عند الاستعداد لدخول المدارس في المغرب، الذي بدأ فعلياً يوم 5 سبتمبر/أيلول الجاري، بالتحاق التلامذة بفصولهم، يقصد الآباء والأمهات المكتبات المخصصة لشراء الكتب المدرسية.
وتشتكي الأسر المغربية من كلفة عودة أبنائها إلى المدرسة، في ظل زيادات تشهدها أسعار الكتب المدرسية، إلى جانب ارتفاع في أثمان الأدوات المدرسية من دفاتر وحافظات.
اتفاق ودعم مالي
قبل أيام من الدخول المدرسي تحركت الحكومة المغربية لمنع أي زيادة في أسعار الكتب المدرسية، بعدما أعلن الناشرون رفع سعر الكتاب المدرسي بنسبة 25%، معلّلين هذه الخطوة بارتفاع أسعار المواد الأولية.
وتوصلت الحكومة مع الناشرين لاتفاق يقضي بتقديم دعم مالي مباشر لهم، على أن تباع الكتب بنفس الأسعار المعتمدة سابقاً.
وقالت الحكومة حينها إنها تسعى لـ"تأمين توفير الكتب المدرسية في الوقت المناسب وبالعدد الكافي، تفادياً لأي زيادة في الأسعار، وحفاظاً على القدرة الشرائية للأسر المغربية".
على إثرها، توعّدت الحكومة بمعاقبة أي متلاعب بأسعار الكتب المدرسية، حسب ما أكده الوزير الناطق باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، في مؤتمر صحفي سابق.
ما هي الكتب غير المدعّمة؟
لكن الوضع اليوم في سوق الكتب غير ما أعلنت عنه الحكومة، إذ اصطدم آباء وأمهات وأولياء التلامذة بمقررات دراسية لم تدخل في نطاق المُدعّم حكومياً.
أيضاً اكتشف أولياء الأمور بمناسبة الدخول المدرسي زيادات ملحوظة في أثمان الأدوات المدرسية التي تتشكل منها محفظة التلميذ.
نائب رئيس جمعية الكتبيين المستقلين بالمغرب، حسن الكمون، كشف أن "أثمان كتب مستويات الثانوي التأهيلي استثنيت من دعم الوزارة".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن هذا الاستثناء دفع بعض الناشرين إلى زيادة من نوع آخر، عندما أنقصوا 5% من الخصم المعتاد المسلم للموزع وهو 15%، عوض 20% المعتادة والمتعارف عليها منذ سنة 2002″.
وأكد المتحدث أن "الكتبي الذي يتزود من عند الموزع لن يتوصل سوى إلى 20% كخصم وكهامش للربح، ما سيضطر الكتبيين لعدم اقتناء كتب الثانوي التأهيلي، وبذلك ستزداد معاناة آباء وأمهات التلامذة".
ونبه نائب رئيس جمعية الكتبيين المستقلين، إلى أن "الزيادة شملت أيضاً الكتب الموجهة للتعليم الخصوصي، سواء المستوردة من الخارج بنسبة تتراوح ما بين 8 و12% أو المطبوعة في المغرب بنسبة تتراوح ما بين 12 و15%".
مقررات خاصة أجنبية
وتفرض المدارس الخصوصية في المغرب مقررات دراسية، بعضها يُستورد من الخارج، بهدف إبراز الوجه الإيجابي للعرض التعليمي الذي تقدمه، وتسويق صورة لجودة ما تقدمه في فصولها الدراسية.
في هذا السياق، ناشد رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء تلاميذ المغرب، نور الدين العكوري، "الوزارة لإيجاد حل مع المؤسسات التعليمية الخاصة التي تفرض مقررات على الأسر خارج المقررات التي وضعتها الوزارة".
وأبرز العكوري، في تصريحه لـ"عربي بوست"، أن هذا "ما يجعل الآباء والأمهات يعانون أكثر، بالنظر إلى عدد من المصاريف المرهقة، خصوصاً أن المدارس الخصوصية تفرض على هذه الأسر شراءها من مكتبة معينة تتفق معها المؤسسة".
المدارس الخاصة ترفع شعار الجودة
في المقابل، يذهب أرباب المدارس الخاصة إلى أنهم لا يتحملون مسؤولية ارتفاع أثمان الكتب والمقررات الدراسية، التي يعدّونها بغرض رفع جودة التعليم.
ويعتقد الناطق الرسمي باسم اتحاد التعليم والتكوين الحر، جواد الدادسي، أن "الدعم المباشر للأسر التي يدرس أبناؤها في التعليم الحر، يبقى الحل المناسب لتجاوز صعوبات الدخول المدرسي".
وقال المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" إن "الاتحاد كان قد اقترح على الدولة عدة آليات، منها الخصم الضريبي، وتفعيل البند 44 من قانون الإطار الذي ينص على وضع إطار تعاقدي شامل بين الدولة والقطاع الخاص.
وأضاف المتحدث أن "الاتحاد اقترح الحرص على تحقيق عدالة مجالية تضمن للجميع تحقيق نهضة تربوية رهاناتها الكبرى في ترسيخ مدرسة الإنصاف وتكافؤ الفرص".
وأشار المتحدث ذاته إلى أنه "يتفهم جيداً الصعوبات التي تجدها الأسرة المغربية المرتبطة أساساً بقدرة شرائية أضعفتها أزمة كورونا، وما نعيشه حالياً من مخلفات الحرب الروسية الأوكرانية".
إنتاج ضعيف ومضاربات في السوق
تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا، هي مبرّر مهنيي بيع اللوازم المدرسية في رفعهم لأسعار هذه المنتجات التي يحتاجها التلامذة في فصولهم الدراسية.
نائب رئيس جمعية الكتبيين المستقلين بالمغرب، قال إن "فئة بعض الدفاتر ارتفع ثمنها بشكل مبالغ فيه، من 2.80 درهم (96 صفحة) و5.30 درهم (192 صفحة) إلى 3.50 درهم و6.70 درهم.
وأضاف المتحدث أن "البنيات الصناعية المغربية في هذا المجال لم تستطع الاستجابة لحاجة السوق الوطنية، بسبب غياب بنية الإنتاج والمكننة اللازمة".
وكشف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن "الحكومة وضعت حواجز أمام استيراد الدفتر من فئة 60 غراماً و70 غراماً من الخارج دعماً للمنتوج الوطني".
وأضاف الكتبي، أنه "تم اللجوء إلى الاحتكار والبيع المشروط المرفق بالزيادة في أثمان الدفتر الأكثر طلباً، وهي أساليب تُلحق أضراراً بليغة بسلامة وسلاسة الدخول المدرسي".
من جهته، سجل رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء تلاميذ المغرب، نور الدين العكوري، أن هناك "مضاربات اليوم في سوق اللوازم المدرسية، إذ إن أثمانها غير مستقرة، ويمكن أن تجد اختلافاً في الأسعار ما بين مكتبة وأخرى".
وخلص ذات المتحدث، إلى أن "70% من محفظة التلميذ تتشكل من الأدوات واللوازم المدرسية الأخرى، على غرار الدفاتر والأقلام (…)".