شنّ المبرمج الشهير ومبتكر لغة Ruby on Rails ديفيد هاينميير هانسون هجوماً حاداً على شركة آبل على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، قال فيه إن شركة آبل تتصرف وكأنها عصابة إجرامية وتريد أن تسرق أرباح شركته الناشئة الجديدة Hey.com التي ستغير مفهوم البريد الإلكتروني، حسب ادعائه، في حين هددت شركة آبل بحذف تطبيق Hey.com من علي متاجرها للأبد إذا لم يلتزم ديفيد وفريقه بقواعد متاجر آبل. إليك ستة أسئلة تشرح لك المشكلة والتطبيق بشكل كامل.
– هل تسرق آبل أرباح صغار المبرمجين؟
هل لاحظت بعد تحميلك لتطبيق Gmail على أحد هواتف آيفون أنه لا يوجد زر لتسجيل حساب جديد على جوجل في التطبيق؟ ليس فقط تطبيق Gmail، تطبيقات نتفلكس و Fastmail وAudible وغيرها من المواقع الشهيرة التي تحتوي على مزايا مدفوعة لن تسمح لك بالتسجيل في الخدمة عبر تطبيقها على أجهزة آيفون وآيباد. السبب؟ أن تلك التطبيقات لا تريد أن تشارك أرباحها مع شركة آبل.
لكي تقبل شركة آبل بوضع تطبيقك على متجرها ينبغي عليك أن تقوم بدفع نسبة تتراوح بين 15 إلى 30٪ من أي عمليات شراء تحدث على تطبيقك، تقوم آبل بأخذ هذه النسبة كعمولة على توصيلك بمستخدم المتجر، وإذا أراد صاحب التطبيق ألّا يدفع هذه النسبة ينبغى عليه إزالة أية روابط تسمح بتسجيل عضو جديد عبر تطبيقات آبل. ولذلك لن تتمكن من التسجيل على نتفلكس على سبيل المثال عبر تطبيقها، ولن تجد أية روابط تحيلك لتسجيل عضوية جديدة في أي مكان داخل التطبيق. لن تتمكن حتى من الوصول لإعدادات حسابك عبر التطبيق أو إلغاء اشتراكك، كل هذا بسبب رفض نتفلكس لدفع قرابة ثلث أرباحها لشركة آبل.
2- هل سيغير ديفيد هاينميير هانسون قواعد متاجر آبل؟
ربما لم تسمع باسم ديفيد هاينميير هانسون من قبل، لكنه أحد أشهر الأسماء في عالم البرمجة والإنترنت، بدأ حياته العملية بابتكار لغة Ruby on Rails وهي لغة واسعة الانتشار متخصصة فى تطبيقات الإنترنت مفتوحة المصدر، ثم كان مؤسساً ورئيساً تنفيذياً لشركة وتطبيق Basecamp الشهير.
بدأ ديفيد منذ يومين حملة مستمرة عبر حسابه على تويتر تستهدف شركة آبل. بعد أن أرسلت له شركة آبل بريداً إلكترونياً تقول فيه إنها لن تسمح له بوضع أيّة تحديثات جديدة لتطبيقه الجديد الخاص بالبريد الإلكتروني Hey.com حتي يقوم التطبيق بدفع نسبة 30% من الاشتراكات التي تتم عبر التطبيق إلى آبل، وفى حالة استمراره فى الرفض ستقوم الشركة العملاقة بحذف التطبيق من على متجرها.
وعد ديفيد بأنه لن يلتزم بتعليمات آبل وسيقوم بالتصعيد ضدها مع شركته الناشئة.
3- ما هو تطبيق Hey.com الذي سيقوم بتغيير مفهوم البريد الإلكتروني؟
يعد تطبيق Hey مستخدميه بتقديم تجربة بريد إلكتروني مختلفة تماماً عن أية بريد إلكتروني آخر، فلكي تحصل على بريد إلكتروني ينتهي بـ @hey.com ستقوم بدفع اشتراك سنوي قيمته 99 دولاراً أمريكياً.
تقول شركة Hey إنّه لا يوجد بريد إلكتروني مجاني، فشركات جوجل وياهو وغيرها تقوم بالتجسس على بريدك الإلكتروني مقابل تقديم الخدمة، أمّا فى تطبيق Hey لا يوجد أية عمليات تجسس علي بريدك الإلكتروني، بل إن التطبيق سيمنع مرسلي البريد الإلكتروني من تعقبك أيضاً.
