رغم مرور ما يقرب من ثلاثة أسابيع على قرار المدعي العام السويسري بفك تجميد حسابات بنكية تخص أسرة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، يظل السؤال قائماً بلا إجابات، في ظل تجاهل كل الجهات الرسمية في مصر التعليق على القرار السويسري لاستعادة أموال مبارك والتي بلغت بحسب صحيفة أمريكية 132 مليار دولار، أي ما يزيد عن تريليونين و400 مليار جنيه بحسب السعر الحالي للدولار.
ويمثل القرار بحسب متخصصين سابقةً يمكن للكثير من المسؤولين الحاليين الاستناد إليها في المستقبل للاستيلاء على الأموال العامة وتهريبها إلى حسابات سرية في الخارج، دون خوف من تعقب تلك الحسابات، أو أن تسعى الدولة المصرية إلى استعادة الأموال المنهوبة، كما حدث مع أسرة مبارك وكبار مسؤوليه، خصوصاً في ظل ما يتردد عن أن الحكومة المصرية لم تستجب لطلبات الاتحاد الأوروبي المتكررة بتسليمه أكواد التحويلات الكبيرة التي تمت في مصر أثناء أحداث الانتفاضة وما بعدها، حيث أنكر البنك المركزي المصري مرور هذه التحويلات من خلاله.
وكان المدعي العام السويسري قد أصدر قراراً بفك تجميد أصول مبارك -الذي هتف المتظاهرون خلال ثورة يناير متسائلين عن مصدر ثروته، التي قيل وقتها إنها تبلغ 70 مليار دولار- وأسرته، الأربعاء 13 أبريل/نيسان 2022، وقيمتها حوالي 400 مليون فرنك سويسري (429 مليون دولار) ليسدل الستار على قضية شغلت الرأي العام لأكثر من عقد تخلله شد وجذب وسعي وتفاؤل، وصولاً إلى خيبة أمل وغضب شديد واتهامات بالتقصير والتواطؤ، وقد جاء القرار بعد أيام قليلة من حكم المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي، بتأييد إلغاء عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي على مبارك وأسرته.
تقول مصادر لـ"عربي بوست" إن القرار يكرس فشل مصر في ملف استرداد الأموال المنهوبة، ولم تنجح سوى في استعادة 32 مليون فرنك سويسري فقط من إجمالي الأموال المنهوبة، والتي لا تُعرف قيمتها على نحو دقيق، حيث قدر خبراء اقتصاديون مصريون حجم الأموال المهربة خارج مصر حتى نهاية عام 2011، بنحو 26 مليار دولار، فيما
ذكرت إحدى المنظمات الأمريكية في أعقاب ثورة يناير 2011، أن الأموال التي تم تهريبها من مصر بلغت 132 مليار دولار.
وتعالت التساؤلات عن تواطؤ الحكومة والجهات المعنية في مصر مع أسرة مبارك وباقي المسؤولين من عصر الرئيس الراحل، المتهمين بالاستيلاء على أموال دون وجه حق وتهريبها إلى حسابات سرية في سويسرا، وقد زادت هذه التساؤلات بسبب ما ورد في بيان المدعي السويسري، أن التحقيق لم يستطع إثبات الشبهات التي تبرر اتهام أي شخص من هؤلاء له حسابات في سويسرا أو مصادرة أي أصول لهم، ما يعد اتهاما مبطناً للحكومة المصرية بعدم التعاون.
مسؤول سابق بمجلس الوزراء قال لـ"عربي بوست"، إن إعلان محكمة الاتحاد الأوروبي والادعاء السويسري بانتهاء فرض الحظر على أموال مبارك وعائلته لم يكن مفاجئاً، بسبب التباطؤ والتقصير الشديد الذي يصل إلى حد التعمد، فضلاً عن أن الحكومة تعاملت مع الملف بمبدأ "عصفور في اليد خير من ألف على الشجرة"، وعقدت المصالحات والتسويات في إطار اتفاق ضمني حصلت من خلاله على مبالغ مالية تعتبر "فتاتاً" بالنسبة لحجم الأموال المهربة مقابل أحكام البراءة.
