من “القلنسوة اليهودية” إلى الخضروات والمسيّرات! “عرب المسخار”: تحقيق لـ”عربي بوست” يكشف منتجات تبادلها المغرب وإسرائيل خلال حرب غزة

عربي بوست
تم النشر: 2025/04/09 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/04/09 الساعة 11:21 بتوقيت غرينتش
مئات المنتجات تبادلها المغرب وإسرائيل خلال حرب غزة/ عربي بوست

كشف بيانات إسرائيلية رسمية، وصل إليها "عربي بوست" وحللها، تفاصيل تُنشر لأول مرة عن أصناف المنتجات (محلية المنشأ) التي صدّرها المغرب إلى إسرائيل خلال الحرب على قطاع غزة في الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وفبراير/شباط 2025، والمنتجات التي استوردتها الرباط من تل أبيب في نفس الفترة.

البيانات صادرة عن الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء، وهي مختلفة عن البيانات التي نشرها "عربي بوست" في تحقيقه السابق "عرب الكوشير"، إذ لا تتضمن فقط المنتجات الغذائية، بل كافة المنتجات في قطاعات مختلفة.

هذه المادة هي جزء من تحقيقنا "عرب المسخار"، وكلمة "مسخار" (بكسر الميم) في اللغة العبرية تعني التجارة، ونشير من خلال هذه التسمية إلى تجارة الدول العربية المطبعة مع إسرائيل، وتتضمن الفقرات المقبلة شرحاً إضافياً متعلقاً بالبيانات التي استندنا إليها ومصادرها، والمنهجية التي اعتمدناها لتحليل البيانات.

المغرب رابع أكثر دولة عربية صدّرت منتجات لإسرائيل

احتل المغرب المرتبة الرابعة بعد كل من الإمارات ومصر والأردن من حيث عدد أصناف المنتجات التي صدّرتها الدول العربية المطبعة إلى إسرائيل خلال الحرب على غزة بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وفبراير/شباط 2025، حيث بلغ عدد أصناف المنتجات (بحسب بلد المنشأ) 651 صنفاً.

ويُقصد بأصناف المنتجات هنا، مجموعة المنتجات الفرعية التي تندرج تحت منتج رئيسي وفق تصنيف منظمة الجمارك، فمثلاً، يندرج تحت المنتج الرئيسي "الخضروات" أصناف فرعية مثل الفاصولياء والبامية.

يتيح "عربي بوست" للقراء تصفح البيانات الخاصة بأصناف المنتجات التي صدّرتها مصر إلى إسرائيل، والأخرى التي استوردتها منها خلال الحرب على غزة، وذلك من خلال الضغط على هذا الملف. ويتضمن الملف أكواد المنتجات، وبإمكانكم نسخ كود أي منتج، والبحث عن تفاصيله في موقع "الجمارك الإسرائيلية: الصادرات الواردات " (اضغط هنا لبيانات الصادرات، اضغط هنا لبيانات الواردات).

وتتوزع أصناف المنتجات الـ651 على 68 منتجاً رئيسياً، من بينها منتجات نسيجية مثل الملابس وإكسسوارات الملابس، بما في ذلك الملابس الدينية كـ"القلنسوة" التي يستعملها اليهود لإبراز تدينهم.

وحسب البيانات الرسمية الإسرائيلية، فإن المغرب صدر ما قيمته 56.294 ألف دولار من أغطية الرأس الدينية (القلنسوة) خلال سبعة أشهر فقط في الفترة ما بين أكتوبر 2024 ونوفمبر 2024.

وكانت أكبر كمية صدرت منها في شهر سبتمبر 2024 بقيمة 12.764 ألف دولار، ويمكن تفسير ارتفاع الصادرات من أغطية الرأس "القلنسوة" في هذه الفترة بتزامنها مع الأعياد الدينية اليهودية، ويبدأ موسم الأعياد برأس السنة العبرية يومي 16 و 17 سبتمبر/أيلول، متبوعًا بأيام ما يسمى "التوبة العشر".

فيما يحلّ "يوم الغفران" في 25 سبتمبر، وبعده بأسبوع يأتي ما يسمى بـ"عيد العرش" الذي يستمر ثمانية أيام من 30 سبتمبر حتى 7 أكتوبر/تشرين الأول.

