الإمام والجنرال.. قصة الصراع الخفي بين السيسي وشيخ الأزهر الذي يظهر أحياناً للعلن

عربي بوست
تم النشر: 2020/01/20 الساعة 17:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/20 الساعة 23:33 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع شيخ الأزهر/رويترز

ما سر تجدد الخلافات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب دوماً، من انتصر منهما في معركة قيادة الحياة الروحية المصرية، ولماذا لم يعزل السيسي الطيب، كما فعل مع مسؤولين  آخرين بدا أنهم حريصون على الحفاظ على قدر لو محدود من استقلالهم.

في هذا التقرير يحاول تفكيك المشهد وكشف طلاسم العلاقة بين الجنرال والإمام وأسباب تجدد الخلافات بين السيسي وشيخ الأزهر، من خلال استعراض، أهم محطات هذا الخلاف، ومحاولة الاجابة عن أسئلة ثقيلة من عيار: من انتصر في الخلاف، ولماذا لا يستخدم الجنرال عصاه الغليظة مع الإمام كما فعل مع بعض مخالفيه الكبار؟

محطة الخلاف الأولى والأخطر

كان شيخ الأزهر أحد أبرز المشاركين في الجلسة الشهيرة التي أعدّها قادة الجيش المصري، في 3 يوليو/تموز 2013، عقب مظاهرات 30 يونيو/حزيران، وهي الجلسة التي صدر فيها بيان الانقلاب العسكري على الرئيس الراحل محمد مرسي، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور رئيساً مؤقتاً للبلاد.

لكن بعد بضعة أسابيع كان أول وأشهر خلاف بين الإمام الطيب والجنرال السيسي، الذي كان وزيراً للدفاع آنذاك، والحاكم الفعلي للبلاد.

نشب الخلاف جراء موقف شيخ الأزهر الذي ادان فيه مذبحة رابعة، التي  راح ضحيتها اكثر من الف قتيل من أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي. 

وكان لافتاً حدة خطاب الطيب، الذي لم يساوِ بين الجلّاد والضحية، كما تبرّأ من هذه الدماء وأكد أن الأزهر ليس لديه علم بما حدث، ثم إعلانه الاعتصام إلى أن تزول الغمة.

أسباب موقفه الصارم من مذبحة رابعة

الواقع أن شيخ الأزهر كان مناوئاً للإخوان في ذروة نفوذهم في مصر، بعد  ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

وكان واضحاً أن جزءا من جهوده الإصلاحية، عبر ما عُرف بوثائق الأزهر، إنما كان يهدف إلى منع ما يخشاه من توغّلٍ إخواني أو تيار سياسي آخر للسيطرة على الأزهر.

فما الذي دفع الرجل لاتخاذ هذا الموقف من مذبحة رابعة، الذي يبدو مختلفاً عن مواقف رؤوس الدولة الآخرين، وحتى القوى المعارضة؟.

ما يقف وراء موقف الطيب لا يحتاج إلى بحث معمّق بقدر ما هو واضح في خطابه الخاص بالمذبحة.

فالرجل الذي يعلم قيمة منصبه الديني وقد أزعجه على ما يبدو حُرمة الدماء باعتبارها خطاً أحمرَ في الشريعة الإسلامية، وإذا كان أيّد عزل مرسي حقنا لهذه الدماء فإن هذا نفس موقفه من رابعة.

وعلى عكس ما يظن مؤيدو الرئيس (وقد يكون الرئيس نفسه)، فإن هذا هو المحرك الرئيسي لمواقف شيخ الأزهر التالية وسبب رئيسي لخلافاته مع السيسي.

الاستقلال الناقص الذي يحاول الطيب استكماله

منذ قيام حركة الضباط، التي أطاحت بالملكية المصرية (ثورة يوليو/تموز ،1952)، وحتى قبلها، كان هامش الاستقلالية لشيوخ الأزهر محدوداً في الأغلب.

فطبيعة المؤسسة الدينية في العالم السُّني، ولاسيما مصر مقر الأزهر، كانت تعطي استقلالية محدودة لرجال الدين، وزاد الأمر في ظل الحكم العسكري الذي أنهى استقلال كل مؤسسات المجتمع المدني، وألغى الحياة الحزبية، أي أمَّم الحياة العامة لصالح سيطرة كاملة للدولة.

ورغم ذلك حافظ شيوخ الأزهر على هامش محدود من الحرية، أو الصمت أحياناً الأمر الذي حفظ بعض الاحترام للأزهر، ولا نقول الاستقلال.