أموال مبارك
أقرّت الدولة في يوليو/تمّوز 2015، تعديلاً على المادة 18 مكرر ب من قانون الإجراءات الجنائية المصري للتصالح في جرائم الاستيلاء على المال العام، مقابل رد تلك الأموال، وقد اعتبره فقهاء القانون باباً خلفياً يشجع على الفساد، وحذروا من أنه يسمح للمسؤولين من ذوى الضمائر الميتة بالعبث في المال العام، والاستيلاء عليه، سواء كان ذلك لأنفسهم أو لغيرهم، وللأسف أتاح القانون المشبوه لرموز نظام مبارك الهروب من المحاكمة والتصالح المالي في جرائم الكسب غير المشروع، وبالتالي قطع الطريق أمام استرداد الأموال المهربة.
ويضيف قائلاً إن تراخي اللجان الحكومية لاسترداد الأموال المهربة، وأحكام البراءة التي أصدرها القضاء المصري بحق مبارك وأغلب رموز نظامه، كانت سبباً مباشراً في استحالة استعادة تلك الأموال، حيث انتفت أمام الدول الغربية أسباب الاستمرار في تجميد أموال هؤلاء أو التشكيك في مصادرها، ما دامت الدولة التي تطالب باسترداد تلك الأموال اعترفت ببراءتهم من كل التهم الموجهة إليهم، وقارن المصدر بين موقف الدولة من مصادرة أصول والقبض على رجال أعمال محترمين مثل صفوان ثابت، وتراخيها المريب في استرداد الأموال رغم ضخامتها، واحتياج الاقتصاد المصري لها، خصوصاً في هذا الوقت الذي يمر فيه بمحنة واضحة، ولم يجد سبباً لاختلاف في الأداء كهذا إلا أن هناك تواطؤاً من السلطتين القضائية والتنفيذية مع مبارك ورموز نظامه، راجياً أن تكشف الأيام أسباب هذا التواطؤ.
ويوضح أن الجميع يعلم أن الإرادة السياسية كانت عمياء، وهذا ما قاد غالباً للتصالح مع رموز النظام السابق، وهذا يرجع إلى أن الكثير من رجال الدولة العميقة لديهم أموال مهربة في الخارج، ولم يكن في صالح أحد منهم استمرار التحقيقات خوفاً من الكشف عن أسماء أخرى مدانة، وقد تكون موجودة حالياً في السلطة.
ويشير إلى أن مصر وقعت اتفاقية مكافحة غسيل الأموال، وتشترط الاتفاقية أن يكون هناك حكم نهائي صدر ضد المطلوب تجميد أموالهم، وأن تكون هذه الأموال قد جنوها أو ربحوها من قضايا فساد وتربح واستغلال نفوذ خلال فترة وجودهم في مناصبهم.
ولم يكن صعباً تقديم ما يُثبت أن راتب مبارك كرئيس لم يتجاوز 808 دولارات شهرياً –كما تقول الوثائق الرسمية– والمثير للريبة تجاهل الحكومة تقديم قضية القصور الرئاسية للجانب السويسري كونها القضية الوحيدة التي حكم فيها على الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وكانت محكمة النقض قضت في (يناير/كانون الثاني 2016) بتأييد حكم الجنايات الصادر (في مايو/أيار 2015) بالسجن المشدد 3 سنوات لمبارك ونجليه، وتغريمهم متضامنين مبلغ 125 مليوناً و779 ألف جنيه، وإلزامهم متضامنين بردّ 21 مليوناً و197 ألفاً، وذلك إثر إدانتهم بالاستيلاء على 125 مليون جنيه من ميزانية مؤسسة رئاسة الجمهورية والتزوير في محررات رسمية.
