تكشف حسابات على موقع X مرتبطة بـ إلياس رودريغيز، الذي قتل 2 من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، مزيداً من التفاصيل حول خلفياته الفكرية وآرائه الرافضة للحرب الإسرائيلية على غزة، واستيائه من استمرار عمليات القتل في القطاع، وموقفه من الولايات المتحدة الداعمة لتل أبيب. كما أظهر البحث أن والد رودريغيز كان جندياً أمريكياً وقاتل في العراق.
"عربي بوست" تتبّع 3 حسابات مرتبطة بـ رودريغيز، أحدها لا يزال نشطاً على شبكة X حتى تاريخ نشر هذه المادة، فيما تم إيقاف الحساب الثاني في العام 2022، إضافة إلى وجود حساب آخر على موقع Bluesky للتواصل الاجتماعي.
وكان رودريغيز قد نفذ هجومه يوم الأربعاء، 22 مايو/ أيار 2025، بالقرب من المتحف اليهودي في واشنطن، حيث قَتَل يارون ليشينسكي وسارة لين ميلغريم، وهما موظفان في السفارة الإسرائيلية. وخلال عملية اعتقاله، هتف "فلسطين حرة"، مؤكداً أنه نفذ الهجوم "من أجل غزة".
تشترك الحسابات المرتبطة برودريغيز في استخدامها لصورة شخصية واحدة، وتبنيها للأفكار نفسها، بالإضافة إلى تشابه ملحوظ في أسماء المستخدمين. وتتناول الفقرات التالية تفاصيل عملية التتبع التي أجراها "عربي بوست" لهذه الحسابات.
منشورات قديمة مناهضة لإسرائيل
بدأ الحساب المرتبط بـ رودريغيز، والذي يحمل اسم المستخدم kyotoleather@، بالتغريد حول الحرب على غزة بعد أيام قليلة من اندلاعها. وعكست منشوراته استياءً شديداً من استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وفقاً لما ظهر في مضمون التغريدات.

تضمّنت بعض تغريداته مصطلحات مثل "إبادة" و"صهيوني"، وأخرى عبّر فيها بشكل مباشر عن تأييده لاستخدام العنف، مقدّماً رؤيته الخاصة للتصعيد ردّاً على ما يجري في غزة. كما أبدى موقفاً واضحاً مناهضاً لليبراليين في الولايات المتحدة.
أظهر تتبّع التغريدات التي كتبها الحساب المرتبط بـ رودريغيز منذ إنشائه، أن هناك حساباً باسمه موجوداً على شبكة BlueSky للتواصل الاجتماعي، وكان لافتاً الصورة التي وضعها الحساب على الـ Cover الخاص بالحساب.
تعود الصورة إلى شابين فلسطينيين خلال تنفيذهما في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، هجوماً مسلحاً على محطة مترو في تل أبيب، وأسفر الهجوم حينها عن مقتل 6 إسرائيليين.

في 22 أكتوبر 2023، نشر حساب kyotoleather@ على موقع X، مقطع فيديو لمظاهرة في شيكاغو ظهرت فيه طفلة تقول "فلسطين حرة".

وكتب الحساب تعليقاً يوم 23 يناير/ كانون الثاني 2025، قال فيه: "الشعوب الحرّة حول العالم موحّدة ضد الإبادة الجماعية في غزة، والإبادة الجماعية هو التوصيف الذي تُجمع عليه منظمات حقوق الإنسان ذات السمعة الدولية".

ومن خلال المواقع المتخصصة بأرشفة الروابط على الإنترنت، وصلنا إلى بعض التغريدات القديمة للحساب الثاني الذي كان يحمل نفس اسم الحساب المرتبط بـ رودريغيز، قبل أن يتم إغلاقه عام 2022.
أظهرت بعض التغريدات في الحساب الثاني موقفاً مناهضاً لإسرائيل وقتلها للفلسطينيين، مشابهاً للتغريدات في الحساب الأول.
من بين أبرز التغريدات التي كتبها الحساب الثاني "kyotoloather@"، تعليقاً بتاريخ 11 مايو/ أيار 2021، كتب فيه: "لا يوجد شيء اسمه إسرائيلي بريء".
جاء هذا التعليق بعد يوم واحد فقط من بدء العملية العسكرية على غزة، المعروفة حينها باسم "سيف القدس"، وجاء رداً على تغريدة كتب فيها أحد المستخدمين: "أنا ضد قتل الفلسطينيين الأبرياء، لكنني أيضاً ضد قتل الإسرائيليين الأبرياء."

