كثفت طائرات استطلاع أمريكية تمتلك قدرات متطورة، من تحليقها قبالة سواحل لبنان وسوريا، بالتزامن مع بدء التصعيد الإسرائيلي الأخير في لبنان، بدءاً من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية "البيجر"، وصولاً لتنفيذ اغتيالات في الضاحية الجنوبية ببيروت، وشن مئات الغارات على مناطق لبنانية عدة، بحسب ما رصده "عربي بوست".
الطائرات المرصودة حلقت لفترات طويلة قبالة سواحل سوريا ولبنان، ويظهر رصد نشاطها، أنها كانت تحلق إما قبل تنفيذ إسرائيل لهجماتها (مثل تفجير أجهزة البيجر وبعدها أجهزة اتصال (توكي ووكي)، أو بالتزامن مع تنفيذ الهجمات، مثل تحليق هذه الطائرات بالتزامن مع شن إسرائيل غارات مكثفة على مناطق متفرقة من جنوب لبنان، وهو ما سنوضحه بالتفصيل.
وفيما تحلق طائرات الاستطلاع الأمريكية بكثافة قبالة سواحل لبنان وسوريا، بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي الكبير ضد لبنان، فإن الولايات المتحدة نفت أن يكون لها دور أو مشاركة في الهجمات الإسرائيلية بلبنان، وتقول إنها تسعى بالوسائل الدبلوماسية لاحتواء التصعيد.
وتركز رصدنا لنشاط طائرات الاستطلاع الأمريكية المتطورة، على الفترة من 17 سبتمبر 2024، وحتى صباح يوم 25 سبتمبر 2024،والطائرات المرصودة هي:
1- (Northrop Grumman MQ-4C Triton) والتي تحمل الاسم BLKCAT5″
2- Lockheed EP-3E Aries II Orion
3- Boeing P-8A Poseidon
طائرة BLKCAT5 الاستطلاعية المتطورة
منذ يوم 17 وحتى 25 من شهر سبتمبر 2024، أجرت طائرة الاستطلاع الأمريكية BLKCAT5 عدة تحليقات طويلة قبالة سواحل لبنان وسوريا، وتأتي هذه الطائرة من قاعدة موجودة في مدينة قطانية بإيطاليا، وتحمل الطائرة الرمز التعريفي: Hex: AE7815، ورقم التسجيل 169804.
نشاط الطائرة يوم 17 سبتمبر 2024: في هذا اليوم انفجرت آلاف من أجهزة النداء "البيجر" التي كانت بحوزة عناصر من "حزب الله" اللبناني، وبدأت أولى الأخبار العاجلة عن انفجار أجهزة "البيجر" حوالي الساعة 15:59 بتوقيت بيروت (التوقيت في بيروت يسبق توقيت غرينتش بـ 3 ساعات).
في هذا اليوم، تظهر بيانات مواقع تتبع حركة الطائرات، أن طائرة الاستطلاع (MQ-4C Triton – BLKCAT5) حلقت مرتين قبالة سواحل صيدا وبيروت وطرابلس وصولاً إلى سواحل اللاذقية في سوريا.
بدأ تحليق الطائرة فوق المياه اللبنانية قرابة الساعة 11:30 ظهراً بتوقيت بيروت، واستمرت في تحليقها ما يزيد عن ساعة.
عادت الطائرة للتحليق قبالة السواحل اللبنانية بحدود الساعة 13:55، وظلت تحلق حتى حدود الساعة 15:15 صباحاً، قبل أن تغادر المياه اللبنانية لتتوجه في النهاية إلى قاعدتها.
يوم 21 سبتمبر 2024: حلقت طائرة الاستطلاع (MQ-4C Triton – BLKCAT5) في هذا اليوم قبالة السواحل اللبنانية والسورية مرتين، وجاء تحليقها بعد يوم من اغتيال إسرائيل رئيس شعبة العمليات في "حزب الله" إبراهيم عقيل، وقادة آخرين في "وحدة الرضوان" بعد قصفهم في الضاحية الجنوبية.
كانت إسرائيل تترقب يوم 21 سبتمبر 2024 رداً واسعاً من "حزب الله" اللبناني، على اغتيال قادته، وفي وقت لاحق من هذا اليوم شنت عشرات الغارات الإسرائيلية على مناطق واسعة من جنوب لبنان والبقاع الغربي.