إصرار "غريب" على إدارة وزارة العدل للملف
مصدر سياسي قال لـ"عربي بوست" إن مصر لم تحرز تقدماً يذكر في استرداد هذه الثروات، ولن يحدث ذلك إذا استمرت الحكومة في العمل بنفس الطريقة، مشيراً أنهم عملوا على هذا الملف منذ أوائل عام ٢٠١٣، مشيراً إلى أن عدم تطهير المؤسسات من الفساد عقب ثورة يناير سهل لأبناء مبارك الحصول على هذه الأموال وتهريبها للخارج، وكان المجلس العسكري الذي تولى السلطة عقب الثورة، بمثابة المظلة الحامية لهؤلاء.
يستكمل المصدر أن الحكومات المصرية يجب أن تُسأل عن الفشل في إدارة الملف، مستنكراً أن مشروع قانون لاسترداد الأموال كان مقدماً من وزارة العدل آنذاك، ويعطيها جميع الصلاحيات فى إنشاء لجنة تتبعها، في حين أن الوزارة تتبع السلطة التنفيذية، وكيف يمكن أن تدير الحكومة ملفاً خطيراً ومهماً وقد تم تغييرها ووزير العدل منذ اندلاع الثورة مرات كثيرة.
ويشير إلى أنه تم رفع دعوى أمام محكمة القضاء الإداري، تطالب بندب قضاة مستقلين، يتولون ملف استرداد الأموال المهربة للخارج، لكن القضاء الإداري رفض الدعوة لأسباب غير معلومة.
مسؤول في جهة سيادية اعترف في اتصال مع "عربي بوست" بأن مسألة استرداد الأموال المنهوبة بالخارج كانت صعبة ومعقدة، فضلاً عن أن مبارك قائد عسكري، ومن ثم كانت المصالحات مع مبارك ورموز نظامه في جرائم الفساد المالي أكثر جدوى، لهذا تم التواصل مع الجهات المختصة وإجراء تعديلات على قانون الكسب غير المشروع، تتيح التصالح مع رموز النظام في قضايا الفساد، ومحاولة استعادة جزء من الأموال المنهوبة على الأقل، وهو ما تم بالفعل، وأعيدت مليارات من أموال رموز النظام.
وأوضح أن توجه الدولة بعد اكتشاف صعوبة استرداد الأموال المهربة إلى الخارج كان المضي قدماً في إجراء المصالحات مع رموز نظام مبارك، ولذلك تم تجميد عمل "لجنة استرداد الأموال المنهوبة لنظام مبارك"، وكذلك تجميد عمل "اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال والأصول المصرية المهربة في الخارج"، رغبة في الحصول على ما يمكن الحصول عليه من تلك الأموال، نافياً في الوقت نفسه عن الدولة تهمة التواطؤ مع المهربين.
تحرك برلماني بعد فوات الأوان
الفشل في استرداد أموال أسرة مبارك المجمدة في سويسرا استفز النائب البرلماني مصطفى بكري، ما دفعه للتقدم بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء قبل أيام، حول مسؤولية الحكومة عن هذا الفشل قائلاً: "النيابة السويسرية أشارت إلى وجود تقصير من السلطات المصرية في الاستجابة لبعض طلباتها، وأنها طلبت من السلطات المصرية نسخة من التقارير المالية التي أعدتها لجان أنشئت لتحليل وتوثيق تحويلات الأموال التي دار حولها شبهة غسيل أموال، ولكن لم يصلها رد".
