“مصر تقترب من نقطة حرجة”.. كورونا يستنفد النظام الصحي بالبلاد رغم عدم وصول انتشاره بعد للذروة

بعد ثلاثة أشهر على ظهور أول إصابة بفيروس كورونا المستجد في مصر، يقترب النظام الصحي للبلد العربي الأكبر عدداً في السكان من استنفاد قدراته، ولو أنه لا يزال يجد قدرة على التكيف، الأمر الذي يثير قلق العاملين في المجال الطبي، لا سيما أن الفيروس يواصل تسجيل المزيد من الوفيات والإصابات.

عربي بوست
تم النشر: 2020/05/20 الساعة 10:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/20 الساعة 10:16 بتوقيت غرينتش
كورونا أصاب نحو 13500 شخص، وقتل 659 في مصر - رويترز

بعد ثلاثة أشهر على ظهور أول إصابة بفيروس كورونا المستجد في مصر، يقترب النظام الصحي للبلد العربي الأكبر عدداً في السكان من استنفاد قدراته، ولو أنه لا يزال يجد قدرة على التكيف، الأمر الذي يثير قلق العاملين في المجال الطبي، لا سيما أن الفيروس يواصل تسجيل المزيد من الوفيات والإصابات. 

نقص في التجهيزات: تشير الأرقام الرسمية إلى أن فيروس كورونا أصاب نحو 13500 شخص، وقتل 659، لكن رغم ذلك بدا انتشار الفيروس محدوداً حتى الآن في مصر ذات الـ100 مليون نسمة.

وإن كان عدد الوفيات شبه ثابت بمعدل 20 يومياً، فالإصابات تزداد، وقد سجلت رقماً قياسياً يوم الثلاثاء 19 مايو/أيار 2020، حيث سجلت البلاد 720 إصابة جديدة خلال 24 ساعة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.

غير أن النقص في التجهيزات والمعدات الطبية وفي عدد أفراد الطواقم الطبية يُثير قلق الخبراء في المجال الطبي، فخلال الأسبوع الأول من مايو/أيار 2020، حذّر مساعد وزير الصحة أحمد السبكي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، من أن "المستشفيات الخاصة بالعزل الصحي للمصابين وصلت الى الحد الأقصى للاستيعاب".

الوكالة الفرنسية نقلت عن أيمن السبع، المسؤول عن قطاع الصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة غير حكومية محلية، قوله إن مصر "تقترب منذ مطلع مايو/أيار من عتبة حرجة من استنفاد قدراتها".

من جانبها، قالت نقابة الأطباء إن هناك طبيباً لكل ألف مواطن في مصر، كما أن عدد الممرضين قليل، وهو ما يجعل النظام الصحي هشّاً في مواجهة فيروس كورونا المستجد.

ضغوط كبيرة: تضع أزمة فيروس كورونا عبئاً ثقيلاً على أفراد الطواقم الطبية الذين يحصلون على رواتب صغيرة، وقد هاجر عدد كبير منهم إلى خارج البلاد، كما أنهم معرضون للإصابة بالفيروس بدرجة كبيرة.

يقول الممرض محمد إبراهيم (26 عاماً) في معهد الأورام في مصر: "كيف يمكن أن أبني مستقبلي بـ1800 جنيه (قرابة 120 دولاراً) شهرياً؟". ويوضح أنه يعمل أيضاً في مستشفى خاص للحصول على دخل إضافي قدره 4000 جنيه (قرابة 250 دولاراً).

أشار محمد الذي أصيب 17 من زملائه في معهد الأورام إلى أنهم يعيشون في حالة رعب، وقال: "من سيساعدنا إذا أصبنا جميعاً؟".

من جانبها، قالت الدكتورة منى مينا، عضو لجنة الشكوى في نقابة الأطباء، إن مشكلة أخرى تواجه الفرق الطبية وتكمن في صعوبة إجراء الفحص الطبي للكشف عن فيروس كورونا المستجد.