ويمكنكم الاطلاع على تفاصيل المنتجات الرئيسية التي صدّرها المغرب إلى إسرائيل، وما يندرج تحتها من أصناف متعددة من المنتجات، وكم قيمة الصادرات لكل منتج على حدة، في هذا الجدول التفصيلي.

لتوضيحٍ أكثر لطبيعة المنتجات محلية المنشأ التي يصدرها المغرب إلى إسرائيل، قمنا بتصنيف المنتجات ضمن 10 مجالات إنتاجية أساسية، وأظهر تحليل البيانات أن المنتجات المتعددة من الملابس حلت بالمرتبة الأولى كأكثر المنتجات المغربية المُصدرة إلى الاحتلال.

وبلغ حجم صادرات المغرب إلى إسرائيل من منتجات تدخل في مجال المواد النسيجية 95.5 مليون دولار، وذلك في الفترة ما بين أكتوبر 2023 وحتى فبراير 2025، وتتضمن هذه المنتجات:

  • الأقمشة المحبوكة أو الكروشيه
  • الملابس وإكسسوارات الملابس محبوكة أو منسوجة
  • الملابس وإكسسوارات الملابس، غير محبوكة أو منسوجة
  • أصناف نسيجية جاهزة
  • الأحذية والجوارب وما شابه ذلك
  • أغطية الرأس وأجزاؤها

بلغت قيمة صادرات المغرب إلى إسرائيل من الملابس وإكسسوارات الملابس، غير محبوكة أو منسوجة، والمنتجات الداخلة في صناعة الملابس، خلال أشهر الحرب على غزة، نحو 55.2 مليون دولار، وذلك بين أكتوبر 2023 وفبراير 2025.

وتزامن تصدير المغرب لهذه الكميات الكبيرة من الملابس لإسرائيل مع الحصار الذي فرضه الاحتلال على الفلسطينيين في غزة ومنع دخول جميع أنواع السلع عن القطاع، بما في ذلك الملابس.

وكشف رئيس الحكومة المغربية في تصريح أمام البرلمان أن قطاع النسيج والألبسة تمكن من تحقيق ارتفاع مهم فاق 5 في المائة، بزيادة 2.2 مليار درهم لتبلغ قيمته الإجمالية أزيد من 46 مليار درهم (4.7 مليار دولار) سنة 2023.

57 مليون صادرات من المواد الغذائية

في المرتبة الثانية تأتي أصناف من منتجات المواد الغذائية مثل السكريات والحلويات السكرية والخضار والفواكه ومستحضرات من اللحوم أو الأسماك أو القشريات، إضافة إلى منتجات من الحبوب أو الدقيق أو النشا أو الحليب، ومنتجات المخابز والمكسرات، وبلغت قيمة صادرات المغرب من هذه المنتجات لإسرائيل نحو 57 مليون دولار وفق البيانات الرسمية الإسرائيلية.

وفي مقدمة المنتجات الغذائية تظهر البيانات الإسرائيلية أن المغرب صدر أكثر من 47 مليون دولار من منتجات السكريات والحلويات السكرية خلال أشهر الحرب على قطاع غزة في الفترة ما بين أكتوبر 2023 ونوفمبر 2024، كما صدر منتجات من الخضار والفواكه بقيمة 5.4 مليون دولار.

وتأتي أصناف منتجات الطائرات والمركبات وأجزاؤها في المرتبة الثالثة بقيمة 12.4 مليون دولار، ثم الآلات والمعدات الكهربائية وأجزاؤها وبلغت قيمتها 4.6 مليون دولار في الفترة ما بين أكتوبر 2023 ونوفمبر 2024.

كما برزت مصنوعات المظلات، والمظلات الشمسية، وعصي المشي، وعصي المقاعد، والسياط، وسياط الركوب وأجزاؤها، والورق والكرتون المقوى، ضمن قائمة المنتجات المغربية الأكثر تصديرًا إلى إسرائيل.

من المنتجات الأخرى اللافتة التي صدرها المغرب إلى إسرائيل أيضاً، منتجات الأثاث والمفروشات والمصابيح بأكثر من نصف مليون دولار، إضافة إلى آلات وأجهزة ميكانيكية وأجزائها بنحو 528 ألف دولار، إضافة إلى أصناف منتجات من الدهون والزيوت الحيوانية أو النباتية أو الميكروبية، والنحاس ومصنوعاته.

