أصدر رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، السبت 29 أغسطس/آب 2020، مرسوماً يقضي بإلغاء القانون الاتحادي الصادر عام 1972 والمتعلق بمقاطعة إسرائيل والعقوبات المترتبة عليه، ليسمح بدءاً من اليوم، بعقد اتفاقيات مع هيئات أو أفراد إسرائيليين رسمياً، وذلك ضمن سلسلة خطوات من تطبيع العلاقات بين تل أبيب وأبوظبي، بعيد إعلان الطرفين عن التوصل لاتفاق لتطبيع العلاقات بينهما قبل نحو أسبوعين.
والقانون الاتحادي المتعلق بمقاطعة إسرائيل والعقوبات المترتبة عليه، كان قد أصدره الشيخ الراحل زايد بن آل نهيان قبل 48 عاماً، تزامناً مع قيام الاتحاد الإماراتي عام 1972، وإليكم نبذة عن هذا القانون في هذا التقرير.
تجريم التعامل مع إسرائيل أو مَن يعمل معها
بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 1972، أصدر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قانوناً اتحادياً يحمل رقم 15 لسنة 1972، ينص على تجريم ومنع عقد أي اتفاقٍ مع أي جهة تنتمي إلى "إسرائيل" أو أي تبادلٍ تجاري معها، ويفرض عقوبة تصلُ إلى السجن 10 سنوات وغرامة تصلُ إلى 7000 دينار بحريني، وذلك استجابةً لتوصية جامعة الدول العربية آنذاك، بإلزام الدول الأعضاء باحتواء تشريعاتها على قانونٍ موحّد لمقاطعة إسرائيل، إتماماً للتدابير العربية الجماعية لمواجهة "الخطر الصهيوني الداهم".
ويتكون القانون من 14 مادة تفصل العقوبات التي تلحق بأي جهة أو مؤسسة تتعامل مع إسرائيل، بل وتكافئ من يضبط كل من يخالف هذا القانون، ويقول الشيخ زايد بحسب ما ورد في مقدمة نص القانون: "كانت الإمارات وما تزال حريصة كل الحرص على الوقوف مع الصف العربي باعتبارها جزءاً من الأمة العربية، ومن هنا بادرت من قبل العمل بأحكام دستور دولة الاتحاد إلى استصدار التشريعات الواجبة نحو مقاطعة إسرائيل، ولما كان من آثار قيام دولة الإمارات العربية المتحدة أن أصبحت الشخصية الدولية متركزة في حكومة دولة الاتحاد، وكانت شؤون مقاطعة إسرائيل من الشؤون الخارجية باعتبارها تمثل هدفاً سياسياً قومياً مما يدخل في إطار الشؤون التي ينفرد الاتحاد بالتشريع والتنفيذ فيها طبقاً لأحكام المادة (120) من الدستور المؤقت للدولة".
يضيف: "لقد فرض مشروع القانون على حرية التجارة في دولة الإمارات العربية المتحدة القيود الكفيلة بأحكام المقاطعة وذلك بتحريم التعامل مع الهيئات والأشخاص المقيمين بإسرائيل أو الذين ينتمون إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو مصلحتها وتحريم التعامل في البضائع أو المنتجات والسلع والقراطيس الإسرائيلية وغير ذلك من القيم المنقولة. وقد فرض القانون عقوبة صارمة على كل من يخالف أحكامه وهي السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات مع جواز الحكم بغرامة لا تتجاوز سبعة آلاف دينار بحريني".
أهم بنود القانون الاتحادي لمقاطعة إسرائيل
المادة (1) : يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا، وذلك كان محل الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته. وتعتبر الشركات والمنشآت أياً كانت جنسيتها التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسرائيل في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم طبقاً للفقرة السابقة، حسبما يقرره المشرف على شؤون المقاطعة وفقاً لتوصيات مؤتمر ضباط الاتصال.