ولكن في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك تراجع هذا الهامش جراء دور شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي، الذي رأى كثيرٌ من المتابعين للأزهر، لاسيما من علماء الدين، أنه بالَغ في تبرير تصرفات السلطة، وتقديم الفتاوى الممالئة لها، مثل فتواه بتحليل فوائد البنوك، ولقاءاته مع حاخامات إسرائيليين، وغيرها من التصرفات التي يرى كثيرون أنها أدّت إلى تراجع مكانة الأزهر في نظر العامة، وهو التراجع الذي يُعتقد أن له دوراً في انتشار التطرف والإرهاب، لأن تراجع مرجعية الأزهر أتاح لمرجعيات أخرى أن تنافسه على الجاذبية الشعبية، على رأسهم السلفيون، وحتى السلفية الجهادية.

وعندما جاء أحمد الطيب، من رئاسة جامعة الأزهر وأمانة السياسات بالحزب الوطني إلى مشيخة الأزهر، لم يبد أن هناك شيئاً قد تغير، وقد يكون هذا سبب تعيين الرئيس مبارك له في المنصب، فهو مجرد عالم دين موالٍ للسلطة ( او هكذا بدا في طلته الأولى)، وعزز موقف الطيب الرافض لثورة يناير قبل نجاحها هذا الافتراض.

فضل ثورة يناير على شيخ الأزهر التي عارضها

ثورة يناير نفسها كانت فرصة كبيرة للطيب من وجهين:

الأول: كان انخراط الإسلاميين في العمل السياسي، وخاصة السلفيين، مؤدياً لتراجع تأثيرهم الديني، فقد أصبحوا طرفاً سياسياً يتعرض لهجوم الإعلام، خاصة في ظل التصريحات المرتبكة، وأحياناً المضحكة لبعض القيادات السلفية، وهو الأمر الذي أزال هالة كبيرة كانت مرسومة حولهم من قِبل العوام، وأعطى دفعة لمرجعية الأزهر الدينية، التي التفتَ إليها كثيرٌ من مناوئي الإسلام السياسي، وروَّجوا لها إضافة إلى المتدينيين غير المؤدلجين.

أما الوجه الثاني: فهو استفادة الطيب من مناخ الحريات والحوارات خلال هذه الفترة، لترسيخ استقلالية الأزهر، وهي استقلالية كان يرمي شيخ الأزهر لأن تقف في وجه الإخوان في البداية، ولكن سرعان ما حاول ترسيخها أو على الأقل الإبقاء عليها حتى بعد زوال حكم محمد مرسي وزوال الديمقراطية معه.

سلاح خصص للاستخدام ضد الإخوان تحوَّل إلى السيسي

فالمفارقة أن القدر الحالي من استقلالية الأزهر الذي يفوق كل مؤسسات الدولة ويفوق حتى استقلالية وضع الأزهر في عهد مبارك قد جاء بالأساس من رغبة الطيب والمجلس العسكري الحاكم بعد سقوط مبارك، في مواجهة احتمال تغلغل نفوذ الإخوان في المؤسسة الدينية التي بطبيعة الأمور هم قريبون من فكرها.

ففي كانون الثاني/يناير 2012، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة –الذي كان يتمتع آنذاك بسلطة رئاسية بعد إطاحة حسني مبارك في العام السابق– بصورة مفاجئة قانوناً جديداً، بموجب مرسوم نصّ على إعادة إنشاء هيئة كبار العلماء التي حُلَّت في الستينيات، على أن يكون دورها الإشراف على مؤسسة الأزهر.

وقد قام الطيب، بتعيين الأعضاء الأوائل في الهيئة، وبعدها أصبحت المواقع الشاغرة تُملأ من داخل الهيئة نفسها. كذلك أوكِل إلى هيئة كبار العلماء تعيين الإمام الأكبر ورئيس دار الإفتاء، اللذين كان يُعيّنهما الرئيس المصري في السابق. وبموجب تعديلات 2012، احتفظ الإمام الأكبر بسلطة اختيار رئيس جامعة الأزهر، أو توخّياً للدقة، كان يقوم بإرسال الأسماء التي يختارها إلى الرئيس المصري الذي يمتلك سلطة تعيين شكلية وحسب.

وأتاحت الهيئة، وعلى الرغم من عدم اكتمال عضويتها، للإمام الأكبر أن يحيط نفسه بالحكمة الجماعية للفقهاء المتبحّرين عند الضرورة.

إذن، عندما تسلّم الرئيس عبدالفتاح السيسي منصبه في العام 2014، وجد نفسه يواجه الأسيجة نفسها التي بنيت حول الدين من أجل إبعاد سلفه الإسلامي.

واللافت أن شيخ الأزهر كان حريصاً على الحفاظ على الحد الأدنى من هذه الاستقلالية، حتى بعد أن بدأ نظام الرئيس السيسي في تصفية كل مراكز القوى في الدولة التي كانت حليفة له في المعركة ضد الإخوان مثل القضاء والإعلام.

