قالت السلطات الهندية، الخميس 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، إن متظاهرين هاجموا محطات قطارات في شمال شرق البلاد احتجاجاً على قانون اتحادي جديد يسهل على الأقليات غير المسلمة من الدول المجاورة الحصول على الجنسية الهندية.
حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الهندوسية أوضحت أن ما يطلق عليه مشروع تعديل قانون المواطنة الذي أقره البرلمان الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول، يهدف إلى حماية الأقليات المحاصرة في بنغلاديش وباكستان وأفغانستان.
مخاوف من عدم توفير الحماية للمسلمين
بينما يقول المحتجون في ولاية آسام بشمال شرق البلاد، التي تربطها حدود مع بنغلاديش، إن القانون سيفتح المنطقة أمام تدفقات الأجانب. وقال آخرون إن المشكلة الأكبر في هذا القانون أنه يقوِّض الدستور العلماني للبلاد بعدم توفير الحماية للمسلمين.
أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع في جواهاتي، المدينة الرئيسية في آسام، لتفريق مجموعات صغيرة كانت تتظاهر في الشوارع بالمخالفة لحظر تجول فُرض الأربعاء.
نهال جاين، طالبة ماجستير في مجال الاتصالات في جواهاتي، قالت: "هذا انفجار عام تلقائي… في البداية يقولون لنا هناك الكثير من اللاجئين غير الشرعيين ونحتاج للتخلص منهم، ثم يأتون بهذا القانون الذي يعطي الجنسية للمهاجرين".
تعتمل منذ عقود حركة مناهضة للهجرة غير الشرعية في ولاية آسام المنتجة للشاي.
يعطي مشروع تعديل قانون المواطنة حق الحصول على الجنسية الهندية للبوذيين والمسيحيين والهندوس واليانيين والفرس والسيخ الذين فروا من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان قبل عام 2015.
متحدث باسم السكك الحديدية أوضح أن المحتجين خربوا أربع محطات قطارات في آسام وحاولوا إضرام النار فيها. وتوقفت خدمة القطارات وتقطعت السبل بعشرات الركاب. وقالت شركة إيندي جو إنها ألغت رحلات طيران بسبب الاضطرابات في آسام.
الاضطرابات تهدد قمة مودي ورئيس وزراء اليابان
تأتي الاضطرابات في آسام قُبيل قمة يحضر لها مودي لاستضافة رئيس وزراء اليابان شينزو آبي هناك في إطار حملته لنقل الأحداث الدبلوماسية المهمة من دلهي لإبراز التنوع الهندي.
مودي حثّ على الهدوء، وقال إنه ليس هناك ما يخشاه سكان آسام. وكتب على تويتر: "أريد أن أطمئنهم- ما من أحد يمكنه سلب حقوقكم، هوية فريدة وثقافة جميلة.. ستستمر وتزدهر وتنمو".
قالت الحكومة إنها نشرت المزيد من القوات في آسام لاستعادة الأمن وأوقفت خدمة الإنترنت على الأجهزة المحمولة في عشر مناطق بالولاية.
يثير القانون الجديد أيضاً مخاوف من أن تكون حكومة مودي تكرس فكرة أن الهوية الأولى في البلاد هي الهندوسية، مما يؤجج القلق على مستقبل المسلمين، أكبر أقلية في البلاد.
كما قالت صحيفة إنديان إكسبريس إن القانون الذي يتطلب موافقة الرئيس يستهدف جوراً 170 مليون مسلم هندي.
الحكومة أوضحت أن القانون الجديد سيعقبه تسجيل الجنسية، مما يعني أن المسلمين يجب أن يثبتوا أنهم من سكان الهند الأصليين وليسوا لاجئين من هذه الدول الثلاث، مما قد يترك بعضهم بدون جنسية.
أما أصحاب الديانات الأخرى فالطريق مفتوح أمامهم للحصول على الجنسية.
الجيش في مواجهة المعارضين
اليوم الخميس، نُشِرَت قوات الجيش الهندي والقوات شبه العسكرية في كافة أنحاء الولايتين. وأشارت شبكة CNN الأمريكية، إلى أن السلطات قطعت الإنترنت "لأجلٍ غير مُسمى" وأعلنت حظر التجوّل داخل مدينة غواهاتي، عاصمة ولاية آسام وأكبر وأهم مدنها.
كما تأثّرت وسائل النقل والمواصلات بهذه الاضطرابات أيضاً، إذ ألغت شركتي طيرانٍ محليّتين كافة رحلاتهما إلى آسام الخميس.
يدعو القادة الوطنيون والمحليون الآن إلى الهدوء والنظام، لدرجة أنّ مودي ناشد سكان آسام مباشرةً.
إذ قال مودي: "أريد طمأنتهم -لا يستطيع أحدٌ أن يأخذ حقوقكم، أو هويتكم الفريدة، أو ثقافتكم الجميلة. بل ستواصل النمو والازدهار".
سيُرسل مشروع القانون الآن إلى الرئيس ليجري توقيعه وبدء العمل به، بعد أن وافق عليه مجلس الشيوخ الهندي يوم الأربعاء بفارق أصوات 125-105، وذلك عقب تمريره في مجلس بـ311 صوتاً مُقابل 80 فقط.
وعودٌ "جوفاء"
قال مُعارضو مشروع القانون إنّه يضرب مثالاً آخر على الكيفية التي يدفع بها مودي، وحزبه الحاكم بهاراتيا جاناتا، أجندة الهندوسية القومية داخل الهند العلمانية التي يبلغ تعداد سكانها 1.3 مليار، على حساب السكان المُسلمين.
تعود جذور حزب بهاراتيا جاناتا، الذي أُعيد انتخابه في مايو/أيار، إلى الحركة اليمينية الهندوسية التي يرى الكثير من أتباعها في الهند دولةً هندوسية.
في أغسطس/آب، جرّدت الحكومة الهندية ولاية جامو وكشمير ذات الأغلبية المُسلمة من وضعية الحكم الذاتي، مما منح نيودلهي سيطرةً أكبر على شؤون المنطقة. وفي الشهر ذاته، استُثنِيَ قرابة المليوني شخص في ولاية آسام من "السجل القومي للمواطنين" الجديد الذي أثار الجدل، والذي خشي الناقدون إمكانية استخدامه لتبرير التمييز الديني ضد المسلمين في الولاية.
في الشهر الماضي، منحت المحكمة الهندية العليا للهندوس تصريحاً ببناء معبدٍ على موقعٍ مُقدّس دارت النزاعات حوله منذ قرون، وهو موقعٌ يحمل أهميةً دينية للهندوس والمسلمين على حدٍ سواء. ونظر الكثيرون للحكم بشأن موقع أيوديا على أنّه ضربةٌ للمسلمين، إذ جاء في وقتٍ ينظر فيه المسلمون لأنفسهم على أنّهم مواطنون من الدرجة الثانية بدرجةٍ مُتزايدة.
يُؤكّد حزب بهاراتيا جاناتا على أنّ مشروع القانون يدور حول حماية الأقليات الدينية، عن طريق السماح لهم بأن يصيروا مواطنين.