بالإضافة لذلك فإن التطبيق يقدم العديد من المزايا الأخرى، على سبيل المثال إذا تلقيت بريداً إلكترونياً من عنوان يرسل لك بريداً لأول مرة سيقوم التطبيق بسؤالك ما إذا كنت تريد تلقّي رسائل أخرى من هذا المرسل، وإذا لم توافق لن يستطيع صاحب البريد الإلكتروني إرسال أيّة رسائل جديدة لك.
يقوم تطبيق Hey بتقسيم رسائلك بين الرسائل الهامة، والرسائل الدعائية والجماعية، وأخيراً الرسائل التي لا تحتاج إلى قراءتها لكنك تحتاج للاحتفاظ بها، مثل فاتورة تسوقك على الإنترنت على سبيل المثال.
وللتطبيق مزايا أخرى عديدة، مثل إضافة تذكيرات للرد علي إحدى الرسائل في المستقبل أو جمع جميع ملفات المرفقات في مكان واحد يسهل تصفحه، أو تعديل عناوين البريد الإلكتروني على بريدك أنت فقط، أو حتى إرسال مرفقات بأي حجم تريده من دون الحاجة للاستعانة بتطبيقات أخرى مثل Dropbox أو WeTransfer.
4- هل ستتراجع آبل؟
لا يوجد في الأفق أية دلائل على تراجع شركة آبل عن قرارها بوقف تحديثات التطبيق أو حتى حذفه، فقد صرح ديفيد على حسابه عبر تويتر بأنه تلقى مكالمة هاتفية من ممثلي شركة آبل أخبروه فيها بعدم نيتهم التراجع عن قرارهم حتى قيام شركة Hey بدفع نسبة آبل "المستحقة" ولكن الحقيقة أن موقف آبل أكثر تعقيداً، فوراء الستار هناك رواية آخرى.
تواجه آبل حالياً تحقيقاً من الاتحاد الأوروبي باتهامات الاحتكار ومحاربة التنافسية بسبب سياسات متجرها، وكذلك فإن عضو الكونغرس الأمريكي ديفيد سيسيلين رئيس اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار بالكونغرس يقوم بإعداد تحقيق جديد حول اختراقات متجر آبل لقوانين مكافحة الاحتكار بسبب سياسات متجرها، وقام حساب المكتب الإعلامي لعضو الكونغرس بإعادة تغريد العديد من تغريدات ديفيد هانسون فيما يبدو أنه إشارة للتضامن معه.
5- كيف ستؤثر نتيجة هذا السجال عليّ كمستخدم؟
إن المميز فى قضية تطبيق Hey هو أنّه تطبيق للبريد الإلكتروني، وهي إحدى الخدمات التي تقدمها شركة آبل أيضاً، مما يجعل شركة آبل بمثابة الخصم المنافس والحكم في نفس الوقت، ولشركة آبل تاريخ طويل في محاربة منافسيها الصغار وتحطيمهم بكل الطرق، على سبيل المثال اختفى نظام تشغيل Pear OS المجاني والمنافس لنظام Mac OS المملوك لآبل، وذلك بعد أن قامت بشرائه جهة مجهولة أوقفت بعدها تطوير النظام فى ظل العديد من التخمينات بأن آبل هي من اشترته لقتل المنافسة.
وكذلك فإن لآبل تاريخاً طويلاً فى نسخ مزايا كانت موجودة فى تطبيقات على متجرها وإضافتها لنظام تشغيلها بشكل طبيعي Native.
كما رأينا فى حالة نتفلكس وGmail فإن الشركات الضخمة لم تتأثر أبداً بتلك السياسات بل فقط عدّلت تطبيقاتها لتتناسب مع متطلبات المتجر، فلكل من جوجل ونتفلكس منصة مستقلة يستطيعون معالجة المدفوعات من خلالها، أما صغار المبرمجين فعليهم بشكل مؤكد الاستجابة لمطالب آبل بمشاركة الأرباح، ففي دول عربية كمصر على سبيل المثال تتكلف عملية إنشاء بوابة للدفع الإلكتروني على موقعك مبالغ ضخمة، بالإضافة إلى تكاليف إنشاء الموقع واستضافته، ولذلك فإن كثيراً من المطورين العرب يلتزمون بدفع نسبة آبل الضخمة، إذا ما تراجعت آبل عن تلك السياسات أو قامت بتخفيض النسبة سيعني هذا حافزاً إضافياً للمطورين لإضافة تطبيقاتهم على المتجر، وسيعني هذا بكل تأكيد تطبيقات طورها مطورون عرب لتتناسب مع احتياجاتك بشكل أكبر.