تتبع "عربي بوست" نشاط رجل الأعمال الإسرائيلي الذي قُتل في مصر، زيف كيبار، في 7 مايو/أيار 2024، بمدينة الاسكندرية، ليتبين أنه كان على علاقة مع أكبر منظمة يهودية في العالم تدعو إلى الاستيطان في غزة، وكان لها نشاط في القطاع منذ بداية الحرب لتحقيق ذلك، إلى جانب أن شركته كانت تصدر البضائع إلى الاحتلال.
بعد مقتل كيبار، انتشرت له صورة مع شخصين يهوديين، وعند تتبعهما، تبين أنهما من أعضاء منظمة "شيباد" -وتكتب بالعربية أيضاً (حباد)-، التي برز نشاطها الاستيطاني في غزة منذ بداية الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في حين أثار هتاف قاتله لأجل غزة لحظة إطلاق النار عليه، تساؤلات عن الرابط بين رجل الأعمال الإسرائيلي وغزة.
عند تتبع الشخصين بواسطة برامج التعرف على صورة الوجه، تبين أنهما الحاخامان "مندل جولدمان" و"مندل كونيكوف" (Mendel Goldman, Mendy Konikov)، وهما كما وصفهما موقع منظمة "حباد"، عضوان فيها، في حين أنهما لا يملكان حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي باسميهما، باستثناء قناة على يوتيوب تحمل اسم الأول، ينشر فيها نشاطه مع أطفال المنظمة.
الرابط بين رجل الأعمال الإسرائيلي وغزة
عند الرجوع إلى الموقع الرسمي لمنظمة حاباد على الإنترنت وحسابها على منصة "X"، يظهر نعي لرجل الأعمال الإسرائيلي، على أنه كان داعماً قوياً لمنظمة حباد، وأنه كان على اتصال معها خلال الفترة منذ بداية الحرب في غزة، وأنه كان مساهماً بدعم نشاطات وفعاليات لها.
موقع "حباد" الرسمي على الإنترنت، وصفهما بأنهما اثنان من طلبة حاخامات حباد، والتقيا برجل الأعمال الإسرائيلي زيف كيبار، في الاسكندرية بمصر، في خريف 2023، في الفترة بين (17 سبتمبر/أيلول و6 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، أي قبيل الحرب في غزة، واصفاً إياه بأنه "كان أحد جهات الاتصال الرئيسية لهما في مصر".
كذلك نشر صورة أخرى للحاخامين، يظهران فيها مع رجل الأعمال الإسرائيلي القتيل، وهو يجلس معهما في أحد شوارع الإسكندرية.
سرد موقع "حباد" أيضاً، أن رجل الأعمال الإسرائيلي كان على اتصال دائم مع هذين الحاخامين بعد زيارتهما له في مصر، وأنهما تواصلا معه بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسألاه إذا ما كان يريد أن يغيّر من خططه في البقاء بمصر، لكنه أكد بقاءه هناك.
وقالا إنه في اتصال آخر: "عندما تحدثنا في شهر مارس/آذار 2024، كان زيف واضحاً جداً في أنه يشعر بالأمان في الإسكندرية".
وأكد الموقع الرسمي لمنظمة "حباد"، أن رجل الأعمال الإسرائيلي، كان يتمتع على مر السنين بالعديد من العلاقات الدافئة مع مبعوثي منظمة "شاباد-لوبافيتش" العالمية (حباد).
ونقل عن الحاخام يسرويل سيلبرشتاين، مبعوث حاباد إلى أوكرانيا، قوله: "التقينا به مراراً، واعتاد زيف أن يقول لي إنه عندما يتقاعد، سيكون مساعداً دينياً للحاخام".
ونشرت منظمة "حباد" صورة لرجل الأعمال الإسرائيلي زيف كيبار وهو في أحد تجمعات المنظمة، مشيدة بأنه كان داعماً كبيراً لها، ومؤكدة أنه كان يشارك في نشاطاتها وتجمعاتها في أوكرانيا وإسرائيل ومصر وغيرها.
وأشاد كذلك موقع المنظمة بظهور زيف في صورته واسعة الانتشار مع الحاخامين، وهو يرتدي "تيفيلين"، وهو لباس لحاخامات حاباد وهم يؤدون طقوسهم.
وهو عبارة عن زوج من الصناديق الجلدية السوداء، التي تحتوي على مخطوطات عبرية من "البرشمان"، وتشتمل على قطعتين: واحدة للرأس وواحدة للذراع، ويتكون كل منها من 3 مكونات: لفائف وصندوق وحزام.
وتبدو مثل هذه الصورة:
وأفاد بأن زيف تحدث مع الحاخامين لساعات عن حياته، وكيف يعيش في مصر كيهودي، وأنه قادهما في جولة أطلعهما فيها على مواقع المدينة الجميلة، وأنه شارك معهما قيادة قداس عيد رأس السنة في كنيس إلياهو هانافي في الإسكندرية.
