المطعم التركي يصبح مسكناً مؤقتاً ومركزاً صاخباً تدار منه الانتفاضة في العراق

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/02 الساعة 21:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/02 الساعة 21:47 بتوقيت غرينتش

أصبح مبنى مرتفع يطل على ساحة التحرير بوسط بغداد يعرف باسم المطعم التركي مسكناً مؤقتاً ومركزاً صاخباً للمحتجين الذين ينظمون مظاهرات ضد النخبة الحاكمة في العراق.

وفي الطابق الأرضي، تتولى مجموعة من الشباب يطلقون على أنفسهم اسم لجنة الدعم اللوجستي تنظيم تبرعات منها ملابس وأغذية وأغطية وبطاريات لتلبية احتياجات شاغلي المبنى.

وقال أبو الباقر "ما واحد يعرف واحد إحنا. بس هنانا صرنا واحد. كالنا عراق واحد وشباب واحدة".

ويتزعم الرجل (35 عاماً) الذي يرتدي بنطالاً مموهاً ويتشح بالعلم العراقي المجموعة المؤلفة من 20 شاباً ويشغلون ركناً في الطابق الأرضي بالمبنى.

وصاح شاب يرتدي قناعاً من الطابق الثالث قائلاً "محتاجين شفرات حلاقة!". وأضاف "ولا تنسون الصمونة (الخبز)!"

وملأت مجموعات من الشباب طوابق المبنى الـ18. وداخل المبنى حيث يخلو الدرج من الإضاءة يرقص المحتجون ويدخنون النرجيلة (الشيشة) ويلعبون الطاولة وينشدون أغنيات عن سقوط النخب الحاكمة.

وبدأ المحتجون في شغل المبنى مع انطلاق الموجة الثانية من الاحتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول.

ويرغب المتظاهرون في إنهاء النظام السياسي القائم منذ عام 2003 الذي يقولون إنه يعج بالفساد وفشل في توفير الخدمات الأساسية. ووعد عبدالمهدي بإجراء إصلاحات وتغيير وزاري موسع لكن وعوده فشلت في تهدئة المحتجين.

وتعرض المبنى الذي كان مركزاً تجارياً للقصف في حربين وهجره قاطنوه في النهاية. وأطلق عليه اسم المطعم التركي نسبة للمطعم الذي شغل الطابق الأخير في الثمانينيات.

ويطلق عليه المحتجون حالياً اسم جبل أحد نسبة إلى الجبل الواقع بالمدينة المنورة وشهد "غزوة" أحد في مهد الإسلام.

قاعدة مؤقتة

قال محتجون إنهم احتلوا المبنى لمنع قوات الأمن من استهدافهم منه مثلما فعلوا خلال الموجة الأولى لاحتجاجاتهم في أوائل أكتوبر/تشرين الأول. وقُتل ما يزيد على 250 شخصاً منذ بدء الاحتجاجات في أنحاء البلاد.

وقال إبراهيم خليل (28 عاماً) "هذه البناية أولاً الشغب في مظاهرات واحد تشرين خرجوا الشغب على هاي. قناص من هاي المنطقة ضرب ساحة التحرير وضرب المتظاهرين. اخترنا هاي وسيطرنا عليها وما أعطيناها للشغب.. حاولوا أكثر من مرة يدخلوها. استخدموا العنف ويانا، استخدموا قنابل مسيلة للدموع، أعطينا شهداء بس ما تركنا هاي البناية".

وقدم خليل، خريج قسم الهندسة الميكانيكية، نفسه على أنه المتحدث باسم الطابق 14 وقال إنه لم يجد عملاً منذ ثلاثة أعوام.

وأضاف "نبقى إلى أن يسقط النظام الفاسد وإلى أن تسقط الحكومة الفاسدة التبعية".

وعلى حافة شرفة الطابق التاسع جلست مجموعات من الشبان تلف أجسادها بعلم العراق وبدا المحتجون أسفلهم على مسافة بعيدة في حين اكتظ الشارع بمركبات التوك توك.

وعلى مسافة من المبنى يظهر جسر الجمهورية الذي شهد اشتباكات دامية على مدى الأيام الماضية. ويؤدي الجسر إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين والتي توجد بداخلها مباني الحكومة والبعثات الأجنبية.

وتابع المحتجون من المبنى أقرانهم الذين تحصنوا بأدوات معدنية وصناديق القمامة في مواجهة قوات الأمن التي كانت تطلق عليهم الغاز المسيل للدموع.

وقال أحمد صلاح، الذي يواصل احتجاجه منذ تسعة أيام، "أنا أقولهم اليوم إحنا وقفنا هنانا، باكر نقف بالخضراء".

  إنارة

في الطوابق السفلى وزع شبان مطويات تحمل طلباتهم. وجاء مسعفون متطوعون لفحص المصابين وتوزيع المحاليل الملحية وأجهزة الاستنشاق والأقنعة لمن هم بحاجة إليها.

وقالت طبيبة تدعى سحر (44 عاماً) "نحنا هنى لنساعد أولادنا.. هذول الشباب يتدافعون على بلدهم". وجاءت الطبيبة إلى المكان بصحبة ابنها وابنتها، وهي أيضاً طبيبة، لتوزيع إمدادات بقيمة 400 دولار على المحتجين.

وأضافت سحر "إذا نحنا ما نساعدهم، منو يساعدهم؟ وزارة الصحة ومستشفياتنا لن تعطينا مساعدات لنعالج الجرحى".

وعلى مقربة وقف المهندس بشير غالب مرتدياً خوذة بيضاء ووجه شباناً لكيفية إنشاء شبكة كهربائية.

وقال غالب "قمنا مع مجموعة من المتطوعين والمتبرعين بإنارة المطعم التركي خلال مدة ست ساعات في حين عجزت الحكومات السابقة لستاشر سنة عن إنارة هذا المكان".

تحميل المزيد