ماذا كان سيحدث للدول الإسلامية لو استمرت منظمة الملك فيصل أو مبادرة أربكان؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/12 الساعة 16:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/12 الساعة 16:04 بتوقيت غرينتش
الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود

تمزق العالم الإسلامي وتشتت بعد انتهاء الخلافة في عاصمة الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الأولى كانت لها أهداف خاصة لبريطانيا وفرنسا وروسيا، فهذه الدول اتفقت على تمزيق وتفتيت العالم الإسلامي، وفعلاً فتّتونا ومزقونا وأكلونا، ومنذ 100 سنة العالم الإسلامي يعيش كقطيع بلا راعٍ، وممزق ومشتت، وليس هذا فقط فللأسف، فدول العالم الإسلامي نفسها تعادي بعضها بعضاً. تعادي بعضها لأنها خضعت للغرب وخضعت لأمريكا وغيرها من الدول الكبرى وأخذت جانب هذه الدول الاستعمارية. يأخذون التوجيهات من تلك الدول المستعمرة، فيعادون إخوانهم لنرى المشهد الذي نراه اليوم في العالم العربي؛ الكل أعداء لبعضهم لبعض بالأوامر الخارجية، وكل دولة منهم تعمل على أن تقضي علي الأصغر منها.

من جهة أخرى في 1967 عندما احتل الصهاينة القدس، قام الملك فيصل بمبادرة وأسس منظمة المؤتمر الإسلامي، ثم بعد ذلك تغير اسمها إلى منظمة التعاون الإسلامي، وكانت هذه مبادرة قيمة هامة في ذلك الوقت، وكانت تجمع 57 دولة إسلامية واعتبرت وقتها ثاني أعظم قوة وأكبر منظمة بعد الأمم المتحدة في العالم.

ولو أن هذه الدول الإسلامية اتفقت واستمرت هذه المبادرة، لكان العالم اليوم يخضع لهم تماماً، لأن المعادن كلها كانت في بلادنا، البترول والنفط والغاز عندنا، المعادن عندنا، المياه عندنا، الخضراوات عندنا، الشمس عندنا، ومن طاقة الشمس هذه كان بإمكاننا صناعة كهرباء تكفي العالم كله، والمياه عندنا وكانت قوة عظيمة جداً.

والخضراوات كان بإمكاننا الاكتفاء بها وتوزيعها على العالم كله، وأن يكون مصدرها الدول الإسلامية، لكن هذه القوى لم تعرف الدول الإسلامية قيمتها وكيفية الاستفادة منها، لو كانوا يعرفون قيمة هذه النعم لاتفقوا معنا نحن الأتراك وأصبحنا قوة عظيمة لا يقدر عليها أحد، ولكان حالنا مختلف تماماً اليوم.

نعود إلى تاريخ هذه المبادرات الإسلامية فلقد بدأت في العام 67 واستمرت إلى يومنا هذا، وجددت في بعض الأحيان، مثلاً في عام 1996 رئيس الوزراء التركي نجم الدين أربكان هو أيضاً قام بمبادرة أخرى وأسس مجموعة الدول الثماني الإسلامية، وكانت هذه من أعظم المبادرات التي تجمع دول قوية ولها دور ريادي في المنطقة مثل: مصر وتركيا والسعودية وإيران، باكستان، إندونسيا، وماليزيا وأمثال هذه الدول الكبرى في العالم الإسلامي.
لو أن هذه الدول استمرت على هذه المبادرة، كانت ستبني قوة عظيمة على مدار25 عاماً، وستكون لهذه الدول شأن آخر.

الآن نأتي للحديث عن الدول الست التي ستشارك في القمة الإسلامية القادمة في ماليزيا، وهي: قطر وإندونسيا وماليزيا وتركيا وباكستان وإيران، فأيضاً هذه تعتبر مبادرة قيمة وهامة، فلربما تكون نواة جديدة لاتحاد العالم الإسلامي، ونتمنى لها الخير، لكن مع ذلك كنا نتمنى أن نرى دولاً إسلامية أخرى ضمن هذه المبادرة مثل مصر والسعودية وما يتبعهما من الدول العربية الأخرى، لكن رغم ذلك أعتقد أن هذه المبادرة سيكون لها دور هام في العالم الإسلامي الفترة القادمة، ولو استطاعت تفعيل مجموعة الدول الثماني مرة أخرى ستبني قوة عالمية جديدة لا قدرة عليها.

أكثر ما نتمناه حالياً لعالمنا الإسلامي هو الاتحاد والاتفاق، ونحلم بتجمع هذه الدول مرة أخرى، وأن تُكون قوة جديدة ولو كنا دولاً شتى ومختلفة بشرط ألا يبعدنا هذا الاختلاف عن بعضنا البعض، يمكن أن نكون دولاً مختلفة في عالمنا الإسلامي لكن هذا لا يمنعنا أن نكون أمة واحدة.


فالأمة الإسلامية لا بد أن تتحد ويأتي يوم لتنصّب هذه الأمة خليفتها، وهذا الخليفة يأتي ليجمع بين أطراف العالم الإسلامي، وبين السني والشيعي، ويتحقق اتحاد عظيم لهذه الأمة.

المهم أن تسهم القمة الإسلامية في ماليزيا بهذه الأهداف وتكون هذه مبادرة جديدة مباركة وخير لكل المسلمين في أنحاء هذه الأرض.
ونتمنى أن يأتي علينا يوم نكون فيه أمة واحدة ودولة وقائداً واحداً وخليفة واحداً وعلماً واحداً وشعاراً واحداً.
نرى اتحاداً عظيماً من إندونيسيا إلى المغرب، ومن المشرق إلى المغرب ومن الشمال إلى الجنوب، ونرى عالماً إسلامياً قوياً عظيماً.
فاليوم هناك أكثر من ملياري نسمة عظيمة في العالم، تصل إلى ثلث هذا العالم، هي أيضاً قوة عظيمة لا يستهان بها ويجب أن نعرف قيمتها، ونعمل من أجلها، ومن أجل اتحادها.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد أغير أقجة
رئيس جامعة ماردين التركية
رئيس جامعة ماردين التركية
تحميل المزيد