ولم تقتصر مواقف شيخ الأزهر المناوئة للسيسي على الموقف من مذبحة رابعة، بل سرعان ما توسعت لتضم قضايا دينية اعتبرها شيخ الأزهر خطوطاً حمراء، والأهم، أراد الطيب القول إن استقلالية الأزهر مستمرة بشكل أو بآخر، حتى بعد زوال استقلال كل مؤسسات البلاد.

انتقادات الرئيس العلنية

العلاقة الشخصية بين السيسي والطيب لا تتعلق بالماضي ومذبحة رابعة فحسب. 

فقد وجّه السيسي سهام انتقادات إلى الأزهر عموماً على خلفية ما يعتبره البعض تقصيراً من طَرَفه في تطبيق إصلاحات بنّاءة للمناهج التعليمية.

بل إن السيسي وجّه بعض كلماته إلى الطيب شخصيّاً. 

فقد سبق أن قال السيسي للطيب "تعبتني يا فضيلة الإمام"، وهي كلمات  ظنّ الناس بعدها أن الإمام سيصمت، أو أن الجنرال سيعزله على طريقته، وقد يضعه في غياهب السجون كما فعل مع قائده السابق سامي عنان، رئيس الأركان المصري السابق، ولكن كلمات الرئيس أعادت للأذهان السؤال القديم عن سر تجدد الخلافات بين السيسي وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب دوماً.

في المقابل لم يتوانَ الأخير عن الرد على هذه الانتقادات مراراً وتكراراً، مشدّداً على أن الأزهر يتابع هذه القضية كما ينبغي بطريقته الخاصة، ومُلمحاً ضمنياً أنه لا يحتاج إلى تعليمات من شخصية تفتقر إلى أوراق اعتماد أزهرية، حسب وصف تقرير لمركز كارنيغي.

النزاع حول الطلاق الشفوي

كان النزاع حول ما يُعرف بالطلاق الشفوي أحد المحطات الرئيسية للخلافات بين السيسي وشيخ الأزهر.

واللافت أنه عند اندلاع الخلاف بين الرئيس والإمام حول الطلاق الشفوي ظهرت مطالبات إعلامية باستقالة الطيب، بسبب إصراره على وقوع الطلاق الشفوي، ورفضه مطلب السيسي بعدم اعتبار الطلاق نافذاً إلا في حال توثيقه.

ولا يمكن افتراض أن دعوة عمرو أديب لاستقالة شيخ الأزهر عام 2017 بسبب الطلاق الشفوي مجرد حماسة من الإعلامي المحسوب على الدولة، أو موقف تقدّمي من الرجل الذي سبق أن دافع عن مبارك، ثم عاد وانتقده فور سقوط حكمه.

ورغم الهجمة الإعلامية الكبيرة التي تعرّض لها شيخ الأزهر، وتجديد الرئيس للحديث في الموضوع خلال احتفالية عيد الشرطة، في 25 يناير/كانون الثاني 2017، وضرورة تقنين الطلاق الشفهي "لإعطاء الناس فرصة لمراجعة أنفسهم بدلاً من أن يتم الطلاق بكلمة يقولها الزوج، هكذا في أي لحظة"، على حد تعبير السيسي، فقد أصرّ الشيخ على موقفه. 

ففي مواجهة كلام الجنرال اعتصم الشيخ بمؤسسته وما يوصف بإجماع العلماء، وصدر عن هيئة كبار العلماء بالأزهر بيانٌ، بَدَا فيه الأزهر مُصراً على موقفه، ولكنه في الوقت ذاته أعطى بعض الحقوق للسلطة السياسية في المسألة المثيرة للجدل.

إذ قال البيان إن الأزهر يُصر على وقوع الطلاق الشفهي، إلا أنه يشير في الوقت ذاته إلى حق "ولي الأمر"، أي الحاكم السياسي شرعاً، باتخاذ إجراءات لتوقيع عقوبة على مَن لا يوثّق الطلاق الشفهي.

وأكد بيان الهيئة "وقوع الطلاق الشفهي المستوفي أركانه وشروطه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية، وبالألفاظ الشرعية الدالّة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ… دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق". 

وانتهى البيان إلى أن هذا الرأي هو: "الرأي بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم". 

وردَّت الهيئة على كلام السيسي قائلة إن "ظاهرة شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوج المستخفّ بأمر الطلاق لا يعيبه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه".

محنة التكفير

إحدى المعارك الرئيسية بين الأزهر وشيخه وبين الجنرال ومؤسساته هي قضية تكفير الإرهابيين، وهي قضية لها بُعد خارجي في ظل انتشار آفة الإرهاب في العالم كله.

