تكشف بيانات إسرائيلية رسمية، وصل إليها "عربي بوست" وحللها، تفاصيل تُنشر لأول مرة عن أصناف المنتجات (محلية المنشأ) التي صدّرتها الإمارات إلى إسرائيل خلال الحرب على غزة، والمنتجات التي استوردتها أبو ظبي من تل أبيب، وترسم البيانات صورة تفصيلية عن أكبر تبادل تجاري لدولة عربية مع إسرائيل.
البيانات صادرة عن الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء، وتغطي الفترة من أكتوبر 2023 بداية الحرب على غزة، وحتى فبراير 2025، وهو آخر شهر توفرت بشأنه بيانات رسمية حتى الآن. وهذه البيانات مختلفة عن البيانات التي نشرها "عربي بوست" في تحقيقه السابق "عرب الكوشير"، إذ لا تتضمن فقط المنتجات الغذائية، بل كافة المنتجات في قطاعات مختلفة.
هذه المادة هي جزء من تحقيقنا "عرب المسخار"، وكلمة "مسخار" (بكسر الميم) في اللغة العبرية تعني التجارة، ونشير من خلال هذه التسمية إلى تجارة الدول العربية المطبعة مع إسرائيل، وتتضمن الفقرات المقبلة شرحاً إضافياً متعلقاً بالبيانات التي استندنا إليها ومصادرها، والمنهجية التي اعتمدناها لتحليل البيانات.
الإمارات أكثر دولة عربية صدّرت منتجات لإسرائيل
يظهر تحليل البيانات، أن الإمارات هي أكثر دولة عربية صدّرت منتجات محلية المنشأ إلى إسرائيل، حيث صدّرت 1377 صنفاً من المنتجات، خلال الفترة من أكتوبر 2023 وحتى فبراير 2025.
والمقصود بأصناف المنتجات هنا، مجموعة المنتجات الفرعية المندرجة تحت منتج رئيسي (وفق تصنيف منظمة الجمارك)، فمثلاً لدينا منتجاً رئيسياً تحت مسمى "الخضروات"، وتندرج أسفله أصناف منتجات مثل (الفاصولياء، والبامية).
يتيح "عربي بوست" للقراء تصفح البيانات الخاصة بأصناف المنتجات التي صدّرتها مصر إلى إسرائيل، والأخرى التي استوردتها منها خلال الحرب على غزة، وذلك من خلال الضغط على هذا الملف. ويتضمن الملف أكواد المنتجات، وبإمكانكم نسخ كود أي منتج، والبحث عن تفاصيله في موقع "الجمارك الإسرائيلية: الصادرات – الواردات " (اضغط هنا لبيانات الصادرات، اضغط هنا لبيانات الواردات).
تندرج أصناف المنتجات الـ1377 تحت 81 منتجاً رئيسياً، ولتوضيحٍ أكثر لطبيعة المنتجات محلية المنشأ التي صدرتها الإمارات إسرائيل، قمنا بتصنيفها ضمن 15 مجالاً إنتاجياً أساسياً، وأظهر تحليل البيانات أن المنتجات المتعلقة بالمجوهرات، والتحف الفنية، تتصدر قائمة المنتجات المُصدّرة، تليها الآلات والمعدات الصناعية، ثم منتجات المعادن والمواد الخام.

وفي هذا الجدول التفصيلي، يمكنكم الاطلاع على تفاصيل المنتجات الرئيسية التي صدّرتها الإمارات إلى إسرائيل، والأخرى التي استوردتها منها، وكم قيمة الصادرات لكل منتج رئيسي على حدة.
يظهر تحليل البيانات أن الإمارات صدّرت بـ584.9 مليون دولار، من منتجات اللؤلؤ والأحجار الكريمة والمجوهرات والتُحف. ويعد اللؤلؤ الطبيعي والمستنبت والأحجار الكريمة، من بين أهم الصادرات الإماراتية إلى الخارج.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ذكر "المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء" الإماراتي، أن تجارة الإمارات من اللؤلؤ الطبيعي والأحجار الكريمة بلغت نحو 255 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الماضي.
صدّرت الإمارات أيضاً إلى إسرائيل الأسمدة التي تستخدم في أعمال الزراعة والبستنة بقيمة 25.3 مليون دولار، و 10 مليون دولار من أصناف منتجات غذائية مختلفة بما في ذلك خضار وفواكه، ومنتجات مشروبات، إضافة إلى أصناف منتجات من (الأسمنت، والملح، والكبريت والجبس، والجير)، إلى جانب منتجات صيدلانية وألعاب، وملابس.

