تخوين وبلاغ للنائب العام.. ما أسباب التراشق اللفظي بين علاء مبارك ومصطفى بكري؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/08/23 الساعة 09:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/23 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
علاء مبارك/مواقع التواصل

أثارت "حرب التغريدات" والبلاغات التي اندلعت بين نجل الرئيس المصري علاء مبارك ومصطفى بكري والنائب الحالي بالبرلمان المصري، جدلاً سياسياً واجتماعياً على مواقع التواصل الاجتماعي التي عجت بالنقاشات حول أبعاد التراشق الذي جاء على إثر تغريدة نشرها رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس ولمّح فيها لوجود أبعاد جنائية في حادث حريق كنيسة "أبو سيفين" الذي راح ضحيته 41 شخصاً وعشرات المصابين.

تطورت الأمور الخميس الماضي؛ حيث تقدم بكري ببلاغ للنائب العام ضد علاء مبارك، يتهمه فيه بالسب في حقه وحق أسرته؛ مما يشكل جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات، وتضمنت الشكوى التي نشرتها وسائل إعلام محلية نصوصاً للتغريدات التي اتهمت فيها نجل الرئيس الراحل لبكري بأنه "قليل الأصل"، أي "غير أصيل"؛ لأنه لم يؤد واجب العزاء في وفاة والده حسني مبارك.

وأردف بكري في بلاغه المقدم ضد علاء مبارك: "ارتكب السب والقذف في حقي وحق عائلتي، مما يضعه تحت طائلة قانون العقوبات"، مضيفاً أن علاء مبارك سبه على حسابه في موقع تويتر بتاريخ 16 أغسطس/آب لسنة 2022 في إطار دفاعه عن المهندس نجيب ساويرس.

مصطفى بكري

بلاغ قديم عقب الثورة يُشعل الأزمة الراهنة

بحسب مصادر مقربة من الكاتب الصحفي والنائب بالبرلمان مصطفى بكري، فإن التراشق الأخير يحمل بعدين؛ الأول له علاقة بحالة الجدل التي أحدثها رجل الأعمال نجيب ساويرس والتي تطلب تدخلاً من أحد المحسوبين على النظام المصري للتعامل مع الأزمة التي أثارها بشأن حريق الكنيسة وتهديده بشكل غير مباشر بأن الدولة لديها أدوات من الممكن أن تحركها في وجهه.

ويضيف المصدر ذاته أن البعد الآخر يرتبط بإقحام علاء مبارك نفسه في المشكلة، وظهوره كشخص يترصد لاندلاع أزمة يكون طرفها بكري للرد عليه وتوجيه ضربات قصد تأخيرها لحين تحسن وضعية أسرة مبارك القانونية والسياسية أيضاً، إذ إن بكري كان أحد أبرز داعمي نظام والده الذي استمر في الحكم لأكثر من ثلاثين عاماً، لكنه في الوقت ذاته كان صاحب أول بلاغ تقدم به للنائب العام عقب تنحيه في فبراير/شباط من العام 2011.

وتقدم بكري ببلاغ للنائب العام المصري في ذلك الحين عبدالمجيد محمود ضد زوجة مبارك سوزان ثابت ونجليه جمال وعلاء مبارك بتهمة التربح واستغلال النفوذ وتهريب الأموال إلى الخارج، وأشار إلى أرقام حسابات سرية في بنوك مصرية وكذلك حسابات أخرى في البنوك الأجنبية، وعلى إثر ذلك قررت النيابة العامة فرض حظر سفر على الرئيس السابق وعائلته وقررت التحفظ على ممتلكات الأسرة.

علاقة لم تنقطع بين أسرة علاء مبارك ومصطفى بكري

توضح مصادر مطلعة أن العلاقة لم تنقطع بين أسرة مبارك وبكري بعد هذا البلاغ والذي أعقبه بلاغات أخرى عديدة من جهات مختلفة، وحصلت أسرة مبارك في أغلبها على البراءة، لكنها لم تعد إلى سابق عهدها، وحافظ أبناء مبارك على خطوات تواصل مفتوحة مع كثير من الإعلاميين والسياسيين الموالين لنظام والدهم حتى الذين انقلبوا عليه بعد رحيله، وبدا أن ذلك له علاقة بتقديرات مستقبلية لأسرته.

ويتابع المصدر ذاته: "أن اللغة الخشنة التي استخدمها علاء مبارك ضد بكري هذه المرة تبرهن على أن هناك معلومات أو وثائق تدين بكري ويعلم بها الأخير الذي جاءت ردوده ضعيفة وأدرك أنه سيدخل معركة سيكون خاسراً فيها، وبالتالي فإنه حرص على الإيحاء بأن هناك معركة مستمرة عبر البلاغ الذي تقدم به في محاولة لتحسين صورته".