كتب الحساب نفسه تعليقاً آخر في 18 مايو/ أيار 2021، بدا فيه متمسكاً بفكرة التضامن الخارجي مع القضية الفلسطينية، وتساءل: "كيف يمكن للمرء دعم المقاومة المسلحة في فلسطين من خارج فلسطين، بخلاف النشر عنها وحضور التظاهرات تضامناً معها؟".

وتضمّن الحساب الحالي المرتبط بـ رودريغيز تعليقات مباشرة في العداء لإسرائيل، إذ كتب في يناير/ كانون الثاني 2024: "عام جديد سعيد.. الموت لإسرائيل". وفي منشور آخر نُشر في مايو/ أيار 2024، قال: "الصهاينة لا يحتاجون إلى أن يتم إقناعهم، بل يجب أن يُدانوا، ويُحكم عليهم، ويُعاقبوا".


في تغريدة أخرى نُشرت في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، نشر الحساب مقطع فيديو يظهر مشاهد من عمليات القتل والقصف في غزة، وأرفق الفيديو بتعليق: "إعادة نشر هذا التسجيل المصوَّر لتحريض صهيوني على الإبادة، لأنني لم أعد أجد التغريدة الأصلية. ما الدليل الآخر المطلوب لإثبات أن هذه المستعمرة ومتمرّديها لا بد أن يُقضى عليهم تماماً في نهاية كل هذا؟".

تُظهر تغريدات أخرى للحساب المرتبط بـ رودريغيز أن الحساب كان يؤيد قصف الأراضي المحتلة بالصواريخ، وكتب يوم 7 ديسمبر/ كانون الأول 2024، تعليقاً على منشور حول استهداف اليمن للأراضي المحتلة بالصواريخ، وأبدى الحساب تأييداً لاستخدام العنف.
كتب الحساب: "متفق، ليس من الضروري أن يحدث العنف، ولكن إن حدث، فيجب أن يكون كذلك". كان هذا الرد تعليقاً على تغريدة لحساب آخر، قال فيها: "شخص ما يجب أن يُطلق النار على شخص آخر. العنف جزء مقبول من الواقع".
حاجج الحساب في تغريدات أخرى بأن التصعيد، كردّ فعل على ما يحدث في غزة، لا يشترط أن يكون عفوياً، بل يمكن أن يكون منظّماً ومخططاً له سلفاً. وكتب في تغريدة تعود إلى أغسطس/ آب 2024:
"ليس صحيحاً أن التصعيد لا يمكن أن يحدث إلا بشكل عفوي. لا يوجد ما يمنع من أن يكون التصعيد منظّماً أو مخطّطاً له مسبقاً، حتى وإن لم يُتوقّع كل النتائج المحتملة. فالإجراء العفوي قد يكون تصعيدياً أو لا. على سبيل المثال، لم يكن السابع من أكتوبر تصرّفاً عفوياً".
جاء هذا التعليق ضمن نقاش أوسع حول جدوى التنظيم المسبق لأعمال التصعيد، حيث كان أحد المستخدمين قد عبّر عن رفضه لفكرة التصعيد العشوائي خلال فعاليات لم يتم التنسيق بشأنها مسبقاً.

نشر الحساب تغريدات أخرى، حملت تعبيراً واضحاً عن العداء لإسرائيل، كتغريدة نشرها يوم 1 أكتوبر 2024، كانت تظهر خبراً يتحدث عن إرسال إسرائيل قوات إلى لبنان وسط التصعيد مع "حزب الله"، ووضع أيقونة سكين وبجانبها "IL" وعادة ما يستخدم الحرفان للإشارة إلى إسرائيل.

أظهرت تغريدات أخرى للحساب أنه كان يعيد نشر تغريدات كانت تتضمن احتجاجات في الولايات المتحدة ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، من بينها تغريدة أظهرت متظاهرين تجمعوا في شيكاغو بهدف إغلاق القنصلية الإسرائيلية.

