ندَّدت جميع كتل البرلمان التركي (مجلس الأمة التركي الكبير) بمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "خطة السلام" التي يزعم أنها ستنهي الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فيما أكدوا في بيانٍ مشترك تمسكهم بدولة فلسطينية ذات سيادة وحدود تكون عاصمتها القدس الشرقية، سبقها في الرفض الرئاسة التركية والرئيس رجب طيب أردوغان، في وقتٍ يظهر فيه رفض شعبي أيضاً بتظاهرات منددة بالخطة.
البرلمان التركي يُعارض الصفقة: اعتبرت كتل البرلمان أن الخطة المقترحة انطلقت من وجهة نظر أحادية وغير عادلة وتستبعد فلسطين التي تعد أحد أطراف النزاع، فيما أكدت في بيانٍ مشترك صدر الأربعاء 29 يناير/كانون الثاني، أنها تتعارض أيضاً مع قرارات الأمم المتحدة واحتمال حل الدولتين.
فيما اعتبرت الكتل البرلمانية الخطة تشرعن للاحتلال، إذ قال البيان: "بدلاً من إعداد الأسس للتفاوض بين الطرفين، تهدف هذه الخطة إلى ضمان شرعية دولية لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وهو احتلال أصبح يزداد خطورة على مر العقود، بما في ذلك المسجد الأقصى الذي هو قلب الإنسانية. الهدف هو تحويل عملية الاحتلال إلى عملية ضم"، وتابع: "من المحزن ملاحظة إهمال الحقوق والحريات الأساسية والقانون الدولي والعدالة، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني بشكل أساسي في تقرير مصيره، ما يجعل هذه القضية ذات أهمية أيضاً حاسمة للسلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، واستغلالها أداة للسياسة الداخلية".
كذلك أشار البيان الذي وقعه حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، وحزب الحركة القومية، وحزب الشعب الجمهوري المُعارض، وحزب جيد المعارض، وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي إلى تعمد إهمال وتقليص قضايا فلسطينية محورية، إذ أضاف: "الخطة التي لم تعد تحظى بثقة الجانب الفلسطيني بسبب سياساته بشأن المشاكل الرئيسية، وهي وضع القدس، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات غير القانونية، هي مبادرة وُلدت ميتة. العملية التي تقدم مقترحات تهمل رؤية حل الدولتين والقواعد الأساسية للقانون الدولي، لا سيما قرارات الأمم المتحدة، ليس لها فرصة في الحصول على موافقة المجتمع الدولي".
بينما أكدت أن حل القضية الإسرائيلية الفلسطينية لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وحدود جغرافية داخل حدود عام 1967، عاصمتها القدس الشرقية. وأضاف البيان: "لن تدعم تركيا أي مبادرة لا تأخذ بعين الاعتبار الحقوق والحريات الأساسية للشعب الفلسطيني والتي لن توافق عليها الدولة والشعب الفلسطيني. بالتضامن والوحدة مع أعضاء المجتمع الدولي المسؤولين والضمير، ستواصل دعمها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في جميع البرامج المناهضة للقمع والإلزام والاحتلال".
الأراضي ليست للبيع: أكد الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، رفض بلاده للخطة، معتبراً أنها تتجاهل وجود وتاريخ الشعب الفلسطيني. وأردف: "الأراضي الفلسطينية ليست للبيع. لا يمكن تحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط، دون تحقيق العدالة في فلسطين. ولا يمكن لخطة غير عادلة أن تُكتب لها الحياة".
القدس خط أحمر: قال أردوغان إن مدينة القدس من مقدسات المسلمين، وأنه من غير الممكن قبول صفقة القرن، واعتبرها "خطة لتجاهل حقوق الفلسطينيين وإضفاء شرعية على الاحتلال الإسرائيلي"، ولن تخدم السلام أو تجلب الحل".
فيما تابع قائلاً: "خلال المكالمة طلبت من ترامب تزويدنا بفحوى الخطة كي نتخذ موقفنا تجاهها، والأسبوع القادم سيعقد اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في جِدّة السعودية، وسيشارك فيه وزير خارجيتنا، فموقفنا من القضية الفلسطينية واضح". وأردف: "على الرغم من معارضة بعض الدول العربية لكافة المبادرات، إلا أن تركيا ستواصل الدفاع عن القدس وفلسطين في كافة المحافل الدولية".
وقفة أمام القنصلية: يوم الأربعاء 29 يناير/كانون الثاني 2020، شهدت مدينة إسطنبول، وقفة احتجاجية أمام القنصلية الأمريكية، رفضاً لخطة السلام المزعومة، وضمت أعضاء حركة أصدقاء فلسطين ضد الإمبريالية والصهيونية، وحزب العمال الثوري.
عودة إلى الوراء: أعلن ترامب، الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني، الخطوط الرئيسية لخطة يقترحها لمعالجة النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتتضمن الخطة، التي يرفضها الفلسطينيون، إقامة دولة فلسطينية "متصلة" في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق بلا مطار ولا ميناء بحري، وعاصمتها "في أجزاء من القدس الشرقية"، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة موحدة مزعومة لإسرائيل.