هندسة القتل في الفاشر.. أدلةٌ تُظهر كيف مثّلت مجازر “الدعم السريع” نمطاً ممنهجاً من العنف بدأته قبل 22 عاماً

عربي بوست
تم النشر: 2025/11/06 الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/11/06 الساعة 12:32 بتوقيت غرينتش
قوات الدعم السريع نفذت عمليات قتل جماعية في الفاشر غرب السودان - عربي بوست

تحوّلت مدينة الفاشر في غرب السودان إلى مسرح جريمة مفتوح، بمجرد أن دخلتها قوات "الدعم السريع" يوم 26 أكتوبر 2025، بعد حصارٍ استمر 500 يوماً. وخلال وقتٍ قصير، صدمت المشاهد القادمة من المدينة العالم، لما وثقته من عمليات قتل جماعي، وتعذيب، وإهانة للضحايا، في مشهدٍ لم يكن استثناءً، بل امتدادًا لنهجٍ راسخٍ ومتكررٍ من العنف تتبعه هذه القوات منذ نشأتها.

تظهر المعلومات المتوفرة في المصادر المفتوحة، بما فيها صور أقمار صناعية، وفيديوهات وصور منتشرة على شبكات التواصل، وتقارير منظمات حقوقية دولية، أن ما فعلته قوات "الدعم السريع" في الفاشر ليس نتاج تصرفاتٍ محصورة بعددٍ من الأشخاص.

إذ سعى قادة قوات "الدعم السريع" إلى اختزال المسؤولية عن عمليات القتل في الفاشر بعددٍ محدودٍ من المقاتلين، أبرزهم عبد الله إدريس، المعروف باسم "أبو لولو"، الذي وثق بنفسه عمليات إعدامٍ ميدانية ارتكبها بدمٍ بارد ضد مدنيين عزّل.

وقالت "الدعم السريع" إنها اعتقلته، في محاولة لتصوير ما حدث على أنه تصرفات فردية لا تمثل نهجها، رغم أن الأدلة الموثقة تُظهر أن الانتهاكات في الفاشر كانت واسعة ومنسقة وممنهجة، وتعود جذور نمطها الثابت إلى مطلع الألفية عندما كانت قوات "الدعم السريع" تُعرف بميليشيات "الجنجويد"، مروراً بأحداث الخرطوم 2019، وصولاً إلى ما حدث في الفاشر 2025.

مجازر الدعم السريع الفاشر

يقود "الدعم السريع" بشكلٍ رئيسي محمد حمدان دقلو، الملقب بـ"حميدتي"، والذي تُشير تقارير وبيانات موثقة إلى أنه يتلقى دعماً عسكرياً ولوجستياً كبيراً من الإمارات، وإلى جانبه شقيقه عبد الرحيم دقلو، الذي يتولى منصب نائب القائد، وقد وُثقت تحركاته في عدة مواقع داخل الفاشر قبيل حدوث المجزرة.

ويُظهر تتبع طبيعة الانتهاكات التي ترتكبها قوات "الدعم السريع"، منذ البدايات الأولى لنشأتها قبل 22 عاماً، أنها تتخذ نمطاً ثابتاً من العنف، يتلخص بشكلٍ رئيسي في:

القتل الجماعي، والحرق والتدمير، والتهجير القسري، والتعذيب، والاغتصاب، والعنف الجنسي.

القتل الجماعي

تتصدر عمليات القتل الجماعي سجلّ الانتهاكات التي تنفذها قوات "الدعم السريع"، باعتبارها السمة الأكثر تكرارًا وثباتًا في تحركاتها الميدانية، منذ اندلاع نزاع دارفور عام 2003، عندما كانت تُعرف باسم "الجنجويد"، وصولًا إلى أحداث الفاشر في أكتوبر 2025.

فور اقتحامها للمدينة، بدأ مقاتلو "الدعم السريع" بتوثيق جرائمهم بأنفسهم؛ عشرات المقاطع المصورة نُشرت على حساباتٍ مرتبطة بالعناصر، تُظهر عملياتٍ متكررةٍ لقتلٍ جماعيّ للمدنيين، الذين ظهر العديد منهم وهم مصطفّون بجانب بعضهم، ثم ينفذ عناصر يرتدون شارات قوات "الدعم السريع" عمليات إعدامٍ جماعية بحقهم.

