رجال حول ولي العهد.. دائرة الثقة المقربة من بن زايد تضم أشقاءه وإعلاميين روّجوا للتطبيع مع إسرائيل

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/27 الساعة 11:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/27 الساعة 18:54 بتوقيت غرينتش
محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد إمارة أبوظبي (Getty images)

يعتبر محمد بن زايد آل نهيان الرجل الأول القوي في الإمارات، هو الحاكم الفعلي الذي يهندس سياسة الدولة ويضع خريطة توجهاتها الداخلية والخارجية، أما الرئيس، شقيقه الأكبر خليفة بن زايد فقد توارى عن الأنظار.

محمد بن زايد لا يعمل وحيداً، فلديه مقربون يستشيرهم ويوكل لهم ملفات الدولة الكبرى، إلا أن عددهم قليل ويولون ولاءً شخصياً لـ"بن زايد"، ويحرصون على خصوصية وسرية كل المهام المنوطة بهم.

المستشار القانوني محمد بن صقر الزعابي، وكيل نيابة أول وعضو بالنيابة العامة في أبوظبي سابقاً، قال إن "الشخصيات المقربة والمحيطة بمحمد بن زايد تعتمد بالدرجة الأولى على الولاء السياسي، وطبيعة علاقة بن زايد مع تلك الشخصيات".

وأضاف الزعابي، في حديث خاص لـ"عربي بوست" أن "قلة عدد من يحيطون بولي عهد أبوظبي راجع إلى أنهم يمسكون عدة مناصب وملفات في نفس الوقت، وذلك بسبب طبيعة المهام والأدوار التي يقومون بها، والتي لا يجب الاطلاع عليها من قبل آخرين، أو حتى لا يتم اختراقها أو تسريبها بسهولة". 

ويوضح الزعابي أنّ "هناك العديد من الأسماء المحيطة بـ(بن زايد) مثل أشقائه الستة، أو من خارج العائلة كخلدون المبارك، والمناصب تعطى بالولاء خاصة في أبوظبي وليس بناء على طبيعة المنجزات أو بسبب الكفاءة العلمية والعملية، لأنّه يستحيل أن يتولى شخص واحد مناصب متعددة في آن معاً ويديرها بكفاءة عالية، إلا إذا كان (سوبرمان) أو أنّه لا توجد كفاءات في البلد".

الدائرة المقربة من بن زايد صغيرة وتتسم بالخصوصية (Getty images)
الدائرة المقربة من بن زايد صغيرة وتتسم بالخصوصية (Getty images)

طحنون بن زايد.. أمير الظل

يضع منصب طحنون الرجل في المرتبة الرابعة بشكل رسمي في هيكل السلطة الإماراتي، بعد خليفة بن زايد رئيس الدولة، وحاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لكنه في حقيقة الأمر يعدّ الرجل الثاني بشكل عملي بعد محمد بن زايد مباشرة وذراعه اليمنى. 

وقد تولى طحنون بن زايد منصب رئيس الدائرة الخاصة لوالده، رئيس البلاد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من العام 1996 حتى وفاته عام 2004، ثم تولى منصب رئيس مجلس إدارة هيئة طيران الرئاسة في الفترة من 2009-2013.

الرجل الذي يشغل منصب مستشار الأمن الوطني بالإمارات أصبح مسؤولاً عن بعض القضايا الحساسة في دولة الإمارات، كملفي اليمن وإيران، وقضايا الأمن والتعاون الاستخباراتي مع دول كالولايات المتحدة وإسرائيل.

كما أن الأمير هو الذي أشرف على تسيير الإمارات لفترة تفشي وباء كورونا، وقاد مساعي لتحسين العلاقات مع غرماء إقليميين كقطر وتركيا وإيران، كما أنّه يترأس العديد من المؤسسات الاقتصادية الضخمة في البلاد.

المستشار القانوني محمد بن صقر، وكيل نيابة بدائرة القضاء في أبوظبي سابقاً، قال إن "طحنون بن زايد يمسك ملفات خطيرة، لكن بقية أشقائه يدعمون توجهه ويساهمون فيه وهم عبدالله ومنصور وحمدان وهزاع، أبناء زايد".

وأضاف المتحدث، في تصريح لـ"عربي بوست"، أنه تم توكيله من طحنون بن زايد لتسلم الملفين الأمني والخارجي، هذا الأخير الذي يختص في التواصل مع الدول والشخصيات المهمة على المستويين الداخلي والخارجي.

وظهر اسم طحنون بن زايد بشكل مباشر في حادثة الاختراق العام لهواتف الناشطين الإماراتيين المعارضين، مروراً بالسيطرة على قواعد جوية ليبية.

كما يعتبر طحنون سيد المنظومة الاستخباراتية الإماراتية في الداخل والخارج، ويعتمد عليه ولي عهد أبو ظبي في المهمات الأمنية الخارجية،  فهو يترأس لجنة أبوظبي للشؤون الاستراتيجية.