لكن محمد السيد، أستاذ القانون الدولي، أوضح لـ"عربي بوست" أن طلب الإحاطة بلا جدوى، وأن هناك طلبات إحاطة سابقة لم تؤثر في الوضع الذي آلت إليه القضية، وكان على الجهات المسؤولة فتح تحقيق ومساءلة اللجان المسؤولة عن المتابعة إذا كانت الدولة جادة في استعادة حقوق الشعب، لكن لا يبدو أن لديها الرغبة، لذلك فضلاً عن أنه من المستحيل فتح الملف مرة أخرى، لأن ذلك يتطلب إعادة محاكمة نظام مبارك، ثم إصدار قرار بإدانته من محكمة مصرية، ثم المطالبة بتنفيذ الحكم في سويسرا لاسترداد الأموال، وإن حدث ذلك فالأموال المهربة في سويسرا من الممكن وقتها أن يكون قد نقلها أصحابها لدولة أخرى، وتصل القضية لنقطة الصفر من جديد، مشيراً إلى أن الفشل في قضية مهمة كهذه يشجع الكثيرين من أصحاب الثروات المشبوهة على خروج الأموال من البلد ومعهم شهادة ضمان لأموالهم بأنها في مأمن.
لجان استرداد الأموال.. ضجيج بلا طحين
أصابع الاتهام في ضياع 429 مليون دولار من أموال "مبارك" أشارت إلى لجنة استرداد الأموال، فَمَا هي تلك اللجان وهل قصرت في عملها عمداً أو إهمالاً؟
رصد "عربي بوست" أن ملف استرداد الأموال المصرية المهربة للخارج شهد تشكيل ثماني لجان خلال الفترة التي تلت تنحي مبارك عن الحكم في الحادي عشر من فبراير/شباط 2011، وخلال فترة حكم المجلس العسكري للبلاد تعددت صفاتها ما بين شعبية شكّلها ثوريون وحقوقيون، ورسمية شكلتها الأجهزة التنفيذية.
تشكلت أول لجنة شعبية عقب نجاح ثورة 2011، وتكونت وقتها من قانونيين وسياسيين مارسوا عملهم تطوعاً، متحملين نفقات تحركاتهم في هذا المسار، وتواصلوا مع بيوت خبرة أجنبية لاستعادة تلك الأموال، لكن المجلس العسكري لسبب غير معلوم أصدر قراراً، في أبريل/نيسان 2011، باستبعاد اللجنة الشعبية، وأصدر المرسوم رقم 52 لسنة 2011 بتشكيل لجنة قضائية لحصر الأموال المهربة واستعادتها برئاسة المستشار عاصم الجوهرى، الرئيس الأسبق لجهاز الكسب غير المشروع، ولم يمر شهران إلا وتم تشكيل "اللجنة الشعبية لاسترداد أموال مصر بالخارج"، وكان ذلك في يونيو/حزيران 2011.
وفي يناير/كانون الثاني 2012 أصدر كمال الجنزوري -رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت- قراراً بتشكيل لجنة قومية للتنسيق بين الأجهزة المعنية باسترداد الأموال والأصول المصرية المهرّبة، وتذليل العقبات التي تواجه عمل اللجنة القضائية، ومساعدتها في التحري والبحث، وجمع الأدلة والمستندات الخاصة بتهريب الأموال المصرية.
وفي الشهر التالي شكل مجلس الشعب لجنة تقصي الحقائق لاستعادة الأموال المهربة، وتشكّلت لجنة أخرى في العام ذاته برئاسة هشام قنديل، رئيس الوزراء وقتها، بتكليف من الرئيس الراحل محمد مرسي، تحت اسم "اللجنة الوطنية لاسترداد الأموال المهربة"، سبق ذلك، وتحديداً في 13 يونيو/حزيران 2012، شكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مجموعة عمل قومية للتنسيق بين الأجهزة المعنية باسترداد الأموال والأصول المصرية المهربة.
وفي سبتمبر/أيلول 2012، في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي تم تشكيل "اللجنة الوطنية لاسترداد الأموال المهربة" برئاسة المستشار محمد أمين المهدي.