كذلك أوضح أنه يتم رفض طلب أفراد الطواقم الصحية بإجراء فحص "بي سي آر"، وبدلاً من ذلك، تُجرى لهم فحوصات أخرى سريعة وأقل كلفة وفاعلية في الكشف عن المرض.

بالإضافة إلى ذلك، فإن أزمة نقص الكمامات تُمثل مشكلة أخرى، لكن بحسب الطبيبة منى مينا فإنه تم حل هذه الأزمة جزئياً؛ حيث كانت توزع بكميات قليلة للغاية حتى أبريل/نيسان 2002 – بفضل "تبرعات" منظمات أهلية.

انتقادات للحكومة: وفي الوقت الذي يعاني فيه النظام الصحي في مصر، أرسلت القاهرة لتلميع صورتها في الخارج، آلاف الأطنان من التجهيزات الطبية كمساعدات لدول عدة، من بينها إيطاليا والولايات المتحدة، الأمر الذي تعتبره الطبيبة منى "غير مفهوم".

وكانت الحكومة قد خصصت 1,2% فقط من إجمالي الناتج المحلي لقطاع الصحة في موازنة 2019-2020، وهو أقل من نصف نسبة الـ3% التي ينص الدستور على تخصيصها للإنفاق على الصحة.

لذا رأى أيمن السبع، المسؤول في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن هذا يعكس مشكلة في أولويات الإنفاق الحكومي، وقال إن "الحكومة تحبّ الأشياء الظاهرة، وتستثمر في البنية التحتية أكثر من القطاع الصحي المهمل".

لكن على الرغم من أوجه القصور، يقرّ السبع بأن النظام الصحي يُبدي "قدرة على التكيف" كبيرة، وفي هذا السياق، خصصت الحكومة 35 مستشفى متخصصاً في الحميات والأمراض الصدرية لعلاج مرضى كوفيد-19.

كذلك فُتحت عشرات مراكز الفحص، وأُجريَ أكثر من مليون فحص، من ضمنها أكثر من 100 ألف فحص "بي سي آر"، بحسب ما أعلن في السابع من الشهر الجاري الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار الرئيس عبدالفتاح السيسي للصحة.

إضافة لذلك، توقعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن يكون لدى الجيش استطاعة في بناء مستشفيات ميدانية عند الحاجة، بعدما بدأ في إنتاج أقنعة طبية.

إعادة فتح أم إغلاق؟ أغلقت مصر منذ 25 مارس/آذار 2020 المطارات وأماكن التجمعات وفرضت حظراً ليلياً للتجول، ومنذ ذلك الحين، أظهرت الأرقام الرسمية تراجعاً في نسبة الإصابات بالفيروس كما في دول إفريقية أخرى.

لتفسير هذا المعدل المنخفض، قال خبراء إنه ربما يرجع إلى نسبة الشباب الكبيرة بين السكان (60% من المصريين سنهم أقل من 30 سنة) وبعض اللقاحات الإجبارية في مصر التي تساعد ربما في محاربة الفيروس.

كذلك قررت الحكومة تخفيف بعض قيود الإغلاق، اعتباراً من نهاية أبريل/نيسان 2020، وتعتزم إعادة فتح البلد تدريجياً لإنعاش الاقتصاد، وبالتوازي مع ذلك، توجه دعوات إلى المواطنين للالتزام بالتباعد الاجتماعي.

في هذا الصدد، كتبت منى مينا على فيسبوك: "عندما تخفّف الحكومة حظر التجول، فإنها تقول للناس: افعلوا ما يحلو لكم .. عيب أن نلقي باللوم على الشعب".

ومطلع الشهر الجاري، دعت نقابة الأطباء الحكومة إلى فرض إغلاق شامل حتى نهاية رمضان، ولكن رئيس الوزراء استبعد هذه الفكرة.

يقول السبع إنه "ينبغي أن يغيّر المسؤولون طريقة تعاملهم (مع الأزمة)؛ لأننا لم نصل بعد إلى قمة المنحنى" التصاعدي للإصابات.

تحميل المزيد