تشير تقديرات إلى مقتل 2000 شخص في الفاشر خلال دخول "الدعم السريع" إلى المدينة، وباتت رؤية الجثامين المتكدسة على جوانب الطريق وداخل الأحياء مشهداً متكرراً، بحسب ما أظهرته أدلة بصرية نُشرت على شبكات التواصل، في الوقت الذي تمنع فيه "الدعم السريع" دخول وسائل الإعلام إلى المدينة.

ساهمت صور الأقمار الصناعية أيضاً في الكشف عن عمليات قتل جماعية لحقت بالمدنيين في الفاشر، إذ نشر مختبر الأبحاث الإنسانية في كلية "ييل" الأمريكية صور أقمار صناعية تُظهر أدلة على حدوث عمليات القتل الجماعي بعد دخول "الدعم السريع" إلى الفاشر.

تكشف الصور وجود ما لا يقل عن 31 تجمعاً لأجسامٍ مكدّسة، تتطابق في حجمها وشكلها مع احتمالية كونها جثثاً بشرية. وقد التُقطت هذه الصور بين 26 و28 أكتوبر، وهي الفترة التي شهدت ذروة أعمال العنف.

مثلاً، تُظهر صور أقمار صناعية التُقطت لجامعة الفاشر وجود تجمعات من الأجسام يتراوح طولها بين 1.2 و1.8 متر، يوم 28 أكتوبر 2025، ولم تكن هذه الأجسام مرئية يوم 26 أكتوبر، وتزامن ظهور الأجسام مع تقارير عن حدوث عمليات قتل جماعي لمدنيين داخل مجمّع كلية علوم المختبرات الطبية، وفقاً لكلية "ييل".

جامعة الفاشر الدعم السريع
ظهور أجسام متكدسة يُعتقد أنها جثامين لأشخاص عند جامعة الفاشر – كلية ييل

تكرّر المشهد أيضاً في مستشفى الأطفال السابق في مدينة الفاشر، إذ تُظهر صور الأقمار الصناعية ازدياداً في ما تعتقد كلية "ييل" أنها أجسام متوافقة مع أجسام البشر، وتزايدت أعداد الأجسام التي تُشير إلى تعرّضها لقتل جماعي، عند مقارنة الصور بين يومي 26 و28 أكتوبر.

تُظهر 3 صور من الأقمار الصناعية لموقع مستشفى الأطفال السابق في الفاشر، خلال الأيام من 26 حتى 28 أكتوبر 2025، أنه في يوم 27 أكتوبر، ظهرت تجمّعات من أجسام داكنة اللون يُرجَّح أنها لأشخاص، وتشكّل طابوراً طويلاً خارج مستشفى الأطفال، ويمتد من مبنى المستشفى حتى بوابة المجمع.

الدعم السريع مجزرة الفاشر
صور أقمار صناعية لمستشفى الأطفال السابق في الفاشر، تظهر أجساماً تتطابق أشكال أجسام بشرية – كلية ييل

مشاهد القتل الجماعية التي حدثت في الفاشر، كانت قد تكررت عام 2023 في مدينة الجنينة غرب دارفور، حيث ذكرت تقارير الأمم المتحدة أن ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص قُتلوا في الجنينة وحدها، نتيجة أعمال العنف التي نفذتها قوات "الدعم السريع" والميليشيات العربية المتحالفة معها.

أظهرت فيديوهات وصور من أحداث الجنينة جثثاً مُلقاة في الشوارع، قتلتها قوات "الدعم السريع"، في مشهدٍ مشابهٍ للفيديوهات التي شاهدها العالم من الفاشر. وكان من أبرز تلك الانتهاكات مجزرة وقعت في منطقة أرداماتا، حيث أُعدم عدد من الرجال العزّل، وتُركوا في الشوارع.