إضافة إلى نشاط طحنون الأمني والعسكري، فالرجل لديه اهتمامات اقتصادية؛ حيث يسيطر على مؤسسات تجارية كبرى في الدولة كشركة (ADQ) القابضة أهم الشركات في البلاد.

كما يشغل طحنون بن زايد منصب رئيس بنك أبو ظبي الأول، ورئيس مجموعة رويال جروب، والشركة الدولية القابضة في الإمارات، لكنّ العنوان الأبرز للرجل يبقى أنّه الشخصية الأمنية الأولى في البلاد ولا ينافسه فيها أحد.

طحنون بن زايد أثناء لقائه بالرئيس التركي (مواقع التواصل الاجتماعي)
طحنون بن زايد أثناء لقائه بالرئيس التركي (مواقع التواصل الاجتماعي)

خلدون المبارك.. رئيس الوزراء الفعلي

ينتمي خلدون المبارك لعائلة بارزة مقربة من دوائر الحكم في أبوظبي، فجده  هو أحمد بن عبد العزيز حمد المبارك، كان قاضياً ورئيس دائرة الشريعة في إمارة أبوظبي وعُرف عنه تدينه والتزامه الديني.

أما والده خليفة بن أحمد المبارك، الدبلوماسي البارز وسفير الإمارات السابق لدى السودان وسوريا وفرنسا، أما جده الأكبر فهو عبد العزيز حمد المبارك كان مستشاراً للشيخ زايد بن خليفة آل نهيان، والذي عرف بدوره الكبير والمشهود في تأسيس النظام التعليمي الإماراتي بسبب مشاركته في تأسيس أول مدرسة في إمارة دبي.

يقول كريستوفر دافيدسون، مؤلف كتاب "ما بعد الشيوخ.. الانهيار القادم لممالك الخليج" إن "خلدون المبارك هو رئيس الوزراء الحقيقي لأبو ظبي، فيما وصفته صحيفة نيويورك تايمز بأنّه واجهة أبو ظبي إلى العالم، ولديه تفويض كامل من ولي العهد ويمكنه التدخل كلما دعت الحاجة".

بدأ خليفة بن أحمد المبارك حياته المهنية في شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وانتقل بعدها إلى مكتب برنامج المبادلة، والمعروف حالياً بمجلس التوازن الاقتصادي، وشغل فيه عدداً من المناصب قبل أن يتولى مسؤولياته الحالية.

ويشغل خلدون المبارك رئاسة جهاز الشؤون التنفيذية التابع لحكومة أبوظبي، وهو هيئة حكومية مختصة بتقديم الاستشارات المتعلقة بالسياسات الاستراتيجية إلى رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي.

يسمى خلدون المبارك، بأنّه رجل المهام الناجحة في الاقتصاد والاستثمار، والرياضة، وإدارة المشروعات، في دولة الإمارات، وقد تولى على مدى العقدين الماضيين مناصب أساسية، وتنفيذية هامة، في القطاعين العام والخاص.

ويملك خلدون المبارك تفويضاً مباشراً من بن زايد في تطوير قطاعات الاقتصاد، والاستثمار، والمصارف، والصناعة، والرياضة، والتعليم، والمشاركة في وضع خطط تطوير الاقتصاد والاستثمار قصيرة، وطويلة المدى، وبرع في تنفيذها.

مناصب وأعباء الرجل كبيرة جداً؛ لذلك لُقب بـ"رجل كلِّ شيء"، نظراً للأدوار المتنوعة والمتعددة التي يقوم بها؛ إذ تصفه الأوساط الغربية بأنّه الذراع اليمنى لولي عهد أبو ظبي، وحامل مفاتيح خزائن أموال الإمارة الغنية بالنفط، والوسيط الرئيسي في العديد من صفقاتها ومشروعاتها السرية، وقبل كل ذلك، إحدى أهم الواجهات المشرقة التي ترغب أبو ظبي في إبرازها أمام العالم.

وتؤكدّ مصادر خاصة مطلعة- رفضت الكشف عن اسمها لـ"عربي بوست"- أنّ خلدون المبارك لا تعدّ عائلته أساساً من الأسر الحاكمة فهي بعيدة عن هذه الدائرة قبل أن يتم تقريبها من قبل حكام الإمارات.

وأضافت المصادر نفسها أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد عمد على إغداق المناصب والأموال على خلدون مبارك لكسبه، حتى يبقى تابعاً ووفياً له، ويمثل بن زايد في أماكن المسؤولية التي يتولاها.

خلدون المبارك
خلدون المبارك

أنور قرقاش.. المستشار المقرب 

على الرغم من مغادرة أنور قرقاش الخارجية الإماراتية بعد التعديل الوزاري، فقد  تمّ تعيينه مستشاراً دبلوماسياً لرئيس الدولة، الأمر الذي يُبقيه مقرباً من دوائر صنع القرار الإماراتي، ومن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

الرجل الذي غادر موقعه في الخارجية الإماراتية لا يزال يؤدي أدواراً مهمة ومحددة لكونه وزيراً للشؤون الخارجية سابقاً ومستشاراً دبلوماسياً حالياً للرئيس الإماراتي.

