«تخاذل أخلاقي صاعق».. فشل آخر في جهود إيقاف الدعم الأمريكي للحرب السعودية ضد الحوثيين باليمن

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/12/11 الساعة 15:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/11 الساعة 15:53 بتوقيت غرينتش
وافق مجلس النواب الأمريكي، الذي تهيمن عليه أغلبية ديمقراطية، في يوليو/تموز 2019 على تعديلات تشريع الإنفاق العسكري الأمريكي، بما يوقِف المساعدات الأمريكية الممنوحة للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن.

أشار تقرير نُشر في موقع Middle East Eye البريطاني، إلى أن ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعام 2020، لن تُنهي تدخّل الولايات المتّحدة في الحرب التي تخوضها السعودية باليمن ضد الحوثيين، كما كان يأمل بعض المشرّعين الديمقراطيين.

وافق مجلس النواب الأمريكي، الذي تهيمن عليه أغلبية ديمقراطية، في يوليو/تموز 2019 على تعديلات تشريع الإنفاق العسكري الأمريكي، بما يوقِف المساعدات الأمريكية الممنوحة للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن.

وبرغم ذلك استثنت نسخة منقّحة من مشروع القانون، صدرت في وقت متأخر من يوم الإثنين، تلك المساعدات، مما يُسدِل الستار فِعلياً على محاولة استخدام الإنفاق العسكري الأمريكي، للمساعدة في إنهاء الحرب المدمّرة في اليمن.

وأثارت المسودة النهائية لقانون الإنفاق العسكري، الذي يُعرف باسم قانون إقرار الدفاع الوطني، غضب أعضاء الكونغرس التقدّميين، الذين عارض العديد منهم دعم الولايات المتحدة الأمريكية للسعودية، حسب موقع Middle East Eye البريطاني.

"تخاذل أخلاقي صاعق"

وأوضح السيناتور بيرني ساندرز، وعضو الكونغرس في كاليفورنيا رو خانا، أن مشروع القانون الذي خضع للمراجعة يجسّد "تخاذلاً أخلاقياً صاعقاً".

وقال المشرّعون في بيان مشترك إن "الناخبين سيفزعون لمعرفة أنه بدلاً من اغتنام الفرصة لإنهاء المشاركة الأمريكية غير القانونية في قصف اليمن المروّع بزعامة السعودية، سيواصل الكونغرس تمويل حرب ترامب غير الدستورية".

وفي وقتٍ سابق من العام الجاري، استخدم ترامب حق الفيتو للاعتراض على مشروع قانون وافق عليه الكونغرس بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وكان من شأنه وقف دعم الولايات المتحدة الأمريكية للتحالف.

وقد شنَّت السعودية والإمارات في عام 2015 حملة قصف ضد اليمن، تستهدف المتمرّدين الحوثيين، الذين استولوا على العاصمة صنعاء وأطاحوا بالرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي تدعمه الرياض.

وقد أودى الصراع بحياة عشرات الآلاف في البلاد، وأدّى إلى تفشِّي أمراض كان من الممكن منعها، ودَفَع البلاد إلى حافّة هاوية المجاعة. وقالت الأمم المتحدة إن الأزمة الإنسانية في اليمن هي "الأسوأ في العالم".

وأفاد ساندرز وخانا، في تصريح لهما أمس الثلاثاء 10 ديسمبر/كانون الأول، بأن الحرب القائمة في البلاد "تهدد بقتل 24 مليون يمني ممن يواجهون المجاعة والأمراض".

محاولة مُناهِضة للحرب

لطالما ضغط أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي، وعدد ضئيل من النواب الجمهوريين لإنهاء دعم واشنطن لجهود الحرب التي تبذلها الرياض.

ويقول خبراء إنه من دون المساعدة الأمريكية لم يكن الجيش السعودي ليتمكّن من مواصلة حملته العسكرية في اليمن، وهو ما من شأنه تسريع وتيرة طيّ صفحة الحرب في البلاد.

وفي وقت سابق من هذا العام، وافق مجلسي النواب والشيوخ على مشروع قانون لتعليق الدعم الأمريكي للقوات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن.

وقد استند التشريع لأوّل مرّة إلى قانون عام 1973، الذي يمنح المشرّعين الأمريكيين سلطة إنهاء التدخلات العسكرية التي لم يوافق عليها الكونغرس.

لكنّ ترامب استخدم حق الفيتو الرئاسي ضدّ التشريع، في أبريل/نيسان الماضي.

وحاول الديمقراطيون لاحقاً تعديل قانون إقرار الدفاع الوطني، بما يسحب يد الولايات المتحدة من الصراع في اليمن.

