“حتى أنت يا إيطاليا”.. تفاصيل الخطوات الأوروبية الجريئة لتخفيف إغلاقات كورونا رغم تحذيرات الصحة العالمية

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/16 الساعة 14:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/19 الساعة 20:33 بتوقيت غرينتش
دول أوروبية تخفف إغلاقات كورونا أو تفكر بذلك/رويترز

بدأت أغلب دول أوروبا تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا، حتى أن أكثر دول القارة تضرراً تخطط لرفع بعض الإغلاقات.

أوروبا تبدأ تخفيف قيود كورونا

وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين، أمس الأربعاء، عن وضع خارطة طريق من أجل تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا ورفعها بشكل تدريجي عبر الكتلة المكونة من 27 دولة، لكنها أوضحت أنها ليست إشارة للتحرك الفوري.

ولكن بعض الدول الأوروبية سارعت باتخاذ خطوات جريئة في اتجاه تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا، قبل ذلك.

لماذا قررت أوروبا تخفيف إجراءات العزل؟

بدأت دول أوروبية عدة تلاحظ تراجعاً في خطوطها البيانية مثل تباطؤ عدد الذين أدخلوا إلى العناية المركزة والمستشفيات، الأمر الذي شجعها على تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا.

ففي فرنسا، تراجع عدد الذين أدخلوا إلى المستشفيات للمرة الأولى منذ بداية الوباء. وقال مساعد وزير الصحة الفرنسي جيروم سالومون: "إنه الانخفاض الأول، ويجب أن نرحب به". لكن منظمات غير حكومية تحدثت عن "شروط صحية أسوأ من جنوب السودان" في ضواحي العاصمة الفرنسية.

ولكن يظل الأكثر إثارة للانتباه هو التحرك الإسباني في اتجاه تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا.

وجاء ذلك بعدما اعتبر مدريد أنها تخطت ذروة المرض.

إذ أبلغت إسبانيا عن وقوع 523 حالة وفاة أخرى يوم الأربعاء وزيادة في العدوى بنسبة 3%، لكن المسؤولين قالوا إن الارتفاع في الحالات الجديدة ربما يرجع إلى تأخر في الإبلاغ بسبب عطلة عيد الفصح.

وبدأت الحكومة الإسبانية الحديث فقط عن رفع تدريجي لإجراءات عزل تعد من الأكثر صرامة في أوروبا وسيتم تمديدها حتى الخامس والعشرين من أبريل/نيسان مع إمكانية تخفيفها. 

وبلغ عدد الوفيات في إسبانيا 18 ألفاً و579، ووحدهم البالغون في هذه الدولة الأوروبية يمكنهم الخروج للتوجه إلى السوبرماركت أو الصيدليات أو لنزهة الكلب.

تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا
إيطاليا أكثر دول العانم تضرراً من الفيروس/رويترز

كما أن إيطاليا  التي شهدت تباطؤاً في عدد الإصابات الجديدة ، تدرس متى يمكن رفع قيود الإغلاق. 

وأعيد بالفعل فتح بعض المتاجر غير الأساسية على أساس تجريبي.

ومع ذلك، سيظل الإغلاق الوطني للدولة الأكثر تضرراً في البلاد ساري المفعول حتى 4 مايو/أيار 2020. 

واللافت أن العديد من الحكام الإقليميين مثل لومباردي، رفضوا التفكير في تدابير تخفيف.

إليك أبرز خطوات أوروبا في اتجاه تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا

–   بدأت إسبانيا وإيطاليا – الدول الأكثر تضرراً في الاتحاد الأوروبي – السماح لبعض العمال غير الأساسيين بالعودة إلى العمل.

– أعادت إيطاليا فتح بعض هذه المحلات، إذ  فتحت المكتبات ومحلات الملابس للشباب أبوابها في بعض المناطق.

–   النمسا أعادت فتح آلاف المحلات الصغيرة أمس الأول الثلاثاء وقالت إنها ستسمح بالرياضات الخارجية مثل التنس والجولف وألعاب القوى اعتباراً من 1 مايو/أيار.

–   الحكومة التشيكية وضعت جدولاً زمنياً من خمس مراحل تنظم عملية تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا.

–   فرنسا قالت إنها ستبدأ في تخفيف القيود اعتباراً من 11 مايو/أيار.

–   إسبانيا سمحت للعمال غير الأساسيين بالعودة إلى العمل بعد توقف لمدة أسبوعين.  