أما على الصعيد التجاري كرجل أعمال إسرائيلي، فإنه يتبين من خلال رصد "عربي بوست" لنشاط شركته، أنه استمر حتى بعد الحرب في غزة في تصدير الفواكه والخضار والفحم من مصر إلى "إسرائيل".
نشاط منظمة حباد في غزة
نشاط منظمة حباد في غزة كان لافتاً منذ بداية الحرب هناك، إذ إن هذه المنظمة اليهودية الأكبر في العالم، عملت منذ بداية العدوان الإسرائيلي على الدعوة إلى الاستيطان في غزة.
بحسب موقع "jdn"، الذي يقدم نفسه على أنه "أكبر مجموعة إعلامية في القطاع الحريدي لليمين اليهودي الأرثوذوكسي المتطرف، فإن رجل الأعمال الإسرائيلي كان على علاقة بمنظمة حباد، وهي المنظمة التي نشطت في دعوتها إلى الاستيطان في غزة والضفة الغربية.
ميدانياً، كان نشاط حباد في حرب غزة علنياً، ففي بيت حانون شمال غزة، رفع جنود إسرائيليون لافتة على أحد المباني في 6 ديسمبر/كانون الثاني 2023، معلنين أنه "أول بيت حباد" في غزة.
ونشر الجنود صوراً للبيت في بيت حانون:
בית חב"ד הראשון בעזה:
— שניאור אלפנביין (@ShneorElfenbein) December 6, 2023
מספר לוחמים, חסידי חב"ד הנלחמים בעזה, פתחו את הבית חב"ד בצפון הרצועה בבית חאנון, שם יפיצו את אור בחנוכה לעשרות אלפי חיילי צה"ל במהלך החג. pic.twitter.com/FVq92t1Kuk
تعليقاً على ذلك، قال عضو في حركة "حاباد" في تغريدة: "افتتح عدد من المقاتلين من أتباع حباد الذين يقاتلون في غزة، أول بيت حباد في شمال قطاع غزة في بيت حانون، حيث سيوزعون أنوار الحانوكا على عشرات الآلاف من جنود الجيش الإسرائيلي خلال العطلة".
بحسب موقع "Jewish press"، فإن "مبعوثي حباد حرصوا على إيجاد طريقهم إلى غزة، لمرافقة قوات الجيش الإسرائيلي أثناء معركته الوجودية هناك ضد حماس".
كشف كذلك في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن أن منظمة حباد عملت على "وضع الشمعدان اليهودي العام في أكبر عدد ممكن من الأماكن في إسرائيل وحول العالم، وقاموا كذلك بفعل ذلك في غزة أيضاً".
ونشر صورة لقيامهم بذلك في غزة:
פרסום הנס
— ינון מגל (@YinonMagal) November 30, 2023
חב"ד עזה pic.twitter.com/xnU7dOo49G
يذكر أنه يظهر في الفيديو الذي نشرته جماعة تبنت قتل رجل الأعمال الإسرائيلي، منفذ العملية، وهو يقول: "شالوم من أطفال غزة"، في حين قالت السلطات المصرية إنها اعتقلته ولم تعلن بعد عن هويته.
ما هي منظمة حباد (شاباد)؟
تتبع منظمة "حباد-لوبافيتش" التقاليد اليهودية، وتوفر بيوت حباد حول العالم لليهود المحليين والمسافرين، وطعام الكوشر (المتوافق مع العقيدة اليهودية) وأماكن للصلاة وخدمات دينية أخرى.
مؤسس منظمة حباد عام 1788، هو الحاخام شنيور ملادي، الذي كان "مؤمناً قوياً" بأن "إسرائيل يجب أن تحتفظ بالسيطرة على كل أرض إسرائيل التوراتية"، التي تشمل غزة والضفة والجولان.
تعد كذلك منظمة حباد واحدة من مدارس اليهودية الأورثوذوكسية، ويقع مقرها الرئيسي في بروكلين في نيويورك، وهي أكبر منظمة يهودية في العالم.
للمنظمة -بحسب ما تعرّف به نفسها- أكثر من 3500 مؤسسة حباد في أكثر من 85 دولة، منها جنوب أفريقيا وأمريكا الجنوبية وروسيا وأستراليا وآسيا والمملكة المتحدة وأجزاء كثيرة من الولايات المتحدة الأمريكية.
تستضيف بيوت حباد دروساً ومحاضرات وورش عمل حول موضوعات يهودية، وتقدم الخدمات الدينية، وتقام فيها المناسبات الخاصة بمجتمع حباد.
أما عن معنى كلمة "حباد" أو "شاباد"، فهي اختصار عبري للملكات الفكرية الثلاث "الحكمة، والفهم، والمعرفة"، أما "لوبافيتش" فهي اسم المدينة في بيلاروسيا حيث انطلقت فكرة المنظمة.
يذكر أن رجل الأعمال الإسرائيلي زيف كايبر، ولد في أوكرانيا السوفييتية، واستوطن مع عائلته في فلسطين، عندما كان طفلاً، ثم سافر إلى كندا، حيث التحق بالجامعة؛ وأدار بعدها العديد من الشركات التي أعادته إلى أوكرانيا، وفي النهاية إلى مصر.