لماذا ظهرت سهى عرفات الآن؟ دحلان يستخدمها للضغط على السلطة، وعباس يخشى أن تمنح الإمارات صندوق الأسرار

عربي بوست
تم النشر: 2020/09/09 الساعة 13:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/10 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
سهى عرفات أرملة الرئيس الراحل ياسر عرفات - مواقع التواصل

فتح اتفاق التطبيع الإماراتي – الإسرائيلي باب الجدل والخلافات بين رموز فلسطينية كبيرة، خاصة بعدما أعلنت سهى الطويل، أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، اعتذارها للإمارات عن حرق أعلامها خلال التظاهرات الفلسطينية التي خرجت لرفض إعلان التطبيع.

فجأة تحوَّلت سهى الطويل إلى حديث وسائل الإعلام، بعدما شنَّت هجوماً حاداً على السلطة الفلسطينية بسبب موقفها الرافض لاتفاق الإمارات وإسرائيل، ولم تكتفِ سهى بتوجيه النقد اللاذع لرجال السلطة، بل ظهرت بعد ذلك على التلفزيون الإسرائيلي وقناة العربية وأشادت بالاتفاق، وقدمت اعتذاراً للإمارات عن إحراق عَلَمها في القدس، ثم هددت حركة فتح والسلطة بكشف أسرار عن قيادات بهما، قالت سهى إنهم متورطون في اغتيال عرفات، مؤكدة أنها تلقت منهم تهديدات.

ردَّت حركة فتح على موقف أرملة الزعيم ياسر عرفات بإصدار بيان رسمي أكدت فيه أن سهى لا تمثل الفلسطينيين، بل تمثل عبئاً على إرث الزعيم عرفات، ثم اتهم البيان سهى بالعمل لصالح محمد دحلان ومهاجمة عباس.

لماذا تظهر سهى الآن؟

هذه الأحداث وما حولها دفعت الشارع الفلسطيني للتساؤل: ما الذي أعاد سهى عرفات إلى ساحة الأحداث بعد غياب ١٥ عاماً؟ هل تنتظر دوراً في المرحلة المقبلة؟  وما حدود علاقتها بالقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان؟ وهل يفكر دحلان في استخدام سهى كورقة للضغط على السلطة الفلسطينية؟ مستغلاً في ذلك رمزيتها التاريخية، كونها أرملة الزعيم عرفات، وهل يمكن أن تظهر شخصيات فلسطينية أخرى تؤيد اتفاق الإمارات وإسرائيل بإغراءات مالية؟

رفض السفير جبران الطويل تنظيم فعاليات رافضة لاتفاق التطبيع الإماراتي، فأحيل للتحقيق .. انترنت

انتقاماً لشقيقها

أحد أسباب تفجّر الأزمة بين سهى والسلطة اتخاذ حركة فتح قراراً بنقل شقيقها جبران الطويل، سفير فلسطين في قبرص، واتهمته بارتكاب تجاوزات بحق البلد، لعدم تنظيم فعاليات للجالية الفلسطينية بقبرص لإعلان رفض الاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي.

ثم تطورت الشكوى ضد شقيقها جبران، وتم تشكيل لجنة تحقيق بأمرٍ من عباس، التي قررت في النهاية إصدار مرسوم رئاسي بنقله من عمله كسفير إلى العمل بوزارة الخارجية في الضفة الغربية، ما اعتبرته عقوبة قاسية بحقه.

على الفور، كشفت سهى عرفات، عبر التلفزيون الإسرائيلي وقناة العربية -مقرها الإمارات- أنها تلقت تهديدات من مسؤولين بالسلطة الفلسطينية، بسبب تدوينة نشرتها على صفحتها في موقع إنستغرام، واعتذرت -كما زعمت- لدولة الإمارات نيابةً عن الشعب الفلسطيني بسبب حرق العَلَم الإماراتي.

ثم هددت سهى بفتح أبواب "جهنم" على السلطة -على حد وصفها- إذا تسببت بإيذائها، أو أي من أفراد عائلتها، وزعمت سهى أن السلطة بدأت بمضايقة أفراد عائلتها، بعد استدعاء شقيقها السفير جبران للاستجواب في رام الله وحرمانه من منصبه كسفير بقبرص.

استمر تهديد سهى للسلطة وفتح حتى قالت على صفحتها: "إذا واصل كبار المسؤولين بالسلطة حملتهم ضدي، فسوف أعلن ما يعرفونه من مذكرات عرفات التي أملكها، وسوف أفتح أبواب الجحيم، يكفي أن أنشر قليلاً مما أعرفه، وسوف أحرقهم أمام الفلسطينيين، في حال أوقفوا المخصصات التي أتلقاها وابنتي، وهي 10 آلاف يورو شهرياً".

