نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تفاصيل اللحظات الأخيرة لمقتل قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وصهره، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي بالعراق أبو مهدي المهندس، ومسؤول التشريفات في الحشد الشعبي رضا الجابري وقادة آخرين من أعضاء الحشد الشعبي استهدفتهم غارة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي، فجر الجمعة 3 ديسمبر/كانون الأول 2020.
إذ أكدت الصحيفة أن طائرة أمريكية دون طيار من "قيادة العمليات الخاصة المشتركة" الأمريكية هي من استهدفت الموكب بـ3 صواريخ، بعد تلقيها أمراً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحت ذريعة "حماية العسكريين الأمريكيين وموظفي الولايات المتحدة في الخارج"، إذ تحدث بيان البنتاغون عن تخطيط سليماني لعمليات جديدة لمهاجمة الدبلوماسيين الأميركيين وأفراد الخدمة العسكرية.
جاء من سوريا أو لبنان
تحدثت وكالة "أسوشيتد برس" عن ذهاب المهندس للمطار لاستقبال سليماني بعد عودته من سوريا أو ربما لبنان، وقالت إنه بعد هبوط طائرة سليماني ومعانقة المهندس وأصحابه له، استقلوا السيارات التي تعرضت للقصف بعد دقائق من انطلاقها لمغادرة مطار بغداد الدولي.
كذلك تحدثت الوكالة الأمريكية نقلاً عن مسؤولين عراقيين القول إنهم تعرفوا على هوية سليماني من خلال الخاتم في يده، إذ احترقت سيارتان بالكامل في العملية.
بينما أشار موقع تلفزيون "الحرة" الأمريكي، وجريدة "الأخبار" اللبنانية المقربة من "حزب الله" نقلاً عن جنرال في قيادة العمليات المشتركة في بغداد أن طائرة سليماني كانت قادمة من دمشق، وكان معه على متنها الجابري، فيما كان المهندس في استقبالهما بالمطار، وبعيد انطلاق موكب مكون من سيارتين للمغادرة استهدف ليقضي كل من كان به.
إلا أن وكالة "إيرنا" الإيرانية أكدت أن طائرة سليماني كانت قادمة من بيروت وليس سوريا.
قصف المطار قبل ساعات من الوصول، وتحذيرات من ضربات أمريكية
كان المطار –الذي عاد للعمل بعد ساعاتٍ من العملية العسكرية– قد تعرض لقصف سابق، مساء الخميس، وذلك قبل ساعات من هذا القصف، وشمل إطلاق ثلاثة صواريخ لكنه لم يؤد إلى وقوع إصابات.
كما تحدثت وسائل الإعلام الأمريكية عن تحذير وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر لإيران، بعد ظهر الخميس، من أن يشن الجيش الأميركي ضربات "وقائية" ضد الميليشيات التي تدعمها في العراق وسوريا، إذا وجدت "إشارات" على أن هذه الميليشيات تخطط لمزيد من الهجمات ضد القواعد والعسكريين الأميركيين في المنطقة.
هوية القتلى: صهرا سليماني وعماد مغنية
بالإضافة إلى سليماني والمهندس والجابري، قتل في العملية أيضاً صهر قاسم سليماني وهو إيراني الجنسية، كما قتل صهر عماد مغنية القائد في حزب الله اللبناني، وهم ضمن 12 شخصاً قتلوا في العملية وفق آخر تصريحات إيرانية، رغم حديث الصحف الأمريكية عن وصول العدد إلى 7 أشخاص.
تصاعد المواجهات بين أمريكا وإيران قبيل قتل سليماني
تأتي هذه التطورات على خلفية قيام عشرات المحتجين، الثلاثاء الماضي 31 ديسمبر/كانون الأول 2019، باقتحام حرم السفارة الأمريكية في بغداد، وإضرام النيران في بوابتين وأبراج للمراقبة، قبل أن تتمكن قوات مكافحة الشغب العراقية من إبعادهم إلى محيط السفارة.
الاقتحام جاء رداً على غارات جوية أمريكية، الأحد، استهدفت مواقع لكتائب "حزب الله" العراقي، أحد فصائل "الحشد الشعبي"، بمحافظة الأنبار (غرب)، ما أسفر عن سقوط 28 قتيلاً و48 جريحاً بين مسلحي الكتائب.
وقد شنت الولايات المتحدة الضربات الجوية رداً على هجمات صاروخية شنتها الكتائب على قواعد عسكرية عراقية تستضيف جنوداً ودبلوماسيين أمريكيين، قتل خلال إحداها مقاول مدني أمريكي قرب مدينة كركوك (شمال).
فيما يتهم مسؤولون أمريكيون إيران عبر وكلائها من الفصائل الشيعية، بشن هجمات صاروخية ضد قواعد عسكرية تستضيف جنوداً ودبلوماسيين أمريكيين في العراق، وهو ما تنفيه طهران.
وترى صحيفة New York times الأمريكية أن مقتل الجنرال سليماني يشكل ضربة كبيرة لإيران، وتصعيداً خطيراً لسياسة ترامب القصوى التي يتبعها ضد إيران، والتي بدأت بفرض عقوبات اقتصادية، لكنها الآن انتقلت بثبات إلى المواجهة العسكرية.
كما ترى الصحيفة الأمريكية أن واشنطن وطهران عازمتان على التصعيد، مما يثير مخاوف من صراع أكبر، خاصةً مع زيادة هجمات الميليشيات الصاروخية التي تدعمها إيران على قواعد تضم القوات الأمريكية في الأشهر الأخيرة، وهو ما رد عليه البنتاغون بإرسال أكثر من 14000 جندي إلى المنطقة منذ مايو/أيار 2019.