بدأ تحليق الطائرة BLKCAT5 يوم 21 سبتمبر 2024 فوق المياه اللبنانية، بحدود الساعة 9:46 بتوقيت لبنان، قبالة سواحل صور، وصيدا، وبيروت، وطرابلس، ووصلت حتى قبالة السواحل السورية عند (طرطوس، وبانياس)، واستمر تحليقها قبالة سواحل لبنان وسوريا وإسرائيل، حتى قرابة الساعة 16:50 بتوقيت بيروت.
يوم 25 سبتمبر 2024: رصدنا أيضاً تحليق طائرة الاستطلاع الأمريكية قبالة سواحل لبنان وسوريا وإسرائيل، اليوم الأربعاء 25 سبتمبر 2024.
بدأ تحليق BLKCAT5 قبالة سواحل لبنان حوالي الساعة 7:50 بتوقيت لبنان، ووصلت حتى سواحل سوريا، واستمر تحليق الطائرة على طول سواحل لبنان وسوريا وإسرائيل، حتى نحو الساعة 11:47 بتوقيت بيروت.
تزامن تحليق طائرة الاستطلاع الأمريكية صباح اليوم، مع شن الطيران الإسرائيلي موجة جديدة من الهجمات في لبنان، وفي الوقت الذي أعلنت فيه وسائل إعلام إسرائيلية بدء موجة الهجمات، كانت الطائرة تحلّق قبالة سواحل طرطوس السورية، وقبل ذلك كانت قد حلقت على طول الحدود اللبنانية.
وبالعودة إلى نشاط هذه الطائرة الأمريكية من شهر مارس 2024 وحتى بداية سبتمبر 2024، فلم يكن للطائرة طلعات اعتيادية قبالة سواحل لبنان وسوريا، إلى أن بدأ بدء التصعيد الإسرائيلي الأخير على لبنان.
وهذه المسيّرة الأمريكية مطورة من قبل شركة Northrop Grumman، وتتميز بقدرات كبيرة للتحليق والاستخبارات، وبإمكانها التحليق لمدة 30 ساعة على ارتفاع 20 ألف متر.
الطائرة مزودة برادار وأجهزة استشعار متطورة، وتستطيع مسح مساحات شاسعة ونقل البيانات مباشرة لمركز القيادة، وقد تم تطوير قدراتها لجمع المعلومات الاستخباراتية الإلكترونية واعتراض وتحليل إشارات الاتصالات المختلفة، بما في ذلك إشارات الرادارات والراديو.
تحليق طائرة لوكهيد التابعة للبحرية الأمريكية
ورصد "عربي بوست" طائرة أمريكية ثانية كثفت من طلعاتها الاستطلاعية قبالة سواحل لبنان وسوريا وإسرائيل، بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي على لبنان، وهي Lockheed EP-3E Aries II Orion.
تتميز هذه الطائرة بأنها متعددة الذكاء، ولديها قدرات واسعة في المراقبة والاستطلاع، ويذكر الموقع الرسمي للبحرية الأمريكية، بأن هذه الطائرة هي طائرة الاستطلاع الأرضية الوحيدة التي تتبع للبحرية.
مهمة استطلاع يوم 18 سبتمبر: تظهر بيانات حركة الطائرة التي تتبعها "عربي بوست"، أن Lockheed EP-3E Aries II Orion بدأت بالتحليق قبالة سواحل لبنان يوم 18 سبتمبر، حوالي الساعة 10:07 بتوقيت بيروت، ووصلت حتى سواحل طرطوس في سوريا.
استمر تحليق الطائرة قبالة سواحل لبنان وسوريا وإسرائيل، حتى قرابة الساعة 14:00 بتوقيت لبنان، قبل أن تعود إلى قاعدتها في "شانيا" باليونان.
استطلاع يوم 23 سبتمبر: في هذا اليوم حلقت Lockheed EP-3E Aries II Orion أيضاً، قبالة سواحل لبنان ووصلت حتى سواحل اللاذقية السورية.
