بقرار مفاجئ، أقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أحد أبرز رجال المؤسستين الأمنية والعسكرية في البلاد، اللواء عبد الغني هامل، الذي يشغل منصب مدير عام الأمن الوطني.
وكونه أحد الذين يثق بهم بوتفليقة، فإن إقالة "هامل" أثارت تساؤلات حول خلفية هذه الخطوة وتداعياتها؛ أجاب عنها خبراء واضعين 3 أسباب محتملة وراء القرار الرئاسي الذي لم يوضح السبب.
فريق من الجزائرين ذهب نحو ربط الإقالة بقضية ضبط 701 كغ من مادة "الكوكايين" المخدّرة، والتي وصفتها الجهات الأمنية بأنها "أكبر شحنة في تاريخ البلاد".
وجاء القرار بعد ساعات قليلة من تصريح "هامل"، الذي انتقد فيه التحقيقات الأمنية حول القضية التي وقعت في ميناء وهران غرب العاصمة.
وفي 30 مايو/أيار الماضي، أعلنت وزارة الدفاع، ضبط "كمية ضخمة" من مادة الكوكايين المخدرة على متن باخرة قادمة من أميركا اللاتينية.
ولعل القرار أيضاً له علاقة بما تناولته صحف محلية تحدّثت عن علاقة ما بين سائق "هامل"، ورجل الأعمال المتورط في القضية، وهو ما نفته المديرية العامة للأمن الوطني.
توقيت مثير للجدل
وفي تحليله لتداعيات القرار، قال الخبير الأمني، محمد تاواتي، إن القرار "جاء قبل أقل من 10 أيام من الموعد السنوي لتقليد الرتب في الجيش".
ولم يستبعد تاواتي، عودة اللواء المُقال إلى منصب جديد في جهاز أمني آخر، "بل وربما تعمد الرئاسة لتعيينه في منصب وزير دفاع".
وتحدث عن العلاقة التي تربط "هامل"، بالرئيس، فقال: "تقلد مهام عديدة قبل تعيينه مديراً عاماً للأمن الوطني، آخرها قائد الحرس الجمهوري".
وأضاف: "الرئيس بوتفليقة دعمه عام 2014، عندما احتج آلاف رجال الشرطة وطالبوا بتنحيته في خطوة خطيرة وغير مسبوقة، لكنه رفض إقالته في ذلك الوقت".
لماذا أُقيل؟
رأى بعض المتخصصين في الشأن الأمني، أن "هامل" أخلَّ بأحد أهم واجبات الرجل العسكري ورجل الأمن، وهو ما يطلق عليه في الجزائر "واجب التحفظ".
وهذا المصطلح يعني أن يلتزم الضابط والعسكري ورجل الأمن الصمت، وألا يصدر منه تصرف أو تصريح قد يلحق الضرر المعنوي بالمؤسسة الأمنية أو باقي مؤسسات الدولة.
الصحفي فوزي بوعلام، أعرب عن اعتقاده بأن السبب يتعلق بـ"إخلال هامل، بواجب التحفظ الذي يعتبر أمراً مقدساً في جيش البلاد ومؤسساتها الأمنية".
واعتبر بوعلام، أن "هامل وقع في خطأ الإخلال بواجب التحفظ، عندما انتقد التحقيق الأمني في قضية الكوكايين".
وأضاف: "تصريحاته تعني انتقاداً مباشراً للمحققين في الدرك الوطني، وتشكيكاً في قدراتهم، وهذا خطأ خطير منه استوجب إنهاء مهامه".
واعتقد أن القرار "لا صلة له بموضوع وجود علاقة مفترضة بين سائقين في مؤسسات أمنية، والمتهم في القضية"، كما نشرت وسائل إعلام محلية.
مستقبل "هامل"
قبل أقل من شهر توقع جزائريون بقاء اللواء المُقال في منصبه، فيما توقع آخرون حصوله على منصب أهم خلال السنوات القادمة.
كما توقع بعض المحللين في الجزائر سابقاً، ترشيحه للانتخابات الرئاسية في حال رفض الرئيس بوتفليقة البقاء في السلطة أو حال غيابه.
وبعض الأنباء التي لم يجرِ التأكد من صحتها، أشارت مؤخراً إلى أنه سيُعين بمنصب وزير الدفاع، الذي يشغله الرئيس حالياً، غير أن إقالته قلبت كل التوقعات.
لكن الصحفي محمد الصغير، ذهب بعيداً في تحليله لإقالة "هامل"، إذ قال إن القرار يصب في مصلحة الرجل؛ لأنه أبعده عن أجواء حملة إعلامية تعرض لها في أعقاب قضية الكوكايين".
وأضاف: "عودنا الرئيس بوتفليقة في السنوات الأخيرة على أنه يلجأ لإبعاد رجال ثقته عن الضغط".
واستشهد بما حصل مع وزير الطاقة الأسبق، شكيب خليل، الذي اضطر لمغادرة البلاد قبل سنوات، تحت تأثير حملة إعلامية استهدفته؛ بسبب اتهامه في قضايا فساد.
وتابع: "ذلك حدث أيضاً مع المدير العام الحالي لمجموعة سوناطراك، عبد المومن ولد قدور، الذي أُبعد عدة سنوات من منصبه كمدير في شركة اقتصادية كبرى".
وعبد الغني هامل، لواء سابق في الجيش، كان يوصف بأحد رجال ثقة بوتفليقة، الذي عيّنه مديراً للشرطة عام 2010، بعد اغتيال المدير السابق علي تونسي برصاص أحد معاونيه في مكتبه.
وقبل تعيينه في المنصب شغل هامل لسنوات موقع قائد الحرس الجمهوري، وهي قوة تابعة للجيش مهمتها حراسة المقرات الرئاسية، كما يرأس حالياً منظمة الشرطة الإفريقية (أفريبول).