اما فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وتحديدا في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2014 قرر المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء آنذاك، تشكيل "اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال والأصول المصرية المهربة للخارج وقام بإلغاء المجموعة القومية لاسترداد تلك الأموال، لكن اللجنة أعلنت فشلها في مايو/أيار 2015 بسبب عدم التعاون الدولى.
وفي حزيران/يونيو 2015 أصدر السيسي، قانوناً جديداً برقم 28 لسنة 2015، بإنشاء اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج برئاسة النائب العام وعضوية ممثلي 12 جهة لتلقي طلبات التصالح من المتهمين في أي مرحلة كانت عليها الدعوى الجنائية، وترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية، مع إنشاء حساب بالبنك المركزي للأموال المستردة، وتقدم اللجنة للبرلمان تقارير ربع سنوية حول نشاطها.
دبلوماسي سابق شارك في واحدة من لجان استرداد الأموال المنهوبة قال لـ "عربي بوست" أنهم تفاءلوا خيرا باللجنة التي شارك فيها والتي تشكلت عقب سقوط نظام مبارك، لكن سرعان ما خاب ظنهم بعد شهور قليلة من تشكيلها مشيرا إلى أن هناك جهات بالدولة وقفت ضد تحقيق خطوات إيجابية فى ملف الأموال المهربة طيلة تلك السنوات وهذا هو السبب في إعاقتها عن إحراز أي تقدم يذكر في هذا الملف، بل انها لم تتمكن حتى من حصر إجمالي الأموال المهربة.
أما اللجنة التي شكلها السيسي عام 2015 فقد اتسمت -بحسب الدبلوماسي- بعدم الشفافية، حتى انها لم يصدر تقرير عنها واحد يوضح الدور الذي قامت به ولا عن رصيد الحساب المذكور بالبنك المركزي، ولم يعلن البرلمان شيئا عن التقارير التي كان يجب أن تصله كل ثلاثة أشهر ولم يخرج للعلن كواليس التفاوض مع أصحاب الأموال المنهوبة، وهو ما دفع الدبلوماسي للتساؤل عن سر هذا الغموض المريب وأهدافه، وإذا كان هناك تقصير فمن يحاسب رؤساء وأعضاء لجان استرداد الأموال عليه؟ ولماذا لم يعلنوا نتائج أعمالهم وسفرياتهم طوال السنوات الماضية للرأي العام؟!
تضارب كبير في حساب نفقات لجان استرداد الأموال المنهوبة؟!
بالبحث في المصادر المختلفة رصدت "عربي بوست" تضارب شديد في التكلفة المادية التي تكبدتها الحكومة للإنفاق على تلك اللجان لكي تقوم بعملها.
ففي الوقت الذي صرح فيه محمد رضا النمر أستاذ القانون الدستورى بجامعة حلوان، عام 2016 إنها أنفقت ما يقرب من 64 مليون دولار من أموال الشعب لاسترداد تلك الأموال دون جدوى، قال فريد الديب، محامي الرئيس الراحل حسني مبارك، في مداخلة تلفزيونية على قناة صدى البلد إن لجنة استرداد الاموال المهرّبة في الخارج، كلفت موازنة الدولة أكثر من 40 مليون جنيه، مضيفاً أن "اللجنة كانت بتصرّف الملايين على السفر للخارج، وعلى ترجمة أوراق وحاجات ملهاش لازمة، حاجات اي كلام، والناس قاعده مستنية، وفي الاخر مفيش حاجة".
وفي 20 ديسمبر/كانون الأول 2017 تقدم النائب البرلماني طارق الخولي، بطلب إحاطة للبرلمان عن لجان استرداد الأموال المهربة، التي تم تشكيلها منذ عام 2011 وإنها كلفت الدولة حوالي 120 مليون دولار، ما بين مصروفات ومرتبات، وبدلات سفر للخارج، إلى جانب أجور المحامين الأجانب، الذين استعانت بهم اللجان.