تخدم تصفية القضية الفلسطينية

قال منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح، لـ"عربي بوست": "تصرّ سهى على مواصلة القيام بدور مشبوه في الحملة ضد قيادة الشعب الفلسطيني، واستخدام اسم أبوعمار للتسويق لما يقوم به حكام الإمارات من عبث بالقضية الفلسطينية، وقد حفلت اتهاماتها بكمّ هائل من محاولات التشويه والإساءة".

وأضاف: "لا يمكن فهم محاولات إثارة هذه الفتنة الآن سوى في إطار ما ارتضته السيدة سهى لنفسها لتكون أداة تعمل لخدمة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وشعبنا لن ينجر لهذا المربع الخطير، ولن يسمح لأحد بالمتاجرة باسم أبوعمار، واستخدامه للإساءة للقضية الوطنية".

علاقة سهى عرفات بدحلان قوية ووطيدة وهذا يدفع لاتهامه باستخدامها لأجل الضغط على السلطة .. انترنت

تزوجت سهى الطويل (57 سنة) من الرئيس الراحل ياسر عرفات في 1990، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة زهوة عام 1995، وتقيم معها حالياً في مالطا، وفور دخول عرفات المستشفى في مرضه الأخير بفرنسا أواخر 2004، اتهمت سهى قادة السلطة بأنهم يريدون دفن عرفات حياً، ما أثار موجة غضب، لاسيما أنها كانت قد تركته وحيداً قبلها في سنوات محاصرته برام الله.

تربط سهى عرفات علاقات وثيقة مع دحلان، فقد أنفق عليها وعلى ابنتها زهوة خلال مرحلتها الدراسية، وما زال يحافظ على التواصل معها، ودأب تياره على الترويج بأن السلطة أهملتها، وهي أرملة عرفات، ولم تجد سواه ليقدم لها الرعاية اللازمة.

مخصصات لم تنقطع

وقال عماد محسن، المتحدث باسم التيار الإصلاحي في حركة فتح الذي يقوده دحلان، لـ"عربي بوست": "السيدة سهى عرفات وابنتها زهوة تحصلان شهرياً على مخصصات من الصندوق القومي الفلسطيني بقيمة 10 آلاف يورو، وليستا بحاجة لأي دعم مالي من دحلان، وإن كان أنفق على زهوة خلال مرحلتها الجامعية، لكنها اليوم تعمل في السلك الدبلوماسي الفلسطيني بالأمم المتحدة، ويتوقع لها أن تشغل مكاناً قد يكون امتداداً لإرث والدها الشهيد عرفات".

ودافع محسن عنها قائلاً: "آخر لقاء جمع سهى عرفات مع دحلان كان عام 2016 في أبوظبي، وما يحدث اليوم من ربط مبالغ فيه بينهما معروفة مقاصده السياسية، لذلك قد تكون الحملة الموجهة ضدها اليوم من السلطة لاستهداف شخصها والإرث الذي تحمله باسم الرئيس عرفات".

وأضاف: "حين رأت إحراق أعلام الإمارات وصور حكامها خشيت أن يتأثر الشعب الفلسطيني سلباً بهذه الأفعال، لذلك دعت لوقفها، وهذا موقف ينسجم مع التيار الإصلاحي تجاه الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي".

لماذا يخشى الرئيس محمود عباس من الأسرار التي بجعبة سهى عرفات ؟؟ .. انترنت

مخاوف من كشف الأسرار

بدا لافتاً أن عودة سهى عرفات من جديد للأضواء تزامناً مع الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، أزعجت السلطة في رام الله من ظهورها مجدداً، ويبدو أن ما تملكه من معلومات أمنية وشخصية عن قياداتها، حساسة جداً بالنسبة للسلطة وتخشى أن تسلمها سهى إلى الإمارات، خلال الحملة الإعلامية التي تشنها ضد السلطة بسبب رفضها الاتفاق مع إسرائيل.

من جهته، استبعد الدكتور عبدالستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح في نابلس، أي دور سياسي للسيدة سهى مستقبلاً في الساحة الفلسطينية، وقال لـ"عربي بوست": "سهى لا تتمتع بصورة إيجابية في الشارع الفلسطيني، كما أن الفلسطينيين يتساءلون لو أن سهى لديها معلومات عن فضائح للسلطة، فلماذا تسترت عليها حتى الآن؟!".

وأضاف: "يعتبر الفلسطينيون أن الإشكال القائم بين سهى عرفات ومن معها، وبين السلطة الفلسطينية وقيادتها، خلاف له أبعاد شخصية وليس له أسباب وطنية، وتمسك دحلان بها يأتي بحثاً عن مصداقية له في الشارع الفلسطيني لذا فهو يتمسك برمزية أرملة عرفات، في حين أن عباس شخصياً لن يقطع شعرة معاوية مع سهى، فهو يعلم ما لديها من أسرار سياسية ومالية تضره جداً، لو كشفت عنها".

تحميل المزيد