بعد معركة قضائية استمرت 14 شهراً.. بريطانيا تعيد لاجئاً سودانياً إلى المملكة المتحدة عقب ترحيله بالخطأ

أعادت السلطات البريطانية لاجئاً سودانياً من الخرطوم بعد أن كانت قد رحَّلته من لندن، بسبب عدم اقتناع الداخلية البريطانية بأحقيته في طلب اللجوء، وتعرُّضه للخطر ببلاده.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/01/17 الساعة 19:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/17 الساعة 20:21 بتوقيت غرينتش
يزعم المواطن السوداني أنه من مواطني دارفور من غير العرب/ رويترز

أعادت السلطات البريطانية لاجئاً سودانياً من الخرطوم بعد أن كانت قد رحَّلته من لندن، بسبب عدم اقتناع الداخلية البريطانية بأحقيته في طلب اللجوء، وتعرُّضه للخطر ببلاده.

صحيفة The Guardian البريطانية التي أوردت الخبر، قالت إنه كان من المقرر أن يصل الرجل إلى المملكة المتحدة في اليوم السابق (الأربعاء 15 يناير/كانون الثاني)، لكن لم تُقلع الطائرات وأُجبر الرجل على الفرار من المطار بعد اندلاع معركة مسلحة حول المطار في العاصمة السودانية الخرطوم، بين جنود سودانيين وقوات النخبة السابقة، وهو اليوم الذي حجزت فيه وزارة الداخلية رحلة الرجل.

قبل أن يتمكّن الرجل في اليوم التالي، من الصعود على متن طائرة الخطوط الجوية التركية من الخرطوم، ليصل إلى لندن يوم الخميس 16 يناير/كانون الثاني.

وصف محامي الرجل هذا الإجراء شديد الغرابة من وزارة الداخلية، بأنه "يكاد يكون غير مسبوق". وصل الرجل (48 عاماً) -الذي لا يمكن إعلان اسمه، لأنه ما زال خائفاً على حياته- إلى مطار هيثرو بعد ظهر يوم الخميس 16 يناير/كانون الثاني، بعد رحلةٍ مُروِّعةٍ استمرت 3 أيام، تعطّلت بسبب إطلاق النار والقتال. وقال الرجل بعد هبوط طائرته بقليل: "أنا سعيد للغاية، لأن وزارة الداخلية قد أعادتني ثانيةً. هذه هي العدالة". 

اللاجئ السوداني أثبت أن "حياته في خطر"

يزعم المواطن السوداني أنه من مواطني دارفور من غير العرب، وهي مجموعة تتعرض حياةُ أفرادها للخطر من النظام السوداني. تنصُّ إرشادات البلاد لوزارة الداخلية على وجوب منح وضع "اللاجئ" لجميع الدارفوريين غير العرب الذين يطلبون اللجوء في المملكة المتحدة.

قال الرجل إنه من أفراد قبيلة معيَّنة من الدارفوريين غير العرب، وإنه قد تعرَّض للتعذيب في وطنه بسبب انتمائه الإثني. وصل الرجل إلى المملكة المتحدة وطلب اللجوء في مايو/أيار 2016، إلا أن وزارة الداخلية والهيئات القضائية شكَّكت في الدليل الذي قدمه بشأن أصوله العرقية. وبعد احتجازه أحد عشر شهراً في مركز احتجاز المهاجرين، رحَّلته وزارة الداخلية عُنوةً إلى السودان في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

كان بصحبته على متن الطائرة 4 مرافقين من وزارة الداخلية، وخضع لاستجواب ضباط بالمطار في الخرطوم. بعد ذلك، اختبأ الرجل وتوارى عن الأنظار، وكان قادراً فقط على إجراء اتصالات هاتفية مع من يدعمونه ومع المحامين في المملكة المتحدة بشكل متقطع، بسبب المخاطر المتعلقة برصد مكالماته وتحديد موقعه السري. 

وهو ما اقتنعت به السلطات البريطانية في نهاية الأمر

توافرت لوزارة الداخلية الأدلة حول انتمائه الإثني عندما قدَّم طلب اللجوء، لكن بعد ترحيله القسري، طلب محاموه تقريراً من السلطة الرئيسية في قبيلته.

قال الخبير المعنيُّ بكتابة التقرير، إنه وجد أن الرجل من أفضل من يتحدثون لغة هذه القبيلة بطلاقة خلال الأعوام العشرين الماضية، مضيفاً أن الرجل يتحدث بلهجةٍ نادرة لا يعرفها سوى أفراد هذه القبيلة.

وأضاف الخبير أن الرجل قد تعرَّض للاضطهاد من السلطات السودانية، وأنه على حد قوله، "لا يزال في خطر كبير، يتمثل بالتعرض لمزيد من الاضطهاد". 

أقرَّت وزارة الداخلية بأن الدليل الجديد كان يمثل طلب لجوء جديداً، وأقرَّت بأن القرار الذي أدى إلى ترحيله كان مخالفاً للقانون، ووافقت على إعادته جواً إلى المملكة المتحدة، كي تتسنَّى إعادة النظر في قضيته.

دفعت وزارة الداخلية 608.40 جنيه إسترليني (792.77 دولار) لرحلتين على الخطوط الجوية التركية: الأولى من الخرطوم إلى إسطنبول، والثانية من إسطنبول إلى لندن. 

لتعيده بعد أن بقي مختبئاً أكثر من عام

قال الرجل: "اضطررتُ إلى قضاء عامٍ وشهرين مختبئاً بعد أن أعادتني وزارة الداخلية إلى السودان، لأن الخروج كان خطراً للغاية. عندما ذهبت إلى المطار بالخرطوم؛ أملاً في ركوب طائرة ورأيت الطائرات المقاتلة تحوم في المكان، عندما كان الجنود السودانيون وضباط الاستخبارات الأمنية يتقاتلون، كنت مرعوباً للغاية، ولم أعرف ما إذا كنت سأعود إلى المملكة المتحدة".

رحَّبت سونيا مايلي، وهي مديرة تنفيذية مشاركة في جمعية Waging Peace الخيرية، التي تطلق حملات مناهضة لانتهاكات حقوق الإنسان في السودان، بعودة الرجل إلى المملكة المتحدة.

كما قالت مايلي: "كانت رؤيته عائداً أمراً رائعاً ومؤثِّراً للغاية"، مضيفة أنه "شعور رائع أن نُعيده إلى هنا. كنّا على اتصال معه في المملكة المتحدة على مدار عامٍ ونصف العام تقريباً قبل أن تُرحِّله وزارة الداخلية إلى السودان، وبقينا على اتصالٍ معه كلما أمكن ذلك، في حين كان مختبئاً بالسودان".

من جهته، قال محامي الرجل، جايمي بل، من مكتب Duncan Lewis Solicitors للمحاماة: "كان لدى وزارة الداخلية دليل واضح على الأصل الإثني للرجل، لكنهم قرروا تجاهله. كانت سعادةً عظيمة أن نرحب به عائداً إلى مطار هيثرو بالأمس. لقد خاض هو ومن يدعمونه معركة استمرت 14 شهراً، لإعادته منذ ذلك الخطأ المروِّع بترحيله في أكتوبر/تشرين الأول 2018".

بينما قال ناطق باسم وزارة الداخلية: "لا تعيد المملكة المتحدة سوى أولئك الذين نقتنع نحن والهيئات القضائية بأنهم لا يحتاجون حمايتنا وليس لديهم أساس قانوني للبقاء في المملكة المتحدة".

تحميل المزيد