مئات من اليهود الأمريكيين وحلفائهم من منطقة الغرب الأوسط تجمعوا في شيكاغو لإغلاق القنصلية الإسرائيلية في محطة أوغيلفي. يتم استغلال حزننا لتبرير العنف الإبادي ضد شعب غزة. نحن مستعدون للبقاء هنا مهما طال الوقت!!".
كيف تتبعنا الحسابات المرتبطة بـ رودريغيز؟
الحساب النشط المرتبط بـ رودريغيز على موقع X، هو الحساب الذي أشرنا إليه، ويحمل اسم المستخدم (kyodo.leather)، واسم المستخدم الخاص به "kyotoleather@"، ويضع الحساب علمي فلسطين واليمن.

بدأ التحقّق من ارتباط هذا الحساب بـ رودريغيز من خلال حساب آخر بدا أنه لصديقة منفّذ الهجوم، وكانت قد نشرت سابقاً عدّة صور لها مع رودريغيز.
نشر حساب الفتاة صورتين لها برفقة رودريغيز، وعلّق حساب kyodo.leather بكلمة "أحبك"، لتردّ عليه الفتاة بالعبارة نفسها، في تفاعل يعزّز من فرضيّة العلاقة الشخصية بينهما. كما أظهر التتبّع وجود تبادل متكرّر للتعليقات بين الحسابين، يؤكّد صلتهما الوثيقة.


صباح يوم الجمعة، 23 مايو/ أيار 2025، لم يعد حساب الفتاة متاحاً على منصة X، بعد أن تم إغلاقه في أعقاب موجة من التعليقات والهجوم من بعض المستخدمين، على خلفية علاقتها المزعومة بمنفّذ هجوم واشنطن.
وكان حساب kyodo.leather، قبل بدء تنفيذ الهجوم في المتحف اليهودي، قد نشر بياناً مذيّلاً باسم "إلياس رودريغيز"، مرفقاً بعبارة: "التصعيد من أجل غزة، نقل الحرب إلى أرض الوطن"، وتضمّن البيان إدانة لأعمال القتل التي يرتكبها الاحتلال في غزة.

من أبرز ما جاء في الرسالة أن "العمل المسلّح ليس بالضرورة عملاً عسكرياً، في العادة ليس كذلك، عادةً ما يكون مسرحاً واستعراضاً، وهي سمة تشترك فيها مع العديد من الأعمال غير المسلّحة".
أدان البيان المنسوب لـ رودريغيز الذين يصمتون على أعمال القتل في غزة، وقال إن "أولئك الذين يقفون ضد الإبادة الجماعية قد تخلّوا عن إنسانيتهم"، وأضاف أن "الإنسانية لا تُعفي أحداً من المحاسبة". فيما انتهت الرسالة برسالة "حب إلى والديه وشقيقته وعائلته"، وخُتمت بعبارة "فلسطين حرة".
الحساب الثاني المرتبط بـ رودريغيز حمل اسماً مشابهاً للحساب الأول، مع اختلاف في حرف واحد في اسم المستخدم:
اسم المستخدم للحساب الأول: "kyotoleather@"
اسم المستخدم للحساب الثاني: "kyotoloather@"، وقد تم استبدال حرف E بـ O في كلمة Leather.
وقد استخدم كلا الحسابين نفس الصورة، التي تضمّنت رسماً لعقرب يضع كمامة.
والد رودريغيز جندي أمريكي سابق
أظهر البحث عن ماضي رودريغيز أن لديه والداً كان جندياً في الجيش الأمريكي وخدم في العراق. ظهرت هذه المعلومة للمرة الأولى في منشور على موقع GoFundMe لجمع التبرعات.
يعود تاريخ طلب الدعم إلى العام 2017، وحينها تضمّن إعلان تقديم الدعم صورة لـ رودريغيز كُتب عليها أنه "يريد أن يحضر مؤتمر الشعب للمقاومة" في واشنطن، وأنه يريد تغطية تكاليف سفره للمشاركة في المؤتمر.
وعند مراجعة رابط إعلان الدعم الخاص بـ رودريغيز على موقع GoFundMe صباح اليوم الجمعة، بدا أن الإعلان قد تمّت إزالته، لكن ما تزال هناك نسخة مؤرشفة منه.
تضمّن الإعلان ما قيل إنها رسالة مباشرة من رودريغيز، ذكر فيها أن الهدف من مشاركته في المؤتمر هو "إنهاء الحرب الإمبريالية بشكل كامل"، وقال إن تلك الحرب "يسعى الكونغرس الأمريكي – كونغرس أصحاب المليارات – إلى توسيعها بلا نهاية".
يذكر الإعلان، نقلاً عن رودريغيز: "كنت في الحادية عشرة من عمري عندما جلس والدي، وهو جندي في الحرس الوطني للجيش، معنا كعائلة ليخبرنا أنه سيتم إرساله إلى العراق."

نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن الحرس الوطني في ولاية إلينوي، قوله إن "رجلاً يُعتقد أنه والد رودريغيز — يُدعى إريك أنتوني رودريغيز — خدم برتبة رقيب في الحرس الوطني لإلينوي، وتم إرساله إلى العراق لمدة تقارب العام بدءاً من أكتوبر/ تشرين الأول 2006".
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن والد رودريغيز يعمل الآن في نقابة عمالية، وأشارت إلى ظهوره في مقطع فيديو نُشر في مارس/ آذار 2025، عرّف فيه عن نفسه بأنه موظف فدرالي في وزارة شؤون المحاربين القدامى، وأنه محارب قديم في حرب العراق.
ورفض كلا والدي رودريغيز التعليق، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام أمريكية.
رودريغيز وأفكار يسارية
أظهرت البصمة الرقمية الخاصة برودريغيز، والتي تتبّعتها "عربي بوست"، بعض التفاصيل عن حياة الشاب البالغ من العمر 31 عاماً.
تُظهر إحدى الصور مشاركته في مظاهرة نُظّمت عام 2017 أمام منزل عمدة شيكاغو حينها، راهم إيمانويل، احتجاجاً على العنصرية وللمطالبة بالعدالة للشاب الأمريكي الأسود لاكوان مكدونالد، الذي قُتل برصاص الشرطة عام 2014.
احتجّ المشاركون حينها أيضاً على عرض بقيمة 2.25 مليار دولار قدّمته المدينة لاستضافة مقر رئيسي لشركة "أمازون".
نُظّمت المظاهرة من قبل "مؤتمر الشعب للمقاومة"، وهو تجمّع يضم ناشطين ومنظمات يسارية وحقوقية، ويتحدّى سياسات الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة.
في خبر نُشر على الموقع الإلكتروني لـ"مؤتمر الشعب للمقاومة"، تضمّن تصريحاً لـ إلياس رودريغيز حينها، وتم تعريفه على أنه عضو في حزب "الاشتراكية والتحرير"، وهاجم في تصريحاته إقامة مقر لـ "أمازون" في شيكاغو، كما هاجم الشركات العملاقة.
وذكر حزب "الاشتراكية والتحرير" في منشور على موقع X أن رودريغيز انتمى في السابق إلى الحزب، وأنه كان على صلة قصيرة بأحد فروع الحزب حتى عام 2017، وأكّد الحزب أنهم لا يعلمون بأي اتصال به منذ أكثر من 7 سنوات.
كذلك سارع الموقع الإلكتروني لـ "مؤتمر الشعب للمقاومة" إلى حذف الخبر الذي تضمّن تصريحاً من رودريغيز، في محاولة للنأي بنفسه عن الهجوم في واشنطن.

ولدى رودريغيز حساب مرتبط به على موقع "لينكد إن" المتخصص في عرض السير الذاتية، وبحسب ما ورد في الحساب، فإن رودريغز كان يعمل في "الجمعية الأمريكية للمعلومات الخاصة بطب العظام".

كما يظهر بروفايل لـ رودريغيز على موقع منظمة "The History Makers"، والتي عمل فيها كباحث في التاريخ. وتعنى المنظمة في توثيق قصص وتجارب الأمريكيين من أصول إفريقية.
وعند العودة إلى رابط البروفايل صباح اليوم الجمعة، بدا أنه قد تم حذفه، لكن نسخة مؤرشفة منه لا تزال متاحة على شبكة الإنترنت.

وكان لافتاً عندما السلطات الأمريكية إلى منزل رودريغيز عقب الهجوم، وجود صورة على نافذة تضمنت صورة طفل وعبارة "العدالة لأجل وديع"، في إشارة إلى مقتل الطفل الفلسطيني الأمريكي وديع الفيوم في ولاية إلينوي عام 2023، على يد أمريكي بدافع الكراهية العنصرية.

جاء الهجوم في واشنطن، في وقت تواصل فيه إسرائيل حربها على قطاع غزة، وخلفت الحرب منذ 7 أكتوبر 2023، ما لا يقل عن 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، إضافة إلى 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين، فضلاً عن مجاعة تجتاح القطاع.