ويشير الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء إلى أن بيانات الاستيراد التي نشرها (للمنتجات محلية المنشأ) لا تشمل قيمة البضائع المودعة في المستودعات الجمركية، كما لا تتضمن الشحنات التي سبق تصديرها وأعيدت إلى إسرائيل دون أي تعديل أو معالجة.

178 مليون دولار صادرات مغربية لإسرائيل خلال الحرب

خلال أشهر الحرب على قطاع غزة، بلغت قيمة الصادرات المغربية إلى إسرائيل من المنتجات محلية المنشأ 178.1 مليون دولار، بين أكتوبر 2023 وفبراير 2025. ورغم بدايتها بمعدل منخفض مع اندلاع الحرب، إلا أنها سجلت زيادة في الأشهر اللاحقة.

بينما سجل شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023 أقل معدل للصادرات المغربية محلية المنشأ نحو إسرائيل بـ 5.56 مليون دولار، سجل شهر يناير/كانون الثاني 2024 أعلى معدل في الصادرات المغربية إلى إسرائيل، وبلغ 16.9 مليون دولار، ويليه شهر سبتمبر/أيلول 2024 بـ 12.6 مليون دولار.

ورغم المعارضة الكبيرة للرأي العام المغربي للتطبيع مع إسرائيل والاحتجاجات المتواصلة رفضاً للحرب على قطاع غزة، حيث خرجت مظاهرات شبه يومية في كبريات المدن المغربية مثل الرباط وطنجة والدار البيضاء، إلا أن المغرب زاد من حجم صادراته إلى إسرائيل في بعض الأشهر خلال الحرب على غزة.

منتجات إسرائيلية في المغرب

على الجانب الآخر، تقدم البيانات الإسرائيلية صورة تفصيلية أيضاً عن أنواع المنتجات (محلية النشأة) التي صدرتها إسرائيل إلى المغرب خلال الحرب على غزة، حيث بلغ عدد أصناف المنتجات 224 صنفاً، تندرج تحت 46 منتجاً رئيسياً، في مقدمتها الآلات والمعدات الكهربائية، والبلاستيك ومواد كيميائية ومعادن.

وحلّت منتجات الآلات والمعدات الكهربائية وأجزاؤها في مقدمة الواردات الإسرائيلية إلى المغرب، وبلغت قيمتها 45.4 مليون دولار، من الفترة بين أكتوبر 2023 وفبراير 2025، تليها البلاستيك ومصنوعاته بـ18.1 مليون دولار، وثالثاً مواد كيميائية غير عضوية؛ ومركبات عضوية أو غير عضوية من معادن ثمينة بـ14.1 مليون دولار.

وتفاوت معدل الواردات الإسرائيلية من المنتجات (محلية المنشأ) إلى المغرب خلال أشهر الحرب على غزة، وبينما كان شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أدنى قيمة بـ2.5 مليون دولار، سجل شهر أبريل/نيسان 2024 أعلى معدل من تصدير المنتجات الإسرائيلية إلى المغرب، بقيمة 20 مليون دولار.

ويظهر تحليل البيانات أن إجمالي الواردات الإسرائيلية إلى المغرب بلغ 146.4 مليون دولار، خلال الفترة من أكتوبر 2023 إلى فبراير 2025، من بينها 45.4 مليون دولار من منتجات الآلات والمعدات الكهربائية وأجزائها.

وفيما يتعلق بالواردات، ارتفعت الواردات الإسرائيلية إلى المغرب خلال الحرب لأكثر من النصف مقارنة بنفس الفترة من العام 2022 و2023، إذ بلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب خلال أشهر الحرب على قطاع غزة 146.4 مليون دولار أمريكي، بينما وصلت إلى 67.4 مليون دولار خلال الفترة ما بين أكتوبر 2022 ونوفمبر 2023.

ومنذ توقيع اتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2020، شهدت الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب زيادة ملحوظة، وفق ما ذكره موقع "اقتصادكم" المغربي المتخصص نقلاً عن تقرير لـ"معهد اتفاقات أبراهام للسلام".

