لم يكن مفاجئاً تعيين الجنرال آيال زامير، 59 عاماً، رئيساً جديداً لهيئة أركان جيش الاحتلال خليفة للقائد المستقيل هآرتسي هاليفي، الذي تدخل استقالته حيّز التنفيذ في أوائل مارس/آذار 2025، لأنه كان الخيار المفضل لبنيامين نتنياهو حين كان رئيساً للمعارضة في 2022، لكن وزير الحرب الأسبق بيني غانتس سارع لتعيينه آنذاك، واليوم يعيد نتنياهو منح هذا المنصب لمرشحه المفضل له زامير.
سيرة ذاتية دموية
تولى زامير، الذي صادق نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس على تعيينه رئيسًا للأركان الرابع والعشرين للجيش، مواقع قيادية مرموقة في المؤسسة العسكرية، آخرها المدير العام لوزارة الحرب، وقبلها نائب رئيس الأركان، وقبلها قائد القيادة الجنوبية المسؤولة عن قطاع غزة وسيناء وإيلات والنقب.
وشغل آيال زامير منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، وتطلب دوره أن يكون قناة المعلومات الأكثر أهمية بين هيئة الأركان العامة والقيادة السياسية، وقائداً لسلاح المشاة، وغيرها من المسؤوليات العسكرية رفيعة المستوى.
ويعتبر زامير أول يهودي شرقي يتولى هذا المنصب، المحجوز عادة لليهود من أصول غربية أشكنازية، فأبوه من أصول يمنية، وأمّه من أصول سورية، وهو ثاني قائد للجيش من سلاح المدرعات بعد سلفه الأسبق ديفيد أليعازر منذ السبعينات، حيث هيمن الجنرالات القادمون من قوات المظليين وقيادة العمليات الخاصة وغولاني على هذا المنصب، وهو ثاني جنرال يتولى هذا المنصب قادماً من موقع المدير العام لوزارة الحرب بعد غابي أشكنازي في 2007، ويعتبر أكبر قائد للجيش يتولى منصبه بهذا العمر المتقدم نسبياً.
زادت الخدمة العسكرية لزامير في الجيش عن أربعة عقود، بدأها بالمشاركة الفعالة في قمع انتفاضة الحجارة في الأراضي المحتلة بين 1987-1993، ثم تولى قيادة المواقع الاستيطانية في الشريط الأمني جنوب لبنان ضد المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ونفذ أنشطة وعمليات عدوانية في الضفة الغربية، وخلال عملية "السور الواقي" التي اجتاحتها بين 2002-2003، شارك بتدمير مدينة جنين ومخيمها، بزعم "تطهيرهما" من المقاومين وبنيتهم التحتية المسلحة.
في وقت لاحق، تولى قيادة القطاع الأوسط في غزة، وقاد العمليات العدوانية ضد المقاومة في خانيونس ومخيمات اللاجئين الوسطى، وفي 2005، انخرط بتنفيذ خطة فك الارتباط التي أعلنها رئيس الوزراء الراحل أريئيل شارون للانسحاب من القطاع، حيث قاد "الدائرة الخامسة" لقوات إخلاء المستوطنين.
وفي وقت لاحق، شارك آيال زامير بفعالية في إدارة العدوانات المستمرة على غزة منذ 2006، بما فيها حروب 2008، 2012، 2014، 2021، ومسيرات العودة 2018، والحرب الأخيرة على القطاع 2023-2025.
خلال قيادته للمنطقة الجنوبية بين 2015-2018، كان زامير مسؤولاً عن استراتيجية المواجهة ضد حماس، ونفذ الجيش عشرات الهجمات المستهدفة ضد مسلحين وشخصيات بارزة فيها، وللمرة الأولى نفذ عملية واسعة النطاق ضد الأنفاق التي حفرتها باتجاه مستوطنات غلاف غزة، بهدف تعطيلها، وإنشاء حاجز استباقي على الحدود مع القطاع.