ومنذ انخراط ميليشيا "الجنجويد" في الصراع المسلّح إلى جانب الجيش السوداني في دارفور عام 2003، كان القتل الجماعي جزءًا جوهريًا من تكتيكاتها. ولم تكن الهجمات تُوجَّه ضد مقاتلين أو أهداف عسكرية، بل ضد القرى والمجتمعات المحلية، حيث كانت تُنفَّذ عمليات تصفية جماعية شملت رجالاً ونساءً وأطفالاً، بهدف إفراغ المناطق من سكانها الأصليين، وفرض واقع ديموغرافي جديد.

وتُظهر تقارير الأمم المتحدة السابقة حول هجمات "الجنجويد" على دارفور بعد تمرد 2003، أن مئات القرى تم تدميرها في الهجمات التي شنّها الجيش و"الجنجويد"، وكان الهجوم يبدأ بالطيران الذي ينفّذه الجيش، ثم يتبعه هجوم بري من "الجنجويد" على ظهور الخيول والجِمال.

الحرق والتدمير

لم تكن النيران التي اشتعلت في شوارع وأحياء الفاشر خلال أكتوبر 2025 حدثًا عابرًا أو نتيجةً عرضيةً للمعارك، بل كانت امتدادًا لنمطٍ متكرّرٍ من الحرق المنهجي والتدمير المتعمّد، تمارسه قوات "الدعم السريع" منذ نشأتها الأولى.

من دارفور 2003، إلى الخرطوم 2019، مرورًا بالجنينة 2023، ووصولًا إلى الفاشر 2025، تُثبت الشواهد الميدانية والتوثيقات البصرية أن الحرق يُستخدم كسلاحٍ عقابيٍّ جماعي، يستهدف المنازل، والأسواق، والمرافق العامة، وحتى مخيمات النزوح، بهدف تفريغ الأرض، ونزع أي قدرةٍ للسكان على العودة أو المقاومة.

عقب دخول "الدعم السريع" إلى مدينة الفاشر، انتشرت مقاطع مصوّرة تُظهر مشاهد صادمة: مقاتلون بزي "الدعم السريع" يقفون بجوار سياراتٍ محترقة، وجثامين مدنيين ممدّدة على الأرض، بينما يتجول المسلحون في محيطهم بلا أي محاولة لإخفاء آثار الجريمة.

تحليل موقع أحد هذه المقاطع، عبر أدوات التحقّق الجغرافي وصور الأقمار الصناعية التي نشرتها كلية "ييل" الأميركية، أظهر أن الحادثة وقعت عند الساتر الترابي الشمالي للفاشر.

مجازر الدعم السريع الفاشر
موقع حدوث عمليات القتل عند ساتر ترابي في الفاشر – كلية ييل – عربي بوست

ويُعيد هذا المشهد إلى الأذهان ما حدث في مدينة الجنينة عام 2023، حين أضرمت قوات "الدعم السريع" النار في مبانٍ داخل تجمّعات نازحين، وفق توثيقاتٍ حقوقيةٍ وشهاداتِ ناجين، وما أظهرته أيضاً صور الأقمار الصناعية.

مجازر الدعم السريع الفاشر
إحراق تجمعات النازحين في الجنينة عام 2023 – كلية ييل

لكن جذور هذه الأفعال تعود إلى أبعد من ذلك. ففي ذروة النزاع في دارفور عام 2003، كانت ميليشيات "الجنجويد" تعتمد سياسة الأرض المحروقة كأداةٍ رئيسيةٍ في هجماتها. قُرىً بأكملها أُحرقت، بما في ذلك مساجدُ وأكواخٌ تؤوي مدنيين، ورافق ذلك عملياتُ نهبٍ وترويعٍ هدفت إلى تفريغ المناطق من سكانها الأصليين.

التهجير القسري

في كل مرة تتقدّم فيها قوات "الدعم السريع" على الأرض، يسبقها نزوحٌ جماعي، ولا يعود ذلك فقط إلى الخوف من عنف المواجهات، بل إلى استراتيجيةٍ متكرّرةٍ من التهجير القسري تفرضها "الدعم السريع"، بهدف إفراغ المناطق من سكانها الأصليين.

