كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية عما قالت إنه "سر تغيُّر الرؤية الروسية في معركة إدلب"، ووضع موسكو لتفاهماتها مع أنقرة على المحك. الصحيفة أوضحت، نقلاً عن مصادرها الخاصة، الجمعة 14 فبراير/شباط 2020، أن هناك دوراً خليجياً أساسياً في تغيير الرؤية الروسية على وجه الخصوص، وأضافت أن دولة الإمارات تدعم "مبادرة من تحت الطاولة"، من شأنها إحداث تغييرات كبرى في المشهد السوري برمّته، خاصة سحب البساط من تحت أقدام تركيا، كما تقول الصحيفة.
سياق الخبر: قبل شهر من اليوم، هيمنت على واجهة المشهد السوري أنباء عن لقاء علني لافت بين رئيسَي المخابرات، السوري علي مملوك، والتركي حقان فيدان. فتح اللقاء الذي احتضنته موسكو الباب أمام تحليلات كثيرة، صبّ معظمها في خانة واحدة، "تُبشّر" بدخول الصراع السوري منعطفاً جديداً، يمهّد لتغيّر العلاقة بين الجارين اللدودين.
اليوم -تقول الصحيفة- انقلبت المعطيات رأساً على عقب، لتبدو الصورة مغايرة بالمطلق، بما يوحي بأن طبول حرب حقيقية ومباشرة قد تُقرع في أيّ لحظة. اللافت أن حمّى التصعيد انسحبت أيضاً على علاقات موسكو بأنقرة، رغم كلّ ما راكمته الدولتان من تنامٍ في علاقاتهما في السنوات الثلاث الأخيرة.
صورة أوضح: تتحدّث معلومات صحيفة "الأخبار" عن دور خليجي أساسي في تغيير الرؤية الروسية على وجه الخصوص، موضحةً أن دولة الإمارات تدعم "مبادرة من تحت الطاولة"، من شأنها إحداث تغييرات كبرى في المشهد السوري برمّته.
المبادرة الإماراتية تنصّ على ضمان فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن بشكل جدّي، بالإضافة إلى ضمان تنشيط ميناءَي اللاذقية وطرطوس السوريين. لكن، كيف سيتحقق ذلك بالتزامن مع دخول "قيصر" حيّز التنفيذ؟ نسأل مصدراً واسع الاطّلاع، فيجيب بالقول إن "العمود الفقري للمبادرة هو ضمانة إماراتية بإرجاء العمل بالقانون الأمريكي، أو تخفيف قيوده على الأقلّ لفترة تجريبية".
في مقابل ذلك، "يتوجّب على دمشق (وموسكو بطبيعة الحال) ضمان تحقيق تطوّر ملموس ومؤثّر في المسار السياسي". والمنصّة المفتوحة المرشّحة لترجمة هذا التطور سريعاً هي "اللجنة الدستورية" التي تعطّلت أعمالها في جنيف، قبل أن تبدأ فعلياً.
تُلقي "المبادرة" على عاتق دمشق وموسكو مسؤولية دفع عجلة "الدستورية" إلى الأمام، وضمان إشراك "المكوّن الكردي" فيها، وفي المستقبل السياسي للبلاد، علاوة على إرسال رسائل واضحة وجدّية "تضمن الالتزام بحلول سياسية حقيقية، واحترام التغييرات الدستورية الموعودة".
مصير المعارضة: وفقاً لمصادر الصحيفة، سيكون على الإمارات، بالتعاون مع السعودية، ضمان تغيير هيكلية الواجهة السياسية للمعارضة السورية، علماً بأن المسرح المرشّح لتحقيق التغيير المذكور هو القاهرة، التي يُنتظر أن تحتضن في أوائل شهر مارس/آذار المقبل مؤتمراً يُنتج تغييراً في "الهيئة العليا للتفاوض"، ويُستتبع بإشراك ممثلين عن "الإدارة الذاتية" في المكوّن المعارض في "الدستورية".
ما وراء ذلك: إذا ما صحّت المعلومات المتوافرة، فمن المفترض بـ"المبادرة" أن تمهّد لسحب البساط من تحت أقدام أنقرة، وهو ما يستوجب حتماً إعادة رسم الخريطة الميدانية لشمال غرب سوريا، بما يضمن سيطرة مستقرة على الطريقين الدوليين الحيويّين، وبهوامش أمان واسعة.
كما يضمن، في الوقت نفسه، تأمين عاصمة الإنتاج الاقتصادية: مدينة حلب. لكن، رغم كلّ ما قيل، ثمة تفصيل لا يقلّ أهمية، وهو الموقف الأمريكي، فهل ستكون المفاتيح الإماراتية فعّالة لدى واشنطن؟ سؤال لن يطول الوقت لمعرفة إجابته.