 واستمر بكري في ردوده المتتالية على نجل مبارك، الخميس، وذلك بعد يومين من التراشق الأول، وقال في سلسلة تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "أقول لعلاء مبارك، مسكين إنك فاقد أعصابك، بعد أن طالبتك بضرورة نقل أموالك وشقيقك المشروعة وقدرها 429 مليون دولار، ما يقرب من 9 مليارات جنيه إلى البنك المركزي المصري بدلاً من البنك السويسري، علشان بلدك في أزمة، فجن جنونك وبدأت تتطاول مجدداً، أنا والله عاذرك".

هواجس من علاقة خفية بين ساويرس وأسرة مبارك

يقول محلل سياسي لـ"عربي بوست" أن استمرار بكري في تغريداته رغم سكوت الطرف الآخر يبرهن على أن لديه معلومات بشأن علاقة أبناء مبارك ورجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس، قد تكون في ظاهرها اقتصادية عبر وجود شراكات خاصة بين الطرفين في أعمال تجارية واستثمارية مختلفة، لكن يبقى هناك هواجس لدى دوائر حكومية مصرية مما تخفيه تلك العلاقة.

لكن المحلل يؤكد لـ "عربي بوست" أنه بعيداً عن وجود شراكة أم لا بين آل مبارك وآل ساويرس، فإن مبارك الابن يحمل تقديراً لرجل الأعمال الذي طالما ما يدافع عن مبارك وينصف فترة حكمه.

ودائماً ما يستشهد بما كان يفعله مبارك أثناء حكمه أو يذكر أقواله للرد بشكل غير مباشر على الأوضاع الحالية. 

 ويلفت إلى أن بكري أصر في التلميح بتغريداته على إمكانية تحريك قضايا جديدة ضد أبناء مبارك للتعرف على كيفية حصولهم على الأموال المودعة بالبنوك المصرية الأجنبية، لكنه حين تقدم ببلاغ للنائب العام لم يتطرق إليها، وبدا كل طرف يستخدم التهديدات ضد الطرف الآخر للتأكيد على وجود دلائل قد تفضح كلاً منهما أمام الرأي العام.

ويشير المحلل إلى أن الهدف من الجدال الذي أخذ في التصاعد هو تصفية حسابات قديمة لن تحقق فائدة للرأي العام الذي يتابع عن كثب ما سينتهي إليه التراشق والذي يتوقف على رد الطرف الآخر يتمثل في (علاء مبارك ونجيب ساويرس) على تغريدات بكري الأخيرة.

حريق الكنيسة يطلق شرارة المناوشات على تويتر

بدأت المشادة الكلامية بتغريدة نشرها ساويرس على هامش حادث حريق كنيسة أبو سيفين بمنطقة إمبابة بمحافظة الجيزة المجاورة للعاصمة المصرية القاهرة.

وأثارت التغريدة جدلاً في الرأي العام المصري؛ لأنها جاءت بعد تحقيقات أولية أشارت إلى أن الحادث وقع نتيجة عطل كهربائي، وطالب بكري النائب العام المصري بالتحقيق مع رجل الأعمال متهماً إياه بإثارة الفتنة، قائلاً: "نجيب ساويرس يقوم بكتابة تغريدة عكس الرياح بهدف إثارة المشاكل والأزمات والفتنة..".

دخل علاء مبارك تلك المشادة بتغريدة أخرى قال فيها: "سبحان الله، طيب حد غيرك يطلب من النائب العام التحقيق عن نشر أخبار كاذبة تبقى مقبولة..! قلتها لحضرتك قبل كده، وما صدقتنيش إنك أستاذ ورئيس قسم ونموذج يُدرس فى ال ــــــــ لا مؤاخذة، تحياتى يا درش".

 عقب ذلك دخل نجيب ساويرس على خط خناقة تويتر بطريقته الساخرة لينشر عدة صور لمصطفى بكري عنونها بـ"قصة كفاح مصطفى بكري"، لتتضمن لقاءات بكري مع رموز مبارك وأيضاً مع رموز الإخوان والسلفيين عقب ثورة 25 يناير.

