أثار ظهور هالة زايد، وزيرة الصحة المصرية المجمدة، مجدداً في فيديو تم تصويره في منزلها لأول مرة منذ اختفائها عن الأنظار في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، الكثيرَ من الجدل في الشارع المصري، حول موقفها من العودة لمنصبها الوزاري الذي لم يعيّن فيه بديل لها حتى الآن، وكذلك مدى صحة الأنباء التي راجت طوال الفترة الماضية عن تمتعها بحماية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شخصياً في ضوء ما يشاع عن زواجهما سراً.
عقب الظهور المفاجئ للوزيرة، راجت شائعات بأن ذلك الظهور كان مدبراً من الأجهزة السيادية التي تحمي الوزيرة، بحسب المزاعم، وذلك لجس نبض الشارع المصري تجاهها قبل اتخاذ قرار بعودتها إلى منصبها نفسه أو تعيينها في منصب جديد.
اسم وزيرة الصحة المصرية لم يتردد داخل مجلس الوزراء منذ اختفائها عن الأنظار
مصدر بمجلس الوزراء المصري نفى، في اتصال هاتفي مع "عربي بوست"، وجود تعليمات معينة بعودة وزيرة الصحة إلى منصبها أو إعلان إقالتها بشكل رسمي وتعيين بديل لها، مشيراً إلى أن كل المعلومات المتوافرة لدى مجلس الوزراء حتى اللحظة تفيد بالتعامل فقط مع د. خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والقائم بأعمال وزير الصحة، في كل ما يتعلق بالوزارة المسؤولة عن صحة المصريين، ونفى بشدة ما يقال عن أن هالة زايد تدير وزارة الصحة من منزلها.
وأضاف قائلاً إنه بحسب علمه لا توجد نية لعودة د. هالة زايد إلى منصبها نهائياً، ولم يسمع أبداً أي كلام يتردد داخل مجلس الوزراء أو من رئيس الوزراء نفسه يفيد بإمكانية أو رغبة لإعادة الوزيرة إلى ممارسة مهام عملها مجدداً، بل إنه لم يسمع اسمها من الأساس منذ إصابتها بوعكة صحية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبالتالي فإن كل ما يتردد في مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب تقييمه، شائعات لا أساس لها من الصحة.
وعن صحة ما تردد حول استمرار وزيرة الصحة في تقاضي راتبها الوزاري كاملاً طوال فترة اختفائها عن الأنظار التي زادت عن 7 شهور، قال المصدر إن ذلك الأمر عادي ولا يحمل أي مؤشرات، خصوصاً أن الوزراء يتقاضون نفس رواتبهم الوزارية تقريباً حتى بعد خروجهم من الوزارة، وذلك عُرف معمول به منذ سبعينيات القرن الماضي؛ حفاظاً على كرامة الوزير السابق وكرامة المنصب الوزاري.
حقبة هالة زايد انتهت
مسؤول في وزارة الصحة أكد، في اتصال مع "عربي بوست"، صعوبة أو استحالة عودة الوزيرة إلى منصبها، مثلما استبعد أن يكون ظهورها في الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي تم تسجيله ونشره بمعرفة أو مساعدة الأجهزة السيادية، مشيراً إلى أن الوزيرة لو كانت تتمتع بحماية الأجهزة، كما يقال، لم تكن لتقع في المأزق العلني الذي وقعت فيه بمداهمة الرقابة الإدارية لمكتبها وتفتيشه والقبض على عدد من قيادات الوزارة للتحقيق معهم.
وأضاف قائلاً إن هناك العديد من المؤشرات داخل الوزارة على أن حقبة هالة زايد في وزارة الصحة انتهت، أولها عملية التنكيل التي قام بها د. عبد الغفار لكل معاوني الوزيرة، بدايةً من مدير مكتبها أحمد سلامة الشاهد في قضية الفساد، وكذلك كل طاقم مكتبها القديم، مروراً بخالد مجاهد، المتحدث الرسمي السابق، لكن تبقى عملية التنكيل الأهم هي التي جرت مع الدكتورة نيفين النحاس، التي كانت تُوصف في أروقة الوزارة بأنها "الذراع اليمنى" للوزيرة، بسبب تعدد مناصبها في الوزارة، ومنها رئاسة الإدارة المركزية للدعم الفني، وإدارة المكتب الفني لوزير الصحة، وإدارة المشروع القومي للبلازما؛ حيث قرر د. خالد نقلها للعمل بقطاع الأقاليم الذي لا يعرف أحد، بمن فيهم الوزير نفسه، طبيعة الدور الذي يقوم به هذا القطاع!