تشير تقديراتٌ محليةٌ ودوليةٌ إلى أن ما لا يقل عن 470,000 شخص فرّوا من مدينة الفاشر والمناطق المحيطة بها، منذ بدء الحصار الذي فرضته "الدعم السريع" في مايو/ أيار 2024. وسبق المجزرة الأخيرة في الفاشر حدوثُ عمليةِ تهجيرٍ جماعي، إذ فرّ أكثر من 36 ألف شخص من المدينة في أواخر أكتوبر 2025، مع اقتراب القوات من المدينة.

لم تكتفِ "الدعم السريع" بتهجير الناس، بل إنّ شهاداتِ مدنيين في الفاشر كانت تُشير إلى أن العديد من المدنيين كانوا يُقتلون على الطرقات، لا سيما أن "الدعم السريع" حفرت سواترَ رمليةً أو خنادقَ رمليةً لحصار المدينة.

مجازر الدعم السريع الفاشر
موقع الستار الرملي الذي حاصرت به قوات الدعم السريع مدينة الفاشر قبل اقتحامها والسيطرة عليها – عربي بوست

في عام 2023 تكرر المشهد أيضاً في العمليات التي شنتها الدعم السريع على مجتمعات المساليت غرب دارفور، وتسببت العمليات في تهجير مئات الآلاف من الناجين إلى المنفى. إذ فر ما لا يقل عن 570 ألف شخص معظمهم من المساليت – إلى تشاد هربًا من هجمات الدعم السريع.

وبالعودة لعام 2004 كانت الدعم السريع تتصرف بذات الطريقة، ففي ذروة الإبادة الجماعية في دارفور، ورد في مراسلات من زعيم الجنجويد آنذاك موسى هلال دعوة صريحة إلى "تغيير التركيبة السكانية في دارفور وتفريغها من القبائل الإفريقية".

التعذيب وإهانة الضحايا

تُظهر حوادثٌ عديدة مستوى عالياً من القسوة المتعمّدة، التي تمارسها قوات "الدعم السريع" خلال مشاركتها في المواجهات، وتستهدف بهذا العنف المدنيين، إذ تترافق عملياتها العسكرية مع التعذيب والمعاملة المهينة، وقد وثّق عناصر من "الدعم السريع" بأنفسهم حدوث مثل هذه الانتهاكات عقب دخولهم إلى الفاشر.

أظهرت العديد من الفيديوهات عملياتِ إهانةٍ واضحةٍ للأسرى العُزّل، بينها فيديو يظهر فيه معتقلون أُجبروا على تمجيد "أبو لولو" – الملقّب بجزّار الفاشر – والهتاف له، لكن ذلك لم يشفع لهم، إذ قتلهم "أبو لولو" بدمٍ بارد.

تُبيّن فيديوهاتٌ وتوثيقاتٌ أخرى إهانةً حتى لجثامين موتى قتلتهم قوات "الدعم السريع"، فمثلاً، يصوّر مقاتلون من "الدعم السريع" أنفسهم فوق جثمانِ سيدةٍ عزلاء، وكانوا يوجّهون لها كلاماً مهيناً.

تُظهر المشاهد القادمة من الفاشر أيضاً إهانةً متعمّدةً للمدنيين الذين حاولوا الفرار من المدينة هرباً من قوات "الدعم السريع". في هذا الفيديو، يظهر مقاتلون من "الدعم السريع" وهم يلاحقون الهاربين، ويُهينونهم، ويسرقون ما لديهم، وقد وثّقوا ذلك بكاميراتهم ونشروه على شبكات التواصل الاجتماعي.

وفي عام 2023، خلال مجزرة مستشفى الجنينة في يونيو/ حزيران، تعرّض الضحايا لعمليات إهانةٍ متعمّدةٍ من قبل قوات "الدعم السريع"، إذ قال أحد مقاتلي "الدعم السريع" لأحد الناجين الجرحى ساخرًا: "لن نقتلك! نريد أن نعذبك، يا نوباوي!"، ثم قام بضربه على ساق المريض المكسورة أصلًا، بحسب ما وثّقته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في شهادةٍ أدلى بها الرجل الذي تعرّض للضرب.