بينما قال رئيس الإدارة المركزية للبحوث الاقتصادية بوزارة التجارة والصناعة المصرية عبد النبي عبد المطلب أن تلك اللجان المتعاقبة شكلت عبئا على الخزانة العامة، وليست مصدرا لجلب الأموال المهربة، وقدر تكلفتها بنحو 300 مليون جنيه مصري، في شكل بدلات وأجور لمستشارين، وتكلفة إقامة وسفر للخارج.
على الجهة الأخرى قال محمد محسوب، وزير الشؤون القانونية في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، وقيل إنه استقال من منصبه بسبب فشل استرداد الأموال المهربة من الخارج أن اللجنة القضائية أنفقت ما يزيد على 60 مليون جنيه آنذاك في سفريات بالخارج، من دون أن تسترد شيئا، وساعدتها في ذلك الدولة العميقة (تعبير يقصد به الأجهزة الحكومية في مصر)، وشدد محسوب على أن الدولة "في عهد عبد الفتاح السيسي لم تقدم أي طلب لاسترداد الأموال المنهوبة في الخارج، كما أن أحكام البراءة الصادرة بحق مبارك ورموز نظامه قطعت الطريق تماما أمام أي محاولة لاحقة.
وفي يونيو 2018 تقدم النائب مصطفى الجندي، بطلب مناقشة عامة إلى رئيس مجلس النواب، بشأن استدعاء لجان استرداد أموال الدولة المنهوبة والمهربة إلى الخارج، للوقوف على آخر التطورات وما توصلت إليه اللجنة، مشيرا إلى أن نفقات اللجان بلغت نحو نصف مليار جنيه كبدلات سفر، ولم تحقق أي نجاح، وإذا استمرت ستعادل نفقاتها الأموال التي تسعى إلى استردادها.
المحطات التي مرت بها تجميد أموال مبارك
صدرت بعض التقارير حول حجم أموال مبارك بالداخل والخارج كأصول وعقارات وأموال سائلة، دارت حول الرقم 14 مليار دولار، وفق ما نقله موقع دويتشه فيله الألماني، نقلا عن دانييل تيليسكلاف مدير معهد بازل السويسري للحوكمة، فالرقم يصل إلى 40 مليار دولار، بينما قالت الغارديان البريطانية في تقرير نشرته فبراير2011، إن ثروة عائلة مبارك يمكن أن تصل إلى ما نحو 70 مليار دولار.
ومنذ عام 2011 مرت عملية التجميد بالعديد من المحطات الهامة، والعقبات نتيجة لسيطرة الجهاز التنفيذي على الملف وكثرة التغييرات الوزارية التي أثّرت في تشكيل اللجنة المعنية باسترداد الأموال المنهوبة، وفي ثباتها واستقرارها.
وفى 22 مارس 2011، أصدر الاتحاد الأوروبى القرار رقم 172 لسنة 2011، والذى سمح بالتحفظ على الأموال المصرية لمبارك وكبار رموز حكمه، والموجودة في البنوك الأوروبية لمدة عام بسبب مسؤوليتهم عن اختلاس أموال الدولة المصرية، وحرمان الشعب من فوائد التنمية المستدامة لاقتصادهم ومجتمعهم، بل قام الاتحاد الأوروبى أيضا بطلب أكواد التحويلات الكبيرة التى تمت من مصر قبل وأثناء ثورة 25 يناير من الحكومة المصرية لتتبع هذه الأموال، ومعرفة أين استقرت لوضعها تحت التحفظ.
وكانت أول دولة أعلنت تفاعلها مع مطالب ثورة 25 يناير هي سويسرا، حيث أعلنت الحكومة السويسرية بعد خلع مبارك مباشرة تجميد أصول وأموال يُعتقد أنها تعود إلى مبارك تبلغ قيمتها نحو 700 مليون فرنك سويسري (ما يعادل 664 مليون دولار)، بغرض منع نهب هذه الأموال.