روسيا “تريد حلاً سريعاً” للملف السوري.. بلومبيرغ: بوتين يعاني من صداع بسببه والكرملين يلوم الأسد

إن الملف السوري ودعم بشار الأسد أصبح بمثابة صداع في رأس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب الكرملين، الذي بات في حاجة إلى "التخلص من الصداع السوري".

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/04/28 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/28 الساعة 16:43 بتوقيت غرينتش
اجتماع سابق بين بوتين والأسد/ رويترز

قالت وكالة Bloomberg الأمريكية إن الملف السوري ودعم بشار الأسد أصبح بمثابة صداع في رأس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب الكرملين، الذي بات في حاجة إلى "التخلص من الصداع السوري" في ظل أزمة كورونا وانهيار أسعار النفط، يوضح تقرير الوكالة الذي نشر، الثلاثاء 28 أبريل/نيسان 2020.

صدمة النفط وكورونا: قال أربعة أشخاص مطلعون على مداولات الكريملين إن انشغال بوتين في روسيا بالصدمة المزدوجة المتمثلة في انهيار أسعار النفط ووباء فيروس كورونا، وحرصه على إنهاء مغامرته العسكرية السورية بإعلان النصر، يجعلانه مُصرّاً على أن يبدي الأسد المزيد من المرونة في محادثاته مع المعارضة السورية بشأن تسوية سياسية لإنهاء الصراع المستمر منذ قرابة عقد من الزمان.

أثار رفض الأسد التنازل عن أي سلطة مقابل اعتراف دولي أكبر وربما مليارات الدولارات من مساعدات إعادة الإعمار انتقادات علنية نادراً ما تحدث للرئيس السوري هذا الشهر في منافذ إعلامية روسية مرتبطة ببوتين.

يقول ألكسندر شوميلين، الدبلوماسي الروسي السابق الذي يدير مركز أوروبا والشرق الأوسط الذي تموله الحكومة في موسكو: "الكرملين بحاجة إلى التخلص من الصداع السوري. لكن المشكلة تكمن في شخص واحد -الأسد- وحاشيته".

الوكالة قالت أيضاً إن غضب بوتين وتعنت الأسد يسلطان الضوء على المعضلة التي تواجهها روسيا لأن كلا الجانبين يعلم أنه لا يوجد بديل للزعيم السوري في التوصل إلى اتفاق. 

نقد علني للأسد: نفى ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أن يكون بوتين غير راضٍ عن الأسد لرفضه التحاور مع المعارضة السورية للتفاوض على تسوية سياسية.

وقد ضغطت روسيا على الأسد سراً لعدة سنوات، دون جدوى، ليوافق على تقديم بعض التنازلات السياسية الرمزية على الأقل، لكسب تأييد الأمم المتحدة لإعادة انتخابه المتوقعة عام 2021. لكن  تحولها إلى الانتقاد العلني الصارخ لحليفتها يعد تغييراً كبيراً في نهجها.

إذ نشرت إحدى الوسائل الإعلامية المرتبطة بيفغيني بريغوزين، المعروف باسم "طباخ بوتين" لإبرامه عقود تزويد الكرملين بالطعام، مقالاً على موقعها يهاجم الأسد ويصفه بالفاسد. وأشارت أيضاً إلى استطلاع يظهر أنه لا يتمتع إلا بنسبة 32% فقط من الدعم، وعدَّدت بعض البدائل المحتملة له من داخل النظام السوري والمعارضة.

لكن سرعان ما اختفى هذا المقال من على موقع وكالة الأنباء الفيدرالية. وبعدها بأيام نشر مجلس الشؤون الدولية الروسي، وهو مركز أبحاث للسياسة الخارجية أنشأه الكرملين، تعليقاً ينتقد الحكومة في دمشق باعتبارها تفتقر إلى "نهج مرن وبعيد النظر" لإنهاء الصراع.

إذ قال ألكسندر أكسينيونوك، الدبلوماسي الروسي السابق ونائب رئيس المجلس، الذي كتب التعليق، في مقابلة عبر الهاتف: "إذا رفض الأسد القبول بدستور جديد، فسيعرّض النظام السوري نفسه لخطر كبير".

إشارة قوية للنظام: قال شخص مقرب من الكرملين إن هذا المقال والتعليق يبعثان بإشارة قوية إلى قيادة النظام السوري.

بينما قال شخص آخر مقرب من الزعيم الروسي إن بوتين ينظر إلى الأسد على أنه شخصية عنيدة خيبت أمله واستخدم المنفذ الإعلامي المرتبط ببريغوزين للتعبير عن ذلك. إلا أنه لا يمكن التخلي عن الرئيس السوري لأنه لا يوجد طرف آخر في سوريا يصلح أن يكون حليفاً، وفقاً لما قاله هذا الشخص ومسؤول حكومي.

يقول جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية الكائنة في بروكسل: "كان الأسد دوماً عنيداً أمام الضغوط الروسية لأنه يعرف أن سوريا غنيمة أكبر من أن تخسرها روسيا". وقال إنه من المحتمل أن ما "يبدو أنه حملة إعلامية روسية غير مسبوقة بموافقة الحكومة على الأسد" يعبر عن إحباط موسكو في وقت تراجعت فيه أولوية سوريا.

بحسب إيرينا زفيياجيلسكايا، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع للحكومة، تتمتع روسيا، التي تملك منشأة بحرية وقاعدة جوية في سوريا وترسل قوات من شرطتها العسكرية لتسيير دوريات في المناطق والطرق الرئيسية التي كانت قوات المعارضة تسيطر عليها، ببعض النفوذ لكنها قد تخاطر بالكثير إذا حاولت إطاحة الأسد. 

دور إماراتي يعقد الأمور: ما يُعقِّد الجهود الروسية لإقناع الزعيم السوري بالامتثال لمطالبها ليس إيران وحدها، التي دعمت الأسد بالمال والنفط والقوات كي تضمن أن تظل سوريا ممراً لإمدادات الأسلحة إلى حليفها حزب الله في لبنان، بل والإمارات العربية المتحدة أيضاً.

فالإمارات، التي تحرص على موازنة النفوذ الإيراني والتركي في سوريا، تتودد إلى الأسد، بعد سنوات من نبذه إلى جانب السعودية، مركز النفوذ في المنطقة. إذ أعادت فتح سفارتها في دمشق نهاية عام 2018 وتعمل على تعزيز الروابط التجارية. تقول إيرينا: "توصلت العديد من الدول العربية إلى نتيجة مفادها أن الأسد باقٍ. وهي تدرك أنها مضطرة للتعامل معه".

تحميل المزيد