–   في ألمانيا، اتفقت المستشارة أنجيلا ميركل على تخفيف القيود مع رؤساء الولايات الـ16 في البلاد، مع تقارير تفيد بأنه من المتوقع أن يوافقوا على إعادة فتح محدودة للمحلات اعتباراً من يوم الإثنين المقبل وتخفيف قواعد الحركة من 3 مايو/أيار 2020. 

 ألمانيا تفكر فيما هو أكثر من فتح المحلات

وفقاً لتقارير في وسائل الإعلام الألمانية، سيتم السماح بإعادة فتح المحلات التجارية التي تصل مساحتها إلى 800 متر مربع (8600 قدم مربع) اعتباراً من 20 أبريل/نيسان وفقاً لشروط صارمة بشأن عدد العملاء المسموح لهم بالدخول في المرة الواحدة.

كما سيسمح لتجار السيارات ومحلات بيع الكتب بفتحها بغض النظر عن حجمها، وكذلك حدائق الحيوان والمكتبات والحدائق النباتية.

وسيُسمح بعد ذلك بإعادة فتح متاجر أكبر أخرى اعتباراً من 4 مايو/أيار مع مصففي الشعر، لكن الخدمات الدينية ستظل محظورة، وستظل الحانات والمطاعم مغلقة.

ومن المرجح أن تظل القيود المفروضة على حركة الأشخاص قائمة حتى 3 مايو/أيار، وسيتم اتخاذ خطوات لاستئناف التعليم، مع التركيز على الفصول التي تستعد للامتحانات.

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل

ورحب اتحاد الصناعات الألمانية (BDI) بالاتفاق بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات لتخفيف القيود في ألمانيا. 

ومع ذلك، انتقد قرار فتح المحلات التجارية حتى 800 متر مربع فقط. كما دعا إلى اتخاذ إجراءات أكثر حسماً بشأن أقنعة الوجه، وهي ليست إلزامية ولكنها موصى بها بشدة في الأماكن العامة.

وأعلنت شركتا فولكس فاغن ومرسيدس بنز أنهما ستستأنفان الإنتاج في بعض مصانعهما الألمانية الأسبوع المقبل بعد تخفيف القيود.

تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم حظر إنتاج السيارات في ألمانيا أبداً، لكنه توقف بعد أن قيدت السلطات حركة الأشخاص وأغلقت وكلاء السيارات.

وقال رالف براندستايتر، الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة فولكس فاغن، في بيان: "بفضل قرارات الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات في ألمانيا وتخفيف القيود في الولايات الأوروبية الأخرى، تمت تهيئة الظروف لاستئناف الإنتاج تدريجياً".

ولكن أكبر ولايات ألمانيا تخطط لإعادة فتح المدارس

وتخطط شمال الراين – وستفاليا، أكبر ولاية في ألمانيا من حيث عدد السكان، بالفعل لإعادة فتح المدارس الابتدائية مع بداية الأسبوع المقبل.

بينما يعتقد رئيس وزراء ولاية بافاريا، ماركوس سودر، أن هذا سابق لأوانه.

وقال معهد RKI الألماني للصحة العامة إن عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا ارتفع بمقدار 285 أخرى خلال الـ24 ساعة الماضية إلى 3254 وهو عدد منخفض نسبياً بالنسبة لعدد سكان يبلغ 83 مليوناً، لديها الآن 127،584 حالة إيجابية.

وقالت وزارة الاقتصاد إن ألمانيا سقطت في ركود الشهر الماضي ومن غير المرجح أن تخرج منه قبل منتصف 2020.

الدنمارك تعيد الطلاب للمدارس بالفعل

في خطوة شديدة الجرأة، عاد الأطفال حتى سن 11 عاماً إلى دور الحضانة والمدارس في جميع أنحاء الدنمارك أمس الأربعاء، أي نحو نصف عدد تلاميذ البلاد.

وبذلك تصبح الدنمارك أول دولة في أوروبا تبدأ تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا في مجال التعليم.

وكانت الدنمارك من بين الدول الأولى في أوروبا التي فرضت إغلاقاً، وأقفلت المدارس في 12 مارس/آذار 2020.

وقد تمت الإشادة بها على نطاق واسع بسبب عملها السريع في تقييد الحركة قبل أن تتمكن عدوى Covid-19 من الانتشار بين السكان، مما أدى إلى مقارنتها بكوريا الجنوبية.

ومعدلات الإصابة في الدنمارك منخفضة، ولكن يحذر النقاد من أن استراتيجية العودة للمدارس محفوفة بالمخاطر.

