمي وتصحيح أيام العمل التي صدرت الجمعة 29 مايو/أيار أظهرت ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بـ4.9% على أساسٍ سنوي في الربع الأول، بعد ارتفاع بنسبة 6% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، وذلك بحسب التوقعات المتوسطة في دراسة لوكالة Bloomberg الأمريكية. وأظهرت دراسة أخرى تباطؤ النمو على أساسٍ فصلي إلى 0.4% بعد أن كان 1.9%.
قال زياد داود، كبير الاقتصاديين المختصين بشؤون الشرق الأوسط لدى وكالة Bloomberg: "تَعرقَل النشاط الاقتصادي القوي في الشهرين الأولين من السنة بسبب فرض إجراءات الحجر لكبح انتشار فيروس كورونا في مارس/آذار. وأثَّر انتشار الفيروس سلباً على النشاط؛ إذ تراجع مؤشر مديري المشتريات الصناعي والإنتاج الصناعي في مارس/آذار".
ويُشكِّل احتواء الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن الجائحة تحدياً متزايداً، في ظل انهيار ثقة الشركات مع انهيار السياحة والطلب على الصادرات التركية. وفي حين كانت القيود التي فُرِضَت في تركيا أقل حدة من إيطاليا وإسبانيا، فإنَّ الحكومة أدخلت بعض القيود في الأيام القليلة الأولى بعد تأكيد أول حالة إصابة بفيروس كورونا بها يوم 10 مارس/آذار الماضي.
هل يصبح عام 2020 عام النمو أم التراجع؟
ووفقاً لمعظم المتنبئين، فإنَّ هناك خطراً بأن تشهد تركيا أول تراجع على مدى سنة كاملة منذ أكثر من عقد. لكنَّ وزير المالية والخزانة التركي، براءت ألبيرق، قال مراراً إنَّه يتوقع نمواً اقتصادياً إيجابياً في عام 2020.
وتتوقف توقعات تركيا لبقية العام في جزءٍ كبير منها على عودة السياحة، التي تمثل مصدراً مهماً للعائدات والوظائف، إلى جانب سرعة التعافي بين كبار شركائها التجاريين في أوروبا، الذين يواجهون ركوداً سيئاً بنفس قدر سوء التوقعات الأكثر تشاؤماً للبنك المركزي الأوروبي.
وعلى الرغم من إشارات الاستقرار في الثقة الاقتصادية، يُرجَّح أن تعاني تركيا من انكماشٍ حاد في الربع الثاني. وسجَّل أحد مؤشرات التصنيع الشهر الماضي، أبريل/نيسان، أعنف تراجع له منذ الأزمة المالية العالمية، وتراجعت أيضاً الصادرات والواردات.
ومع بدء العديد من الدول حول العالم تخفيف قيود السفر وتدابير الحجر الأخرى، يرى نايجل رينديل، المحلل الأول بشركة Medley Global Advisors LLC في لندن، أنَّ النمو الإيجابي في تركيا هذا العام "أمرٌ غير مستحيل".
وأضاف: "لكنَّ هذا يستلزم قدراً كبيراً من الحظ السعيد وافتراض أنَّ الاقتصاد العالمي سيعود إلى (الطبيعي) في غضون أسابيع. وسيكون حدوث عودة سريعة في السياحة على وجه الخصوص صعباً وربما تتأخر جداً بحيث يصعب أن تساعد موسم العطلة الصيفية".