وأصبح قرقاش أشبه بالمتحدث الرسمي والناطق الرسمي باسم الإمارات، وممثلاً عن توجهاتها ومواقفها الرسمية في المنتديات ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، كما أنه مدافعٌ شرسٌ عن سياسة ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد.

حمل قرقاش رسالة خطية من الشيخ خليفة آل نهيان لقيس سعيد ( الرئاسة التونسية/ فيسبوك)<a href=javascript:void(0);></a>
حمل قرقاش رسالة خطية من الشيخ خليفة آل نهيان لقيس سعيد ( الرئاسة التونسية/ فيسبوك)

أمجد طه.. بوق إعلامي وعراب التطبيع 

يُعرِّف أمجد طه نفسه على أنّه خبير في الشؤون السياسية الاستراتيجية، وبأنّه الرئيس الإقليمي لـ"المركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط"، لكن الحقيقة في  الكواليس تُظهر رجلاً بمهمات أخرى.

يُعتبر أمجد طه أحد أهم المقربين من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وأحد الواجهات الإعلامية المهمة التي يعتمد عليها للترويج لسياساته في المنطقة العربية.

مصادر خاصة، رفضت الكشف عن اسمها، قالت لـ"عربي بوست"، إنّ أمجد طه الذي يحمل الجنسية البحرينية يعتبر أحد عرَّابي التطبيع الذين اختارهم بن زايد للترويج للسلام وعملية التطبيع التي تقوم بها أبوظبي مؤخراً.

ويقدم طه خطاباً ترويجياً وتبريرياً لما تقوم به الإمارات من تطبيع علني وسافر مع إسرائيل، فقد اختار بن زايد لهذه المهمة الإعلامي أمجد طه وخصص له ميزانية مفتوحة.

كما تمّ تكليف طه بتكوين فريق عربي يضم ناشطين وإعلاميين، وواجهات عربية لأجل الترويج لعملية التطبيع التي تقودها الإمارات، كما يعمد على تجنيد شخصيات عبر شراء الذمم والولاءات وعرض أموال كبيرة عليهم.

وكان طه قد رصد مؤخراً ما يقارب خمسة ملايين دولار، بحسب ما أكده المصدر المطلع، لأجل تجنيد واستقطاب أكبر عدد ممكن من الشخصيات الإعلامية والسياسية.

ويقوم طه بعرض الأموال على الشخصيات السياسية والإعلامية مقابل زيارات إلى إسرائيل لمقابلة مسؤولين إسرائيليين والترويج لحالة التطبيع التي تعيشها الإمارات والدول المطبعة مع إسرائيل.

ماجد الرئيسي.. مكلف بتشكيل فرق إلكترونية 

تعتبر شخصية ماجد الرئيسي إحدى الشخصيات المقربة والمهمة من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، والذي يظهر بدوره على أنّه شخصية إعلامية ويعرف نفسه على أنّه كاتب ومحلل سياسي إماراتي وخبير اتصالات استراتيجية.

لكن الحقيقة مختلفة، فماجد الرئيسي يمارس أدواراً أبعد من كونه شخصية إعلامية تظهر في العلن، والتي تتمثل في تجنيد الجيوش الإلكترونية ليس على مستوى الداخل الإماراتي، بل على مستوى العالم العربي.

وقالت مصادر "عربي بوست" إنّ الرجل مكلف رسمياً من قبل بن زايد في استقطاب وتجنيد الشخصيات والواجهات من الناشطين والإعلاميين والحقوقيين، يصلحون للوقوف مع أبوظبي في سياساتها، ويدافعون عن الإمارات والمحور التابع لها.

وسعى الرئيسي إلى إنشاء فرق إعلامية إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي من كافة الدول العربية واستقطابهم للدفاع عن الإمارات وسياساتها، واستقطب إعلاميين وصحفيين وحقوقيين فاعلين ويعملون في جهات متعددة حيث يتم تكليفهم بكتابة وإعداد التقارير والمقالات والدراسات التي تدافع عن السياسة الإماراتية في المنطقة، بل وتروّج لها.

وبالنظر إلى نشاطات وكتابات الرئيسي الصحفية فإننا نجدها شحيحة، الأمر الذي يعكس طبيعة العمل الحقيقية لديه، وهو أنّ عمله في الصحافة مجرد واجهة لا أكثر لتحقيق مآرب أخرى وللتغطية على الأدوار الحقيقية التي يؤديها.

إذن فالرئيسي مُكلف رسمياً من قبل ولي العهد أبوظبي بتجنيد أكبر عدد ممكن من الشخصيات والواجهات الإعلامية والسياسية للدفاع عن أبوظبي، ومهمته تتمثل في اختيار الشخصيات المناسبة، واستقطابهم للمحور الإماراتي.

تحميل المزيد