فعقب المجزرة الإرهابية التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018، في مسجد قرية الروضة في بئر العبد بشمال سيناء المصرية، عادت سهام الأذرع الإعلامية، بما في ذلك ما يُوصف بالكتائب الإلكترونية للأجهزة الأمنية المصرية لتنتقد الأزهر وشيخَه بصورة أشدّ من ذي قبل، لعدم تكفيره "داعش"، رغم إدانته للجريمة، وتأييده لما يقوم به الجيش والشرطة.

وعادت هذه المطالب بتكفير "داعش" تحديدا بعد رفض وكيل الأزهر الشيخ عباس شومان آنذاك لتكفير التنظيم المتطرف.

إذ قال في مداخلة هاتفية في برنامج تلفزيوني: "الأزهر لا يمكنه تكفير مُنفِّذي حادث مسجد الروضة، فالأزهر لا يُصدر أيَّ أحكام، لأن ذلك يفتح أبواباً لا يمكن غلقها".

ومجددا، شنّ عمرو أديب هجوماً شديد اللهجة على الأزهر وشيخه، ودعا إلى مساءلة شيخ الأزهر، واستدعاء البرلمان له وسؤاله عمّا فعل لمواجهة الإرهاب.

وقال: "الأزهر عمل إيه، ووكيل الأزهر بيقول دول ضالين وخلاص وفكرهم فاسد هنعمل لهم إيه؟ إمال إنت هتعمل إيه؟ وفين خطط الأزهر لمواجهة الإرهاب؟ هو إيقاع الأزهر ده هو إيقاع المرحلة".

السُّنة النبوية خط أحمر

كان الموقف من السنة النبوية واحداً من أهم الخلافات بين السيسي وشيخ الأزهر.

طالب الرئيس السيسي بإصلاح الخطاب الديني، ورغم أن السيسي لم يدخل في التفاصيل، ولكن ما فُهم من تصرفات النظام أن لديه موقفاً من السنة النبوية.

قد يكون هذا الموقف لأسباب ليست دينية في الأساس، خاصة أن السيسي في الأصل يقال إنه شخص متدين، ولكن قد يكون للأمر بُعد أمني وسياسي، باعتبار أن كثيراً من المرجعيات الدينية للجماعات المعارضة، سواء معتدلة أو متطرفة نابعة إلى حد ما من تفسيرات للسنة النبوية.

فُهم موقف النظام من هذه القضية من خلال سماحه بتلميع خطاب معادٍ للسنة النبوية وتصرفات مثل العفو عن إسلام البحيري، أشهر منتقدي صحيح البخاري بعد الحكم بالسجن عليه، وأحاديث وزير الأوقاف المقرب للسيسي، المطالبة بتجديد السنة النبوية وفقاً لمتطلبات العصر.  

ولكن رد شيخ الأزهر كان مدوياً. 

فقد وقف الرجل في أحد الاحتفالات بذكرى المولد النبوي موجهاً نقداً شديداً للمنكرين للسنة النبوية، بينما يجلس الرئيس وحاشيته مضطرين لسماع هذا الكلام كالتلاميذ المشاغبين في حضرة شيخهم.

وكان نقد الطيب لمنكري السنة النبوية الذي استمر أكثر من عشر دقائق لاذعاً وربط بينهم وبين الاستعمار.

إذ قال إن الدعوة لتهميش وإنكار السنة النبوية، والاعتماد على أخذ الدين من القرآن فقط بدأت في الهند في القرن التاسع عشر، من قِبل عدد من المفكرين المرتبطين بالاستعمار، ومنهم من ادّعى النبوة.

وحذَّر من أن هذه الدعوة تعني ضياع ثلاثة أرباع الدين، لأن سلخ القرآن عن السنة يضعه في مهبّ الريح، ويفتح الباب للعبث بآياته وأحكامه وتشريعاته.

وضرب لذلك مثلاً بالصلاة، التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام.

 وأشار إلى أنه من المعلوم أن الصلاة ثابتة بالقرآن، ولكن لا توجد آية واحدة في طول القرآن وعرضه يتبيّن منها المسلم كيف يصلي. فهذه التفاصيل لا يمكن معرفتها إلا من السنة النبوية، التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام.

ثم تطرّق شيخ الأزهر للعلاقة بين منكري السنة وبين الجهاد، وهي مسألة حساسة للسيسي والأجهزة الأمنية.

إذ قال: "وفي هذا الاتجاه سار كثير من المقربين للاستعمار في الهند، فأنكروا آيات الجهاد، وأفتوا بحرمة محاربة الاحتلال، وأنكروا كل ما تنكره الثقافة الغربية ولو كان ديناً، وأثبتوا ما تُثبته هذه الثقافة حتى لو جاء صادماً للإسلام وإجماع المسلمين".

