تُخطط السعودية لاستغلال منصبها على رأس منظمة الدول المُصدّرة للنفط (أوبك) لرفع أسعار النفط قبل أول نشاط لأسهم عملاق النفط الحكومي "أرامكو" في البورصة، التي تبلغ قيمة طرحها 25 مليار دولار، بحسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 2 ديسمبر/كانون الأول 2019.
فمن المقرر أن تجتمع "أوبك" بحلفائها في سوق النفط هذا الأسبوع للاتفاق على السياسة التي وضعتها المنظمة المُحتكِرَة للنفط بشأن حجم إنتاج عام 2020.
ما الهدف من وراء هذه الرغبة؟
يتوقع أن تُحكِم أعلى الدول إنتاجاً للنفط في العالم قبضتها على إنتاج النفط في محاولة لمنع أسعار النفط عالمياً من الانخفاض لأقل من 65 دولاراً للبرميل.
كما من المتوقع أن تستغل السعودية بوصفها القائد الفعلي لأوبك، منصبها لدفع الأعضاء الآخرين لتشديد التزامهم بالحدود القصوى للإنتاج التي اتفقت عليها المجموعة، وفي الوقت نفسه خفض الإنتاج لأدنى من الحد الذي تحتاج إليه.
السعودية من جهتها تأمل من خلال الحفاظ على حجم الإنتاج ثابتاً العام المقبل في أن يجلب الطرح العام الأوّلي لشركة "أرامكو السعودية"، الذي طال انتظاره، عائداً جيداً في أول تداول له في سوق المال خلال الأسبوعين القادمين.
كما صرَّح وزير النفط العراقي ثامر الغضبان، أمس الأحد، 1 ديسمبر/كانون الأول، لصحفيين في بغداد، بأنَّ أوبك وحلفاءها غير الأعضاء، المعروفين باسم "أوبك +" ينظرون في خفض الإنتاج لأقل من المستوى الحالي بمعدل 400 ألف برميل يومياً ليصل إلى 1.6 مليون برميل يومياً.
أما الآن، فيُنتظَر أن تعلن "أرامكو"، الشركة الأعلى ربحية في العالم، السعر الأوّلي لتداول أسهمها في الرياض، في نفس اليوم الذي تنعقد فيه محادثات "أوبك" في فيينا. ومن الممكن أن يحدد إدراج "أرامكو" في البورصة قيمة أسهمها بين 1.5 و1.7 تريليون دولار، ويجلب عائداً نحو 25 ملياراً للدولة السعودية حين يبدأ تداول الأسهم في وقت لاحق من الشهر الجاري.
كانت السعودية قد قلَّصت سقف طموحاتها للاكتتاب العام باطراد منذ عام 2016 عندما أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن خطط لتزويد المستثمرين بفرصة شراء ما يصل إلى 5% من الشركة في السوق المحلية السعودية "تداول"، وفي بورصة واحدة من أكبر المراكز المالية في العالم.
لكن الآن تُخطط "أرامكو" لبيع 1.5% فقط من حصتها، وستكون النسبة الأكبر منها لمستثمرين محليين في سوق "تداول"؛ من أجل الوصول لأقوى تقييم ممكن لدرة تاج الاقتصاد السعودي، عقب إثارة المصارف الغربية شكوكاً حول انخفاض قيمة أسهم أرامكو لأقل بكثير من التقييم الأولي المُستهدَف عند 2 تريليون دولار.
فمن جانبه، قال Samba Capital، أحد البنوك المشاركة في الاكتتاب العام، يوم الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني، إنَّ نحو 90% من عروض المؤسسات الاستثمارية جاءت من داخل المملكة العربية السعودية. ومن بين المستثمرين "الأجانب" الذين حققوا توازناً أمام المستثمرين المحليين، بنوك ومديرو أصول من داخل منطقة الخليج.
أسعار النفط العاملية تواجه خطر الانخفاض
لا يزال تحقيق أسهم عملاق النفط سعراً صحياً يعتمد على أسعار نفط قوية عالمياً، التي تواجه خطر الانخفاض الحاد العام المقبل نتيجة لوفرة المعروض في السوق العالمية نتيجة توقعات باضطراب الطلب على مواد الطاقة.
في هذا السياق، علَّق كريس ميدجلي، رئيس قسم التحليلات في شركة S&P Global Platts للطاقة، أنَّ المملكة العربية السعودية تضغط بقوة على أعضاء "أوبك" و "أوبك +" لزيادة التزامها بقيود الإنتاج.
نجحت هذه الجهود من وجهة نظر ميدجلي في دفع العراق ونيجيريا إلى تقليص إنتاجهما قليلاً في الأسابيع الأخيرة، وقد تخفض السعودية نفسها إنتاجها.
كما أضاف أنَّ الموقف الصارم إزاء إنتاج النفط قد يكفي لتثبيت السعر عند 65 دولاراً للبرميل، لكن "من غير المحتمل أن تكون (أوبك +) قادرة أو راغبة في رفع الأسعار لأعلى من ذلك بكثير، على الرغم من تطلعات السعودية".
لكنه اختتم تصريحه بالقول: "في النهاية، سيضغط المنتجون الروس من أجل زيادة حصتهم من الإنتاج؛ مما يثير احتمال بقاء [أسعار النفط] عند أقل من 60 دولاراً للبرميل خلال عام 2020".