جاء تحليق الطائرة يوم 23 سبتمبر 2024، بعد ساعات من شن "حزب الله" هجوماً واسعاً بالصواريخ ضد أهداف عدة في إسرائيل، والتي شنت يوم 23 سبتمبر 2024 غارات واسعة على أهداف في لبنان، وقالت حينها وزارة الصحة اللبنانية إن القصف الإسرائيلي أودى بحياة 500 شخص.
تظهر بيانات تتبع الأنشطة السابقة لهذه الطائرة، أنها سبق وأن حلقت مراراً قبالة السواحل اللبنانية في أشهر (4 و5 و6 و7 و8) الماضية، لكن بوتيرة أقل من تحليقها خلال شهر سبتمبر 2024.
تحليق طائرة الاستطلاع Boeing P-8A Poseidon
الطائرة الأمريكية الثالثة للاستطلاع، التي رصدها "عربي بوست"، والتي كثفت من طلعاتها الاستطلاعية قبالة سواحل لبنان بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي، هي Boeing P-8A Poseidon، وتحمل الرمز التعريفي Hex: AE67AF.
تتبع هذه الطائرة للقوات البحرية الأمريكية، وتتميز الطائرة بأن لديها إمكانيات كبيرة في أعمال الاستطلاع والمراقبة والاستخبارات، ويمكنها الطيران على ارتفاع يصل إلى 41 ألف قدم (12,496 متر)، وتتميز بسرعتها الكبيرة للوصول إلى منطقة عملياتها، بحسب ما ذكره موقع "بوينج".
حلقت هذه الطائرة أيام 19 و20 و21 و22 و24 سبتمبر 2024، وكانت تحلق على طول السواحل اللبنانية وصولاً إلى السواحل السورية.
في يوم 21 سبتمبر، كانت كلا الطائرتين الأمريكيتين Boeing P-8A Poseidon، وBLKCAT5 تحلقان بنفس الوقت قبالة سواحل لبنان وسوريا، وهذا اليوم كما ذكرنا كانت إسرائيل تترقب فيه شن هجوم واسع من "حزب الله".
ومنذ شهر مارس 2024 وحتى شهر مايو 2024 لم يكن لهذه الطائرة نشاطاً استطلاعياً قبالة سواحل لبنان، وأظهرت بيانات تتبع نشاط الطائرة، أنها حلقت 9 مرات قبالة سواحل لبنان في شهري 7 وشهر 8، قبل أن تزيد من وتيرة تحليقها في شهر سبتمبر 2024.
أكبر تصعيد ضد لبنان منذ بدء الحرب
تتزامن أنشطة الاستطلاع الأمريكية قبالة سواحل لبنان وسوريا، فيما يستمر الهجوم الإسرائيلي على لبنان، وهو الأعنف والأوسع منذ بدء المواجهة بين تل أبيب و"حزب الله" قبل نحو عام.
وكثف طيران الاحتلال الإسرائيلي من غاراته وبشكل ملحوظ على جنوب لبنان، منذ صباح الإثنين 23 سبتمبر، ووفق وزارة الصحة اللبنانية فإن القصف الإسرائيلي تسبب بوفاة 571، بينهم 50 طفلاً و94 امرأة، بالإضافة إلى قرابة 1,848 جريحا ونحو 390 ألف نازح.
في المقابل، يستمر انطلاق صفارات الإنذار شمال إسرائيل قرب الحدود مع لبنان، إثر إطلاق "حزب الله" مئات الصواريخ على مواقع عسكرية ومستوطنات، ولأول مرة منذ بدء الحرب أعلن "حزب الله" اليوم الأربعاء عن قصفه بصاروخ باليستي (قادر 1) مقر قيادة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" بضواحي تل أبيب.
يُعد استهداف منطقة تل أبيب الكبرى توسيع "حزب الله" لمدى هجماته على إسرائيل إلى أكثر من 100 كم، إذ كان مدى صواريخ حزب الله في هجماته ضد الأهداف الإسرائيلية وصل في الأيام الأخيرة إلى مدن صفد وعكا وحيفا التي تبعد عن الحدود اللبنانية بمسافات تتراوح بين 20 و60 كم.
ومنذ 8 أكتوبر 2023 تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها "حزب الله"، مع الجيش الإسرائيلي قصفاً يومياً عبر "الخط الأزرق" الفاصل، أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2024، التي خلّفت أكثر من 137 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.