وقد أعربت بعض الشخصيات السياسية عن مخاوف من أن المبادئ التوجيهية التي تحدد من يجب أن يعود إلى المدرسة غير واضحة. ستقرر المدارس نفسها ما إذا كان الموظفون في الفئة المعرضة للخطر يجب أن يكونوا في العمل أو يبقون في المنزل.

وقال أحد الآباء لـ"BBC" إن المدارس في منطقتها لن تفتح حتى يوم الإثنين. وأضافت أن هناك مخاوف من أن السلطات ستحاول فرض عودة إلى المدرسة على أطفال العائلات التي لديها أشخاص معرضون لخطر الإصابة بالفيروس الذين يعيشون في المنزل.

وقالت إليسا ريملر، من الاتحاد الدنماركي للطفولة المبكرة والمعلمين: "إننا جميعاً متوترون بعض الشيء، وعلينا أن نضمن التزامنا بقواعد النظافة".

"لدينا الكثير من غسل اليدين خلال النهار، ليست لدينا أقنعة، وعلينا أن نحافظ على مسافة جيدة من بعضنا البعض، هذه مهمة صعبة للغاية".

ترامب يريد فتح البلاد رغم الانتقادات

وفي الولايات المتحدة أيضاً، يسعى ترامب لتخفيف القيود التي فُرضت لمواجهة فيروس كورونا، في ظل انتقادات من الخبراء ومنافسيه الديمقراطيين.

وقال ترامب دون الخوض في تفاصيل: "المعركة مستمرة، لكن البيانات تشير إلى أننا تجاوزنا ذروة الحالات الجديدة على مستوى البلاد". 

وأضاف: "لقد وضعتنا هذه التطورات المشجعة في موقف قوي للغاية لوضع اللمسات الأخيرة على المبادئ التوجيهية بشأن إعادة فتح البلاد".

وقال ترامب، الأربعاء 15 أبريل/نيسان، إنه يريد "فتح الولايات، بعضها قبل الأخرى، وبعض الولايات يمكن أن تفتح في الواقع قبل الأول من مايو/أيار".

ومع ذلك، حذر قادة الأعمال الأمريكيون ترامب من أنه ستكون هناك حاجة إلى زيادة كبيرة في الاختبار وتوافر معدات الحماية قبل أن يتمكنوا من استئناف العمليات التجارية، وهي تدابير رددها خبراء الصحة.

ولكن سيكون هناك ثمن لتخفيف إغلاقات كورونا.. "مليون حالة"

توجه الولايات المتحدة وأوروبا إلى تخفيف القيود التي فرضت لمواجهة فيروس كورونا جاء لأسباب اقتصادية بالأساس في ظل دخول العالم في أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية.

ولكن الثمن سيكون صحياً.

إذ قالت المفوضية الأوروبية إن تخفيف القيود "سيؤدي حتماً إلى زيادة مقابلة في الحالات الجديدة" وقالت إن جميع الإجراءات يجب أن تكون تدريجية ومنسقة.

ودعا كل الاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية إلى توخي الحذر والتعاون قبل اتخاذ أي خطوات لتخفيف عمليات الإغلاق.

وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن أوروبا لا تزال في "عين العاصفة" مع الوباء.

وجدد المدير الإقليمي هانز كلوج للصحفيين في مؤتمر صحفي على الإنترنت:  التأكيد على أهمية التدابير المعروفة التي تمكن من تحديد وعزل واختبار جميع الحالات المشتبه فيها، وعزل ومراقبة صحة جميع جهات الاتصال القريبة التي تقدم الرعاية لمن يحتاجون إليها؛ جنباً إلى جنب مع تدابير التباعد الاجتماعي والجسدي.

وقال إن هناك إشارات إيجابية قادمة من إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وسويسرا في الأسابيع الأخيرة، لكنه حذر من أن الوضع كان أسوأ في المملكة المتحدة وتركيا وأوكرانيا وبيلاروسيا والاتحاد الروسي.

وأضاف أن حوالي نصف حالات COVID-19 في العالم مسجلة في أوروبا، وأن الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة للمنطقة.

وأشار إلى "أعداد الحالات في جميع أنحاء المنطقة واصلت الارتفاع في الأيام العشرة الماضية، مع تضاعف عدد الحالات المبلغ عنها في أوروبا إلى ما يقرب من مليون حالة".

ودعا إلى التضامن، وحذر من عدم وجود طريق سريع للعودة إلى الحياة الطبيعية.

تحميل المزيد