أنهت الصين، الأربعاء 8 أبريل/نيسان 2020، إغلاق مدينة ووهان المَنشأ الأول لفيروس كورونا، الذي انتقل منها لبقية أنحاء العالم وتسبب بقتل عشرات الآلاف، وزعزع الاقتصاد العالمي، وغيّر مجرى الحياة اليومية للبشر على كوكب الأرض.
الصورة الكبيرة: بالنسبة لسكان مدينة ووهان البالغ عددهم 11 مليون شخص، فإن نهاية إغلاق مدينتهم تعني العودة من جديد للحياة، وإحياء للأمل، إذ لامس المرض والموت حياة مئات الآلاف، وتركهم في حالة صدمة قد تلازمهم لعقودٍ، بحسب صحيفة The New York Times الأمريكية.
يأتي رفع الحظر عن المدينة بعدما يزيد عن عشرة أسابيع من الإغلاق الذي قالت عنه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إنه "أكبر إغلاق في تاريخ البشرية"، وعلى الرغم من مؤشرات التعافي في ووهان والتي تحدثت عنها الحكومة الصينية، فإن الأعمال التجارية التي أعادت فتح أبوابها ستواجه طريقاً مؤلماً في المستقبل، في ظل احتمال استمرار الركود.
المشهد عن قرب: أثناء انتظاره في سيارته ضمن صفوف أخرى من المركبات المنتظرة على طريق سريع في شرق ووهان يؤدي إلى مقاطعة جيانغسو المجاورة للمدينة، قال زانغ كايسونغ (51 عاماً): "يشبه الأمر التحرير"، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
اضطر زانغ إلى القدوم إلى ووهان لزيارة ابنه قبل يومٍ من إعلان إغلاقها الذي كان سيصبح قيد التنفيذ خلال بضع ساعات فقط، ولم ير زانغ زوجته لمدة 70 يوماً. وقال: "أفتقدها كثيراً"، مضيفاً: "بالطبع أنا متحمس للغاية (للعودة)".
قال آخرون إنه عند استئناف حركة المرور صباح يوم الأربعاء كانوا يسارعون للعودة إلى العمل، أو العودة لمسقط رأسهم لحضور جنازة، أو لمحاولة تجنب تكدس المركبات الذي لا مفر منه.
"لو" ذو الـ36 عاماً، والذي كان في طريقه للعودة إلى مدينة شنغن في جنوب الصين حيث يوجد مقر عمله، قال: "كان ينبغي لي العودة في وقت أبكر"، مضيفاً: "بعد كل هذا الوقت، فُتِحَت ووهان أخيراً".
من جانبهم، عمل مسؤولو ووهان لجعل إعادة فتح المدينة حدثاً جللاً، إذ نظموا عرضاً بسيطاً، وحملات على مواقع التواصل الاجتماعي قادتها وسائل الإعلام الحكومية، إضافة إلى تنظيم احتفالات خاصة إيذاناً بإعادة فتح المطارات والمحطات والمصانع.
كذلك زُينَت محطات القطار والحافلات بالأضواء، وأُضيئت ناطحات السحاب في وسط المدينة بجملة "Hello Wuhan" أي "أهلاً ووهان"، ونشرت صحيفة The Guardian مقطع فيديو للبنايات ومعالم المدينة وهي مضاءة احتفالاً بانتهاء الإغلاق.
على شبكة الإنترنت كان الاحتفال حاضراً أيضاً، إذ نشر المستخدمون عداً تنازلياً كل ساعة حتى منتصف الليل لإعادة فتح المدينة، فيما تذكر البعض الوقت الذي أمضوه في منازلهم بموجب توجيهات الحكومة.
كتب واحد من مستخدمي موقع التدوين المصغر الصيني "Weibo": "إنجازات فترة الإغلاق: فقدان 10 كيلوغرامات من وزني، قراءة كتابين، تجربة قصة شعر لم أكن أجرؤ على تجربتها، نمت 8 ساعات يومياً. المرحلة المقبلة: فقدان وزن إضافي، تهيئة نفسي ذهنياً للعودة للمجتمع".
وكتب آخر: "(إلغاء إغلاق ووهان) رؤية هذه الكلمات تكاد تجعلني أرغب في البكاء"، وقال ثالث: "بعد كفاح كبير للغاية، ستعود ووهان خاصتنا".
القلق يبقى موجوداً: تأتي هذه العودة للحياة في ووهان، بينما لا تزال بعض التدابير الاحترازية قائمة، في إشارة إلى أن السلطات لا تصدق أن الوباء انتهى كلياً.
لا تزال الكليات والمدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد الفنية والكليات العملية وكليات التمريض مغلقة، وقال مسؤولون، الثلاثاء 7 أبريل/نيسان، إن موعد فتح المؤسسات التعليمية قد "يُحدَد بعد تقييم جهود الوقاية" من الفيروس.
من جانبها، تستمر السلطات في المدينة في تنظيم تحركات المواطنين، ما يشير إلى أن العودة إلى الحياة الطبيعية كما كانت من قبل لا تلوح في الأفق.
كذلك تستمر السلطات في مطالبة السكان بالحد من خروجهم وتجنب التجمعات الكبيرة، ولا تزال مجمعات سكانية كثيرة مغلقة، مع فحوصات صارمة عند بوابتها التي يحرسها أفراد من الأمن المحلي. بينما أُحيطت البنايات الأقدم، التي ليس لها بوابات رئيسية أو مدخل واحد، بسياج.
يقول المسؤولون إن "التشدد" في إدارة المجمعات السكنية قد "يستمر" ونصحت السكان بعدم مغادرة المدينة أو المقاطعة إلا في حالة الضرورة، كما يجب على السكان ارتداء أقنعة أثناء وجودهم في الأماكن العامة.
أما صحيفة "People's Daily" الحكومية فحذرت عبر "Weibo" المواطنين قائلة إن "عدم وجود إصابات جديدة لا يعني انعدام الخطر. فتح بوابات المدينة لا يعني أن باب المنزل لم يعد مغلقاً".