 ويتفاوض كبار المشرعين في مجلسي النواب والشيوخ منذ شهور، حول مشروع قانون للإنفاق العسكري يُرضي الديمقراطيين والجمهوريين على حدٍّ سواء.

وفي يوم الإثنين 9 ديسمبر/كانون الأول، لم تكن التعديلات بشأن اليمن ضمن ميزانية الدفاع الأمريكية، التي يجري التفاوض حولها.

وقال ماركوس مونتغومري، وهو باحث في المركز العربي بواشنطن العاصمة، الذي يتتبع شؤون الكونغرس، إن مجلس الشيوخ لا يزال متحفظاً بشأن القضايا المتعلقة بالمملكة العربية السعودية، وإن أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عازفون بدرجة كبيرة عن مقاومة البيت الأبيض.

وأوضح مونتغومري أنه من المرجح أن يُمرر قانون إقرار الدفاع الوطني بصيغته الحالية في مجلسي النواب والشيوخ دون تغيير.

وأضاف في حديث أجراه مع موقع Middle East Eye أنه "لهذا السبب نرى بعض التقدّميين يعارضون الأمر، لأنهم يعلمون أنه لا توجد فرصة لإجراء تعديل".

وقد رحَّب البيت الأبيض باقتراح الميزانية التي تبلغ 741.9 مليار دولار أمريكي، واحتفى بفشل محاولات كبح جماح قوى الحرب الكامنة في يد الرئيس.

قال البيت الأبيض في بيان له أمس الثلاثاء: "قانون إقرار الدفاع الوطني يدعم الجهود التاريخية التي يبذلها الرئيس دونالد ترامب لإعادة بناء جيش البلاد، مع الحفاظ على الأدوات القانونية الأساسية لتأمين حدودنا، ورفض المحاولات التقدمية الرامية إلى تقييد سلطات الرئيس بوصفه القائد الأعلى". 

الخسائر المدنية

بموجب مسودة قانون إقرار الدفاع الوطني، يتعيّن إنهاء تقديم مساعدات التزود بالوقود في الجو "للطائرات غير التابعة للولايات المتحدة، التي تنخرط في القتال في الحرب الأهلية المستمرة في اليمن"، وهو إجراء أنهته بالفعل وزارة الدفاع الأمريكية من تلقاء نفسها منذ أكثر من عام.

ويحثّ مشروع القانون الإدارة الأمريكية على إصدار تقرير سنوي عن الإصابات في صفوف المدنيين في النزاع اليمني، على أن تتضمَّن تلك الوثيقة تقديراً لعدد المدنيين الذين قُتلوا على أيدي الجانبين، وتقييماً لمدى اتباع أطراف النزاع "القواعد والممارسات التي يستخدمها جيش الولايات المتحدة لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين".

ويدعو القانون المقترح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى صياغة تقرير حول انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، وتقديمه إلى الكونغرس.

يأتي هذا في أعقاب الغضب المتزايد جراء القمع الوحشي الذي تنتهجه الرياض بحقّ المعارضة، والاعتقالات المستمرّة للصحفيين والمدافعين عن حقوق المرأة والناشطين السياسيين.

وينبغي أن يذكر التقرير "مدى المسؤولية التي يتحمّلها مسؤولو حكومة المملكة العربية السعودية، ومن بينهم أفراد الجيش أو الأجهزة الأمنية، عن ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المُعترف بها دولياً، أو التواطؤ في تلك الانتهاكات"، حسبما ينصّ التشريع.

يتضمّن ذلك الانتهاكات ضد "الصحفيين والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأولئك الذين يدعمون حقوق المرأة أو الحرية الدينية".

تقرير خاشقجي

يدعو كذلك قانون الإنفاق العسكري إدارة ترامب للكشف عما توصّلت إليه أجهزة الاستخبارات الأمريكية بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

ويطالب مشروع القانون رئيس الاستخبارات الأمريكية بتقديم قائمة أسماء أولئك "المسؤولين عن واقعة الاغتيال، أو المتورّطين فيها، أو من أمروا بتنفيذها، أو دفعوا بها، أو أسهموا فيها بشكل أو بآخر".

جدير بالذكر أن وكلاء الحكومة السعودية قتلوا جمال خاشقجي، الصحفي في صحيفة The Washington Post الأمريكية، الذي كان ذا ثقل بالنسبة للعائلة المالكة السعودية، وقطّعوا جثمانه في مقرّ قنصلية المملكة بتركيا، في أكتوبر/تشرين الأوّل 2018.

ومنذ ذلك الحين، يُطالب المشرّعون الأمريكيون الرئيس ترامب بتحميل المملكة العربية السعودية المسؤولية عن الاغتيال، ورغم ذلك، ظلَّ البيت الأبيض واقفاً بصرامة في صف حلفائه السعوديين.

تحميل المزيد