وخلال فترة ولايته نائباً لرئيس الأركان، قاد زامير عمليات بناء القوة في إطار خطة "تنوفا" متعددة السنوات لتطوير الجيش، وصاغ المفهوم العملياتي ضد إيران، وحين عمل في مايو 2022، زميلاً باحثاً بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، اشترط تحقيق "سبعة مبادئ مطلوبة للانتصار على إيران في الحملة الإقليمية.
أهمها: الحاجة الإسرائيلية للاعتراف بأن هذه الحملة مستمرة ومتعددة المشاهد ومتعددة التخصصات، وتتطلب تكتيكات مختلفة، والأهمية الكبرى للعمل المتعدد الأبعاد، لإضعاف قدراتها، والإضرار بفروعها من خلال ممارسة الضغط المباشر وغير المباشر عليها".
دعم العقوبات الجماعية
في عام 2007، نشر زامير مقالاً في مجلة "المعارك" التي يصدرها جيش الاحتلال، ناقش فيه "عدم أخلاقية إسقاط قنبلة على مبنى فيه مدنيون لقتل مطلوبين مسلحين، لأن هناك أبرياء فيه، مفضّلاً اعتقالهم بدل قتلهم".
ويرى أن ملاحقة المقاومة في مكان مشبع بالمدنيين يجب أن تتم بإحداث أقل ضرر لهم، معتبراً أن تجويع "السكان الأعداء"، وقطع مصادر المياه عنهم، وحرمانهم من الدواء، خطوات غير أخلاقية، مما جعله عرضة لانتقادات من عناصر اليمين المتطرف.
لكن زامير أعرب في مرحلة لاحقة عن تراجعه عن موقفه هذا، وبات يدعم فرض العقوبات الجماعية على المدنيين الفلسطينيين، بينها: العقوبات الاقتصادية، قطع الكهرباء، فرض الإغلاقات، منع مرور المواد الخام المستخدمة في إنتاج السلع الاستهلاكية، ومنع إمدادات الوقود للمركبات، بل دعم سياسة الاغتيالات، بزعم أن استهداف المسلحين عمداً أمر مشروع وعادل.
أكثر من ذلك، فقد كشف زامير عن "بنك الأهداف" المتوقع أن يشمله في سياسته العدوانية القادمة، وتتمثل فيمن وصفها "القيادات الروحية" للمقاومة، بزعم أنها تشكل جزءاً من بنيتها القتالية، وكل من تشملهم يشكلون أهدافاً مشروعة في الحرب ضدها، بادعاء أنهم متورطون في عملياتها، حتى لو تظاهروا بأنهم مدنيون، بزعم أنهم يحاولون كسب الحصانة لأنفسهم، مبرراً مهاجمة أي عنصر في هذه البنية.
تحذيرات ساخنة
في حفل تبادل نواب رئيس الأركان عام 2021، أشعل زامير ضوءاً تحذيرياً في كلمته الوداعية، محذراً من سيناريو مشابه لما واجهته إسرائيل في أكتوبر 2023 على حدود غزة، بقوله إن "دولة الاحتلال قد تواجه حملة صعبة وطويلة ومتعددة القطاعات، لا نتوقعها، مقترنة بتحديات داخلية وتحديات أمامية وخلفية وتهديدات عميقة، وإن تحقيق النصر فيها يتطلب الحسم والصبر والتصميم، واحتياطيًا قويًا، وقدرات تكنولوجية متقدمة، وكتلة حرجة من الجودة والكمية البشرية".
أعدّ زامير خطة حربية ضد حماس في غزة دعا فيها لشن هجوم متزامن من قبل عدة فرق، من أجل التوصل إلى حسم أسرع، عبر تنفيذ حملة استباقية موجهة ضد حماس، وليس جولة أخرى كسابقاتها، مطالباً بتنفيذ كمين استراتيجي، من خلال بناء دفاعات جوية قوية.
بالإضافة إلى إطلاق ضربة افتتاحية مفاجئة، من شأنها أن تشمل مناورة برية عميقة، على أن تنتهي هذه الحرب بفرصة العثور على عنوان آخر بديل لحماس، زاعماً أنه في الضربة الاستباقية في المناورة، والانتقال السريع للهجوم، وتعزيز فرق الحربة، والنيران الصناعية الدقيقة، سيتحقق الهدف المأمول.
وفي كلمته التي قدمها خلال مؤتمر هرتسيليا للأمن القومي في مايو 2023، اعتبر زامير أن التغييرات تجري في الشرق الأوسط بسرعة قياسية، وبالتالي فإن التهديدات المتطورة ضد إسرائيل قد تتوسع، وتصبح غير مسبوقة، وعلى رأسها التهديد الإيراني، بكل وكلائه ومكوناته، منتقداً القيادة السياسية والعسكرية بزعم أنها "فقدت وقتاً ثميناً" في معالجة هذا التهديد.
وغالباً ما دعا زامير لما وصفها تكثيف المناورة القوية والفعالة ضد قلب تشكيلات العدو، بزعم أنها ستقضي على التهديد الصاروخي للجبهة الداخلية الإسرائيلية، وحرمانه من تحقيق رغبته باستدراج الدولة لمعركة نارية، حيث يطلق النار عليها، ونطلق النار عليه لأسابيع، حتى يتمكن كل جانب في نهاية المعركة من ادعاء النصر، في ضوء استعداداته لهذه المناورات، وبناء قذائف دفاعية قوية جداً، مما يستدعي قدرتنا على اجتياز عوائقه، والتوغل عميقاً في تشكيلاته، وعدم الاكتفاء بالقذيفة الدفاعية الأولى.
وقد عرض زامير نظريته العسكرية القائمة على منطق الحرب الوقائية، من خلال الضربة الاستباقية، والتصرف ضد العدو قبل أن تنشأ ظروف أكثر صعوبة في ضوء عدوانه المتوقع، وفي مثل هذه الحالة، سيكون من الصواب عدم الانتظار، بل التصرف مبكرًا، والتوصل لقرار بشروط أفضل إن كان ذلك ممكنًا.
كاشفاً عن مخاوفه من أن الأعمال العدائية المتوقعة في المستقبل قد تكون على نطاق أوسع، وفي ظروف أكثر صعوبة بالنسبة للجانب المهدّد، وهو ما تحقق بالفعل في الحرب المتعددة الجبهات خلال عامي 2023-2025 على جبهات: غزة والضفة الغربية ولبنان واليمن والعراق وإيران واليمن.
الاعتماد على واشنطن
مع انطلاق العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكد زامير على ضرورة الاعتماد بشكل أكبر على بناء قوة تسلحية بمساعدة الصناعة المحلية، وتقليل اعتمادها على الذخيرة والإمدادات الأمريكية، رغم أنه يحوز على علاقات جيدة مع نظرائه الأمريكيين، فقد كان مسؤولاً عن الشراء غير المسبوق للأسلحة من الولايات المتحدة، بما فيها الطائرات المقاتلة والأسلحة، وزيادة الإنتاج المحلي من الصناعات العسكرية.
ولذلك يقود زامير خطوة نحو التحول الإسرائيلي للإنتاج العسكري الذاتي، زاعماً أن تقليل الاعتماد على العالم أمر جيد لأمن الاحتلال واقتصاده، كاشفاً أنه خلال حرب غزة جدّدت الصناعات العسكرية خطوط الإنتاج المغلقة، ووسعت الخطوط القائمة، وأنشأت قدرات إنتاجية جديدة، وقد شهد العام 2024 عمليات شراء وتعزيز بقيمة إجمالية تبلغ 220 مليار شيكل، منها 150 مليار شيكل تم إنفاقها على مشتريات الجيش.
وبصفته مديراً عاماً لوزارة الحرب، عمل زامير طوال 15 شهراً من الحرب على غزة، على قيادة قطار جوي وبحري مكون من مئات الطائرات والسفن لإسرائيل، بهدف تسليح الجيش بالأسلحة من جميع أنحاء العالم، والتعامل مع النقص فيها، مع اتساع رقعة العدوان، وإدانة الاحتلال من بعض الدول الغربية التي فرضت بعضها حظراً على بيع الأسلحة له.
وقد شملت المشتريات المكثفة أنواعاً مختلفة من الأسلحة، بما فيها أنظمة القتال والوقود وقطع الغيار والمواد الخام وغيرها، وطالما أن 2025 سيكون أيضاً عام حرب، وفقاً لإعلان زامير، فإنه يستوجب من الجيش مواصلة عمليات بناء قوته وتطوير قدراته.
اليوم، من المتوقع أن يشمل بناء قوة الجيش تحت قيادة زامير شراءات إضافية تهدف لتعزيزات غير مسبوقة، بما في ذلك سفن جديدة لسلاح البحرية؛ وإنشاء فرقة شرقية لإغلاق الحدود مع الأردن؛ مما يعني إعادة الجيش لتأهيل نفسه وقدراته.
استقالات متزايدة
لم يكن هاليفي الأول ولا الأخير في سلسلة الاستقالات التي شهدتها وستشهدها المؤسسة العسكرية الأمنية عقب فشلها في التصدي لهجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023، وإخفاقها في حرب غزة التي امتدت بين أكتوبر 2023 ويناير 2025.
فقد تبعت استقالة هاليفي بساعات قليلة استقالة يارون فينكلمان قائد القيادة الجنوبية في الجيش، مع قرب تقديم قائدي سلاحي الجو تومار بار، والبحرية ديفيد ساعر استقالتيهما، وقبلهما أعلن أمير برعام نائب رئيس هيئة الأركان استقالته، فيما استقال في وقت مبكر من الحرب على غزة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية – أمان، أهارون حاليفا.
وتتجه الأنظار إلى رونين بار رئيس جهاز الأمن العام- الشاباك، الذي ينوي نتنياهو إقالته هو الآخر لفشله في توقع هجوم حماس في السابع من أكتوبر من جهة، ومن جهة أخرى لمواقفه غير المتناغمة معه فيما يتعلق بإدارة حرب غزة، مع تسرب أنباء مفادها إزاحة ديفيد بارنياع رئيس جهاز الموساد عن ترؤس طاقم مفاوضات صفقة التبادل، وتعيين رون ديرمر وزير الشئون الاستراتيجية المقرب من نتنياهو.
وفيما هلّلت حكومة اليمين لهذه الاستقالات، فإن ذلك لا يغني عن القول إن الحكومة ذاتها مسؤولة عن فشل هيئة الأركان العامة، وهو ما لا يجب أن يُنسى في غمرة حالة الاستقطاب الجارية، مما سيجعل لبقاء الحكومة دون إزاحتها عن المشهد السياسي عواقب خطيرة للغاية، فورية وطويلة الأمد، ومتعددة القطاعات، لاسيما عدم النجاح في القضاء على حماس في غزة كقوة عسكرية وحكومية، وهذا فشل ينبع من ضعف بناء القوة والتصور الخاطئ للردع.
بعد تعيينه قائداً عاماً للجيش، يعتقد زامير أن التحقيق في معرفة ما حدث للدولة نتيجة للفشل أمام هجوم حماس في السابع من أكتوبر سيكون ضرورياً لمعالجة نوعية ونطاق تحقيقات هيئة الأركان العامة، لأنها سترغب في المضيّ قدماً في المناقشات حول إعادة تعيين من سيشغلون مناصب عليا في الجيش، ممن أدين بعضهم، وقد يدان البعض الآخر في المسؤولية عن الإخفاق، وسط تقديرات بأن تعيين زامير سيؤدي لتقاعد عدد من قادة هيئة الأركان العامة، لتمهيد الطريق أمام ألوية وجنرالات جدد ينتظرون الترقية.
معضلة تجنيد الحريديم
من المواقف المشهورة لزامير تحذيراته من وصول جيش الاحتلال إلى الحدّ الأدنى من حجمه البشري رغم ما يواجهه من تهديدات معقدة، ولا يخفي معارضته لنظرية "الجيش الصغير"، رافضًا فكرة أن يتحول الجيش مع مرور الوقت إلى شركة ذات تكنولوجيا عالية.
كما رفض زامير ما وصفها اتساع الفجوة بين حجم الاستثمار المطلوب للحفاظ على القوات القتالية وحجم المخاطر، حتى لو كانت احتمالية حدوثها منخفضة، ليست متناسبة، ولذلك فقد أعلن أن الجيش يحتاج إلى قوة قتالية إضافية قوامها عشرة آلاف مقاتل بسبب المحاولات الفاشلة لتجنيد الحريديم، لأن كل وحدة قتالية إضافية يتم إغلاقها سيشعر الجيش بغيابها في حملة متوقعة واسعة النطاق، ولذلك فهو لا يخفي رغبته في زيادة الجيش من قوته، ويستثمر أكثر في المناورات والقوات البرية، وينشئ إنتاجًا محليًا للاستعداد للحرب في عدة ساحات وجبهات قتالية.
وسبق لزامير أن حذر من تقليص القوى العاملة في الجيش، ودأب على انتقاد توجه القيادة العسكرية بعدم الاحتفاظ بعشرات الدبابات، وتحويل الميزانيات للتطوير والاستثمار في التقنيات المتقدمة، بزعم أن هذا التخفيض يشكل تهديدًا لحياة الإسرائيليين، مبدياً قلقه بشأن مستقبل وتماسك قوة الاحتياط التي تشهد انكماشًا لافتًا، وقد عارض إغلاق سرب المروحيات القتالية، ودعم فكرة إنشاء قوة صاروخية.
من الواضح أن زامير سيضطر للمناورة بين قانون التهرب من الخدمة العسكرية، ودفع الحكومة نحو الحرب الدائمة، لأن الوحدات القتالية تضم العديد من الجنود المحبطين، أما عدد المجندين الاحتياطيين فآخذ في الانخفاض، ولذلك فهو يواجه تحديًا يتمثل في إقرار قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية لعشرات آلاف الحريديم.
ورغم التزامه الأمني بملء عشرات الآلاف من الجنود الذين يفتقر إليهم الجيش، وتخفيف العبء عن الجنود الحاليين، لكن لم يتم الاستماع بعد لموقفه بشأن هذه القضية حتى الآن، على العكس من هاليفي، الذي لم يتردد بالإعلان أن الجيش قادر على تجنيد نحو ستة آلاف يهودي متدين في الأشهر المقبلة، وعدد غير محدود في غضون عام ونصف تقريبًا.
تعيينات قيادية وتحضيرات عسكرية
من المتوقع أن يواجه زامير عشر تحديات كبرى، بجانب تبعات الحرب على غزة، أهمها:
اختيار خلية قيادية جديدة، تشمل نائبه وأعضاء هيئة الأركان العامة، وخلال وقت قصير.
دمج المتدينين المتشددين في الجيش.
التحضير لإمكانية انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، واستئناف العدوان.
الإعداد لعملية عسكرية غير مسبوقة ضد إيران، بمساعدة الولايات المتحدة.
استمرار التحقيقات العالقة في الفشل أمام هجوم حماس في السابع من أكتوبر.
إعادة بناء ثقة الجمهور في الجيش التي تحطمت كثيرًا بعد ذلك الفشل المدوي.
تحديد عمليات بناء القوة، والمشتريات، وتفعيل الخطط التشغيلية.
الموافقة على ميزانية الدفاع، صياغة خطة متعددة السنوات لوزارة الحرب.
دعم الخطة الاستراتيجية للجيش، وزيادة ميزانيات البحث والتطوير، ودراسة إنشاء أقسام جديدة.
التركيز على الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وتعزيز الصادرات العسكرية، وتوسيع الرقمنة.
