امتداداً لحالة تصاعد المقاومة التي تشهدها الضفة الغربية ضد الاحتلال الإسرائيلي، برزت مؤخراً بلدة سلواد الواقعة شرق رام الله في واجهة الأحداث بعد عمليتَي إطلاق نار نفذت من البلدة تجاه المستوطنين وجنود الاحتلال.
حصار على بلدة سلواد
تخضع البلدة منذ العشرين من أغسطس/آب الماضي لحالة حصار شبه مطبق بعد عمليتَي إطلاق النار الأخيرتين؛ إذ أغلق الاحتلال جميع مداخلها ومنع حركة الخروج والدخول من وإلى البلدة التي يقطنها نحو 11 ألف نسمة.
وقال نشطاء من البلدة لـ"عربي بوست" إن الحصار المستمر يشمل إغلاق الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية للبلدة وإعاقة وصول الطلبة والمعلمين إلى مدارسهم والمواطنين إلى أعمالهم.
ويمنع الاحتلال المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، وقطع التواصل بين سلواد والقرى المحيطة، بالإضافة إلى تواصل حملة الاعتقالات منذ أشهر بشكل يومي وأسبوعي.
ووفق النشطاء كثف الاحتلال من اقتحامات البلدة، يرافق ذلك تكسير السيارات وإعطاب شبكة الكهرباء، وتدمير الحاويات، وتحطيم أبواب المنازل وتخريب محتوياتها.
وتقول الصحفية الناشطة في البلدة شذى حماد لـ"عربي بوست"، إن الإغلاق كان له أثر على حياة معظم أهالي البلدة ضمن سياسة الردع والعقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال؛ إذ يواصل إغلاق المدخل الغربي؛ مما يمنع الأهالي من الوصول لمقبرة بلدتهم.
حالة الحصار هذه ليست مستجدة على أهالي البلدة التي شكلت رقماً صعباً في مقاومة الاحتلال منذ انطلاق الثورة الفلسطينية ووقفت خلف عمليات موجعة كبدت الاحتلال خسائر باهظة.
وشكلت سلواد رمزية خاصة في مقارعة الاحتلال وصنعت حالة خاصة في استمرارية التضحية رغم سياسات الاحتلال لكسر مقاومتها.
"عيون الحرامية".. من سلواد انطلقت المقاومة
الخصوصية التي ارتبطت ببلدة سلواد تشكلت بفعل عمليات مؤثرة وبروز قادة للمقاومة من داخل البلدة، ففي الثالث من مارس/آذار عام 2022 خرجت أسطورة عيون الحرامية.
وانطلق ثائر حامد من بلدة سلواد حاملاً قطعة سلاح قديم باتجاه حاجز "عيون الحرامية" شمال مدينة رام الله، وتمكن من قنص 11 جندياً إسرائيلياً وقتلهم قبل الانسحاب من المكان بسلام.
وتم اعتقال ثائر حماد بعد عامين من عملية "عيون الحرامية" والحكم عليه بالسجن 11 مؤبداً.
ومن البلدة، خرج قائد كتائب القسام في الضفة الغربية إبراهيم حامد الذي يعتبره الاحتلال مسؤولاً عن عشرات العمليات ضد الإسرائيليين.
وعاش إبراهيم حامد مطارداً لعشر سنوات قبل أن يتم اعتقاله عام 2002، والحكم عليه بثاني أعلى حكم في سجون الاحتلال وقدره 54 مؤبداً، ورفض الاحتلال الإفراج عنه في أي صفقة تبادل للأسرى.
وكان لسلواد دور كبير في مقاومة الاحتلال إبان انتفاضة الأقصى، ومنها 15 أسيراً حُكموا بالمؤبدات في سجون الاحتلال وغيرهم من ذوي الأحكام العالية.
الحالة في سلواد هي امتداد لحالة المقاومة التي تشهدها مدن جنين ونابلس، وحالة المقاومة في البلدة جزء من المنظومة الاجتماعية في المنطقة.
وتعتبر المقاومة المستمرة مرتبطة بوجود الاحتلال الذي يشعر به أهالي البلدة بشكل يومي من خلال محاصرة أراضي المواطنين بالاستيطان والنقاط العسكرية، واستهداف الأهالي بالاعتقالات واطلاق النار الذي خلَّف نحو ٦٠ شهيداً من البلدة منذ بدء الاحتلال.