وقعت مشادة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والشرطة الإسرائيلية، الأربعاء 22 يناير/كانون الثاني 2020، في المدينة القديمة بالقدس المحتلة، إذ ظهر ماكرون في مقطع مصوَّر غاضباً ومعلناً رفضه دخول الحراس الإسرائيليين معه إلى كنيسة القديسة حنّة بالقدس.
لماذا طرد ماكرون الشرطة؟ بحسب ما أوردته قناة "كان" الفرنسية، تُعتبر كنيسة القديسة حنّة في القدس "أرضاً فرنسية".
إذ كان ماكرون يخاطب الحراس قائلاً: "على كل شخص أن يلتزم بالقانون، ظلَّت هذه القوانين لقرون، ولن تتغير معي، على الجميع احترام القانون". كما خاطب أحد الحراس قائلاً: "لم يعجبني ما فعلته أمامي، اخرُج من فضلك".
رمزية تاريخية: كنيسة القديسة حنّة (الصلاحية)، هي واحدة من الكنائس الصليبية النموذجية الواقعة شمال المسجد الأقصى، على يمين الداخل إلى القدس القديمة من باب الأسباط.
لهذا الموقع تاريخ حافل منذ أواخر العصر اليوناني حتى اليوم؛ إذ يضم بركة كبيرة تُسمى بركة "بيت حسدا"، وهي مكونة من حوضين يتجمّع حولهما المرضى على مرّ العصور طلباً للشفاء من إله الطب الوثني سرابيوس أسكلابيوس آنذاك، كما ذُكر في الإنجيل أن المسيح عيسى عليه السلام ألقى مريضاً مُقعداً منذ ثمانية وعشرين عاماً في هذه البركة فشُفي.
اكتسبت الكنيسة، ومساحتها نحو أربعة عشر دونماً، أهميةً خاصةً بوضع القديسة حنّة السيدةَ مريم والدةَ عيسى عليه السلام في مغارة موجودة داخلها، ليصبح هذا الموقع محطَّ اهتمام المسيحيين.
علاقتها بفرنسا: في عام 1878 منح السلطان العثماني عبدالحميد الثاني الكنيسة، عن طريق أحد ولاته بالقدس، لإمبراطور فرنسا نابليون الثالث، اعترافاً بالجميل، ومكافأة من الدولة العثمانية لفرنسا على موقفها من حرب القرم.
وقامت الحكومة الفرنسية بإهداء هذه الكنيسة لاحقاً لـ "رهبنة الآباء البيض"، وهي مؤسسة تبشيرية فرنسية أسَّسها الأب لافيجري، الذي صبَّ اهتمامه على تبشير الناس في جنوب إفريقيا، وألبس رجال الدين فيها ثياباً بيضاء ليتميزوا عن الآباء الفرانسيسكان، ويوجد تمثال وسط حديقة الكنيسة للأب لافيجري، الذي أسس "الآباء البيض" في القرن التاسع عشر.
تتبع الكنيسة حتى يومنا هذا للقنصلية الفرنسية، ويعيش فيها أربع راهبات، وعشرة رهبان أجانب، يُستبدلون بشكل دوري، ومن ضمن أنشطتهم في الكنيسة تنظيم دورات في علم اللاهوت، بالإضافة إلى نشاطاتهم التبشيرية.
لماذا يزور ماكرون القدس؟ في وقت سابق الأربعاء، التقى الرئيس الفرنسي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أن يلتقي الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، وتوجه لاحقاً إلى رام الله في الضفة الغربية، للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
إذ سيكون ماكرون من بين المتحدثين في افتتاح المنتدى الخامس للهولوكوست، الذي يُعقد الخميس 23 يناير/كانون الثاني، في القدس الغربية، بمشاركة نحو 41 زعيماً دولياً.
ماكرون اختار الوصول قبل المنتدى بيوم لإجراء هذه المحادثات، خاصة أنها ستتناول الملف الإيراني الملتهب، منذ أن قتلت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني، بغارة جوية في بغداد، مطلع الشهر الجاري.