قوبل حديث شيخ الأزهر بتصفيق الحضور، وتأييد شعبي واسع النطاق. 

لكن السيسي لم يسكت.

فأثناء إلقاء الرئيس لكلمته، أضاف تعليقات مرتجَلة إلى النص المُعَدّ مسبقاً، حسب تقرير لمركز كارنيغي، مؤنِّباً الطيب بصورة غير مباشرة إنما بكلام واضح لالبس فيه. 

لم يُشكّك الرئيس في صحة الحديث (فهذا جسرٌ لم يكترث السيسي لعبوره)، لكنه اعتبر أنه لا أهمية للمشكلة، منبّهاً إلى أن التهديد الحقيقي لا يتأتى من التشكيك بالحديث بل من التفسيرات المشوَّهة للدين. 

فقد قال السيسي: "الإشكالية في عالمنا الإسلامي حالياً ليست في اتباع السنّة النبوية من عدمها، لكن المشكلة هي القراءة المخطئة لأصول ديننا"، قبل أن يسأل: "مَن أساء إلى الإسلام أكثر: الدعوة إلى ترك السنّة النبوية أم الفهم المخطئ؟".

الإقالة أم العُزلة.. كيف نجا شيخ الأزهر من التعديلات الدستورية؟

ترددت أنباء مرات عدة عن احتمال عزل شيخ الأزهر، أو إجراء تعديل دستوري مثل الذي اقترح في بداية 2019 ولا يبقيه مدى الحياة في منصبه، على غرار كل مناصب الدولة (رغم أن العرف في معظم المناصب الدينية في العالم أن تكون بنوع من الانتخاب أو الاختيار، مع البقاء مدى الحياة، مثل الفاتيكان والكنيسة القبطية والمرجعيات الشيعية).

وقبيل التعديلات الدستورية الأخيرة التي مررت عبر استفتاء في أبريل/نيسان 2019، ومدّدت ولاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قدّم النائب محمد أبو حامد اقتراحاً في هذا الإطار. 

ولكن اللافت أنه سرعان ما تم نفي احتمال أن تتضمن التعديلات الدستورية إمكانية عزل شيخ الأزهر، أو إلغاء تحصين المنصب، وأن يكون منصبه لفترة محدودة.

وبدا هذا مجرد إنذار من الجنرال للشيخ.

ونقل موقع "مدى مصر" عن مصادر قريبة من مشيخة الأزهر إن وساطة مشتركة قام بها وزير خارجية الإمارات، عبدالله بن زايد، والرئيس المؤقت سابقاً عدلي منصور، أدت إلى إلغاء إدراج الأزهر في التعديلات الدستورية التي أجيزت في فبراير/شباط 2019.

إذ تم تم التوافق على خطوات متوازية بين كل من السلطة التنفيذية ومشيخة الأزهر، لحذف مادة كانت قد اقترحت في التعديلات الدستورية، التي نظرها البرلمان، كان من شأنها أن تُنهي استقلال الأزهر بالعودة إلى وضع سلطة اختيار شيخه الأكبر في يد رئاسة الجمهورية، كما كان الحال قبل 2012، وإنهاء اختياره بالانتخاب من قبل هيئة كبار علماء الأزهر.

وقبل ذلك كان النائب محمد أبو حامد المحسوب على الأجهزة الأمنية قد طرح في عام 2017، مشروع قانون يحدد مدة ولاية شيخ الأزهر ويمكن من محاسبته، كما يقترح المشروع فصل الكليات غير الدينية عن الأزهر إضافة إلى جعل هناك دور للدولة في إدارته عبر ممثلين لوزارات وشخصيات عامة، ولكن سرعان ما تم التراجع عن المقترح بل تبرأ منه بعض مؤيديه في البرلمان.

ولكن العقوبة الحقيقية لشيخ الأزهر لم تكن العزل، بل محاولة فرض العُزلة عليه.

بدأ ذلك من خلال إقالة كبار مساعديه وأبرزهم عباس شومان. 

فقد قاوم الطيب خطة السيسي وأجهزته الأمنية للسيطرة على الأزهر بمساعدة رجاله المخلصين، وعلى رأسهم وكيل الأزهر السابق الدكتور عباس شومان، والمستشار القانوني للمشيخة السابق محمد عبدالسلام، لكن مقاومته لم تستمر طويلاً، إذ نجحت الأجهزة الأمنية في إقناع السيسي بعدم التجديد لشومان في منصبه، كما تم الضغط على الطيب لعدم التجديد لعبد السلام، وبذلك فقد الشيخ قطبين مهمين كان يعتمد عليهما في المشيخة.