ويُشير الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء إلى أن بيانات الاستيراد التي ينشرها (حول المنتجات محلية المنشأ) لا تشمل قيم استيراد البضائع المودَعة في المستودعات الجمركية، ولا تشمل أيضاً شحنات البضائع التي صدّرتها سابقاً وأُعيدت إلى إسرائيل دون أي معالجة.
1.2 مليار دولار صادرات إماراتية إلى إسرائيل
تُظهر البيانات الإسرائيلية الرسمية أن صادرات الإمارات من (منتجات بلد المنشأ) إلى إسرائيل خلال أشهر الحرب على غزة، بلغت 1.2 مليار دولار، وذلك من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى فبراير/ شباط 2025.
وشهدت الصادرات الإماراتية إلى إسرائيل ارتفاعاً ملحوظاً على مدار الحرب، حيث كانت أدنى مستوياتها في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي بدأت فيه الحرب، وبلغت قيمة الصادرات آنذاك 32.6 مليون دولار، لكن وصلت الصادرات إلى ذروتها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وبلغت 148.4 مليون دولار.
يُظهر الفرق بين قيمة صادرات الإمارات إلى إسرائيل، بين أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و2024، أن الصادرات تضاعفت 4.5 مرة عمّا كانت عليه في بداية الحرب.

مئات أصناف المنتجات الإسرائيلية تصل إلى الإمارات
وخلال أشهر الحرب على غزة، استوردت الإمارات من إسرائيل 763 صنفاً من المنتجات محلية المنشأ، خلال الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى فبراير/ شباط 2025، وتندرج هذه الأصناف من المنتجات تحت 70 منتجاً رئيسياً.
وبلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى الإمارات 737 مليون دولار، ومن أبرز المنتجات المُصدّرة: اللؤلؤ، والأحجار الكريمة، والمعادن الثمينة، والتي بلغت قيمتها 350 مليون دولار.
يأتي بعد ذلك أصناف من منتجات أجهزة وأدوات بصرية (فوتوغرافية – سينمائية)، وطبية، وأدوات قياس وفحص، وبلغت قيمتها 159.6 مليون دولار، فيما حلّت الآلات والمعدات الكهربائية وأجزاؤها في المرتبة الثالثة، وبلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية منها إلى الإمارات 80.2 مليون دولار.
وتضمّ الصادرات الإسرائيلية إلى الإمارات أيضاً أصنافاً من منتجات غذائية مختلفة ومشروبات، وبلغت قيمتها 26.2 مليون دولار، من بينها:
فواكه ومكسّرات: 16.7 مليون دولار.
مستحضرات غذائية متنوّعة: 6.2 مليون دولار.
كذلك تشمل المنتجات الإسرائيلية الواصلة إلى الإمارات أسمدة، وآلات وأجهزة ميكانيكية، وأعمالاً فنية وتحفاً، ومنتجات كيميائية، وملابس.
ويُشير الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء إلى أن البيانات التي ينشرها عن الصادرات الإسرائيلية (بحسب بلد المنشأ) لا تشمل البضائع المستوردة سابقاً والمعادة إلى المورد في الخارج دون معالجة، كما لا تتضمّن البضائع المستوردة والمباعة للخارج دون معالجة، بحيث لا يكون المشتري هو المورّد.
ويظهر الجدول التالي أبرز المنتجات محلية المنشأ التي صدّرتها إسرائيل إلى الإمارات خلال أشهر الحرب على غزة.

الإمارات تستحوذ على ثلث التجارة العربية مع إسرائيل
وتُظهر بيانات أخرى من الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء، وتتناول التبادل التجاري الإجمالي لإسرائيل مع العالم، أن الإمارات استحوذت على نحو ثلثي حجم تجارة الدول العربية المُطبّعة مع إسرائيل خلال فترة الحرب على غزة، من شهر أكتوبر 2023 وحتى فبراير 2025.
وبلغت قيمة التبادل التجاري (صادرات وواردات) بين الجانبين 4.3 مليار دولار، وحلّت مصر في المرتبة الثانية، ثم الأردن، فالمغرب، ثم البحرين.