كذلك قال المسؤول إن الاجتماع الودي الذي تم في منزل الوزيرة كان معروفاً على نطاق واسع في أروقة الوزارة قبل انعقاده، لكنَّ كثيرين من القيادات فضَّلوا عدم الحضور تجنباً لإغضاب القائم بأعمال وزير الصحة، مشيراً إلى أنه لو صحت الشائعات بأن جهازاً سيادياً هو من تولى الترتيب للاجتماع، لكان حضور القيادات بالأمر مثلما حدث في اجتماعات ولقاءات سابقة مع مسؤولين آخرين، لكن هذا لم يحدث، وفجّر مفاجأة مدوية في نهاية تصريحه بالإشارة إلى أن اللقاء حدث قبل أسابيع من إذاعته!
فيديو الوزيرة تأخر بسبب رئيس الوزراء!
وعن سر تأخر نجل الوزيرة في نشر الفيديو على صفحته بموقع إنستغرام، طرحنا السؤال على مصدر بجهاز سيادي مصري فقال إنه لا يعلم تفاصيل ما حدث، لكن حسب البروتوكول المتبع في حالات مشابهة، خصوصاً مع وزراء لا يزالون في مناصبهم، يحتاج الأمر للحصول على إذن من الرئيس المباشر للوزيرة، وهو رئيس الوزراء قبل نشر الفيديو.
وربما يحتاج رئيس الوزراء لمشاهدته أولاً قبل أن يسمح بإذاعته من عدمه، وهذا الأمر يستغرق عدة أيام قد تصل إلى أسابيع، حسب جدول أعمال رئيس الوزراء ومدى انشغاله، وكذلك حسب أهمية الفيديو وتوقيت تسجيله وعرضه.
وحول صحة ما رددته سيدة مصرية تقيم في كندا عن زواج وزيرة الصحة المجمدة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، قال المصدر باقتضاب وتجهم واضحين إنه لا يعلم شيئاً عن ذلك الأمر، وحتى لو عرف شيئاً ما كان ليتحدث عنه؛ لأن هذه أمور شخصية لا تخص أحداً غير أطرافها.
ورداً على سؤال إضافي بأن العلاقات الشخصية إذا ترتب عليها استفادة أو مزايا تمس نزاهة العمل الوزاري، عندها لا تصبح خاصة بأطرافها فقط، زادت حدة المصدر وهو يقول بعصبية واضحة إن الجهاز الذي يعمل به ليس لديه أي تعليمات باستثناء أي فرد في الدولة من المحاسبة في حالة وقوعه في أخطاء تمس عمله، ودائماً ما يتردد في اجتماعات قيادات الجهاز جملة قالها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بأن للجهاز الحق في ملاحقة أي مسؤول يثبت عليه الفساد حتى لو كان رئيس الجمهورية نفسه! وبالتالي فإن الموقف القانوني لوزيرة الصحة ليس له علاقة بحياتها الشخصية.
لكنَّ مصدراً قريب الصلة من وزيرة الصحة نفى في تصريحات مقتضبة لـ "عربي بوست" صحة زواج الوزيرة من رئيس الجمهورية، قائلاً إن الوزيرة -بحسب علمه- غير متزوجة في الفترة الحالية وتعيش في فيلتها بضاحية التجمع مع نجلها المهندس سيف وحدهما، وأشار المصدر إلى أن هناك الكثير من الكلام الذي سمعه يتردد في جلسات خاصة لسيدات في مواقع مسؤولية ويتعاملن مع الرئيس بشكل منتظم، هذا الكلام مفاده أن الرجل "ليس له في الستات"، بمعنى أنه رجل جاد لا يشعرن أنه يفرق في التعامل بين الرجال والسيدات.
مفاجأة.. تغيير وزاري شامل سبب تجاهل الدولة لتعيين وزير جديد للصحة
مفاجأة ثانية علمها "عربي بوست" من باحث سياسي قريب الصلة من دوائر صنع القرار في مصر، حين سأله عن مصير هالة زايد وإمكانية عودتها لمنصبها الوزاري، وكذلك سبب الغموض في تحديد مصيرها، حيث أفاد بأن زايد لن تعود إلى منصبها الوزاري مجدداً، وهذا بحسب ما علمه من مصادره داخل مراكز صنع القرار قرار نهائي.