وفي أحداث الخرطوم أيضاً عام 2019، أفاد متظاهرون اعتقلتهم قوات "الدعم السريع" خلال قمع اعتصام القيادة العامة بأنهم تعرّضوا للضرب، والجلد، والإذلال.

كذلك أظهرت مقاطع فيديو وشهادات في أحداث الخرطوم عام 2019 أن عناصر "الدعم السريع" قاموا بطعن متظاهرين مصابين بحِراب البنادق، وألقوا بجثث القتلى في النيل بعد ربطها بكتلٍ إسمنتية لإخفاء عدد الضحايا.

عمليات الاغتصاب

ضمن سجلّ الانتهاكات التي تنفذها قوات "الدعم السريع"، يبرز العنف الجنسي كأسلوبِ عقابٍ متكرّر، هدفه إذلال المجتمعات التي تجتاح قوات "الدعم السريع" مناطقها.

وتشير تقاريرٌ أممية، إضافةً إلى ما تم توثيقه أحياناً بالصور والفيديوهات، إلى ارتكاب عناصر من "الدعم السريع" عملياتِ اغتصابٍ بحقّ النساء، منذ أحداث دارفور 2003، وصولاً إلى أحداث الفاشر 2025.

سبق أن أصدرت الأمم المتحدة تقارير عدّة عن ارتكاب عناصر من "الدعم السريع" عملياتِ اغتصاب، من أحدثها تأكيد مفوّضة الأمم المتحدة، يوم 31 أكتوبر 2025، تلقّيها رواياتٍ عن حدوث عمليات قتلٍ جماعي واغتصاب.

ذكرت المفوضية وجود إفاداتٍ بتعرّض ما لا يقل عن 25 امرأةً للاغتصاب الجماعي، عندما دخلت قوات "الدعم السريع" إلى مأوى للنازحين في الفاشر، بعدما انتقوا النساء والفتيات واغتصبوهن تحت تهديد السلاح.

وفي عام 2023، كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد أحصت 78 حالة اغتصابٍ مؤكّدة بين 24 أبريل و26 يونيو، وذكر تقرير للمنظمة أن العدد الحقيقي ربما يكون أكبر، بسبب الخوف والوصمة الاجتماعية التي تمنع كثيرين من الإبلاغ عن الاغتصاب.

تؤكد الشهاداتُ الميدانية أن الاعتداءات لم تكن حوادث فردية، بل جزءًا من استراتيجية الترهيب الجماعي التي اتّبعتها قوات "الدعم السريع" لتركيع المجتمعات المحلية وإرغامها على النزوح.

نشأة قوات "الدعم السريع"

تعود جذور نشأة قوات "الدعم السريع" إلى ميليشياتٍ محلية كانت تُعرف باسم "الجنجويد"، وتضم أفراداً من القبائل العربية، وتتمركز في إقليم دارفور غرب البلاد.

استعان بهم الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير لمواجهة التمرّد الذي اندلع في دارفور عام 2003، ووضعهم في مواجهة الأطراف المتمردة آنذاك، وبمساعدتهم استطاع البشير إخماد التمرّد، لكن التكلفة البشرية كانت ضخمة، إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل 300 ألف شخص.

في عام 2013، أُعلن رسميًا عن تشكيل قوات "الدعم السريع"، وانخرط فيها مقاتلو ميليشيات "الجنجويد"، وورثت "الدعم السريع" تكتيكات "الجنجويد" في القتال والعنف المفرط المصاحب له، حتى بات العنف المفرط سمةً مرتبطةً بـ"الدعم السريع".

في عام 2017، خلال حكم البشير، صادق البرلمان السوداني على قانونٍ منح "الدعم السريع" صفةَ قواتٍ نظامية، وكانت تابعةً للقائد الأعلى للجيش، لكن في عام 2019، تم تعديل القانون، وبموجبه أصبحت "الدعم السريع" تمثّل قوةً منفصلة، ما ساهم في تعظيم نفوذها.

وفي عام 2023، نشبت خلافات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بسبب التنازع على السلطة، وتطوّرت إلى نشوب حربٍ عنيفةٍ بين الطرفين لا تزال مستمرةً حتى الآن، وكانت الفاشر أحدث وأعنف مظاهرها.

تحميل المزيد