ويقال كما سبقت الإشارة إلى أن الطيب قِبل بإقالة الرجلين ضمن الصفقة التي تمت بوساطة إماراتية أدت إلى تخلي الرئيس عن فكرة إلغاء استقلال الأزهر، التي كانت ستُدرج بالتعديلات الدستورية.

ولكن الأسلوب الثاني للعقاب كان فرض العزلة الإعلامية، ووصل الأمر إلى أن شيخ الأزهر شكا من الاضطهاد الإعلامي وهذه العزلة الإعلامية، قائلاً إن القنوات ترفض ظهور علمائنا للرد على مهاجمي الأزهر.

يأتي ذلك في وقت يقوم الإعلام بعملية تلميع واسعة النطاق للدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، الذي يقال إنه مقرب من السيسي، وإنه مكلف بملف الإصلاح الديني وفقاً لرؤية الرئيس.

لماذا يتعامل السيسي هكذا مع شيخ الأزهر؟ خلاف على قيادة أخلاق المجتمع

على الرغم من أن السيسي والطيب حريصان دوماً على إبداء الاحترام لبعضهما البعض – حتى الانتقادات العلنية الصادرة عنهما دائماً ما تكون مصحوبةً بابتسامة – إلا أن مقاربة الأزهر الحذرة للإصلاح الديني وتمسّكه باستقلالية المؤسسة، يتنافيان مع جهود السيسي المحلية والدولية الرامية إلى تنصيب نفسه نموذجاً للاعتدال ورأس الحربة في استئصال الإرهاب.

ففي الخلاف حول ضرورة توثيق الطلاق لكي يكون نافذاً كما يريد السيسي، الطريقة، نصّب الرئيس نفسه مدافعاً عن الأسرة المصرية ونصير حقوق المرأة المصرية في آن واحد، حسب تقرير لموقع كارنيغي.

الخلاف بين السيسي والطيب دينيٌّ وسياسي على السواء، يتمحور حول القيادة والأدوار النسبية لكل من السلطات المدنية التي تقود المنظومة السياسية، والعلماء الدينيين المدرَّبين على تفسير النصوص. 

لا يخوض الرئيس والإمام الأكبر حرب مناورات دراماتيكية، بل حرباً طاحنة في المواقف من الإشراف على الخطب الدينية في المساجد، إلى إصدار الفتاوى، وإصلاح المنهاج المستخدَم في تدريب الأئمة.

الخلاف ليس فقط لأن الأزهر مازال المؤسسة الوحيدة التي تحتفظ ببعض الاستقلال في دولة أحكم الأمن قبضته على كل شيء، ولكنه خلاف بين رجل دين يعتبر نفسه أميناً على أعرق مؤسسة إسلامية في زمان محنة وبين رجل سياسة  يعتبر نفسه فيلسوفاً مؤهلاً ليوجه المجتمع أخلاقياً وسلوكياً ودينياً.

السيسي حاكم متدين وفقاً لأغلب المعلومات المتوفرة عنه، ولكن أكبر خصومه هو الإسلام السياسي الذي انقلب عليه السيسي بعدما تقارب مع الإخوان بناء على هذه الخلفية الدينية على الأرجح.

وبالتالي هو يريد الدخول مع هذا الإسلام السياسي في منافسة لإعادة تفسير التراث الديني، وهو أمر يقف الطيب حائلاً ولو جزئياً أمام تحقيقه، علماً بأن مواقف الطيب الرافضة لهيمنة السلطة على المجال الديني لا تأتي من تعاطف محتمل مع الإسلام السياسي، الذي كان الطيب خصمه في ذروة قوته.

ما وراء الخلافات بين السيسي وشيخ الأزهر.. سر تصلب الإمام

"شيخ الأزهر ليس معارضاً، بل هو ينتمي لأسرة صعيدية كبيرة كانت وثيقة الصلة بالسلطة كأغلب عائلات الصعيد الكبرى".

بهذه الكلمات يفسر مصدر سبق له العمل مع شيخ الأزهر سبب الخلافات بين السيسي وشيخ الأزهر.

يؤكد المصدر لـ"عربي بوست" أن الطيب ليس معارضاً على الإطلاق، ولكنه يعرف قيمة المنصب الكبير، ويعتبره اختباراً له.

فهو يحترم رئيس الجمهورية وصلاحيته السياسية، ولكنه يريد أن يحترم السيسي نطاق صلاحيات الأزهر في الوقت ذاته، أي مجال العمل الديني.

شيخ الأزهر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون/رويترز

ويقول مثقف ليبرالي مصري، لـ"عربي بوست" تعليقاً على هذا المأزق، كثير من أفكار شيخ الأزهر محافظة أكثر مما ينبغي، بل أكثر محافظة من بعض المفكرين الإسلاميين القريبين من جماعة الإخوان المسلمين، مثل الشيخ يوسف القرضاوي".