في عام 2021، بلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب حوالي 31 مليون دولار، مع زيادة بنسبة 214% مقارنة بعام 2020. شملت هذه الصادرات قطاعات مثل النقل، البلاستيك، المطاط، والمنتجات الكيميائية.

في عام 2022، استمرت الصادرات الإسرائيلية في الارتفاع، حيث بلغت قيمتها حوالي 38 مليون دولار. تضمنت هذه الصادرات مكونات تدخل في صناعة الطائرات، المركبات، المعدات الكهربائية والإلكترونية، البلاستيك، والأجهزة الطبية.

وبحسب معطيات مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، سجلت المبادلات التجارية بين البلدين في عام 2022 نحو 179 مليون دولار، بزيادة قدرها 21% مقارنة بالعام السابق. في الربع الأول من عام 2023، حققت التجارة البينية 60 مليون دولار، مقارنة بـ37.4 مليون دولار في نفس الفترة من العام السابق، مما يمثل نموًا بنسبة 60%.

وخلفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي دامت 467 يوماً أكثر من 48 ألف شهيد أغلبهم من النساء والأطفال، فضلاً عن دمار هائل في المنازل والبنى التحتية للقطاع، وقدرت الأمم المتحدة الشهر الماضي أن 69% من المباني في غزة تعرضت للضرر أو الدمار، بما في ذلك أكثر من 245 ألف منزل.

وكشفت تقديرات البنك الدولي أن الأضرار التي خلفها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغت 18.5 مليار دولار، بينما يحتاج القطاع إلى نحو 50 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار التي تتطلب سنوات من العمل.

منهجية تحقيق "عرب المسخار"

تتناول البيانات، التي نعرضها في تحقيق "عرب المسخار"، تفاصيل عن حجم التجارة الخارجية لإسرائيل مع دول العالم شهرياً، لكننا ركزنا في تحليلنا للبيانات على الفترة من أكتوبر 2023 بداية الحرب على غزة، وحتى نوفمبر 2024، وهو آخر شهر توفرت بشأنه بيانات رسمية حتى الآن.

تتضمن البيانات أكواد للمنتجات التي استوردتها أو صدّرتها إسرائيل بحسب (بلد المنشأ)، والذي يُقصد به البلد الذي تم إنتاج السلع فيه.

وتختلف حصيلة الاستيراد والتصدير (بحسب بلد المنشأ) عن حصيلة الاستيراد والتصدير الإجمالي، الذي يتضمن السلع المنتجة محلياً، إضافة للسلع التي استوردها (بلد المنشأ) وأعاد تصديرها من جديد.

وتتضمن البيانات التي وصل إليها "عربي بوست" حصيلة شهرية للتجارة الخارجية لإسرائيل، وتعرض أكواد المنتجات المستوردة والمصدرة وفقاً لـ(بلد المنشأ على وجه الخصوص)، أي الدولة التي تم فيها إنتاج السلع. وتستند هذه الأكواد إلى تصنيف الجمارك الإسرائيلية، المعتمد على "النظام المنسق" (HS Code)، الذي وضعته منظمة الجمارك العالمية (WCO).

يُعد "النظام المنسق" تصنيفاً دولياً للسلع يضم أكثر من 5000 مجموعة سلعية، لكل منها رمز مكوّن من ستة أرقام. وتستخدمه أكثر من 200 دولة لتصنيف 98% من السلع في التجارة الدولية، ويمكن لبعض الدول أن تضيف أرقاماً أخرى إلى الأرقام الستة، لأسباب تتعلق بتصنيف السلع للدول نفسها، لكن ذلك لا يغير من نوع المنتج.

وللمزيد حول المنهجية التي اعتمدناها لتحليل البيانات، إضافةً إلى الاطّلاع على منتجات الدول العربية الأخرى التي تم تصديرها إلى إسرائيل، اضغط هنا.

هذا المثال يوضح كيف تعرفنا على أصناف المنتجات التي تصدرها الدول العربية المطبعة إلى إسرائيل، والأخرى التي تستوردها منها، من خلال البحث عن أكواد المنتجات التي نشرها الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء، واستندنا في البحث إلى بيانات "الجمارك الإسرائيلية" ومنظمة التجارة العالمية.

تحميل المزيد