في الوقت الذي سجلت فيه قارة إفريقيا ألف حالة وفيات ونحو 20 ألف إصابة فقط حتى اليوم الأحد 19 أبريل/نيسان، تتجمع المؤشرات على أن القارة السمراء ليست محصنة ضد تفشي وباء كورونا، فما قصة التقارير الدولية التي تحذر من وفيات بمئات الآلاف وإصابات بالملايين؟
التفشي لم يحدث بعد
كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت، في بيان لها صدر الجمعة الماضية 17 أبريل/نيسان، من أن إفريقيا قد تكون البؤرة التالية لانتشار وباء فيروس كورونا، محذرة من أن بلدان القارة السمراء لا تملك عدداً كافياً من أجهزة التنفس الصناعي اللازمة للتعامل مع انتشار الوباء.
لكن نقص أجهزة التنفس الصناعي هو بالقطع واحدة من مشاكل كثيرة تواجهها إفريقيا، فكثير من مناطق وبلدان القارة لا تمتلك الإمكانيات اللازمة للاستعداد أو مواجهة كارثة بهذا الحجم، في ظل ما تعاني منه دول العالم الأكثر تقدماً ورفاهية سواء في أوروبا أو أمريكا.
من المهم هنا ذكر أن المنظمة الدولية – التي تتعرض لانتقادات متصاعدة بسبب مزاعم عن تواطؤها مع الصين في إخفاء حقيقة الفيروس في بدايته – كانت قد أعلنت في 13 مارس/آذار أن أوروبا هي البؤرة الثالثة لتفشي الفيروس بعد الصين وإيران، وشهدت القارة العجوز ارتفاعاً هائلاً في أعداد الإصابات والوفيات، حيث إن أكثر من ثلثي الوفيات والإصابات تم تسجيلها في أوروبا حتى الآن.
وفي 24 مارس/آذار أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الولايات المتحدة الأمريكية "قد تكون البؤرة المقبلة لتفشي الوباء بعد أوروبا"، وهو ما حدث بالفعل وبعد أقل من شهر على بيان المنظمة قفزت أمريكا إلى صدارة قائمة الدول التي ضربها الوباء ووصلت الإصابات اليوم الأحد إلى أكثر من 740 ألف إصابة و39 ألف حالة وفاة.
ماذا عن أرقام كورونا في إفريقيا؟
حتى أمس السبت 18 أبريل/نيسان، بلغت أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في إفريقيا نحو 20 ألف حالة إصابة، والوفيات تخطت ألفاً، وتوجد حالات عدوى في جميع دول القارة تقريباً – باستثناء جزر الكوموروز وليسوتو فقط – وبالطبع تتفاوت الأرقام في الدول الـ52 الأخرى، حيث تتركز غالبية الحالات تقريباً في الدول العربية في شمال القارة، مثل مصر والجزائر وتونس والمغرب.
وفي إفريقيا السمراء، تتصدر جنوب إفريقيا قائمة الدول التي سجلت أعلى عدد من الإصابات في القارة السمراء، تليها الكاميرون وساحل العاج والنيجر ونيجيريا، ورغم أن الأرقام لا تزال منخفضة جداً ولا تقارن بنظيراتها في باقي دول العالم المصابة بما يعرف بذروة التفشي، فإن ذلك لا يعني أن الأمور تحت السيطرة بشكل تام.
مخاوف من ملايين الإصابات
بيان منظمة الصحة العالمية تحدث عن أن الشهور القليلة القادمة قد تشهد 10 ملايين إصابة، وهو رقم مخيف بالطبع، في ظل حقيقة كون أكثر من ثلث السكان لا يملكون مصادر كافية لمياه نظيفة.
وكانت المنظمة، على لسان ماتشيديسو موتي، المدير الإقليمي في إفريقيا، قالت لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن المنظمة رصدت انتشار الفيروس من العواصم إلى مناطق نائية في جنوب إفريقيا ونيجيريا وساحل العاج والكاميرون وغانا.
وأضافت أن التركيز الآن على منع انتشار الوباء وليس على العلاج، لأن البلدان الإفريقية لا تملك الإمكانيات لعلاج عدد كبير من المرضى، وقالت "نريد أن نقلل إلى أدنى حد من نسبة الأشخاص الذين تتطلب حالتهم النقل إلى أقسام العناية الفائقة، لأننا نعرف أن مثل هذه الأقسام ليست مؤهلة على الإطلاق في غالبية الدول الإفريقية".
ثم جاء تحذير آخر من المفوضية الاقتصادية لشؤون إفريقيا التابعة للأمم المتحدة، التي قالت في بيان أمس السبت إن فيروس كورونا قد يؤدي إلى وفاة 300 ألف شخص، على الأقل، في إفريقيا، مشيرة إلى أن الوباء ربما يدفع بثلاثين مليون شخص إلى الفقر.
وكان صندوق النقد الدولي والبنك الدولي قد عقدا اجتماعاً خُصص للقارة السمراء، الجمعة، قد أعلن عن ضرورة توفير مبلغ 44 مليار دولار إضافية لإفريقيا لمكافحة تفشي وباء كوفيد-19، وأبلغت مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجيفا مسؤولي الأمم المتحدة ومسؤولين آخرين أن القارة تفتقر إلى الموارد وإمكانيات الرعاية الصحية اللازمة لمعالجة الأزمة.
وقالت المؤسستان، في بيان مشترك معاً، إن "الدائنين الرسميين رصدوا ما يصل إلى 57 مليار دولار لإفريقيا في 2020″، وأضاف البيان: أنّ "دعم دائني القطاع الخاص يمكن أن يبلغ نحو 13 مليار دولار. إنّها بداية مهمة، غير أنّ القارة بحاجة إلى 114 مليار دولار في 2020 في سياق مكافحة كوفيد-19، ما يترك فجوة في التمويل تقدّر بـ44 مليار دولار".