ويضيف هذا المثقف لـ"عربي بوست" : قد أكون أنا شخصياً أميل لرأي السيسي في مسألة توثيق الطلاق.

ولكن المشكلة أن أي مثقف عاقل، سواء كان ليبرالياً أو يسارياً أو إسلامياً يرفض فكرة أن تملي السلطة على المؤسسة الدينية فتواها، حسب ما يقول هذا المثقف. 

وتابع : نحن نرفض الحكم الديني أو أن يكون الأزهر وصياً على المجتمع، وكذلك أن تكون الدولة وصية على الأزهر.

ويعلق المصدر الذي سبق  له العمل مع الطيب قائلاً: بالفعل قد تكون المفارقة أن الطيب الذي نال الدكتوراه من فرنسا، من مدرسة غير مجددة دينياً، ولكن هذا التحفظ مطلوب في هذا التوقيت، لأن المؤسسة تتعرض لهجمة دينية تريد منها إصلاح "تفصيل"، وهو إصلاح ليس هدفه فقط محاربة التطرف، بل وأد بذور الديمقراطية وفكرة مكافحة الظلم في الفكر الإسلامي، الأخطر أن انصياع الأزهر  لهذه المطالبات من شأنه إضعاف مرجعيته لصالح مرجعيات أخرى بعضها قد يكون متطرفاً.

ويضيف المصدر "لكن ما حدث أن صمود شيخ الأزهر بدبلوماسية أمام ضغوط الجنرال زاد من شعبيته، وهذا أمر لا يجب أن يزعج السيسي، لأن الطيب لا ينافسه على الزعامة، بل على العكس، فإن تزايد شعبية شيخ الأزهر يخصم من شعبية الشيوخ المتطرفين".

لماذا لا يقيل السيسي شيخ الأزهر؟ 

بالنظر إلى أن المحاذير القانونية والدستورية، وحتى المعنوية لم تقف يوماً حائلاً أمام الرئيس السيسي في تنفيذ أي رؤية أو رغبة له، يبدو مشروعاً التساؤل: لماذا لم يُقل السيسي الطيب بطريقة ما، أو يُجبره على الاستقالة، أو يعدل الدستور كما لوّح بما يسمح بعزله أو تحديد مدة توليه للمنصب؟

من الصعب معرفة ما يدور في عقل الرئيس المصري، الذي عاتب شيخ الأزهر علناً، ولكن الملاحظ أن الشيخ في النهاية يعرف حدوده مع الجنرال، كما أن الجنرال يعرف قامة الشيخ.

فالرجل لم يعد فقط شخصية ذات شعبية في الداخل الأزهري والمصري، ولكنه نجح في استعادة رونق المنصب إسلامياً وعربياً ودولياً.

فالعالَمان العربي والإسلامي الباحثان عن زعامة دينية وجدا في اعتدال الرجل المتحفظ قامة تذكّرهم بصورتهم المتخيلة عن الأزهر، زعامة جزئية بعيدة عن الحركية الإسلامية المثيرة للجدل، أو المرفوضة حالياً بدول الخليج، وعن السلفية المتهمة بالتطرف.

ويبدو هذا واضحاً في الاحتفاء الإماراتي الكبير بالطيب، خاصة في ضوء جذور الشيخ الصوفية التي تتلاقى مع توجهات الإمارات، لإعلاء الصوفية في مواجهة الإخوان والسلفيين.

ولذا تربط الإمام علاقة وثيقة مع الإمارات، خاصة مع إمارة الشارقة، ويعتقد أن لهذه العلاقة دور في تخفيف الخلافات بين السيسي وشيخ الأزهر، كما سبق الإشارة.

ولكن الأهم أن المؤسسات الدولية التي تعلم أن جزءاً من عملية محاربة التطرف الإسلامي الذي اكتوى العالم بناره يكمن في وجود مرجعية سنية قوية تتعامل معها كند ونظير.

وفي هذا السياق، يقول المصدر الذي سبق له العمل مع الطيب: عندما جاء بابا الفاتيكان فرانسيس لمصر، واحتفت به الرئاسة، اكتشفت أن الحَبر الكاثوليكي ذا التوجهات الإصلاحية جاء في الأساس لزيارة نظيره السني شيخ الأزهر.

ويستدرك المصدر قائلاً "ولكن أهم ما  يميز شيخ الأزهر أنه في انفتاحه العربي والإسلامي والعالمي يتعامل بخلطة من التواضع والندية، كشريك وليس مجاملاً"، وهذا يزيد من سحر الرجل في الخارج، خاصة أن قدرته على الرد الصارم والدبلوماسي في الوقت ذاته التي أثبتها الشيخ مع الجنرال، تظهر أيضاً في كثير من مواقفه الخارجية، سواء بانتقاده الصريح لدعوة الرئيس التونسي السابق الباجي قايد السبسي للمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، أو في موقفه اللافت في دفاعه عن الإيغور، المتباين تماماً مع الموقف المصري الصامت عن القمع الصيني، وكذلك في ضغطه على السلطات المصرية لعدم تسليم الطلاب الإيغور لبكين.