تاريخ من التغريدات والسجالات

لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يدخل فيها علاء مبارك في تراشق مع بكري، إذ إن جزيرتي تيران وصنافير كانتا سبباً في جدال شهير قبل عام ونصف تقريباً، حيث زعم بكري أن مبارك الأب هو صاحب قرار التنازل عن الجزيرتين للسعودية وليس الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ورد مبارك الابن على بكري حينها، وطالبه بالتوقف عن "تحريف وتزييف" التاريخ.

كما نشر حيثيات حكمَي محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا حول مصرية الجزيرتين، خاصة فيما يتعلق بعدم قانونية الاستناد إلى قرار مبارك عام 1990 بشأن تحديد نقاط الأساس التي تقاس منها الحدود البحرية.

البراءة تقوي شوكة أبناء مبارك

يتفق متابعون للشأن المصري على أن أسرة مبارك أصبحت في وضعية تمكنها من الدخول في معارك عديدة مع شخصيات انقلبوا على والدهم ونظامه حينما اندلعت ثورة يناير في العام 2011، وأن ذلك ينعكس في كثرة المناوشات التي دخل فيها علاء مبارك الذي يتولى مواجهتهم افتراضياً على موقع التدوينات "تويتر" وتلقى ردوده في كل مرة أصداء واسعة.

هاجم نجل الرئيس السابق إعلاميين آخرين منهم عمرو أديب، حيث نشر علاء مقطعاً يسخر من تبدل المواقف لدى الإعلامي الشهير المقرب من السلطة؛ بين تأييد مبارك والثناء عليه عندما كان رئيساً، والهجوم الحاد عليه حالياً.

كما شن هجوماً على الإعلامي إبراهيم عيسى، بعد انتقاد الأخير لفكرة قراءة الصيدلي للقرآن في صيدليته بدلاً من قراءة مراجع أدوية، ووجه مبارك الابن جملة لعيسى قال فيها: "وانت مالك"، أي إنه أمر لا يعنيك فلا تتدخل فيه.

كما اشتبك علاء مبارك بشكل غير مباشر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورد على تصريحاته التي قال فيها إن "المسؤولين السابقين تسببوا في أن تصبح البلد (كهنة)، وهو تعبير عامي مصري يعني قديمة أو خرقة قديمة من القماش، قائلاً: "مصر ليست "كُهْنة" وليست "شبه دولة"، وهو تعبير آخر استخدمه أيضاً الرئيس المصري.

وكانت الحكومة السويسرية قد أغلقت قبل ثلاثة أشهر تقريباً، تحقيقاً في مصدر أموال تعود للعائلة، لعدم وجود دليل كاف على تهمة غسيل الأموال التي وجهت ضد أسرة مبارك وأشخاص محسوبين على نظامه، كما أفرجت عن 400 مليون فرنك سويسري بعد الإفراج عن 200 مليون أخرى قبلها.

وأكدت محكمة العدل الأوروبية في أوائل أبريل/نيسان الماضي قرارها السابق بإلغاء تجميد أموال وأصول أسرة مبارك، عقب ثورة يناير 2011، بعدما لم تثبت الحكومة المصرية أن هذه الأموال أتت بطرق غير شرعية.

كما ألزمت المحكمة مجلس الاتحاد الأوروبي بدفع التكاليف التي تكبدتها عائلة مبارك في الدعوى القضائية المتعلقة بطلب تعويضات مقابل الأضرار التي لحقت بأفراد العائلة بسبب تجميد أموالهم وأصولهم.

وخرج جمال مبارك هذه المرة واثقاً من نفسه أمام الرأي العام والمحلي وذلك في كلمة نشرتها عائلة مبارك، قائلاً: إن "عائلته تحملت ادعاءات كاذبة للتشهير بها، ولم تثبت التحقيقات القضائية المستفيضة أي نشاط غير مشروع لها طيلة عشر سنوات".

وأضاف مبارك الابن، في المقطع المصور الذي زادت مدته على عشرين دقيقة، تحدث خلالها بالإنجليزية والعربية: "لقد كانت رغبة والدي الراحل أن يتم شرح هذه الإجراءات للعالم بأسره، لكن رحيله قبل انتهاء الإجراءات يجعلني أحمل هذا العبء بكل فخر والتزام".

وكشفت وثائق مصرية عن تقاعس السلطات في التعاطي مع ملف الأموال المجمدة للرئيس الراحل "حسني مبارك" (1981-2011)، ولم تتعاطَ السلطات مع مطالبات الاتحاد الأوروبي وسويسرا، بتقديم إثباتات قضائية تدين "مبارك" وأسرته في قضايا جنائية أو ضد الإنسانية، أو حصولهم على هذه الثروات عن طريق الفساد.

تحميل المزيد