يُظهر تحليل البيانات أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل خلال أشهر الحرب على غزة هو أكبر تبادل بين الجانبين منذ تطبيع العلاقات بينهما في العام 2020، وتشير البيانات إلى أنه:
– في عام 2020، بلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل 189.8 مليون دولار.
– في عام 2021، بلغ التبادل التجاري 1.221 مليار دولار.
– في عام 2022، بلغ حجم التبادل التجاري 2.527 مليار دولار.
– في عام 2023، بلغ حجم التبادل التجاري 2.9 مليار دولار.
– من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (تاريخ بدء الحرب) وحتى فبراير/ شباط 2025، بلغ حجم التبادل التجاري 4.3 مليار دولار.

وبلغت قيمة الصادرات الإماراتية (الإجمالية) إلى إسرائيل من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى فبراير/شباط 2025، 3.5 مليارات دولار، ووصلت الصادرات الإماراتية إلى إسرائيل (دون الاقتصار على المنتجات محلية المنشأ) إلى ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول 2024، وبلغت قيمتها 296.3 مليون دولار، فيما سجل شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023 أقل قيمة في الصادرات، بـ 135.1 مليون دولار.

وفيما ازدادت الصادرات الإماراتية إلى إسرائيل خلال الحرب، فإن الصادرات الإسرائيلية إلى الإمارات سجلت انخفاضاً، وبلغت قيمتها 778.5 مليون دولار، خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى فبراير/شباط 2025.
كان أكتوبر/تشرين الأول 2023 الأعلى قيمة في الصادرات الإسرائيلية إلى الإمارات، بـ 87.2 مليون دولار، فيما تراجعت إلى أدنى مستوياتها في سبتمبر/أيلول 2024 وبلغت 27.5 مليون دولار.

كيف حلّلنا البيانات الإسرائيلية؟
البيانات التي حصلنا عليها من مركز الإحصاء الإسرائيلي تتضمّن تفاصيل عن حجم التجارة الخارجية لإسرائيل مع دول العالم شهرياً. وتتضمّن البيانات أكواداً للمنتجات التي استوردتها أو صدّرتها إسرائيل بحسب (بلد المنشأ)، والذي يُقصد به البلد الذي تم فيه إنتاج السلع.
وتعرض البيانات الرسمية أكواد المنتجات بحسب تصنيف الجمارك الإسرائيلية للبضائع، وهذا التصنيف مستند إلى "النظام المنسَّق" (HS Code)، الذي وضعته منظمة الجمارك العالمية (WCO).
يُعدّ هذا النظام تصنيفاً دولياً للسلع، ويضمّ أكثر من 5000 مجموعة سلعية، لكل منها رمز مكوَّن من ستة أرقام. وتعتمد عليه أكثر من 200 دولة لتصنيف 98% من السلع في التجارة الدولية، ويمكن لبعض الدول أن تضيف أرقاماً أخرى إلى الأرقام الستة لأسباب تتعلّق بتصنيف السلع في تلك الدول نفسها، لكن ذلك لا يُغيّر من نوع المنتج.
هذا المثال يوضّح كيف تعرّفنا على أصناف المنتجات التي تُصدّرها الدول العربية المُطبّعة إلى إسرائيل، والأخرى التي تستوردها منها، من خلال البحث عن أكواد المنتجات التي نشرها الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء، واستندنا في البحث إلى بيانات "الجمارك الإسرائيلية" ومنظمة التجارة العالمية.
وللمزيد حول المنهجية التي اعتمدناها لتحليل البيانات، إضافةً إلى الاطّلاع على منتجات الدول العربية الأخرى التي تم تصديرها إلى إسرائيل، اضغط هنا.


وتحكم العلاقات التجارية بين الإمارات وإسرائيل اتفاقية للتجارة الحرة تم توقيعها عام 2022، وكانت الأولى من نوعها بين دولة عربية وتل أبيب، ونصّت الاتفاقية "على استثناء 96 بالمئة من الرسوم الجمركية على جميع السلع فوراً أو تدريجياً".
وتُظهر البيانات الإسرائيلية أن التجارة العربية مع إسرائيل لم تتأثّر خلال الحرب على غزة، على الرغم من غضب الشارع العربي من استمرار التجارة مع الاحتلال ووجود دعوات واسعة للمقاطعة.
وعادةً لا تكشف الدول العربية عن تفاصيل تجارتها مع إسرائيل، وتفرض تعتيماً واسعاً على هذا الملف، وذلك بسبب حساسية التعامل التجاري مع إسرائيل لدى الشارع العربي، في حين تنشر إسرائيل إحصائيات مفصّلة ومختلفة عن حجم تجارتها مع الدول العربية والعالم.