ذكرت تقارير نقلتها صحيفة The Independent البريطانية، أن النساء المسلمات اللائي احتُجز أزواجهن بمعسكرات الاعتقال الصينية، يجبَرن على مشاركة الأسرَّة مع المسؤولين الحكوميين الذكور المُكلَّفين مراقبتهن في منازلهن.
مسلمات "يجبَرن على مشاركة الأسرَّة" مع المسؤولين الصينيين الذكور
وحسب الصحيفة البريطانية، فإن العاملين في الحزب الشيوعي ينامون بصفة منتظمة إلى جانب أفراد من أُسر أقلية الإيغور المضطهدة، خلال زيارات مراقبة تستمر مدة تصل إلى أسبوع، حسبما ذكرت مصادر من الحزب لإذاعة آسيا الحرة (RFA).
وتشكل المراقبة جزءاً من القمع المنهجي للمسلمين في منطقة شينغيانغ بغرب الصين، حيث يعتقد الخبراء وجماعات حقوق الإنسان أن أكثر من مليون من الإيغور-معظمهم من الرجال- اعتُقلوا تعسفياً في معسكرات سرية لإعادة التأهيل.
في حين يواجه أولئك الذين لم يُعتقلوا نظاماً أمنياً صارماً يشمل نقاط تفتيش مسلحة وبطاقات هوية وشوارع تعج بكاميرات التعرف على الوجه.
حيث نشرت الصين مليون جاسوس للتجسس على عائلات المسلمين
فمنذ أوائل عام 2018، أصبحت عائلات الإيغور في شينغيانغ ملزمة بدعوة المسؤولين الحكوميين إلى منازلها، وتزويدهم بمعلومات عن حياتهم وآرائهم السياسية، والخضوع لما يلقنونهم إياه في السياسة.
هذا ونشرت الصين أكثر من مليون جاسوس -معظمهم من الذكور الذين ينتمون إلى قومية الهان التي تشكل أغلبية البلاد- ليقيموا بمنازل الإيغور كل شهرين، في إطار ما تطلق عليه برنامج "Pair Up and Become Family" أو "اجتمِعوا معاً لتصبحوا عائلة".
يتناول المسؤولون -الذين تصفهم الحكومة بأنهم "أقارب" للعائلات التي يراقبونها- الطعام خلال زيارتهم، وغالباً ما يشاركون "مضيفيهم" أحد الأسرَّة، وفقاً لما قاله أحد ضباط الحزب الشيوعي لإذاعة آسيا الحرة.
وقال الضابط، الذي يشرف على ما بين 70 و80 أسرَّة في مقاطعة ينغيسار، وتحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "يقيمون مع أقاربهم ليل نهار".
وأضاف: "عادة ينام شخص أو شخصان في سرير واحد، وإذا كان الجو بارداً، ينام ثلاثة أشخاص معاً".
ووصف الضابط الجواسيس بأنهم "يساعدون" عائلات الإيغور "في التعامل مع أيديولوجيتهم، ويقترحون عليهم أفكاراً جديدة"، و "يتحدثون معهم عن الحياة، وخلال هذه الفترة تتطور مشاعرهم بعضهم تجاه بعض".
وزعم أنه "لم يسمع قط" عن أي موظف يحاول استغلال شخص كان يقيم معه أو الاعتداء عليه جنسياً، وأشار إلى أنه "أصبح من الطبيعي الآن أن تنام الإناث على الفراش نفسه مع أقاربهن الذكور".
ويخشى المسلمون في الصين من رفض هذه الوصاية خوفاً من الاعتقال
وتصف الحكومة هذا البرنامج بأنه طوعي، لكن مسلمي الصين يدركون جيداً أنَّ رفضهم أي مبادرة من جانب الدولة يمكن أن يؤدي إلى وصفهم بالمتطرفين. وتُظهر صور نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي "الأقارب" الجدد وهم يحضرون حفلات زفاف الإيغور وجنائزهم، وغيرها من المناسبات التي كانت تعتبر ذات يوم شخصية وخاصة.
