أعلنت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الثلاثاء 14 يناير/كانون الثاني 2020، أنها قامت رسمياً بتفعيل آلية فضّ النزاع المنصوص عليها في الاتفاق النووي مع إيران، وذلك في أقوى خطوة يتّخذها الأوروبيون إلى الآن لتنفيذ الاتفاق الذي يُلزم إيران بتقييد برنامجها النووي.
آلية فضّ النزاع تعني أنه إذا اعتقد أحدُ أطراف الاتفاق النووي أن الطرف الآخر لا يُنفذ التزاماته فله أن يلجأ إلى عدد من الخطوات لتسوية المشكلة، وفي حال تعذَّر ذلك فإنَّ الأمر قد يصل إلى إعادة الملف لمجلس الأمن الدولي، وإمكانية إعادة فرض عقوبات.
وقالت الدول الأوروبية إنها تعمل على تجنب أزمة حول الانتشار النووي، تضاف إلى المواجهة المتصاعدة في الشرق الأوسط.
وقالت الدول الأوروبية الثلاث في بيانٍ مشترك: "نحن لا نقبل التذرع بأن لإيران الحق في الحدّ من الالتزام بالاتفاقية"، موضّحة أنه لم يعُد أمامها خيار سوى تفعيل الآلية التي يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى فرض عقوبات دولية على طهران.
وأضافت: "بدلاً من عكس المسار اختارت إيران تقليص الالتزام بشكل أكبر".
تخلّت طهران أكثر عن التزاماتها بموجب اتفاقية عام 2015 مع القوى العالمية الست، بإعلانها في السادس من يناير/كانون الثاني، أنها ستلغي القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم، مع أنها قالت إنها ستواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأردف بيان الدول الثلاث "فعلنا ذلك بنية طيبة، بهدف شامل، هو الحفاظ على الاتفاق النووي، وبأمل مخلص في إيجاد وسيلة للسير قدماً تجاه حل الأزمة، من خلال حوار دبلوماسي بنّاء، مع الحفاظ على الاتفاق والاستمرار ضمن إطاره".
في مسعى لإبقاء الباب مفتوحاً أمام حلّ دبلوماسي، قالت الدول الثلاث إنها لم تنضم للحملة الأمريكية لممارسة أقصى ضغط ممكن على إيران.
وأضافت "بالنظر للأحداث الأخيرة من المهم للغاية ألا نضيف أزمة انتشار نووي للتصعيد الراهن الذي يهدد المنطقة كلها".
رد إيران على الدول الثلاث
ورداً على البيان، رفضت إيران قرارَ الدول الأوروبية الثلاث تفعيل آلية فض النزاع، واصفةً ذلك بأنه إجراء "سلبي"، وعلى الدول الثلاث تحمّل عواقب تفعيله، لكنها عبَّرت عن استعدادها للنظر في أي مسعى بنّاء لإنقاذ الاتفاق.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي، في بيان نُشر على موقع الوزارة: "الجمهورية الإسلامية الإيرانية لديها -كما كان في السابق- استعداد تام لدعم أي إجراء يقوم على نوايا طيبة، وأي جهد بنّاء لإنقاذ هذا الاتفاق الدولي المهم".
لكن موسوي أوضح أن طهران ستردّ بجدية وحزم على أي إجراء مدمّر من قبل أطراف الاتفاق. وحاول حلفاء واشنطن الأوروبيون منع انهيار الاتفاق النووي، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة منه في عام 2018.
بمقتضى الاتفاق تم رفع العقوبات الدولية عن طهران، مقابل موافقتها على تقييد برنامجها النووي، لكن واشنطن أعادت فرضَ العقوبات الأمريكية، مما حرم طهران من معظم الثمار الاقتصادية للاتفاق النووي.
إيران ردت بتجاوز تدريجي لكثير من القيود التي وافقت عليها في الاتفاق. وقالت هذا الشهر إنها ستتخلى عن القيود على إنتاج اليورانيوم المخصب، وهي خطوة قال الأوروبيون إن من المرجح أنها ستضطرهم للرد.
وقال دبلوماسيان أوروبيان إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا ستُخطر الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، بتفعيل آلية فض النزاع.
بمقتضى الآلية الواردة في الاتفاق، يقوم الاتحاد الأوروبي بعد تلقيه إخطار الدول الثلاث بإخطار الأطراف الأخرى، وهي روسيا والصين، وإيران نفسها. وبعد ذلك تكون هناك مهلة 15 يوماً لحل النزاع، وهي مهلة يمكن تمديدها بالتوافق.
ويمكن أن تؤدي العملية في النهاية إلى إعادة فرض العقوبات المنصوص عليها في قرارات سابقة للأمم المتحدة.
قال الدبلوماسيان الأوروبيان إن القرار يهدف إلى إنقاذ الاتفاق من خلال التحاور مع إيران، بشأن ما ينبغي أن تفعله للعدول عن القرارات التي اتخذتها.
أحد الدبلوماسيين قال "في مرحلة ما علينا أن نُظهر مصداقيتنا". وقال الدبلوماسي الآخر: "نيّتنا ليست إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة، لكن أن نحل خلافاتنا من خلال الآلية ذاتها التي تم إيجادها في الاتفاق".
يقول ترامب إن هدفه من الانسحاب من الاتفاق النووي هو إجبار إيران على التوقيع على اتفاق أكثر صرامة. وتقول طهران إنها لن تتفاوض من جديد ما لم ترفع واشنطن العقوبات التي أعادت فرضها.