أما سبب عدم تعيين بديل لها واستمرار وزير التعليم العالي في القيام بأعمال الوزارة، فهو المفاجأة التي أشرنا إليها؛ حيث أكد الباحث أن السبب هو أن مجلس الوزراء كله ينتظر التغيير في وقت قريب، ربما يحدث ذلك عقب بدء أعمال الحوار الوطني أو في أقصى تقدير بعد انتهائه، مشيراً إلى أن هناك رغبة واضحة من القيادة السياسية في إجراء تغيير وزاري موسع منذ فترة في محاولة لإنقاذ الاقتصاد المصري من حالة التردي التي يعانيها في الشهور الماضية، لكن تنفيذ التغيير الوزاري تأخر عدة مرات بسبب الرغبة في اختيار وزراء أكفاء هذه المرة لديهم وعي سياسي جيد، ولا يثيرون الأزمات المجتمعية، مثل بعض الوزراء الحاليين، مضيفاً أن هناك سبباً آخر لتأخر إجراء التغيير الوزاري، وهو تعثر إقناع بعض الشخصيات بقبول الانضمام للحكومة خوفاً من كمّ المشاكل التي يتعين عليهم التعامل معها.
وأضاف الباحث بقوله إن انشغال أصحاب القرار بالتغيير الوزاري الشامل هو السبب الوحيد والمؤكد لعدم تعيين بديل للدكتورة هالة زايد، التي تم توجيه الشكر لها حسب علمه على جهودها في تبني مبادرات مهمة تتبع الرئاسة بشكل مباشر، مثل 100 مليون صحة وعلاج فيروس C وغيرهما من المبادرات التي حصلت مصر على معونات ومنح دولية لتنفيذها؛ لأن اتهامها في قضية فساد يسيء لسمعة المبادرات الرئاسية أمام الجهات الدولية المانحة.
كما لعبت زايد دوراً مهماً في التصدي لوباء كورونا، وهو ما جعل البعض يقترح استمرارها في منصبها لولا بعض الملاحظات السلبية، وأهمها عدم قدرتها على الفصل بين العام والخاص وتعليماتها لطاقم مكتبها بتنفيذ مطالب نجلها دون مراجعتها، وهو ما اعتبرته الأجهزة الرقابية درجة من الإهمال وسوء تقدير لمنصبها الحكومي؛ لينتهي الأمر بما انتهى إليه من ابتعاد الوزيرة عن منصبها دون مشاكل، خصوصاً أن التحقيقات والمراقبة التي سبقت مداهمة مكتب الوزيرة لم تثبت تورطها بأي شكل في قضية الفساد التي يجري التحقيق فيها.
التحقيقات برَّأت الوزيرة وأدانت طليقها بتلقِّي رشاوى
وكانت الوزيرة قد اختفت عن الأنظار بدعوى تعرضها لوعكة صحية في 26 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي عقب مداهمة فريق من هيئة الرقابة الإدارية مكتبها في الوزارة وتفتيشه، واصطحاب عدد من قيادات الوزارة للتحقيق معهم في قضية فساد تورط فيها زوج الوزيرة السابق ونجلها، بحسب ما قيل وقتها، وتم الإعلان عن دخول زايد مستشفى وادي النيل المملوك لجهاز المخابرات العامة المصرية للعلاج، كما تم تكليف د. خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي، بمهام وزارة الصحة لحين انتهاء الإجازة المرضية للوزيرة.
لاحقاً تم الكشف عن بعض تفاصيل قضية الرشوة التي اتُّهم فيها الزوج السابق للوزيرة محمد الأشهب و4 من العاملين في الوزارة، وكشفت تحقيقات القضية أن المتهمين، ومن بينهم طليق الوزيرة، توسطوا لإعادة فتح مستشفيين خاصين مقابل رشوة بلغت 5 ملايين جنيه، لكن التحقيقات برأت وزيرة الصحة وأكدت وجود 4 متهمين فقط بينهم طليقها، ولا تزال التحقيقات جارية معهم، كما كشفت شهادات الشهود أن طليق الوزيرة استغل نجله لطلب تسهيلات من مكتبها لإعادة فتح المستشفيين لعلمه أن هالة زايد أعطت أفراد طاقم مكتبها تعليمات بتلبية طلبات نجلها دون الرجوع إليها!
ومنذ ذلك الوقت لم تظهر الوزيرة للعلن نهائياً؛ ما دعا عدداً من نواب البرلمان المصري لتوجيه سؤال إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن موقف هالة زايد وهل هي مدانة أم لا؟! وإذا لم تكن مدانة فلماذا لم تعد للوزارة؟! كما تساءل إعلاميون ونشطاء عن نفس الأمر، معتبرين أن ما يحدث مع هالة زايد يعكس الوضع السياسي الغريب، لكن لم يخرج أي مسؤول رسمي في الدولة للرد على تلك الأسئلة ولا لتوضيح موقف الوزيرة المجمدة من العودة إلى منصبها أو الإقالة وتعيين بديل لها.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”