المادة (6): يعاقب كل من يخالف أياً من أحكام المواد (1)، (2)، (3) بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز 10 سنوات. ويجوز مع الحكم بالسجن الحكم بغرامة لا تتجاوز سبعة آلاف دينار بحريني، فإذا كان الجاني في إحدى الجرائم السابقة شخصاً اعتبارياً تنفذ العقوبة على مَن ارتكب الجريمة من المنتمين للشخص الاعتباري أو المسؤول عن ارتكابها. وفي جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة، كما يحكم بمصادرة وسائل النقل التي استعملت في ارتكاب الجريمة متى كان أصحابها على علم بذلك.
المادة (10): كل شخص سواء كان من موظفي حكومة الاتحاد أو الإمارات أو من غيرهم يضبط الأشياء موضوع الجرائم المنصوص عليها في القانون أو يسهل ضبطها تصرف له بالطريقة الإدارية مكافأة بنسبة 20% من قيمة الأشياء المحكوم بمصادرتها وفي حالة تعدد مستحقي المكافأة توزع بينهم كل بنسبة جهوده.
المادة (12): يقوم على تنسيق الخطط والتدابير اللازمة لتنفيذ هذا القانون مكتب لمقاطعة إسرائيل يكون له مدير يعين بمرسوم اتحادي ويعتبر ضابطاً للاتصال بالمكتب الرئيسي للمقاطعة. وإلى أن تنشأ العاصمة الدائمة للاتحاد تكون مدينة أبوظبي المقر المؤقت للمكتب وتكون له فروع في كل الإمارات الأعضاء في الاتحاد أو في بعضها. ويكون تنظيم وتحديد اختصاصات الإدارات التي يتكون منها المكتب وفروعه بقرار من وزير الدولة للشؤون المالية والاقتصادية.
المادة (14): على الوزراء كل فيما يخصّه تنفيذ هذا القانون ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. التوقيع: زايد بن سلطان آل نهيان – رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
القانون الجديد الذي ألغى قانون الشيخ زايد
بحسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، يأتي المرسوم بإلغاء قانون 15 لعام 1972، ضمن جهود دولة الإمارات لتوسيع التعاون الدبلوماسي والتجاري مع إسرائيل، كما يدعم المرسوم التعاون المشترك وصولاً إلى علاقات ثنائية بين البلدين.
وسيسمح هذا القانون بعقد اتفاقيات تجارية أو مالية وغيرها مع هيئات أو أفراد إسرائيليين، وكذلك بدخول وتبادل البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها في الدولة والاتجار بها.
ويمكن في أعقاب إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل للأفراد والشركات في الدولة عقد اتفاقيات مع هيئات أو أفراد مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما كانوا، وذلك على الصعيد التجاري أو العمليات المالية أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته.
ومنذ سنوات، يعتبر رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، غائباً تماماً عن المشهد في البلاد، بسبب تدهور حالته الصحية، في حين أن ولي عهده وأخاه غير الشقيق الشيخ محمد بن زايد يقوم فعلياً بإدارة أمور البلاد، واتخاذ قرارات بالنيابة عنه.
وتسارع الإمارات وإسرائيل في تطبيع العلاقات الرسمية بينهما منذ يوم 13 أغسطس/آب 2020، حيث تم الإعلان عن التوصل لـ"معاهدة سلام" بينهما برعاية أمريكية، ومن المفترض أن يتم تسيير أول رحلة طيران تجاري مباشر بين تل أبيب وأبوظبي يوم الإثنين 31 أغسطس/آب 2020. إذ ستقل الطائرة التي ستقلع من مطار بن غوريون، وفداً رسمياً إسرائيلياً وشخصيات أمريكية بينهم جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وكان إعلان اتفاق التطبيع بين تل أبيب وأبوظبي قد جاء تتويجاً لسلسلة طويلة من التعاون والتنسيق والتواصل وتبادل الزيارات بين البلدين، وبذلك تكون الإمارات، الدولة العربية الثالثة التي توقّع اتفاق سلام مع إسرائيل، بعد مصر عام 1979، والأردن 1994.
يُشار إلى أن اتفاق التطبيع قوبل بتنديد فلسطيني واسع من القيادة وفصائل بارزة، مثل "حماس" و"فتح" و"الجهاد الإسلامي"، فيما عدّته القيادة الفلسطينية، عبر بيان، "خيانة من الإمارات للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية".