مع وصول عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا الجديد إلى أكثر من 60 ألف شخص -واحتمال وجود عدد أكبر بكثير من الإصابات غير المسجلة- هناك خطر بأن يتحول الفيروس الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية إلى وباء عالمي.
هل سيتحول لوباء عالمي؟
لا يزال تفشي الفيروس مرتكزاً في مقاطعة هوبي، لكن الفيروس انتقل إلى 23 دولة على الأقل، ومن المحتمل أن ينتشر لأوسع من ذلك.
ويشير التحليل الجيني للفيروس إلى أنه لا يتغير كثيراً في البشر فيصبح أقل ضرراً أو أكثر ضرراً، ومن ثم، فما هي المرحلة التالية المحتملة في مسار انتشار الفيروس؟
فيروس كورونا و3 احتمالات لإيقافه
يقول إيريك تونر من جامعة جون هوبكينز في ولاية بالتيمور الأمريكية، إنَّ هناك ثلاثة احتمالات لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد:
الاحتمال الأول
هو أنَّ الفيروسات الجديدة التي تصيب البشر لا تتكيف بسهولة، لذلك يمكنها ببساطة الاختفاء تدريجياً بعد الانتشار تباعاً بين العديد من الأشخاص.
وهو ما يبدو أنه حدث مع فيروس كورونا آخر أصاب الحيوانات، وهو فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
لكن الارتفاع الهائل في معدلات الإصابة بكورونا المُستجَد 2019 في الصين لا يدل على أنَّ هذا هو ما سيحدث.
الاحتمال الثاني
هو أننا يمكننا وقف انتقال الفيروس بما يكفي لموته، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الأدوية أو اللقاحات، لكن قد يستغرق تطوير أي علاج أو لقاح فعال عاماً على الأقل.
الاحتمال الثالث
يمكننا وضع المصابين في الحجر الصحي، وبالتالي إبقاء الفيروس حبيساً، وقد نجحت هذه الطريقة الأخيرة مع فيروس سارس المُسبِّب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد في 2003، لكن الدلائل الأولية تشير إلى أنَّ تلك الطريقة قد لا تنجح هذه المرة.
الحد من انتشار الفيروس
يقول تونر: "يبدو الخياران الأول والثاني مستبعدين"، إذ قد ينتشر الفيروس ببساطة مثل الإنفلونزا، إلى أن يتعرَّض له غالبية البشر وينتهي الأمر بالوفاة أو التعافي واكتساب مناعة ضده.
ونتيجة ذلك، قد يتآكل الفيروس بسبب غياب الأجساد المستضيفة، أو يتحول لمرض لا يصيب في الغالب إلا الأطفال الذين لم يتعرضوا له من قبل.
وفي العام الماضي، قاد تونر تمريناً لإدارة تفشي الأوبئة ومناقشة الخيارات الممكنة لمواجهة فيروس من خلال نموذج إلكتروني لانتشار الفيروس، يشمل نسخة وهمية عن فيروس كورونا الجديد.
وبعد 18 شهراً، بدأ انتشار الفيروس في التباطؤ؛ إما نتيجة وفاة المصابين به أو لاكتسابهم مناعة ضده. ومع ذلك، بحلول ذلك الوقت، كان الفيروس الخيالي قد قتل بالفعل 65 مليون شخص.
ويؤكد تونر أنَّ المحاكاة كانت تحديداً نموذجاً لفيروس افتراضي يختلف قليلاً عن فيروس كورونا الجديد 2019.
لكن ما لم يدمر الفيروس الجديد نفسه أو نجد طرقاً لإيقافه، فمن المحتمل أن يتبع طريقاً مشابهاً، إلى أن يبدأ انتشاره في التباطؤ.
ويحمل هذا أخباراً سيئة لكبار السن ومَن يعانون مسبقاً من عِلّات صحية، ومثل سارس، يبدو أنَّ الفيروس يقتل عن طريق إثارة التهاب في الجهاز التنفسي خارج عن السيطرة. وتقول سيلفي برياند من منظمة الصحة العالمية إنَّ كبار السن ومن يعانون من أمراض مزمنة، مثل السكري، في الصين هم الأكثر عرضة لإصابات حادة بكورونا الجديد.
سيتوقف التأثير الكامل للفيروس على معدل الوفيات، وهو ما لا نعرفه بعد، ولكن يبدو أنه ينتشر بسهولة أكبر من فيروس سارس، ما يجعل احتواءه بالحجر الصحي صعباً.
ومن إحدى المشكلات أن بعض حالات الفيروس الجديدة خفيفة. ولا توجد منظومات في الصحة العامة مجهزة لفحص كل شخص مصاب بأعراض تشبه أعراض الإنفلونزا، ثم عزل جميع المصابين بالفيروس -وكل من خالطوه- لمنع انتشاره.
ولكن هذا ما يتعين علينا فعله لوقف انتشاره، مثلما يقول ديفيد هيمان من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، الذي نظم حملة منظمة الصحة العالمية للتصدي لفيروس سارس.
خطط الاستعداد
من الناحية النظرية، من الممكن إلى حد بعيد منع الفيروس من الوصول إلى البلدان الأخرى والتخلص منه في الصين.
لكن ذلك سيكون صعباً: إذ توضح النماذج أن حتى فحص جميع المسافرين عند الخروج والدخول قد لا يفلح في التعرُّف على 75% من أولئك الذين تحتضن أجسادهم الفيروس.
لذلك يبدو من المحتمل أن يتحول الفيروس إلى وباء، وينتشر في عدة مدن حول العالم.
لذلك قد يصبح تفشي الفيروس الذاتي المستقل في المدن الكبرى على مستوى العالم أمراً لا مفر منه، بسبب التصدير الكبير لحالات في مرحلة ما قبل ظهور الأعراض. ويجب تجهيز خطط الاستعداد للفيروس، وتخفيف انتشاره لتعميمها سريعاً على مستوى العالم.
قد يصيب الفيروس معظم الناس، فإما أن يقتلهم أو يتعافوا منه!
كان من المفترض أن تستثمر البلدان في مثل هذه الخطط بموجب قواعد منظمة الصحة العالمية لعام 2005.
لكن تقريراً مستقلاً العام الماضي وجد "ضعفاً شديداً في قدرات بعض الدول على الوقاية من حالات الطوارئ الصحية واكتشافها والتصدي لها". ولم يحصل سوى أقل من 5% من البلاد على تقييمات عالية في قدرتها على التصدي السريع للأوبئة.
من إحدى ضربات الحظ مع فيروس سارس أنه لم يغزُ أبداً مدينة ضخمة فقيرة، وهو ما كان ليخلق مشكلة تنظيم عملية تتبع المخالطين والحجر الصحي المطلوب لوقف فيروس بهذه الطريقة.
إلا أن حدوث ضربة حظ مماثلة مع فيروس ووهان يبدو مستبعداً، إذ إنه وصل بالفعل إلى الهند والفلبين.
وحتى إن ظلت معظم الحالات المصابة بالفيروس في الصين فسيكون لذلك عواقبه العالمية.
فوفقاً لما ذكره مايكل أوسترهولم وفريقه من جامعة مينيسوتا، تُصنع معظم الأدوية الأساسية من حبوب ضغط الدم إلى علاج السكتة الدماغية، في الصين، وثمة مخاوف من أن يؤثر الفيروس على إنتاجها وتصديرها.