في حين أكد رئيس لجنة أحد الأحياء في ينغيسار، لإذاعة آسيا الحرة، أن الموظفين الذكور ينامون إلى جانب نساء الإيغور بصفة منتظمة في أثناء إقامتهم بالمنازل.
وأشار إلى أنه من المقبول للمسؤولين أن يظلوا بعيدين عن "مضيفيهم" مسافة متر واحد في أثناء الليل، وزعم أنه ما من أحد شكا من هذا النظام.
وسبق أن قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن عائلات الإيغور لا يملكون خيار رفض هذه الزيارات، التي قالت إنها مثال على "ممارسات الاندماج القسري المنتهكة للخصوصية" والتي "لا تنتهك فقط الحقوق الأساسية، ولكنها على الأرجح أيضاً تعزز وتعمّق الشعور بالاستياء في المنطقة".
وقالت مايا وانغ، وهي باحثة صينية بارزة بالمنظمة: "الأُسر المسلمة في شينغيانغ تأكل وتنام الآن فعلياً تحت أعين رقابية بمنازلها".
وقال بيتر إيروين، المتحدث باسم منظمة World Uyghur Congress التي تشكلت بالخارج، لصحيفة The Independent، إن البرنامج يمثل "خطوة أخرى مقيتة" في طريق قمع الصين للمسلمين.
وأضاف إيروين: "ما تمثله هو التدمير الكامل للخط الفاصل بين الحياة الخاصة والعامة. وجود رجال صينيين أو ضباط شرطة صينيين يقيمون في منازلهم ليس بالأمر الجديد، لكن الأمر يتعلق بمراقبة الناس من أقرب مسافة ممكنة. إنه برنامج للقضاء على هوية الإيغور، لضمان أنهم لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم".
قال إيروين إنه لا يعلم ما إذا كان نوم المسؤولين بأسرّة أُسر الإيغور في أثناء زيارات المراقبة، من ضمن السياسات الصينية، لكن "هذا حدث في الماضي، وأوردت تقارير مثل هذه الحالات".
وأضاف: "في أي بلد آخر أو أي مكان آخر على وجه الأرض، قد نظن أن هذا جنون، لكنه يعتبر أمراً عادياً في الصين من حيث إنهم كانوا يفعلونه في السنتين أو السنوات الثلاث الماضية. مراقبة الناس أمر يمكننا فهْمه، ولكنَّ سياسة أن ينام أشخاص في الأسرّة نفسها مثل أصحاب المنزل، هذه خطوة جديدة مقيتة لم نشهدها من قبل".
في المقابل تزعم حكومة الصين أن هذا البرنامج مفيد للمسلمين
حيث قالت الحكومة الصينية إن الزيارات المنزلية تهدف إلى "تعزيز الوئام العرقي"، إذ يُكلَّف المسؤولون تعليم هذه الأُسر لغة الماندرين وأغاني الحزب الشيوعي، والمشاركة في الأنشطة الجماعية، والمساعدة في أنشطة المنزل.
وتُصوِّر الحكومة حملتها القمعية الواسعة على مسلمي شينغيانغ على أنها "حرب على الإرهاب"، بدأت في أعقاب سلسلة من الهجمات المتطرفة المزعومة عام 2014. وبعد أن أنكرت الحكومة في البداية وجود معسكرات اعتقال، بدأت فيما بعد تشير إليها باعتبارها "مراكز تدريب مهني" طوعية.
لكنَّ محتجزين سابقين زعموا أن السجناء يتعرضون للتعذيب والتجارب الطبية والاغتصاب الجماعي.
ويُذكر أن المملكة المتحدة انضمت الأسبوع الماضي، إلى 22 دولة أخرى بالأمم المتحدة في إدانة اضطهاد بكين للمسلمين، ودعت الصين إلى احترام حقوق الإنسان وحرية مواطنيها الدينية.