في السياق الميداني، سيواجه زامير واقعًا صعبًا في غزة، بعد فشل المستوى السياسي في توفير بديل حاكم لحماس، التي لا تزال مسؤولة عن مليوني فلسطيني، وبالتالي، فإن ما توصف بـ"الإنجازات" العسكرية التي حققها الجيش لم تترجم لوقائع سياسية، ولا تزال تشكل تحديًا كبيرًا، وتعمل على تآكل المناورات العسكرية في غزة يومًا بعد يوم، ومن غير المتوقع أن يُخفي زامير أمام المستوى السياسي والجمهور تحديات استنزاف الجيش في غزة، سواء النظامي أو الاحتياطي.
في مثل هذا الوضع، سيطالب زامير المستوى السياسي بتحديد الأولويات، الذي قرر إبقاء القوات على الأرض في غزة ولبنان وسوريا مؤقتًا بعد سقوط الأسد، ووجه المستوى العسكري للتركيز الآن على ساحة الضفة الغربية، مما سيدفعه لاتخاذ قرارات بشأن الأولويات، وتوزيع الأحمال داخل الجيش الذي يعاني نقصًا في المقاتلين، ومن الواضح بالفعل أن وحداته القتالية ستزيد.
تديين الجيش
لئن جرت العادة أن يتم احتساب المؤسسة العسكرية والأمنية في إسرائيل على معسكر المركز واليسار، مما صبّ عليها غضب اليمين واليمين المتطرف، لكن تعيين زامير، المرضي عنه من الائتلاف اليميني الحاكم، من جهة، ومن جهة الانتقادات الموجهة إلى هاليفي والنخبة القيادية العسكرية بسبب فشلها في حرب غزة، ودفعها للأمام بصفقة تبادل الأسرى مع حماس، بعكس توجهات حكومة اليمين، من شأن كل ذلك أن يأخذ هذه المؤسسة العسكرية التي يقودها زامير نحو مزيد من اليمين.
ما قد يمنح هذا التحليل مزيدًا من الوجاهة والمصداقية ما سبق تعيين زامير في قيادة الجيش من تطورات ميدانية، خاصة استقالة الجنرال يهودا فوكس القائد السابق للضفة الغربية بسبب هجوم المستوطنين عليه، وقرار وزير الحرب كاتس بإلغاء قرارات الاعتقال الإداري ضد "فتيان التلال"، وهم عتاة المستوطنين المتهمين بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين في الضفة، والأهم من ذلك تعيين بيتسلئيل سموتريتش وزير المالية، وزيرًا في وزارة الحرب، ومسئولًا عن الإدارة المدنية بالضفة الغربية، المكلف بتوسيع رقعة الاستيطان فيها.
هذا على صعيد التطرف القومي، أما التطرف الديني، فمن المتوقع أن يشهد الجيش، مع تعيين زامير، رغم اتهام اليمين له بتبني مواقف يسارية، مزيدًا من انضمام الضباط والجنرالات ذوي الميول الدينية التوراتية لقيادة المؤسسة العسكرية، ولئن كان من الصعوبة رؤية جنرال في هيئة الأركان يلبس "الكيبا" على رأسه، فسيكون من الأكثر صعوبة أن تجد جنرالا لا يلبس ذات القلنسوة، في إشارة لمزيد من "تديين" الجيش، وما ظهر من ممارسات توراتية تلمودية خلال العدوان على غزة.
صحيح أن زامير ظهر كمرشح أكثر ملاءمة لهذا المنصب، لكن الأسابيع الأخيرة شهدت ممارسة ضغوط سياسية شديدة لتجاوزه لصالح مرشحين آخرين يتوافقون مع مطالب الائتلاف اليميني الحاكم، لكن تعيينه لقي ترحيبًا من المعارضة والائتلاف، ويعتبرونه مناسبًا لتعافي الجيش مما يصفونها "كارثة" السابع من أكتوبر، من خلال تغيير جذري في مفهوم الأمن، وتحقيق ما يصفه الاحتلال بـ"النصر الكامل" على جميع الجبهات، مع أنه لن تكون بانتظاره أربع سنوات محملة بالميداليات التكريمية، على العكس من ذلك، لأنه يستلم جيشًا يعاني من أزمات عميقة.