كما تظهر استقلالية الشيخ حتى أمام أصدقائه الإماراتيين في تبرئه من نتائج مؤتمر غروزني عاصمة الشيشان، الذي نظمته الإمارات وروسيا عام 2016، وأعلن فيه أن السلفيين والإخوان لا ينتمون لأهل السنة والجماعة.

كما أن حرص الرجل على تطوير الأزهر من الداخل والاستفادة من علاقاته الخارجية لتحقيق ذلك على البعثات على سبيل المثال تعوّض تحفظ الرجل في مجال الإصلاح الديني، كما يقول المصدر.

وهي كلها أمور ترفع نجم الشيخ في الخارج كرجل دين مستقل يمكن أن تختلف معه، ولكن لا يسعك إلا أن تحترمه في وقت يحاصره الإعلام الوطني في داخل بلاده.

كما يتمتع الرجل بتأييد واسع النطاق في الداخل من خريجي وأعضاء هيئة التدريس والطلاب بالأزهر، وله شعبية بين المواطنين المصريين خاصة في الصعيد.

ويرى تقرير لمركز كارنيغي إن ملايين الخرّيجين من مؤسسات الأزهر التعليمية، وأعضاء الجمعيات الصوفية والقبائل المرتبطة بالإمام الأكبر في جنوب مصر، والرأي العام المتديّن المستاء من العنف الذي لجأ إليه النظام في العام 2013، سوف يرصّون صفوفهم ليس بدافع تحدّي النظام إنما للدفاع عن الطيب ومكانته.

ولكن لا تجب المبالغة في تقييم قدرة هؤلاء المؤيدين على حماية شيخ الأزهر، فقد أثبت النظام قدرته على سحق أي معارضة، ولكن هذه الشعبية التي يحظى بها الطيب في الداخل والخارج تجعل التكلفة المعنوية لإقصائه كبيرة على النظام، ولذلك يبدو أن السيسي يفضل أن يخوض معه معركة بالنقاط عكس معاركه الصفرية مع حلفائه السابقين.

والحصار الإعلامي وإقصاء المقربين للطيب مع محاولة استخدام قنوات بديلة للأزهر للسيطرة على المجال الديني تبدو الوسائل المفضلة للسيسي حتى الآن.

قد يبدو أن السيسي الذي فرض حصاراً إعلامياً على أحمد الطيب وعزل أبرز مستشاريه قد انتصر على شيخ الأزهر، ولكن الواقع أن الطيب لا يبحث عن معركة مع الرئيس ولا يريد أن يكون معارضاً، بل إن معركته هي الحفاظ أن يكون الأزهر مستقلاً ولو جزئيا، ، في زمن ذاب تماما استقلال كل المؤسسات المصرية وهي معركة لم يهزم فيها شيخ الأزهر حتى لو تراجع قليلاً.

لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

توافق « عربي بوست » أحياناً على عدم التعريف بأسماء مصادر تقدم معلومات حساسة لقرائنا. وبموجب إرشادات الموقع، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر وذات مصداقية، وأننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.

ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، وبعضهم يتساءلون ما إذا كانت هذه المصادر موجودة أصلاً. لكن لدينا قواعد وإجراءات لمحاولة معالجة هذه المخاوف.

فبالإضافة إلى المراسل، يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر. ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم أو من ينوب عنه قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. وعندما تكون القصة مبنية على معلومة مركزية من مصدر مجهول، فيجب الموافقة عليها بشكل عام من قبل رئيس التحرير.

نحن نتفهم حذر القراء، ولكن لا يمكن أبداً الحصول على المعلومات حول العديد من القصص المهمة في مجالات حساسة، مثل السياسة والأمن القومي والأعمال، إذا استبعدنا المصادر غير المعرّفة. فالمصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية. حتى في بعض الأحيان من أجل سلامتها.

يعتقد بعض القراء أن المصادر تكون أكثر صدقاً إذا تم نشر أسمائها، ومن غير المرجح أن يكذبوا إذا تم الكشف عن هويتهم. إلا أن المراسلين في العديد من المناطق يعرفون أن العكس هو الصحيح. فالمصادر في المناصب الحساسة غالباً ما سيتحدثون ببساطة بحسب التوجهات الرسمية. وسيكونون صريحين فقط إذا كانوا يعرفون أن أسماءهم لن يتم الكشف عنها.

 

تحميل المزيد